ـ

ـ

ـ

الخميس 28/09/2006

الأيام القليلة القادمة ماذا تحمل لسورية ؟

إبراهيم درويش

nafizah_2006@yahoo.com

مؤشِّرات ضعف:  

إغلاق الكثير من المواقع الإلكترونية الفاضحة لجرائم حكام سورية،وارتفاع وتيرة الاعتقالات التعسفية في صفوف عناصر المعارضة السلمية لسياسات نظام دمشق في عموم المدن السورية،وفي صفوف اللجان العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان السوري المضطهد في مختلف المناطق السورية،ودسُّ أسد الصغير أنفه في الشأن اللبناني مرة أخرى وتأليبه فريقاً لبنانياً على آخر،وسعيه الحثيث إلى إسقاط حكومة السنيورة وإشعال فتيل حرب أهلية في هذا البلد الذي عانى الأمَرَّين على مدى عقود من سياساته وسياسات أبيه،ومحاولة قلب الطاولة على رؤوس المصرِّين على أن تأخذ المحكمة ولجنة التحقيق الدوليتان مجراهما في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري،وركوبه موجة المقاومة ـ بالكلام فقط ـ والعمل على تجيير انتصار المقاومة الوطنية اللبنانية وصمودها أثناء العدوان الصهيوني الأخير لصالحه،و اتِّباعه ـ أي الأسد الصغير ـ لسياسة حرق المراكب مع الأنظمة العربية الشقيقة التي ساندت حكمه وحكم أبيه باتّهامه لحكامها أنهم أنصاف الرجال،وتأكيده لكل وفد سياسي يزور سورية أنه لا دخْلَ له في جريمة اغتيال الحريري،وسعيه المحموم دون جدوى للحصول من ممثلي الدول الغربية على صك براءة من تبعات هذه الجريمة الضالع فيها،وتهريب كبار التجار والمستثمرين السوريين لرؤوس أموالهم إلى خارج سورية...إلخ إلخ،كلُّ هذه التصرفات والسياسات تعدّ مؤشرات ضعف النظام الأسدي المترنّح وتخبُّطه وإحساسه بقرب نهايته، الأمر الذي يدفعه إلى الهروب إلى الأمام بعد اليأس واللجوء إلى استخدام آخر ما في جعبته من سهام مكسّرة (أو فشَكات مسترطبة)لاتفيده ساعة الغارة أو إيقاع القصاص به. هذا من جهة.

    ونذر شؤم على النظام:

    ومن جهة أخرى فإنّ ثمة مؤِشِّرات دولية تذهب إلى أنّ العدالة الدولية يجب أن تأخذ مجراها وتصل إلى نهايتها،فيما يخص جريمة اغتيال الحريري وآخرين على الأرض اللبنانية،ووجوب أن ينال الجناة جزاءهم العادل. نلمس هذا الإصرار في تصريحات بوتين - الرئيس الروسي،والزعماء الفرنسيين والأمريكيين وأوربيين آخرين،وفي الأمم المتحدة،فضلاً عن قطاعات واسعة من اللبنانيين والعرب.

    ومن المؤشرات أيضاً ما تردد عن عرض أمريكي ـ  بالتنسيق مع بريطانيا،عبر أمير قطر الشيخ حمد ـ على بشار أسد،يتلخص في أن يترك بشار السلطة ويغادر سورية إلى بريطانيا ويترك السياسة ويفتح عيادة ويمتهن طبابة العيون. لكنَّ بشاراً استفسر عن شبح المحكمة الدولية الذي يطارده، وفيما إذا كان هذا العرض يعني إعفاءه وأخاه ماهراً من الجرجرة إلى المحكمة! فكان الجواب إننا لا نستطيع التدخّل في اختصاص القضاء بعدما صارت دولية وفي متناول وسائل الإعلام،ولا تقديم ضمانات بشأنها. وذكرت المصادر الإعلامية أن بشاراً لم يردَّ على المقترح بالرفض أو القبول. الأمر الذي يعني استعداده للتخلي عن أقرب المتهمين بارتكاب الجريمة آصف شوكت وبهجت سليمان وجامع جامع ورستم غزالة وآخرين.

