ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المجلس الوطني السوري !!...

بارقة أمل أم سحابة صيف ؟

*عبد الحميد حاج خضر

الأربعاء 6. من تموز (يوليو) أعلن في واشنطن عن ولادة (المجلس الوطني السوري) وأعضاء اللجنة التنفيذية للمجلس، التي تضم مندوبين عن التجمعات السياسية الرئيسية المشاركة في المجلس وعضو مستقل هو: الأستاذ الدكتور نجيب الغضبان، كما انتدب الدكتور محمد الجبيلي كناطق رسمي باسم المجلس.

 للوهلة الأولى يبدو لنا أن الثقافة البراغماتية الأمريكية كان لها أثراً طيباً في تجميع الطيف السياسي السوري المعارض والفاعل تحت مظلة واحدة، وبنفس الوقت أكسبت هذه الثقافة المؤتمرين الثقة والممانعة الكافيتين لدرء مفاسد وابتزاز المتبضعين بالخصوصيات أو المتسلقين على حساب مأساة الشعب في سوريه.

إلا أن العامل الحاسم في رص الصفوف وتوحيد الكلمة كان ولا يزال: تمادي نظام الطغيان والفساد في سورية في غيه وإجرامه، فقد قام ويقوم بحرق كل السفن، التي كان لها أن تحمل كل غيور على شعبه ووطنه وأمته إلى بر الأمان والمصالحة الوطنية؛ لتمكين الشعب السوري، وبشكل سلمي، من حقه الطبيعي والشرعي في اختيار من يسوسه ويقوده عبر انتخابات عامة وحرة ومباشرة؛ ليبدأ هذا الشعب الذي ناله الخسف والعذاب، بجو من الحرية وعدم الخوف، مسيرة الإصلاح الشاقة، بعد أن جاء الطغيان والفساد على الأخضر واليابس وملأ البلاد ظلماً وجورا،ً فأفسد بذلك الحرث والنسل.

لقد أسدى المؤتمرون في واشنطن للمعارضة السورية، في الخارج والداخل، خدمات عظيمة الشأن منها: أن (المسألة الغادرية) نسبة إلى فريد الغادري والأوهام التي أشاعها "حزب الإصلاح" الذي يرأسه، أصبحت من التاريخ. إن الحزن والأسى لن يصيب الغادري بالقدر الذي أصاب السلطة وسدنتها التي لم تعد تمتلك هذه الورق تلوح بها في وجه المعارضة السورية لتصمها بالعمالة والخيانة، وتحتكر لنفسها الوطنية.

 بعد المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي خرجت أبواق السلطة بمقالة تنافي (المحسوس والمعقول) مدعية أن: جماعة الإخوان المسلمون المتحالفة مع مجموعة الغادري معارضة عميلة تسعيان إلى جلب الاحتلال إلى البلاد؛ وعليه فإن الإخوان المسلمين خط أحمر. في 10/6/2005 ’عقد في قناة الديمقراطية اللندنية ندوة للحوار حول نتائج المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، وكان يدير الندوة الدكتور محي الدين اللاذقاني، وشارك في الحوار كل من الأستاذ أحمد أبو صالح السياسي المخضرم والدكتور عبد الحميد الأتاسي. توجه الدكتور محي الدين إلى الأستاذ أحمد أبو صالح بسؤال لا يخلو من الدهاء والخبث الإعلامي المعهود: ما رأيك بما تدعيه السلطة في سورية من أن هناك تحالف بين حزب الإصلاح الذي يتزعمه الغادري، والتيار الإسلامي والإخوان المسلمين بشكل خاص؟ فأجاب الأستاذ أحمد أبو صالح: يا صاحبي "الأخوان المسلمون حركة وطنية قدمت تضحيات ضخمة من أجل سورية، أما الغادري وبني المرجة والقصاص فهؤلاء عملاء رخيصين ولا يجوز حشر الإخوان مع هذه المجموعة الرخيصة".

