السيد
الدكتور بشار الأسد
رئيس
الجمهورية العربية السورية
المحترم
تحية
طيبة :
إن حبنا لشعبنا و
حرصنا على وطننا يدفعنا لتوجيه
هذه الرسالة المفتوحة لسيادتكم
في ظل الأوضاع الخطيرة والتي لا
تخفى عليكم بمناسبة مرور خمس
سنوات على توليكم السلطة .
كان حزب البعث
العربي الأشتراكي، صرحاً
عظيماً بأهدافه وعزيمة طموحات
شبابه، عمل على تحقيق مبادئه في
إطار الديموقراطية. وقام بدور
عظيم في الخمسينات حين كان
برلمانه الشارع حقاً، قاوم
المشاريع والمخططات
الأستعمارية، و أفشلها
بالتعاون مع القوى الوطنية، و
ساهم بأكبر إنجاز قومي للعصر
الحديث بإقامة الوحدة السوريه
المصريه.
إن هذا الصرح بدأ
يتآكل ويتهاوى من جذوره منذ
أنقلاب 8 آذار 1963، وما تبعه من
إنقلابات 23 شباط 1966 و 16 تشرين
الثاني 1970. ولم يبقَ الآ الركام
الذي تجلس فوق قمة هرمه على
قاعدة من الجماجم ، و ضحايا
المجازر الجماعية، و المحاكمات
الصوريه و الأعدامات الكيفية، و
يشهد على ذلك مجازر حماة الثلاث
للأعوام1964، 1980، 1982 و مقبرة
هنانو و جسر الشغور، وسرمدا،
وأدلب، وبانياس، وسجن تدمر.
لقد شاء القدر
وورثت الحكم وتراكماته السلبية
الهائله وهي تركة لا تحسد
عليها، و حملت أمانة الوطن
والشعب وهي امر عظيم أبت السماء
والأرض والجبال حملها.
و مع إنك لا تتمتع
بالشرعية الحقيقية بل بالوراثة
و ان تعديل المادة 149 من الدستور
باطل، لإن الموافقة على التعديل
مرهون حصراً بتوقيع الرئيس وليس
نائبه، ليدخل هذا التعديل في
صلب الدستور. و مع ذلك فأن معظم
الأطياف السياسية كانت تتمنى أن
تتحول الشرعية الفعلية الى
شرعية حقيقية، من خلال قيامك
بحل سلمي لمأزق الوضع السوري.
ان الإلتفاف على
ذلك بإصلاحات شكلية مرفوض من
الشعب والمعارضة لأنها هامشية و
لا تلبي جزءاً بسيطاً من الحد
الأدنى لمطاليبه، و إنما الغرض
منها تجميل صورة النظام
وأستمراره على نفس النهج. إن فشل
مثل هذا الأسلوب كان نتيجته
تشديد القبضة الأمنية و
الأعتقالات للمعارضين ، ونشطاء
حقوق الأنسان و إلغاء الهامش
البسيط للحوار الحر في
المنتديات، بدلاً من رفع القيود
و فتح مرحلة للحوار الوطني
الديموقراطي. و كان الأولى منع
تدخل المخابرات في الحياة
السياسية، و تقييد الحريات
العامة، و بشؤون المواطنين، و
إحلال سيادة القانون والقضاء، و
منع الأعتقال التعسفي، فالمتهم
بريء حتى تثبيت أدانته.
إن إنهاء دور
الأجهزة الأمنية و تحرير
المواطن من الخوف لا يتم الا
بإلغاء حالة الطوارئ عن الحياة
السياسية بشكل كامل، اذ لا مبرر
لإستمرارها، والتذرع حتى تحل
القضية الفلسطينية، أصبح مجال
للسخرية بعد خيار النظام
الأستراتيجي (للسلام) و إنهاء
حالة الحرب رسمياً وفعلياً، و
التجديد لقوات الأمم المتحدة كل
ستة أشهر، والهدوء الذي يسود
الجبهة خير برهان على ذلك.
سيادة الرئيس :
نخاطبكم من موقع
المسؤولية الوطنية و نكفيك عناء
البحث والتقصي و تجني الأجهزة
بألأفتراء وكيل الأتهامات
والأسراف بالأوصاف.
نحن صيغة وطنية
عربية تعمل على تحقيق
الديموقراطية والعدالة
الأجتماعية، و عدد من المنتسبين
الى لجنتنا، ساهم في بناء الحزب
او شارك في أنقلاب 8 آذار وهؤلاء
الرجال الذين أمنوا بربهم و
وطنهم و زادهم هدى، أكتشفوا منذ
الأسابيع الأولى إنحراف اللجنة
العسكرية التي قادت الإنقلاب عن
الأهداف الوطنية و عدم رغبتها
بإعادة بناء الوحدة التي سهل
سقوطها غياب الديموقراطية و خاب
أملهم بتحقيق العدالة
والمساواة، و الأتجاه لبسط
سيطرة أقليه اذلت الشعب و
أفقرته، و أفقدته مقومات الصمود
والتصدي.
