ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 31/10/2006

سيناريو جديـد للتغيير السلمي في سـوريا

الدكتور خالد الاحمـد*

بـعد أن تأكد للشعب السوري ، المؤيدين على قلتهم ، والمعارضين وهم الكثرة ، أن النظام السوري عصي على الاصلاح ، وتأكد للعالم العربي  وخاصة الدول التي كانت تدعـم نظام الأسـد الكبير ، ومن بعـده الأسـد الصغير ، تأكد لها أن بشـار وقف وقفة استراتيجية مع النظام الايراني الصفوي الحاقد على العرب ، كما تأكد للعالم كله أن النظام السوري نظام إرهابي يرفض  السلام ، ويصـر على أن يكون عصابـة سـلب ونهب كما كان ، وبإصرار يـريـد استمرار عصابة المافيـا في سوريا ، ويرفض الإصـلاح ...

لذلك اتفـقت جميع أطـراف الطيـف الوطني من المعارضـة الداخلية والخارجية في سـوريا على التغيير السـلمي بأيـدي سـورية ، ودون الاستقواء بالأجنبي ، ودون تدخل القوى الخارجيـة ، ويفهـم المحللون السياسيون المتابعـون للحالة السـورية أن هذا التغيير السـلمي لابد أن يأتي على يـد البعثيين الشرفاء والعلويين الشرفاء ، لأنهم من أصحـاب النفـوذ والمراكز الحساسـة في سـوريا ، ولهم من الـوزن والثقل أكثر بكثير مما هو لأفراد وهيئات المعارضة الخارجيـة والداخليـة ...

وفي ضـوء هـذه التطلعـات علم مـراســل موقـع (التيارالسـوري) في دمشق  ( 2/10/2006) من مصادر مقربة من القصر الجمهوري أن الرئيس السوري بشار الأسد تلقى رسالـة من مجموعة من كبار ضباط الجيش السوري بينهم ثلاثة من أبطال حرب اكتوبر يطلبون فيها من الرئيس تحديد الاتجاه الذي ستسير عليه سورية بعد تصريحاته الغامضة الأخيرة التي خلقت تخبطاً في الأوساط المدنية والعسكرية ...[ يقصدون مع إيران أم مع العرب أم مع أمريكا أم مع مَـن !!؟ ] ...

ومما زاد في حنق بشـار الأسـد الذي فهم مغزى هذا التوقيت ومن يقف ورائه أن من بين الموقعين على الرسالـة ضابطين من مسقط رأسه في القرداحـة [ أي من العلويين الشرفاء الذين تنتظر المعارضة وقوفهم مع الشعب ضد النظام ] .

وكانت قد سرت بين الشعب السوري قبل أسـبوع أنباء لم يؤكدها القصر أو ينفيها تفيد أن عرضاً قد قدم للرئيس السوري ليترك السلطة سلمياًمع ضمانات عدم الملاحقة له ولشقيقه ماهر ولصهره آصف شوكت في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري بشرط أن يشكل رسمياً قبل أن يرحل مجلس وصاية مصغر من المدنيين والعسكريين يدير شؤن البلد لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات وقد قدمت له لائحة بالأسماء المقترحة ومعظمها من العسكريين المتقاعدين الذي عملوا مع والده الرئيس الراحل حافظ الأسـد .

الجيـش السوري البطل بدأ يتململ :

ويعرف السـوريون وغيرهم في العالم العربي أن استلام الحكم وتغييـر الحاكم أمـر بيـد الجيـش ، منـذ نصف قـرن ، وإذ لم يتحرك الجيش يصعب تغييـر الحاكم ، أما إذا تحرك الجيش فيسهل ذلك التغييـر ..

ويتابع الخـبر فيقول : وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي يصل فيها تململ الجيش السوري بصورة احتجاج إلى رئيس الجمهورية فقد احتج ضباط سوريون أثناء العدوان الصهيوني الأخير على لبنان على عدم تسليم الذخائر لبعض الفرق العسكرية القريبة من دمشق تخوفـاً من انقلابها على السلطة علماً أن توسيع العدوان الاسرائيلي ليشمل سورية كان متوقعاً في كل لحظة أثناء الحرب الاسرائيلية ضد المقاومة اللبنانية التي استغرقت 33 يوماً ...