الغادري وحزبه "الإصلاحي" كان يدعو، ومنذ الإعلان عن تأسيسه، إلى تشكيل حكومة في المنفى أو حكومة ظل، وجدد هذه الدعوة في المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني السوري، الذي كان أحد أطراف المعارضة السورية في أمريكا التي دعت إلى عقده في واشنطن في 18-19 من حزيران(يونيو). ولما ’رفض هذا الطلب من قبل غالبية المشاركين؛ قرر حزب الإصلاح عدم المشاركة في المجلس الوطني، فكان نهاية الغادري ومسيرته "الإصلاحية"، ولتطوي وإلى الأبد، إن شاء الله، فصول ذلك الكابوس الذي أثقل كاهل المعارضة السورية لثلاث سنوات. ولكن لابد من أخذ العبرة والعضة من هذه الألاعيب البهلوانية والتي يطلق عليها بالإنكليزية One man show. يستطيع كل متتبع للأحداث أن يقرأ على موقع حزب الإصلاح مصدر الثرة الهائلة التي جمعها الغادي من البورصة عام 1989؛ جعلت من السيد بسام درويش، وبعض من يسهم في الكتابة على موقعه في الإنترنيت، يكيل له المدح عن طريق الذم، أو المدح المباشر على طريقة من نعرفهم من أيتام الشمولية وعبد أوثان القائد الضرورة، ولكن بإسلوب ليبرالي جديد كل الجدة، كما يعتقدون. الغادري ذلك الرجل العصامي المثقف والغيور على وطنه وشعبه، والذي يتبؤ فيلا فخمة يتمنى أن يكون نصيب كل سوري مثلها أو يزيد، وهو فوق هذا وذاك يملك علاقات عريقة وممتازة مع رجال المال والأعمال والسياسة والأفعال، ولنسترسل على طريقة "محمد المولحي" في حديث عيسى بن هشام: الغادري الذي يتناول (الترويقة) مع ريتشارد بيلر، وينعم السيد رامسفلد على مائدته العامرة بأنواع الأطايب، الحلبية طبعاً، المحاشي والكبب والنقانق، وله موعد ومآرب أخرى مع السيد تشيني في ركن أعد خصيصاً في البيت الأبيض، وإن الجنرال جون أبي زيد وقواته رهن إشارته. هذه الصورة الفروسية الحالمة الساحرة الرومانسية التي أسهم إعلام التضليل العربي والأجنبي في رسمها في مخيلة ذلك الجائع الفقير على ضفاف الفرات والخابور؛ هي نفس الصورة، تقريباً مع مراعاة المكان والزمان، للرئيس الشاب "المثقف"و"الوسيم" الذي خرج على تقاليد الإثنى عشرية وتزوج بسنية، وأظن، وبعض الظن إثم، أن تينك الصورتين خرجتا من مشكاة واحدة وتهدفان إلى هدف واحد وهو: التضليل ثم التضليل.

 السيد الرئيس كان وحتى قبل الوراثة والتركة الثقيلة مولع، حتى الإدمان، بلعبة الننتندوا والإكشن الإلكترونية، ويقول أصحاب الاختصاص في لعب الأطفال: أن الأطفال المدمنون على مثل هذه الألعاب؛ يتماهى عندهم الخيال بالواقع والوهم في الحقيقة، وقد يقدمون على فضائع وجرائم دون أي شعور بالذب أو وخزة الضمير، نسأل الله العافية، وقد حدث في أمريكا ما يؤكد صحة ما ذهبوا إليه.

 أما الغادري فقد ارتضى لنفسه، كما كان شأن والده من قبل، أن يلعب دور السمسار، والسمسرة هي البزنس وأخواتها في عالم اليوم؛ عالم الدرهم والدولار، ولكن السمسار المقامر عندما يرتقي مرتقاً صعباً، والسياسة إحدى هذه المرتقيات الصعبة، يصاب بآفة الأوهام التي تقوده إلى الهذيان، فيسقط كجلمود صخر حطه السيل من علي، وقد كان السقوط فعلاً، والحمد لله، أو بعض ما عناه أبو البقاء الرندي في قصيدته:

لكل شـئ إذا ما تم نقصـان    فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دول    من سره زمن ساءته  أزمان

