ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

مكانة الصوم العظيمة

دكتور عثمان قدري مكانسي

 عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏قال الله عز وجل‏:‏ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به‏.‏ والصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل‏:‏ إني صائم‏.‏ والذي نفس محمد بيده لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك‏.‏

‏‏للصائم فرحتان يفرحهما‏:‏ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏.‏‏(‏‏(‏وهذا لفظ رواية البخاري‏.‏ وفي رواية له‏:‏ يترك طعامه، وشرابه، وشهوته، من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها‏.‏

وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏كل عمل ابن آدم يضاعف‏:‏ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏(إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به‏:‏ يدع شهوته وطعامه من أجلي‏.‏ للصائم فرحتان‏:‏ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه‏.‏ ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك‏)‏‏.‏

 

لم كان للصيام تلك المكانة ؟

من المعلوم أن الصيام من أركان الإسلام الخمس التي لا يكون الإنسان مسلماً حقيقياً إلا إذا أداها على تمامها . ومن أداها كان له من الثواب الشيء الكثير " كل عمل ابن آدم يضاعف‏:‏ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف " إلى أضعاف كثيرة . وهذا فضل كبير من الله الوهّاب المنّان سبحانه وتعالى على عباده الصالحين المحبين المطيعين يدل على أن ابن آدم حين تكون نيته خالصة لله سبحانه وتعالى ينال الأجر مضاعفاً أضعافاً تدل على رضا الله عن عبده ، وسروره بما يفعل . إلا أن الصلاة والزكاة والحج عبادة جهرية . ففي الصلاة يُرى المسلم كل يوم يؤديها في المسجد أو السوق أو مكان العمل أو السفر . ولا بد للزكاة من صرفها في الوجوه التي حددها الشارع الكريم كلها أو بعضها ويُعلم من يؤديها ومن يتأخر عنها . وكذلك يُعرف من حج بيت الله الحرام وهو قادر ، ومن لم يؤد هذه الشعيرة قادراً أو غير قادر . .. إلا الصيام فهو عبادة سرية بين الله وعبده . فقد يأكل الإنسان ويشرب بعيداً عن أعين الرقباء  ومن دون أن يعلم به من البشر أحد ، ثم يخرج إلى الناس صائماً . لا يدري سوى الله تعالى ما فعل .... لذا كان ثواب الصائم عظيماً لا يقدّره إلا الله تعالى . فقال في الحديث القدسي منبهاً إلى عظيم خطر هذا الركن السري " إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به‏.‏ " فإذا كان جزاء الصوم يقدره الله الجليل كيف يشاء  فتصور جليل هذا الجزاء وعظيم هذا الثواب !.

وقد يتساءل أحدنا فيقول : كل الثواب من الله ، حتى الأضعاف من عشرة الأمثال إلى سبع مئة الضعف إلى الأضعاف الكثيرة ، ومنها ثواب الصيام ، فلم قال : إلا الصيام .... وإليك هذا المثال الذي يوضح الفكرة : فقد يقول صاحب العمل لعمّاله – ولله المثل الأعلى – من بدأ عمله عندي فله كذا درهماً في الساعة ، ومن أتقن عمله وظل مثابراً على العمل بجد فلن أنسى إخلاصه وجده ونشاطه وسيلقى مني مايسرّه ويفرحه . ولا شك أن ما يفرحه ويسره ذلك الرضا من رب العمل والمكافأة الكبيرة غير المتوقعة . وقد وضح الله تعالى السبب في قوله في الحديث القدُسي :" ‏:‏ يدع شهوته وطعامه من أجلي‏ " . فامتناع الإنسان عن حقه الطبيعي من طعام وشراب وشهوة في أوقات حددها الشارع العظيم ليعلم الملتزمَ من عباده بأوامره ونواهيه أمرٌ يستحق عند المليك الثواب المجزي والإكرام الزائد – سبحانه من إله كريم – ومن هنا نفهم تخصيص هذه العبادة في قوله تعالى في الحديث :" الصيام لي وأنا أجزي به " .

" والصيام جُنة " فما معنى جُنـّة؟ لو عدنا إلى جذر الكلمة " ج ن ن " لوجدناها تعني الخفاء والاستتار . وكل الكلمات المشتقة عنها تعني ذلك . فالجنين : مخفي في بطن أمه ، أو قُبر في الأرض . والجِنُّ : المخلوقات العاقلة غير الإنس لا نراها. والمجنون : من ذهب عقلُه . والمجن : الترس الذي يحمي المقاتل من ضربة السيف أو طعنة الرمح ... والجنة: دار المتقين التي عرّفها الله لنا ولم نعلمها ، والفرق كبير بين المعرفة والعلم " ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم " لكنّ الجنّة " فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " .فالجُنّة : الحفظ من الوقوع في الزلل ، والستر عن مقاربة الإثم ... فكيف ذلك ؟ ألم يقل الشاعر : إن الطعام يقوي شهوة النهم ؟ استقى ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم حين خاطب الشباب فدعاهم إلى الزواج لأنه سنته صلى الله عليه وسلم . فمن استطاع الباءة تزوج ومن لم يستطع نصحه بالصيام فقال : " ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وِجاء " أي وقاء من الوقوع في الزنا وغيره من الفواحش ، فالصوم يخفف من الشهوة ويكسر حدّتـَها . والصيام يقي صاحبه من تجاوز حقه ، ويمنعه أن يعتدي على حقوق الآخرين . " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب " إن من صام راقب الله وعلم أن الله تعالى يراقبه فلم يجرِ الكلام الفاحش على لسانه ، وابتعد عن اللغط واللغو ، ومن صان لسانه أمن الوقوع في المعصية وضمن الجنة كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والصائم حين يحفظ لسانه يحفظ صومه ويرضي ربه .

" ، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل‏:‏ إني صائم " والفرق بين سبّ ( فعَلَ ) وسابّ ( فاعَلَ ) واضح . فالفعل الأول قام به واحد ، والفعل الثاني اشترك فيه أكثر من واحد . وفي الفعلين –على هذا الأساس – استفزاز ودفع للمشاحنة ورد الفعل مغاضبة ً . وهذه لفتة رائعة تذكر الصائم بأمرين اثنين أحدهما أن في هذه الحياة كثيراً من المفسدين  يسعون إلى الإفساد ما استطاعوا وثانيهما أن على المسلم أن لا ينفعل حين يحاول غيره أن يستجره إلى الشحناء والبغضاء إنما يثبت نفسه بقوله في المرة الأولى إني صائم ، ويتعالى بأخلاقه ، ويسمو حين يكرر ثانية إني صائم . ولعل في هذا الجواب المختصر درساً للمخاصم وتنبيهاً له إلى التحلي بالشمائل الحميدة .

ويسن للصائم أن يتسوّك ليخفف من رائحة الفم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، هذه الرائحة التي سببها الصيام وطاعة الله تعالى هي عند الله سبحانه أطيب من الروائح العطرة النفـّاذة ، ويقسم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك " ‏.‏ والذي نفس محمد بيده لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك‏.‏"   وينبغي أن ننبه إلى أمرين اثنين : أما أولهما فما ينتج عن الصيام من رائحة" خُلوف " للفم مقبول بقبول الصيام . وأما ثانيهما فما ينتج من رائحة بسبب تسوس الأسنان أو تخمر ناتج عن بقايا الطعام فليس مقبولاً . وعلى المسلم أن ينظف فمه وأسنانه كي لا يؤذي الناس ببخر فمه .

من يعبد الله تعالى ويخلص له في عبادته يشعر بسعادتي الدنيا والآخرة . فما الذي يناله الصائم إن صام ؟ " للصائم فرحتان يفرحهما " متى هذا ؟ إنهما في الدنيا وفي الآخرة .

أما في الدنيا فحين ينتظر لحظة الغروب ودنوّ ساعة الإفطار ، يجلس مع أسرته أو أهله أو أحبابه وأصدقائه يدعون الله تعالى أن يتقبلهم في عباده الصالحين ، وأن يرضى بصيامهم وأن يجزيهم عليه خير الجزاء . .... يفرح المسلم أنه أطاع الله تعالى حين صام وصلى ودنت ساعة الإفطار دون أن يعصي الله ، وهو الآن يتوج هذا الصيام بالإفطار على مائدة الرحمن يسأله العفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار ودخول الجنة .... يفرح أن الله تعالى أعانه على الطاعة ويسأله تمام الفضل وحسن الخاتمة ..

وأما في الآخرة فحين يقف بين يدي الله تعالى خائفاً ذنبه ، وراجياً عفوه ومغفرته خائفاً من غضب الله وعذابه وناره ، وراجياً رضاه وفضله وجنته ، فيحوطه الكريم بنوره ويستره بستره ، فيعرض عليه عمله ولا يحاسبه " من نوقش الحساب فقد هلك " بل يقول له الرحمن الرحيم الجواد الكريم : سترت عليك في الدنيا وها أنذا أسترك في الآخرة ، وأبدل سيئاتك حسنات ، وأعفو عنك با عبدي .. فأنا الكريم ، وقد وعدتك أن تفرح إذا عبدتني وأطعتني ، ألم توحدني فلم تدع إلهاً سواي ؟ ألم تكن تؤدي صلواتك الخمس ترجو رحمتي وتتعوذ من غضبي ؟ ألم تقم الليل في ذكري ؟..... ألم تصم رمضان ترجو ثوابي ، وقد آن أن تفرح كما وعدتك يا عبدي ؟ يا جبريل إني قد رضيت عنه فارض عنه ... فينادي جبريل إن فلاناً سعد سعادة لا شقاء بعدها

اللهم رب السموات والأرض يا من يجيب المضطر إذا دعاه تقبل صيامنا وصلاتنا وزكاتنا ، واقبلنا في عبادك الصالحين ،وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واعتق رقابنا من النار وارزقنا الجنة بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين ... واجمع كلمة المسلمين على أتقى قلب رجل منهم . وأرنا عجائب قدرتك في أعدائك وأعدائنا ، وانصرنا عليهم .. اللهم آمين  يارب العالمين .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