[ هذا التوقع عندي وعند غيري من المواطنين العاديين ،وعندكثير من ضباط الجيش السوري ، أما عند بشـار وزمـرتـه فقد كان متأكداً من خلال اللقاءات السـرية مع الصهايـنة أن جيش العصابات الصهيونية لـن يوسـع عدوانـه ليشـمل سـوريا ، الجـار الذي لـم تـر منه دولة الصهاينة إلا الهـدوء والأمـن حتى بات الجولان أكثر المناطق المحتلة أمناً ، وزادت فيـه أسـعار العقارات لذلك السبب ، وتوجـه إليـه السـياح الصهاينـة من كل حـدب وصـوب .. . وإلا هل يعقل أن تـترك وحدات مقاتلـة قرب دمشق بدون ذخيـرة !!؟  لولا أنـه متأكـد من الصهايـنة بـعد لقاءات سـرية أنهم لن يعتدوا على سوريا ، وهذا هو منهجهم في ذبـح الدول العربية واحدة بعد الأخـرى ] ..

ولم يخـف هؤلاء الضباط لأنهـم من الكبار ، ولأن بعضهم وربمـا كلهم من العلوييـن [ الكتلة الأقوى في الجيش ] ، ولأنهم كما يقول الخبـر يعرفون :

أنـه من غير المتوقع أن يرد الرئيس السوري مباشرة على رسالة الضباط كما أنه أضعف من أن يعتقلهم الأمر الذي قد يؤدي كما يؤكد المصدر إلى وقوع أزمة داخل القصر الجمهوري تحمل لسورية الكثير من المفاجآت خصوصاً وأن صهره القوي المطلوب ترحيله معه ينادي منذ فترة بالتشدد مع هذه الظواهر، ويندد ومعه ماهر شقيق الرئيس بضعف بشار الذي يوشـك كما قـال آصف لـخال الرئيـس في مناسبة سابقة أن يورط العائلة كلها .

ولـكـن ...!!؟

هـل تريـد أمريكا سقوط النظام الأسدي ؟

وهذا سؤال يطرحه الكثير من السوريين ، الذين عرفوا أن الأسد الكبير والصغير حلفاء وربما موظفون عند الصهيونية العالمية ، وبالتالي عند أمريكا ، فلماذا تسقط أمريكا نظامهم ، وتعرض عليهم اللجوء إلى أي بلـد يختارونه ، فتوفر لهم الحمايـة هناك ؟...

لقد أجبت عن هذا السؤال في موضوع سبق نشره عنوانه ( محاولة لفهم السياسة الأمريكية ) خلصت فيه إلى أن أمريكا تتحالف لمصلحتها ، والمصلحة متغيرة متقلبـة ، لاتكاد تثبت على حال واحدة ، فقد كان حافظ الأسـد حليفاً يحقق مصالح أمريكا ، عندما قضى على المقاومة الفلسطينية في لبنان ، وقضى على الشباب المسلم في سوريا ... أما بشار الأسد فقد صـار عبئاً ثقيلاً في المنطقـة كلها ، لأنه وضع البيض كلـه في السـلة الإيرانيـة ، وبات يهدد منطقة الخليج ( حلفاء أمريكا ) ؛ بالهلال الشيعي الذي تعهـد تنفيـذه لمصلحة إيران ، ومصلحة تصدير الثـورة الإيـرانية ،  لذلك يبدو أن الإدراة  الأمريكية  أو على الأقـل قسـم منها قرر إنـهاء هذا النظـام .....وخاصـة بعـد أن أكـدت المعارضـة الخارجيـة أن البديـل لن يكون ( الإخوان المسلمون ) كما كان النظام الأسدي يخوف الإدارة الأمريكيـة بهـم ، وأن البديـل سيكون حكومة ديموقراطية تشـمل جميع أطياف الشعب السوري بما فيهم البعثيون والعلويون والأكراد والإسلاميون والماركسيون ....إلخ ...

ونـدعو الله عـز وجل أن يهيـئ للشعب السـوري الحريـة والكرامـة ، بعـد أن سـقاه النظام الأسـدي كؤوس الذل والقهـر والمـوت والسجن والتعذيب ....

وإن غداً لناظـره قريـب ...

*كاتب سـوري في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