وهذه الدار لا تبقي على أحد    ولا يدوم على حال لها  شان

لا أعتقد أن الغادري، وحامل حقائبه، وكاتب مقالاته وتصريحاته؛ قد أصابهم الإحباط والقنوط واليأس بهذا السقوط، وفقدوا الأمل أن يكون له دور في الشأن السوري، كما كان الجلبي في الشأن العراقي، فبين الرجلين بون شاسع. فالجلبي ذو طموحات شعوبية عملاقة، ومن حيث البنية الفكرية شعوبي عريق وشعوبيته لها من التشعبات ما دق على المحافظين الجدد سبر كنهها وتقصي مساراتها؛ أما الغادري وصحبه فهم من خفاف الأوادي يبغون مغنماً عاجلاً و’جعالة معلومة، وجلهم من أصحاب الصغائر والخصوصيات يتبضعون بها حيث اختلط الحابل بالنابل. إن شعوبية الجلبي زردشتية عريقة؛ نفض الجلبي وأعوانه عنها غبار التاريخ عبر مدرسة شتراوس، عندما كان مريداً لشتراوس وتلامذته من بعده؛ مثله مثل زلمان خليل زاده الأفغاني، الذي أصبح سفير الولايات المتحدة لدى حكومة الجعفري في العراق المحتل. أما شعوبية الغادري فهي من قبيل " هكذا تكلم زردشت" أي نيتشويه، نسبة إلى نيتشه الفليسوف الألماني لا يزيد عمرها عن قرن إلا بقليل، أي حداثية، عدمية، سفسطائية لا تقول بالمحسوس أو المعقول وتجعل الهوى وثن وإله، وأقصي ما يصبوا إليه أتباع هذا المذهب هو: استفزاز الناس، والتشكيك بالمسلمات، ورشق الناس بسفيه القول وسقيمة. الهدف والغاية عندهم (الأنا) المهيمنة التي لا ترى في الآخر إلا امتداد (للأنا) كما يقول الفليسوف الألماني فخته. العصبية التي يستند عليها الجلبي هي: تلك العصبية التي قادت الطوسي وابن العلقمي لجلب جحافل وقطعان المغول إلى بغدان، أما عصبية الغادري فهي ذلك النفر من أصحاب الخصوصيات وشذاذ الفكر، الذين ليس لهم من العزوة إلا التمترس وراء كل من يتوهمون أن عنده القوة والمنعة، فالبارحة كان الاتحاد السوفيتي وإنكلترا وفرنسا، واليوم أمريكا والصهيونية، وغداً الصين والهند، وتلك الأيام نداولها بين الناس.

ما كان لي أن أقف طويلاً أمام الغادري وحزبه، الذي سقط بالضربة القاضية؛ مع الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني السوري، لولا أن "الغادرية" والغدر" أصبحت مدرسة يؤمها الكثير من يروم الشهرة والبروز، أو كما يقول أهل حلب: "بدو يتبروز" برواز كلمة تركية ومعناها الإطار، وخاصة ذلك الإطار الذي يوضع حول الصورة لتبدو بارزة وجميلة. هؤلاء القوم لا يهمهم ما حولهم إلا بالقدر الذي يعلو من شأنهم الوضيع، ويجعلهم يبدون، على الأقل، إعلامياً أنهم أصحاب قضية وفرسان ملحمة؛ إشباعاً لغرور لا يرفده علم أو حكمة بالغة أو معاناة حقه. الحياة بالنسبة لهم؛ لعب، ولهو، وزينة، وتفاخر بالأموال وزخرف القول. ليس من المروءة والفضل بشئ: أن يتاجر المرء بمعانات الناس وآلامهم ومقدساتهم في سبيل الشهرة والتفاخر. إن الشعب السوري يعيش مأساة حقيقية. إنه يموت كل يوم وليلة كمداً وقهراً وبؤساً وفاقة. المسؤول عن كل هذا: سلطة مدعية بالمظهر مرتهنة بالجوهر، سلطة تكذب وتتحرى الكذب، سلطة تفجر وتدعو الناس للفجور، سلطة تسرق وتنهب وتدعو إلى محاربة الفساد، سلطة تقل وتعدم وتعذب حتى الموت وتتمسكن وتتسكع عند كل جبار عنيد. أ بعد كل هذا النفاق والتضليل والفجور ما هو أدهى وأمر؟ ومع هذا تجد السلطة (أعور دجال) يدافع عنها. إن مقالة الحرب على الإرهاب أصبحت (الأعور الدجال) الذي يلوذ به كل هماز لماز لئيم، وكل مناع للخير أو معتدي أثيم، لا بل كل عتل وزنيم.   

