ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 01/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

نظام دمشق يواجه مصيره المحتوم بمفرده

علي الحاج حسين*

رغم التطورات التي عصفت بالمنطقة خصوصا والعالم عموما بقيت سوريا تشكل استثناء ولم تتزحزح عن سابق عهدها قيد أنملة، بل وفي بعض مفاصل الحياة صارت أشد وطأ من ذي قبل. وبذلك جعل النظام شعب سوريا بكل مكوناته في زاوية معتمة وحبس عنها النور فتحولت البلد إلى سجنا كبيرا وصار المواطن كما لو كان أسير حرب غريب في وطنه.

 

سوريا والساحة الدولية

يدرك النظام السوري تماما أنه منتهي الصلاحية، وما لم يغير من سلوكه سوف تسقطه قوى خارجية، فمن أتى به قادر على الإطاحة به بشتى السبل ويجهز عليه السوريون، ولئلا نقع في سوق المغالطات والمزايدات البخسة، لابد من الإشارة أنه عندما تعطي أمريكا بطاقة حمراء لنظام دمشق ليس حبا بالشعب السوري أو رأفة بما آل إليه واقع البلد المزري، بقدر ما هو حفاظا على مصالحها، ومطلب تغيير السلوك غير ممكن، لأنه سيفضي لذات النتيجة ويجهز عليه السوريون، مما يجعله في حيرة من أمره، لأنه يريد أن يبقي القطيع كاملا والذئب متخما، وبقي أمامه منفذا ضبابيا غير مضمون النتائج، أي انتقال السلطة على صورة أوربا الشرقية، وقد لا ينجح لو تأخر، سيما وأن الاحتقان بلغ حدا لا يمكن علاجه وينتظر شرارة تشعل الفتيل.

لا يمكن لنظام دمشق أن يعول على سند إقليمي أو دولي، وقد أفلح وبسرعة باهرة بتحويل الأصدقاء لصف الحياد واستعدى أكثرهم. على سبيل المثال فرنسا وحتى روسيا لا يضيرها ما سيصير إليه حال حاكم دمشق، فمصالحهم لديه منتهية ما لم تمر عبر الموشور الإيراني، ولكنهم لا يرون بديلا ينصف مصالحهم مستقبلا خصوصا بعد تحالف النظام مع إيران إضافة إلى فقدانه كافة الأوراق التي كان يفرض وجوده عبرها كطرف، كالورقة اللبنانية والفلسطينية والتي كان يحسن حافظ أسد استخدامها بمهارة. أما الدول المؤثرة الأخرى في العالم كالصين وألمانيا وغيرها فلا تتأثر مصالحها ببقاء أو زوال النظام السوري ومجيء غيره لصغر حجمه وضآلة دوره، شريطة ألا يكون البديل عنه من نموذج حزب الله وحماس.

لا شك أن العالم اليوم وبعد وفاة الاتحاد السوفياتي صار وحيد القطب، وأمريكا سيدة العالم العالم بلا منازع، وما دور الصين والمجموعة الأوربية وروسيا سوى مراقب يقدم النصح ولا يملك أدوات الرفض أو فرض رؤاه غير مبررة. وصار الكل يخطب ود أمريكا لتشابك المصالح والعلاقات، وبمنتهى البراغماتية يمكن القول أنه ليس هناك دولة واحدة في العالم مستعدة للتفريط بعلاقاتها مع أمريكا لتساند نظام دمشق الذي لا يملك ما يقدم لها مقابل ما سيأخذ منها.

 

سوريا إقليميا:

إن استثنينا نظام الملاّقراطية نلاحظ أن نظام دمشق ليس على علاقة مثلى مع كل الأنظمة المماثلة له بشموليتها في المنطقة، وبالرغم من وحدة الحال بينها إلا أن وجوده على هذه الشاكلة البدائية لم يعد يخدم تلك الأنظمة، وبنفس الوقت يخيفهم زواله لئلا ينفرط العقد وتفلت حبات المسبحة وتسقط واحدة تلو الأخرى، ويخشون مما حصل في أوربا الشرقية، حين أشعلت البيروسترويكا الفتيل وجرفت عاصفة التغيير كافة الدكتاتوريات وتغير وجه الخارطة السياسية بوقت قياسي. ولأنظمة المنطقة الشمولية فائدة وحيدة من وجود نظام دمشق قائما، ألا وهي صفة الشمولية المشتركة مع بقية أنظمة المنطقة ويفضلونه على مجيء نظام ديمقراطي جديد قد يكون تلك الشرارة قرب البيدر، وتنتقل العدوى للمنطقة، وبذات القدر هي التخوفات من ولادة الديمقراطية والاستقرار في العراق ولبنان. النظام الحالي لا يكلف إسرائيل حماية حدودها مع سوريا شيئا، ولا تحبذ إسرائيل مجيء نظام آخر قد يحوّل الجولان إلى حالة مشابهة للجنوب اللبناني، وهو بالنسبة لهم أفضل الموجود، وإن وجد بديل أفضل يقبل التطبيع ويكون له مرتكزات وحوامل شعبية ويتصف بميزات الديمومة فسوف تدعمه إسرائيل وستمارس كل ما بوسعها للتأثير على الولايات المتحدة للتغيير فيه أو اختزاله نهائيا من المعادلة.