ففي الأيام
الأولى تمت تصفيات بالجملة
للضباط من دمشق ( الشوام ) بأسم
أنفصاليين، و من حماة بتهمة
حورانيين (نسبة الى المرحوم
الأستاذ أكرم الحوراني) و ضباط
الحركات الوحدويه بشكل خاص من
حلب بتهمة ناصريين.
ثم جاء دور حزب
البعث فأصبح أحزاباً من يمين و
يسار وتمت تصفية عناصره الوطنية
والقومية المخلصة وسجن وشرد
المئات، منهم من قضى نحبه تحت
التعذيب، او وافاه الأجل بسبب
سوء المعاملة و الأوضاع الصحية
المتردية، و أمضى بعضهم أطول
مدة لسجين سياسي في العالم. و
دمرت مدن و هدمت مساجد و كنائس،
وحدثت مذابح ، بأسم التيار
الأسلامي، وصدر القانون 49
القرقوشي، الذي اساء الى سمعة
سوريه و تاريخها، و وصم النظام
بالعار و الأنحطاط و التخلف
لأنه شرع للجريمة و أباح القتل
الفردي و الجماعي لشبهة أو
وشايه.
هذه التصفيات
المتتالية، أدت الى أنفراد
أقلية بالتسلط و الحكم بواسطة
المخابرات و أصبح الحزب أحد
ادواتها، وافرز تعقيدات
إجتماعية وسياسية، تحتاج
معالجتها الى التعقل والحكمة
والشجاعة للحفاظ على الوحدة
الوطنية .
إن تشبث النظام
بسلوكه، والأصرار على نهجه،
سيؤدي الى إنهيار الدوله، لأن
السلطة فقدت مبررات وجودها و
هذا الإنهيار ان حدث لا سامح
الله سيؤدي الى كوارث أجتماعية .
السيد الرئيس :
لقد خابت آمال من
راهن على إتخاذ المؤتمر القطري
العاشر قررات بالتغيير، بل كانت
صدمة للرأي العام لأنها نكوص و
ارتداد الى الخلف، وكان الأمل
بتبني مشروع عملي، وبرنامج واضح
للأصلاحات.
و من حق المواطن
أن يتساءل ماذا تحقق بعد مرور
خمس سنوات على وراثتكم للحكم و
وعودكم بالإصلاح ؟؟؟
الإصلاح يا سيادة
الرئيس لا يمكن ان يتم الا بدك
المرتكزات الدستورية و
السياسية، و الأجهزة ألأمنية،
وكل التشريعات التي تتناقض مع
النهج الديموقراطي، و التي أدت
الى المأسي و الجرائم و
الأعدامات، والملاحقات لألاف
المناضلين و المعارضين الذين
أضطروا للهرب خارج البلاد .
أن مفتاح الحل
يكون بإلغاء الحالة
الأستثنائية و المواد 8 و84 من
الدستور لإنهاء إحتكار السلطة و
تملك الدولة، لإتاحة الظروف
لبناء نظام ديموقراطي في ظل
المساواة والمشاركة في صنع
القرار و الرقابه و المحاسبة
عبر هيئات تشريعية منتخبة
أنتخاباً حراً .
و الإصلاح لا يكون
بالأساليب البوليسية، و إحتراف
الأرهاب، و الإعتماد على حزب
جسد فاقد الروح والحياة، و
أحزاب و حركات تدور في فلك
السلطة و هي من إفرازاتها، تربت
و تثقفت في مناخ الحكم الشمولي،
ودوائر المخابرات، و جل
أهتمامهم الحصول على
الأمتيازات و الوجاهه بشكل
أنتهازي رخيص بعيد عن المبدئية
و الأخلاقية الوطنية، وهم في
خلواتهم وجلساتهم الخاصة
يتحدثون غير ما يقولونه امام
وسائل الأعلام و اللقاءات
الرسمية.
أن تصعيد أشخاص
الى الواجهات و الإستغناء عن
آخرين قد انتهت صلاحياتهم،
ويحلو للبعض تسميتهم بالحرس
القديم و ينسبوا تعثر الأصلاح
لمعارضتهم، قد أنهى الأزدواجية
المزعومة و وضعك في مأزق وجهاً
لوجه أمام الرأي العام، و أصبحت
الوحيد المسؤول عن التغيير و
الأصلاح.
إن الديموقراطية
هي سياج الوطن وسورها الحامي، و
بدونها يبقى معرضاً للأخطار
وتجاهلها مخالف لمنطق العصر،
وتجاهل للواقع و جهل بحركة
التاريخ.
