ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 06/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المعارضة السورية

ومشروعها الواعد ، للتغيير الديمقراطي

حسن عبد العظيم*

نشرت صحيفة السفير في عدد يوم الجمعة 29 / 7 / 2005 مقالاً للكاتب اللبناني الأستاذ ميخائيل عوض ً بعنوان " المعارضة السورية : من الأزمة إلى الإفلاس " ومع أن المقال يعبر عن وجهة نظر النظام السياسي في سورية ، ويدافع عن سياساته ويحاول التشكيك بالمعارضة الوطنية ، ويصفها بأنها ليست موحدة ، ولا تحمل برنامجاً للتغيير ، فقد كتبت هذا الرد على المقال ، بهدف مناقشته بشكل هادئ وموضوعي وبعيد عن الانفعال .

1 - يبدأ الكاتب مقاله من مدخل صحيح مفاده أن الحالة الوطنية وآليات التطور.. في أي مجتمع لا تستقيم ولا تأخذ مداها التاريخي ما لم تقم على ثنائية " المعارضة والسلطة " وأن السلطة تنطوي على مكاسب ومغانم ، ومفسدة .. ويستخلص من ذلك أنها ضد التطور والتجديد ، فتتحول مع الزمن من سلطة ثورية إلى سلطة رجعية ، ويجعل هذه   يتحدث عن فضيلة الديمقراطية ( النموذج التعاقدي المجتمعي ) لأنها توفر الآليات العملية لتحقيق الحراك المجتمعي وإفساح المجال أمام تطور القوى المنتجة لتحصيل مواقع في الإدارة ، والمشاركة العامة ، فتحول دون الانفجارات المتتالية ، والقصد هو" في تخليق آليات المشاركة وتداول السلطات وتجديد النخب الحاكمة .. "                                        2- ثم ينتقل الكاتب من هذه المقدمة المنطقية ، لتوصيف حال السلطة في سورية وعند العرب عموماً ، بما في ذلك لبنان " بأن جدار مصالح القوى السائدة مقفل ومتحكم به ليمنع تداول السلطة - حتى داخل النخبة والطبقة والفئات الحاكمة والمالكة والمسيطرة  .. "

ويضيف " تبدو الحالة مستعصية ، وتصبح المعالجة واجبة ، وافتراض وجود المعارضة وحقها بالعمل والسعي للمشاركة ، أو أخذ السلطة بوسائل شرعية أمر مشروع بل مطلوب بذاته ، وبكونها أولوية بين العناصر المولدة  لمرحلة عربية جديدة تتفاعل مع الجاري إقليمياً وعالمياً .. 

إلى هنا والمقال يتسم بالتسلسل المنطقي ، والموضوعية .

3- ثم ينتقل الكاتب إلى المعارضة السورية ، ليصفها ويحاكمها ، ويعتبرانها معارضات ، وليتحدث عن " مدى قدرتها على ملْ الفراغ " قبل أن تملأه الإدارة السورية ومؤسساتها ، ويقرر وجود مؤشرات على جهد واع ٍ ومنظم لحل     المعضلة وتطوير الأداء والمشاركة عبر عملية إصلاحية جذرية من فوق .. " وكأن الكاتب بذلك يريد أن ينهي دور المعارضة في التغيير ، بعد أن تحدث في المقدمة عن عدم إمكانية التغيير من فوق ، وعن رفض التداول السلمي للسلطة وعن الحالة المستعصية على أي إصلاح أو تغيير ديمقراطي وعن وجوب المعالجة، وعن حق المعارضة بالعمل والسعي للمشاركة ، اواستلام السلطة بوسائل شرعية .

وعلى كل حال ، فإن الأخ ميخائيل عوض ، أراد أن يعطي انطباعاً سلبياً عن المعارضة السورية لتوليد حالة من الإحباط واليأس لدى الناس ، للابتعاد عنها وعدم التفاعل معها عن طريق زرع الشكوك ، بوحدتها ، وللإشارة إلى خلافاتها ، وضعفها ، وإفلاسها ليصل بالنتيجة إلى التأكيد على أن النظام وحده هو القادر على الاستمرار وعلى ملء الفراغ -  وحتى نستطيع الرد بشكل موضوعي بعيد عن الانفعال والافتعال ، لابد من تلخيص النقاط التي أوردها الكاتب من خلال تقييمه للمعارضة على النحو التالي :

1-  أنها معارضات سورية ن وليست معارضة واحدة  .