إن نظام دمشق الذي شارك إلى جانب أمريكا في عملية طرد صدام من الكويت وربح بعض النقاط آنذاك، نجده اليوم وقد ابتعد عن الإجماع الإقليمي ليجلس بحضن إيران وحدها، وصارت ملاذه الوحيد وكفيل استمراره، وبما أن إيران على غير وفاق مع دول الجوار، صارت دمشق ورقة صغيرة لا تزيد عن ورقة حزب الله وزنا بيد إيران. حتى أن بشار نفسه لما حاول أن يلعب كما الكبار ويستثمر أو يجيّر حرب حزب الله مع إسرائيل لصالحه، وتوهم أنه بمقدوره قطف بعض ثمارها المرّة احترقت أصابعه، وعاد يتملق "أنصاف الرجال" على حد تعبيره النجدة وغرق حتى أذنيه. ربما فهم حجمه ووزنه، وليصير مؤثرا يعتد برأيه ويحسب موقفه أو يحسب حسابه يجب أن يمتلك أوراق يلعب بها، ومشكلته أن أوراقه كلها كانت خارجية وفقدها. وبالتالي لا ثقل له وصار هو نفسه مع المنظمات التي يختلقها أو يدعمها ورقة رابحة بيد إيران. وبذلك تنتفي مصلحة المحيط العربي من وجود النظام السوري خصوصا بعد تحالفه مع إيران الساعية للسيادة على الخليج والمنطقة لتبرز كرقم أساسي في المعادلة.

الوضع الداخلي في سوريا:

إن عدم إقدام نظام دمشق على أية إصلاحات داخلية ويحاصر الحريات ليس لأنه لا يريد ذلك، بل لأنه مقتنع تماما أن أي إصلاح جدي سوف يجر إصلاحات أخرى تؤدي لتغييره واقتلاعه من جذوره. ويكاد يجمع المراقبون على استحالة التنبؤ بسياسة النظام في الوضع الداخلي كون تصرفاته لا تخضع لأية ضوابط أو تسلسل منطقي، ويمارس كافة أشكال القمع ويحسب كل صيحة عليه، فيسارع لإسكات أي صوت يخمّن فيه تصعيدا. كما أنه لم يعد بوسعه أصلا كف يد الفساد والمفسدين، لأن أركان النظام نفسه يمارسونه ووجودهم مرهون باستمرار الفساد، وفي قراءة خاطفة يلاحظ المراقبون بالعين المردة أن الوضع الداخلي في سوريا لا يحتمل الوصف، ويضاهي حال ألمانيا بعهد هتلر، حيث غياب تام لأية قوانين أو ضوابط، وهذا دليل فقدانه توازنه الشكلي بغياب ركائزه الشعبية فصار يشكك بكل بأفراده ويقوم بتصفية أو تنحية أركانه وعناصره دون تردد. تلك كانت حالة صدام قبيل سقوطه حين فتك بأفراد أسرته وأصهاره. ولم يعد النظام يعول على الشكليات والمسيرات القسرية الحاشدة التي تهوله وتهتف ببقائه الأبدي لقناعته بأن الذين أُجبروا على الهتاف بحياة الدكتاتور، قذفوه بالأحذية في ساحة الفردوس يوم سقوطه. ويعي تماما أن المعارضة التي صنعها ويصنعها في قوالب مسبقة الصنع على شاكلة الجبهة الوطنية التقدمية فاقدة لأية مصداقية ولا تقدم ولا تؤخر في الشارع السوري، بل النظام نفسه لا يمكنه توقع ما يكنّ له الشارع السوري. وبذات الوقت غير مستعد للتقرب من أطياف المعارضة التي لم يتمكن من استيعابها واحتوائها لإصرارها على ولوج حقبة الإصلاح دون تأخير وهذا يعني الإطاحة به لاحقا، بينما مستعد للتفاوض واستجلاب أصغر معارض كي يجره لصفه بالترهيب والترغيب.

 

المعارضات السورية:

يمكن اعتبار الشعب السوري برمته معارضة للنظام، كلٌ من موقعه وحسب الهامش المتاح له، وهذا ما يبرر عدم ثقة النظام بالشعب وقمعه لكل مكوناته بعنف. وما لم يستطع ترويضه واستئجاره وتسخيره من المعارضين قمعه أو وضعه في حالة صراع داخلي لينشغل بنفسه، لذا نلاحظ أنه يسعى باستمرار لتفريق كلمة المعارضة بالدسائس والتهويل للمغامرين ليجعل منها شراذم من مزق وفرق متناحرة، سيما وأنه يملك أجهزة إعلامية ومؤسسات أمنية والمال فتمكن من تجنيد أقلام مأجورة لتلميع صورته وتشويه خصومه عبر تلفيق التهم وتفصيلها بحسب الطلب.

 

مسوخ وصعاليك المعارضة:

سعى إعلام النظام لتوصيف المعارضة السورية بما يخدم أسياده، إذ يحاول إظهارها أمام المواطن السوري على أنها مسوخ من الفزاعات الورقية وجماعات من الجاهلين والمنتفعين، وعمل على انتقاء بعض العينات الصغيرة من المهرجين ضخمها وقدمها عبر إعلامه موهما أنها السيل الجارف للتخويف من أي تغيير قد يأتي بهؤلاء، وجهد لإظهار المعارضة على أنهم صعاليك ركبوا الموجة ساعين لمكاسب شخصية، وتجار سياسة لا يميزون بين (قومية) حوران والشعب الكردي أو السرياني في سوريا، ويتساءل جهابذة النظام أن من يجهل مكونات الشعب السوري بلا شك يجهل حاجاته وليس بوسعه أن يصلح غلط لم يتلمسه أو خلل يجهله. فكيف لك أن تضع حلا لمسألة لم تسمع بها بمعطياتها..! والمنطق يقول أن تفهم السؤال ثم تجيب. ويقدم افعلام الحكومي المعارض على أنه مسخ هزيل يضع حلولا مضحكة تثير السخرية والسخط لدى الناس. وحاول تلميع شخصيات ينتقيها النظام نفسه ملمعا بعض "الدراويش" مخيّرا الشعب: إما أنا أو هؤلاء المسوخ..! وبذات الوقت أهمل وأغفل الأسماء الحقيقية عن الشارع السوري مختلقا وملفقا لهم ما يسيء لصورتهم وزج بهم في السجون إلى جانب عارف دليلة ورياض سيف والحمصي وغيرهم من الإصلاحيين الجادين، وكمّ أفواه كل المقيمين في السجن السوري الكبير، وبذات الوقت عمل على إظهار المقيمين في الخارج على أنهم عملاء للأبالسة والشياطين الغربية من كافة الألوان. بل وأتاح المجال لسفر بعضهم للخارج ليبرر الفتك به بحجة التآمر على منجزات "الثورة" وغيرها من التهم ويزج بهم في السجون كما حصل للدكتور كمال اللبواني..

 

فاعلية المعارضة السورية:

بلا شك حجم التحديات والمهام أكبر من الإمكانيات والقدرات المتوفرة لدى المعارضة السورية، في مشتتة ومتناحرة فيما بينها نتيجة الولاءات المختلفة لشخوصها واللاعبين الأساسيين فيها، لكن تعيش أطيافها في الداخل والخارج حراكا متصاعدا وغليانا متزايدا بمختلف تياراتها وتوجهاتها، ورغم تنابزها وتنافرها وسعي النظام لضربها ببعضها، إلا أن الجميع متفقون على انتهاء صلاحية النظام وضرورة التغيير. ورغم الوهن أنجزت تيارات المعارضة عدة مفاصل ومحطات مهمة مثل تفاعل المنتديات والمجتمع المدني وتوجت بإعلان دمشق في الداخل وتشكيل جبهة الخلاص والتجمعات الكردية وتجمعات المغتربين في أمريكا وكندا وأوربا في أطر تحالفية مختلفة، ولا يعيبها أنها متناحرة أحيانا، لكنها متفقة على الأهداف الأساسية المتمثلة بالتغيير والانتقال إلى دولة مدنية مؤسساتية. ويسعى النظام لبقاء التنسيق بينها متعثرا ويشحن مضخما الخلافات ليؤجل تفاهمها على وضع خطة مرحلية أو الاتفاق على برنامج مرحلي للتغيير.

 

محورية القضية الكردية:

الحركة الكردية جزء من حراك الشعب الكردي في سوريا. وكما هي حال مجمل المعارضة السورية التي تخلفت نسبيا عن تبني مشاكل الشارع السوري، الحركة الكردية أيضا تخلفت عن تلبية حاجات الشارع الكردي السوري وبرز ذلك في أوجه حين تجاوزت انتفاضة 12 آذار الأحزاب والتنظيمات السياسية لتأخذ شكلا شعبيا تقدم على المعارضة التنظيمية بأميال. الحركة الكوردية السورية هي الأخرى تعيش مخاضها وتعاني من أمراض عموم المعارضة، لكنها أكثر تنظيما والتزاما، ومستفيدة من الوضع الدولي وحالة الاضطهاد المزمن الذي تعرض ويتعرض له الشعب الكردي، كل هذا أجبر النظام أن يتعامل معها بحذر ليلتقط أنفاسه ويجهز عليها إن تسنى له ذلك في وقت يناسبه. من هنا تبرز أهمية الملف الكردي كمتنفس لعموم السوريين من مستقلين ومتحزبين، وقد برهنت المشاركة العربية في آخر اعتصام بشأن المجردين من الجنسية عن هذا الواقع وبرهن للسوريين أن الحراك الكوردي السوري قادر على أن يشكل محورا تلتف حوله كافة أطياف المعارضة السورية والأقليات القومية والدينية واعتباره مسألة وطنية بامتياز ومدخلا أساسيا للتغيير العام بفعل وتأثير الجميع.

__________________

*محرر مجلة "منبر سوريا" الإلكترونية.

www.alihoussain.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