إن مهزلة مسيرات
التأييد للهروب من الاستحقاق
الديموقراطي، يعرفها الشعب
جيداً وكيف يتم تنظيمها،
بأساليب الترهيب والترغيب
لحشدها. لكنها في الآونة
الأخيرة ، لها معنى أخر فهي تشكل
مواكب تشييع للنظام و ما حدث
ويحدث في العراق ليس عنك
ببعيد .
و نصدقك القول أن
بعض المنافقين الذين أسبغوا
عليك لقب قائد تأريخي ، وتعرف
جيداً إنهم لمنافقون، لأنك تدرك
معنى وفحوى و متطلبات الأعمال
التي على القائد لكي يكون
تاريخياً، وأمامك فرصة لأن تصبح
كذلك، أذا تصرفت بحكمة الرجال
وشجاعة الأبطال ، وحققت
المصالحة الوطنية و الأصلاح و
أتخذت الأجراءات التالية :
- تقديم الأعتذار
عما سببه النظام من مآسي للشعب و
لذوي الضحايا والمفقودين، و
لإحزاب البعث والحركات
الناصرية والتيار الأسلامي، و
حزب الشعب ( الشيوعي )،
والمعارضون من مؤيدي المرحوم
أكرم الحوراني ( الأشتراكيين
العرب ) .
- الإعتذار
للفلسطينين عما أصابهم من
النظام و لإسقاط تل الزعتر 1976 ،
و حصارهم بقيادة المرحوم ياسر
عرفات من البر و أسرائيل من
البحر 1984.
- وقف التدخل في
لبنان و الإعتذار الى الأخوة
اللبنانيين عن كل التصرفات
السيئة التي قامت بها أجهزة
النظام على أرض لبنان .
- إتخاذ القرارات
السريعة لتحقيق القفزة الكبيرة
التي وعدت بها في 5/4/2005 لإتاحة
الفرصة أمام التحول
الديموقراطي، وفي مقدمتها :
- إلغاء حالة
الطوارئ بشكل تام، و المواد 8 و 84
و تعديل المادة 153 من الدستور و
إلغاء القانون 49 .
- إصدار عفو عام
وتشكيل لجان لدارسة أوضاع
المفقودين، لمعرفة مصيرهم و
تعويض كافة المتضررين .
- الغاء كافة
القيود التي تعطل عقد مؤتمر
وطني في الداخل، ينبثق عنه
ميثاق عمل، و حكومة وحدة وطنية
أنتقالية، لإتخاذ الأجراءات و
الآليات للتحول الى نظام دستوري
ديموقراطي، يحترم حقوق الأنسان
.
ان وحدة الشعب
بجميع فئاته، و بالأرادة
الوطنية تصان المصالح العامة، و
ليس بالتفرد بالسلطة و أقصاء
المجتمع و العودة الى دورة
العنف . و في ظل الأستبداد تعرض
الوطن للنكسات و الهزائم ففي
عام 1967 تم إحتلال الجولان نتيجة
إنسحاب كيفي لا مثيل له، وفي عام
1973 خسرت سوريه 28 قريه جديدة ، و
وصلنا الى فك الأرتباط في جنيف و
الى الخيار الأستراتيجي، و في
الجانب الأداري و الأقتصادي
وصلنا الى ما وصلنا اليه من فساد
و تهريب للأموال، و مافيات
السلب والنهب من قبل المسؤولين
و عصابات الشبيحة و غيرهم ، فلا
أصلاح بدون التغيير السياسي .
إن طريق النجاة
يكون عبر المصالحة الوطنية و
ليس بالتنازلات و استجداء تحسين
العلاقات و العمل على كسب رضا
أمريكا واسرائيل .
سيادة الرئيس :
إن سوريه على شفا
حفرة من نار ، ويجب العمل على
إطفائها قبل ان تحرق الأخضر
واليابس، و تجنب السقوط فيها ، و
أن لا يتكرر ما خاطبت به والدة
ابي عبدالله الصغير بعد سقوط
غرناطة :
أبكِ مثل النساء
ملكاً أضعته
لم تحافظ عليه مثل
الرجال
أنك الوحيد
القادر على إنقاذ الوطن من
الأخطار بأعادة الحقوق للشعب و
أطلاق الحريات، و وقف التدهور
الأقتصادي و المعاشي، و التدني
المستمر للقوة الشرائية، و
إزدياد حجم البطالة، و التضخم،
و إرتفاع الأسعار.
إن صراحتنا نابعة
من قيمنا و مبادئنا و أيماننا
بشعبنا ووطننا و رغبتنا بالتحول
سلمياً الى الديموقراطية، و
تجنب الدمار و الخراب . و إن
إستمرار النظام على السير بذات
الأتجاه يؤدي الى كارثة آجلاً
ام عاجلاً .
فذكر أن نفعت
الذكرى .
و ذكر أنما انت
مذكر ...
وتقبلوا فائق
التحيات والتقدير
اللجنة
السورية للعمل الديموقراطي
15/7/2005
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|