2-  أنها مأزومة ، وقاصرة ، ومحدودة التأثير .

3-  أنها فاقدة مشروعيات تاريخية .

4-  أنها فاقدة برامج عمل وطنية واجتماعية وسياسية .

5-  تفتقد رؤية منهجية واعية للتعرف إلى الواقع وأدواته وعناصره وآليات حراكه ، وكيفية التعامل معه  مرتبكة غير قادرة على الخروج من شرانقها وقصورها ، وشعارها ، وأدواتها ، ورموزها التي أكل عليها الدهر وشرب ..

ومن الغريب أن يستند في هذا التجني على المعارضة وتيارها إلى بعض الكتابات من نخب مثقفين سوريين على تماس مع المعارضة وكأنه يقول " من فمك أدينك ! "

يمكنني مناقشة هذه التخرصات - التي تعبر في حقيقتها – عن التيار المعادي للتغيير والإصلاح في النظام بالآتي :

1- إن المعارضة الوطنية في سورية واحدة ، سواء بقواها السياسية أو بتيارها ، ولا يمكن وصفها بأنها معارضات وهي تتمثل بالقوى والفعاليات التالية :

آ- التجمع الوطني الديمقراطي  .

ب- أحزاب سياسية لم تنضم إلى التجمع ، منها حزب العمل الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي ( الانتفاضة ) والتحالف الديمقراطي الكردي ( أربعة أحزاب ) ، والجبهة الوطنية التقدمية الكردية ( أربعة أحزاب ) ، وأحزاب وطنية كردية أخرى خارج التحالف والجبهة .

ج- معارضة الخارج ، المتمثلة بتيار الإسلام السياسي ، التي طورت رؤاها السياسية ، وبرامجها وآليات عملها ، ورفضت أساليب التغيير بالعنف ، أو بمساعدة قوى الاحتلال .

د- لجان إحياء المجتمع المدني ، وهي تضم عددا كبيرا من المثقفين من جميع المحافظات ، كان معظمهم من كوادر أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي ، ويعملون على إعادة بناء المجتمع المدني في سورية واستنهاضه بعد السبات الطويل الذي أدخل فيه النظام السياسي على امتداد العقود الماضية .

لقد أدركت قوى المعارضة في الداخل أن القمع الطويل والملاحقة المستمرة والتحكم في لقمة العيش قد فعل فعله في المجتمع ، في محاولة لتجفيف منابع أي نشاط أو حراك سياسي ، اوثقافي أو اجتماعي ، وقد أثر ذلك حتى على حزب السلطة وأحزاب الجبهة ذاتها، ومن خلال هذا الإدراك عمل التجمع الوطني الديمقراطي ، وتيار المعارضة عموماً على إيجاد صيغ وآليات عمل لاستنهاض الشعب السوري وتجديد دوره الفاعل في عملية التغيير الديمقراطي ، لتجديد مشروع النهوض الوطني والقومي ومواجهة تحديات العولمة وتجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ومن هنا كانت المحاولات الجادة والمشاركة ، في تأسيس المنتديات الثقافية ، ولجان نصرة فلسطين والعراق ، ومناهضة الصهيونية ، ولجان المقاطعة وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان وغير ذلك من الصيغ ، وقد مارست هذه الصيغ عملها في سورية ، وفي معظم المحافظات في ظروف قاسية وبالغة التعقيد ومحاولات مستمرة لمنعها ومحاصرتها . ولعل قول الأستاذ عوض بتعدد المعارضات في سورية وعدم وحدتها ، يستند إلى أمرين :

الأول : وجود معارضة سورية ، بدأت في واشنطن ، وبروكسيل ، برعاية الإدارة الأمريكية لإسقاط النظام السوري أو للضغط عليه لتقديم التنازلات .