في كل مرة تستضيف أحد الفضائيات السيد أحمد الحاج علي، كمنظر للسلطة والحزب، لسماع رأيه وبالتالي رأي السلطة بما ينتاب البلاد من معانات وشقاء؛ يتسأل عن منهجية الحوار، وكأنه يطلب من الناس والمعارضة السورية أن تتقمص: روح السلطة، وسفسطائية منظريها، وهموم سدنتها، وجشع عصابات المافية فيها، ثم تتأول وتتقول ما يريده كبيرهم الذي علمهم السحر. المنهجية، يا سيد أحمد الحاج علي، ومنذ أن دعا أرسطو إلى الإلتزم بها في المنطق والجدل والحوار: يجب أن تنطلق من المحسوس والمعقول، وليس ما يدور في خلدك وخلد أولي نعمتك من تبريرات وجدليات- لا تقنع إلا من جبل على الخطل والزلل والنفاق. إن شوارع دمشق وحلب وحماة وحمص وما حل بالريف السوري من ذعر وبؤس وفاقة لهي دليل فاقع ساطع على همجية السلطة ومنهجية القمع وروح النهب والسلب، التي عصفت بالباطنية السياسية منذ عقود. ما العمل؟ والحبل والجلاد ينتظران.

إن اجتماع المعارضة السورية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتشكيل المجلس الوطني السوري، الذي لم يخضع لابتزاز الغادي، خطوة جريئة وصحيحة. إن اقتراح الغادري تشكيل حكومة خنفشارية، ربما، يضطلع الغادري نفسه برئاستها، ويضم إليه حقيبة الخارجية والدفاع والمالية، وكل ما يتعلق بالسيادة، ويترك لسكرتيريه السيد حسين الحاج على حقيبة الإعلام، والسيد بسام درويش حقبة التربية والثقافة، ليس ابتزاز للمعارضة السورية في أمريكا فحسب، بل محاولة خبيثة للنيل من مصداقية المعارضة- فيما تدعوا إليه من الاحتكام إلى إرادة الشعب عبر انتخابات عامة وحرة ومباشرة وتجعل المعارضة السورية في أعين الإعلام الكثيرة مادة إعلامية دسمة للتندر والسخيرة، ومثالاً للتفاهة والانحطاط السياسي. إني لا أعتقد أن معارض سوري عاقل يشاطر الغادري هذا الرأي. إلا أن السيد ريتشارد بيرل يعتصره الألم؛ لعدم نجاح الغادري في تمرير أو إقناع المعارضة بحكومته الخنفشارية، واعتبر ذالك دليل على الفرقة والتناحر بين أطراف المعارضة.

 السيد بيرل يعرف أن الأمريكيين والأوربيون، وهي شعوب متحضرة، تتناول جرعات كبيرة من الفيتامينات لطرد الأجسام الشاذة التي ’يعتقد إنها تسبب الأورام السرطانية، ونحن تعلمنا منكم هذه الصنعة اللطيفة، ونطبقها حتى في مجال السياسة.

إن أهمية المعارضة السورية في الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، في رفد الشعب السوري المقهور بأسباب الدعم والممانعة والتصدي للطغيان والفساد- شأن لا يختلف فيه اثنان. إلا أن المعارضة السورية في الولايات المتحدة تكتسب أهمية خاصة، فهي تستطيع أن تفعل جالية سورية قوامها حوالي مليون نسمة تحتضنها جالية عربية وإسلامية تزيد على ست ملاين نسمة، وهي الأقرب على صناعة القرارات الهامة والمصيرية، كما أن هناك زخم من المعلومات المكبوتة أو المحجور عليها من قبل أصحاب القرار؛ لو فعلت بمساند أهل الضمائر الحية ومحبي الحرية والعدل لكان للقرارات الأمريكية في المنطقة العربية منحاً آخر. إن اعتراف السيدة كونديليزا رايز بخطأ الولايات المتحدة الأمريكية في دعم النظم الاستبدادية، وعلى رأسها النظام في سورية ومصر؛ يجب أن يكون نقطة الانطلاق نحو عمل سياسي حصيف، يكون حجر الزاوية فيه مهام يومية إعلامية وسياسية واجبة التنفيذ والإنجاز. فهل يستطيع المجلس الوطني السوري أن يضطلع بهذا العمل حتى لا يكون قيام المجلس عبارة عن سحابة صيف؟

* باحث في الفقه السياسي الإسلامي المعاصر ـ الأمين العام لحرة الحرية والتضامن الوطني(في سورية)

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