 ومن المؤشرات كذلك ما نُقِلَ عن نائب فرنسي في البرلمان الأوربي من أن  الأيام القادمة ستشهد أحداثاً دراماتيكية على الصعيد الداخلي السوري،" وقد تكون من العنف بحيث تؤدي إلى انفجار داخلي يحاول النظام تجنبه منذ انسحاب سورية من لبنان في نيسان الماضي". ونقل النائب الفرنسي عن تقارير استخبارية وسياسية خاصة أن الوضع في سورية من الضعف بحيث إن أكثر من طرف يعمل على القفز من سفينة النظام،والاحتفاظ بموقع في سفن النجاة المقدَّمة له دولياً وعربياً. مؤكداً أن رأس النظام يحاول تقديم ضحايا من رأس هرمه في محاولة لإنقاذ نفسه. الأمر الذي لا يدَعُ مجالاً للشك بأن بشاراً مستعدّ للتضحية حتى بآصف شوكت ومَن دونه. ولكنّ السؤال الذي يقفز إلى الذهن هو : إذا تأكد لهؤلاء أنّ معلّمهم ينوي التضحية بهم،فهل سيسكتون عمن أوحى لهم باغتيال الحريري؟ هل يمكن لهم أن يُقْدموا على ارتكاب جريمة بهذا الحجم دون الحصول على الضوء الأخضر من سيدهم بشار؟وغذا كان الجواب بالنفي،فماذا سيكون مصير بشار؟

ومن المؤشرات أيضاً ما تأكد من أن بشاراً قد عرض على اللبنانيين تسديدَ ديون لبنان الخارجيةِ لقاءَ عدم إدراج اسمه في قائمة المطلوبين للمحكمة الدولية،دون أن يتلقى ما يُطمئن. فإذا كان بريئاً فلِمَ هَدْرُ مليارات الدولارات؟ومِن جيب مَن؟طبعاً مِن جيب الشعب الذي يزداد فقراً،كما يزداد مَن حول بشار تغوُّلاً وتخمةً وتكنيزاً للمال العام في حساباتهم الخاصة في البنوك الأجنبية. ولماذا لايبادر إلى تسديد ديون سورية التي تسبَّب فيها هو وسلفُه والحيتانُ المحيطون بهما، الذين لا يملأ جوفهم إلا الترابُ،باسم إقامة التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني؟ .

ومن المؤشرات كذلك ما ذكرته وسائل الإعلام,من أن النظام السوري قد أعدّ عشرات الانتحاريين من اللبنانيين وغيرهم للساحة اللبنانية،للقيام بأعمال تخريبية واغتيالات،لتمكين المؤيدين له من حكم لبنان وقطع الطريق أمام المحكمة الدولية من إتمام مهمتها،بعدما عجز عن تحقيق هذا الهدف بإشعال الحرب اللبنانية ـ الصهيونية الأخيرة. 

    ولعلّ أهم مؤشر هو ما أعلنه حزب الإصلاح السوري، الذي يقوده فريد الغادري الأمريكي ـ ذي الأصل السوري، في البيان الذي أصدره في الثامن من الشهر الجاري،وفيه يدعو أبناء الطائفة العلوية إلى مغادرة مواقع المسؤولية والعودة إلى قراهم والأماكن التي وفدوا منها،والتخلي عن تأييد نظام بشار،قبل الثامن من تشرين الثاني. مؤكداً أن الإدارة الأمريكية قد حزمت أمرها بوجوب تغيير نظام الدكتاتورية والإرهاب في دمشق. إننا بالرغم من تحفّظنا على البيان وما جاء فيه، نسأل : هل يأتي هذا البيان من فراغ ؟ وهل ياتي تحديد الزمن اعتباطاً يا ترى؟

إننا على يقين أن كلَّ هذه المؤشرات تشكل نذر شؤم لنظام فقدَ كلَّ مسوِّغات بقائه منذ زمن بعيد،كما نلحظ  رابطاً يربط هذه المؤشرات ويوحي أن ساعات عصيبة بل عاصفة تنتظر القابضين على الحكم في سورية بالحديد والنار،مهما قيل إن الأوضاع تتجه نحو الهدوء والصفقات وأنصاف الحلول وتقديم أكباش فداء.فما هذا الذي يُظَنُّ هدوءاً إلا اللحظات التي تسبق العاصفة.وحينئذ يتنفّس أهل سورية الصعداء وترتاح أرواح الشهداء في قبورها الجماعية،ويظهر مصير المفقودين الماساوي،ويتأكد مَن عشيت أبصارُهم في أي خداع كانوا يتقلّبون،وبأي خيط عنكبوت كانوا يمسكون؟"وإنّ أوهن البيوت لبيتُ العنكبوت لو كانوا يعلمون"،وحينئذ فقط يفرح المؤمنون بنصر الله .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