الثاني : تباين في مواقف أحزاب التجمع ، والقوى الأخرى خارج التجمع ، حول بعض القضايا ، القومية كالموقف من السلطة العراقية بعد الاحتلال ، ومن المقاومة الشعبية في العراق ، ومن المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية .

ومع أن هذه القضايا تجري مناقشتها والحوار حولها في أحزاب التجمع ، فإن التباين حولها وتعدد وجهات النظر من الأمور الطبيعية ، في تحالف وطني ، ينطلق أساساً من التغيير الداخلي ، وعلى كل حال فالمؤتمر القادم للتجمع يهدف إلى توحيد الرؤى حول هذه القضايا .

أما بالنسبة لهدف التغيير الوطني الديمقراطي فإن أحزاب التجمع تتفق على الأهداف والوسائل ، وكذلك تيار المعارضة الوطنية كله ، أما الاجتهادات الفردية ، هنا وهناك فلا يمكن سحبها على موقف المعارضة ككل ، كما أن محاولة الكاتب اعتبار ما أطلقه من أوصاف سلبية على المعارضة ، يستند إلى أقوال بعض المثقفين وكأنه مجرد  " ناقل .. وناقل الكفر ليس بكافر.. فهي محاولة غير ناجحة ، لأنها تفتقر إلى تحليل جدي للواقع ، هو يتطلب مقارنة حقيقية ن بين أحزاب السلطة الممثلة بالجبهة الوطنية التقدمية " وبين قوى المعارضة الممثلة بأحزاب التجمع والأحزاب الأخرى والفعاليات الأخرى خارج التجمع ، بالإضافة إلى موقف الرأي العام في المجتمع ، ومدى اقترابه أو ابتعاده عن خطاب السلطة وبرامجها ، أو خطاب المعارضة وبرامجها ، حتى في ظل احتكار السلطة لكل وسائل الإعلام والتغيير، وبذلك يتوفر التقييم الصحيح للواقع بعيداً عن الأحكام المسبقة والإيحاءات المرافقة لها ، وعما إذا كانت المعارضة مأزومة وقاصرة ، ومحدودة التأثير أم أنها خلاف ذلك ..

2- أما القول بأن المعارضة فاقدة لمشروعيات تاريخية ، في تياراتها المركزية الثلاثة ومختبرة مسبقاً وساقطة في  ذهن المواطنين ولا يعتد بها لدى القوى الإنتاجية ، والاقتصادية والشعبية المتضررة ، من تحكم الواقع السيئ واستمرار يته  فهو قول يريد استمرار هذا الواقع بدلاً من تغييره من خلال نفي البديل ، والتشكيك في إمكانية نجاحه  والتيارات الثلاثة التي يقصدها المقال ، والتي تنتمي إليها قوى المعارضة السورية ، هي القومي، واليساري والإسلامي، ويعتبر أنها ساقطة لأنها جُربت من قبل، ويتحدث عن اليسار وانشقاقات الحزب الشيوعي ، وتحوله ، من موقعه على يسار النظام إلى موقعه الجديد على يمينه على الرغم من التضحيات التي قدمها ، ويشكك بتوجهاته الجديدة ، كما يتحدث عن المجموعات  الأخرى التي تنتمي إلى الإخوان المسلمين - والحركات السلفية  واستجابتها لضغوط وحاجات دولية وإقليمية ، وارتهانها للخارج العربي  أو الدولي ، وانكشافها ..

وثمة خلط واضح ، في الحالتين ، فالتطور الذي حصل لدى أطراف اليسار في المعارضة السورية ، كان حصيلة مراجعة عميقة ، في ضوء المتغيرات العالمية والإقليمية التي حصلت في أواخر الثمانينات من القرن العشرين والتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته كما جاء في المقال ، وهذا التطور عبر المراجعة للأفكار والبرامج كالذي حصل لدى حزب الشعب الديمقراطي السوري ، احد أحزاب التجمع ، لا يجعله نكوصاً إلى الخلف ، كما صوره المقال ، بل يجعله تقدماً إلى الأمام ، وتأكيداً على الفاعلية ، والانسجام مع التطور المطلوب على المستوى الوطني والإقليمي ، والدولي ، وكذلك الحال بالنسبة لتيار الإسلام السياسي  فقد حصلت المراجعة عبر نقد الأفكار والسياسات السابقة ، وأدت إلى نبذ أساليب التعصب والتطرف والعنف  وتبني نهج التعددية والتغيير الديمقراطي بالأسلوب السلمي ، وبناء الدولة المدنية وفي ذلك اقتراب واضح من  برنامج التجمع الوطني الديمقراطي للتغيير الوطني الذي أطلقه في عام 1979 ، وطوره وأكد عليه في أواخر عام 2001 أي أن جميع قوى المعارضة على اختلاف انتماءاتها راجعت تجاربها ، وأقدمت على نقد أفكارها وعملت على تطويرها ، في ضوء المتغيرات ، وصاغت وثائقها وبرامجها السياسية في كل المجالات ومع ذلك ، فالمتحدثين باسم النظام ، يكررون ما تضمنه مقال الأستاذ عوض ، من أن قوى المعارضة ليس لديها برامج عمل متجاهلين البرنامج السياسي للتجمع الذي تم الإعلان عنه في مؤتمر صحفي في 23 / 12 / 2001 بالإضافة إلى ميثاق التجمع  والبرنامج السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي الذي أقره المؤتمر العام الثامن في دورته الثانية في 23 / 5 / 2002 والبرامج الأخرى لأحزاب التجمع ، وأحزاب المعارضة الأخرى ..

إن عدم وجود إعلام مرخص لأحزاب المعارضة ينشر برامجها لا يعني عدم وجود هذه البرامج ، التي تؤسس للتغيير الوطني الديمقراطي .

3- كما أن التشكيك بجهود المثقفين المعارضين ونواياهم ، واتهامهم بالبحث عن النجومية ، وتقديم حاجاتهم الشخصية على الحاجات الوطنية ، فهو اتهام سطحي لا يؤيده الواقع ، فكل هؤلاء ، قدموا تضحيات جسيمة وقضوا سنوات طويلة من شبابهم في المعتقلات ، في ظل أوضاع ، ينفتح فيها الباب واسعاً أمام مثقفي السلطة .

4- ثم أن الحديث عن الخطاب ألاستعدائي ، والثأري ، لا ينطبق على قوى المعارضة وفعالياتها الثقافية ، لأنها طرحت التغيير الديمقراطي السلمي ، وطالبت بالمؤتمر الوطني الشامل ووجهت أكثر من رسالة للسيد رئيس الجمهورية في أكثر من ظرف  شعرت فيه بخطورة الأحداث والتطورات الداخلية أو الخارجية ، ومع ذلك لم تجد أي استجابة ، وبقيت محاولاتها معلقة في الهواء .

والنقد – الذي مارسته المعارضة عبر المنتديات التي قامت في دمشق - في بداية عهد الرئيس الجديد ، في مرحلة ربيع دمشق الذي انقلب إلى خريف ملبد بالغيوم ، ومن ثم عبر منتدى الأتاسي للحوار الديمقراطي ، من خلال المحاضرات الهامة التي طرحت بجدية حول كل القضايا التي تؤسس للتغيير الديمقراطي ، وما رافقها من مداخلات حول أزمات الماضي كانت بقصد تصحيح السياسات ، وتجاوز أزمة الثمانينات الشاملة وإقفال ملفاتها العالقة (المعتقلين ، والمبعدين ، والمفقودين ، والمطرودين من وظائفهم المجردين من الحقوق لمدنية بما فيها الحرمان من العمل الوظيفي لتأمين لقمة العيش )  ولم يكن هذا النقد موجهاً للهدم ، بل للبناء ، وطي صفحة الماضي ، وفتح صفحة جديدة .

ومع أن بعض التجاوزات حصلت من هذا المثقف أو ذاك بفعل القهر والكبت الطويل ، وهو أمر طبيعي ، غير أنها كانت فردية استثنائية ، وفي أضيق الحدود ، ولا تشكل حالة عامة في إطار المعارضة ، ولم تشكل أي  تهديد لأمن النظام .

5- أما القول بعجز المعارضة عن التقاط الفرصة والتفاعل معها ، ورود فعلها المتشنجة على " مشروع الرئيس للإصلاح و التطوير " فهو قول مردود ، إذ أن المعارضة قيمت ايجابيا التغيير النظري قي خطاب 17/7/2000 و تفاءل البعض الذين لم يدركوا طبيعة النظام، وبنيته الذهنية والفكرية والثقافية في ظل احتكار السلطة - لمرحلة طويلة – ولم يدركوا صعوبة الملاءمة بين التغيير النظري في الخطاب ، وبين التنفيذ العملي والتطبيق على صعيد الواقع ، حتى لو توفرت النوايا لدى طرف في النظام ، ولذلك بقي المشروع مجرد عناوين كما أشار الرئيس في حديث له في العام الحالي ، فالمسألة إذن غير مرتبطة بالنوايا ، في غياب الحامل الاجتماعي لمشروع الإصلاح و التطوير ، وبخاصة لان أدوات النظام ومؤسساته القديمة وما تنطوي عليه من نهج شمولي ، وشبكة مصالح وفساد ، معادية بطبيعتها لأي إصلاح أو" تغيير ديمقراطي " ويمكن القول ، أنها هي التي حاصرت المشروع في مهده منذ البداية – في حال وجوده – لحماية مصالحها واستمراريتها ، ومع ذلك يريد الكاتب أن يحمل المعارضة مسؤولية " عدم التقاط الفرصة ، برهاناتها وحساباتها الخاطئة، والمساحة التي أعطيت لها من فوق – على حد قوله – سرعان ما تم التراجع عنها ، بإغلاق المنتديات و الاعتقالات المتتالية ، وعدم الاستجابة لترخيص أي منتدى ، أو جمعية ، أو منظمة حقوق إنسان ، وبقاء الحديث عن قانون أحزاب في حيز التصريحات و الوعود المعلقة ..." .

لقد تناسى الكاتب بأنه إذا لم تكن قوى المعارضة وفعالياتها هي حصون وقلاع التطوير و الإصلاح ، والتغيير الديمقراطي بحكم مراجعتها الجادة لأفكارها وبناها الهيكلية والثقافية ، فان أحزاب السلطة ليست هي البديل بحكم ترهلها وارتهان قرارها .

6– ومن الملفت أن الكاتب يخلط بشكل متعمد بين بعض أطراف معارضة مصطنعة في الخارج  وبين تيار المعارضة الوطنية في الداخل و أراء عدد محدود من المثقفين واجتهاداتهم . إذ يتهم المعارضة الوطنية " بخطأ فهم ما يجري في المنطقة و أسباب استهدافها ، ومبرراته ، ووسائل الاستهداف " ليخلص من ذلك إلى أن المعارضة " استعجلت بالاستقواء بالاحتلال الأمريكي للعراق، ووصفت المقاومة العراقية بالإرهاب ، والحركات الإسلامية بالظلامية ، وافترضت أن شارون قادر على وأد المقاومة الفلسطينية ، وان المقاومة اللبنانية إلى اندثار ..." . وفي تقديري أن الكاتب بهذا القول كان ملكيا أكثر من الملك " فقد قال ما لم يقله النظام السوري أو حتى متشددوه ... ثم يلوم المعارضة على رهانها على الإصلاح الإيراني ، وعلى الشراكة الأوربية الأمريكية لإصلاح المنطقة .. وعلى المشروع الأمريكي الفرنسي لاستهداف سورية من بوابة لبنان ، وارتكبت أخطاء قاتلة في التعامل مع الجاري في سوريا من حراك داخل النظام والحزب ، ومن وجود رغبة جدية لإصلاح والتطوير ، ولم تتعلم أن سوريا عندما تصبح في قلب الهدف الاستعماري وتشتد الضغوط عليها تذهب إلى تجديد نفسها ، وان الشعب السوري يقدم المهام الوطنية وتصليب الجبهة الداخلية .. على حساب المطالب التي يمكن تأجيلها كالديمقراطية المفرطة ..

هذا التحليل لمواقف المعارضة يفتقر إلى الدقة و الموضوعية ، فالاهتمام بالتيار الإصلاحي في إيران لم يكن رهانا أو انحيازا  لطرف في النظام الإيراني على حساب طرف أخر ، وإنما كان فهما لعوامل الخلاف والنزاع بين تيار التغيير الديمقراطي والتجديد المتواصل لصالح أكثرية الشعب ، وبين تيار المحافظين الذي يحاول لجم عملية الإصلاح والتغيير الديمقراطي ، وان أي تغيير يحصل في دول الجوار الإقليمي ( إيران أو تركيا ) من شانه أن يعزز عوامل التغير الديمقراطي في سوريا ، أو أي بلد عربي .

إن موقف معظم تيار المعارضة الوطنية من الاحتلال الأمريكي للعراق ، ومن المقاومة الوطنية المبكرة للاحتلال وامتدادها وتصاعدها ، كان واضحا ، في رفضه للعدوان والاحتلال وفي تأييده لحق الشعب العراقي في رفض الاحتلال ومقاومته ،مع الإشارة إلى التمييز بين المقاومة ، وبين الأعمال الإجرامية التي تستهدف المدنيين الأبرياء وإثارة عوامل الفتنة والحرب الأهلية ، كما أن المعارضة السورية لم تتهم المقاومة الإسلامية ورموزها بالظلامية ، والبيان الذي اجتهد عدد من المثقفين السوريين يقل عن أصابع اليد الواحدة ، ووقعوه ، لا يمكن تحميله للمعارضة .

إن الموقف العام للمعارضة السورية مع مقاومة الاحتلال في فلسطين ، ولبنان والعراق ، وان كان البعض يجتهد حول موضوع العمليات المسلحة " الانتحارية " في داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ويرفض عسكرة الانتفاضة ، لأنها تجلب الضرر على الكفاح الفلسطيني ، وهذا يتطابق مع موقف الرئيس الفلسطيني .

كما أن التعاطف مع المعارضة اللبنانية كان حصيلة لأخطاء السياسة السورية في لبنان ، التي انعكست سلبا على النظام ، وعلى الشعب السوري ، مما دعا المعارضة للمطالبة بتصحيح هذه العلاقة .

ويقلل الكاتب من خطورة بعض الأحداث الداخلية التي حدثت في القامشلي أو مصياف أو القدموس ومن نتائجها السلبية في ظل أجواء التوتر والاحتقان – السائدة – ويعتبر إشارة المعارضة لهذه الظواهر ، وتأخر الأجهزة في حلها ، تعبيرا عن عجز المعارضة وهروبها من أزماتها ، وتكبير القضايا الصغيرة تبريرا للاعتراض والمعارضة أو الإيحاء بتفكك المجتمع وانهيار النظام .

وجوابنا أن التقليل من شان هذه الأحداث لا يجدي ، وان حرصنا على وحدة الشعب ، ونسيجه الاجتماعي ، وضرورة مسارعة السلطة وأجهزتها الأمنية لضبط الأمن ، وعدم ترك الأمور للتداعيات في غياب الأجهزة ، من شأنه أن يثير عوامل الفتنة ، وهو موقف نابع من الحرص الشديد على وحدة المجتمع وتماسكه .

وأخيرا فان ما أشار إليه الكاتب من تسرب معلومات عن وجود عناصر من معارضات سورية تقوم باستكشاف إمكانية التدريب على السلاح لدى أطراف لبنانية يتناقض تماما مع إصرار المعارضة الوطنية في سوريا على نهج التغيير الديمقراطي بالأسلوب السلمي ، بعيدا عن العنف وهو خيار كل قوى المعارضة بكل تياراتها ...

وختاما نقول لكاتب المقال الأستاذ ميخائيل عوض ، إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، ونطمئنه أن المعارضة الوطنية في سورية صامدة وصاعدة ، وليست مأزومة . والطريق الذي اختطته وسارت عليه بخطى ثابتة سيصل بها  إلى النجاح في تحقيق أهدافها بعيدا عن وهم الإفلاس الذي يتمناه لها ، والذي يتناقض تماماً مع ما أشار إليه في مقدمة مقاله حول ثنائية " المعارضة والسلطة " وأهمية توفرها في أي مجتمع ..  

دمشق 1 / 8 / 2005

* أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