ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

السياسات الأسدية أو زرع الألغام في الساحة الوطنية

إبراهيم درويش

Nafizah_2006@yahoo.com

الأنظمة الشمولية في بلادنا، التي استمدّت نسْغَها من أحزاب قومية خطفت أبصار بعض الناس بعض الوقت،بطروحاتها وبرامجها الطوباوية،في أعقاب فترة الصراع الساخن بين شعوبنا والدول الاستعمارية التي نهبت خيراتنا وأذلّت مواطننا وحاربتنا في ديننا وقيمنا، هذه الأحزاب التي تردّدت بين اليمين واليسار ،ومنّت الناس بغد سعيد بل بالفردوس الأرضي، وتسلقت في ظروف غامضة وعلى ظهور الدبابات إلى كراسي الحكم، وحرفت بالشرعية السياسية عن مسارها الصحيح،وصار قائلهم يتبجّح بكل صفاقة "لقد وصلنا إلى السلطة على ظهور الدبابة ولن يزيحنا عنها إلا الدبابة "، فغدت الشرعية شِرعة الغاب ومنطق القوة، أما إرادة الناس والشعوب فلتذهبْ إلى الجحيم...هذه الأنظمة الشمولية الثورية التقدمية الاشتراكية ـ كما يحلو لأصحابها وصفها بها ـ التي فرّختْها الأحزابُ التي أتينا على ذكرها،ماذا قدّمت لشعوبها ومواطنيها طوال العقود التي تحكّمت في رقابها ولقمة عيشها وحتى في أحلامها الصغيرة؟ ماذا كانت النتيجة التي أسفرت عنها نضالاتها العتيدة على كل صعيد سوى صعد النضال الحقيقي؟

إن المتتبّع لمسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية،على سبيل المثال،لاسيّما أثناء انفراد حافظ أسد بالسلطة و تحكّمه في مصير البلد والناس،وتحويله البلد إلى جمهورية وراثية، عبر انقلاب غير شرعي أطاح برفاق له وأحزاب قومية أخرى بطريقة لا تخلو من العنف الثوري ـ  نسبة للثورـ ومن الانتهازية والوصولية،ولكنها تخلو من المبدئية والأخلاقية،... يرى من خلال هذا التتبّع أن هذا الحزب الذي سمّوه حزباً طليعياً جماهيرياً ـ من باب تسمية الأشياء بأضدادها ـ قد قام بدور تخريبي تدميري على صعيد الوحدة الوطنية والأخلاق والقيم والاقتصاد، وعلى صعيد الحقوق الوطنية،وعلى صعيد انتهاك حقوق الإنسان الأساسية،وعلى صعيد قمع الحريات العامة كحرية التعبير والعمل السياسي، عجز الاستعمار الفرنسي بكل دهائه ووسائله المتعددة عن تحقيقه خلال فترة استعماره لسورية،بل إنه ـ أي حزب البعث بتركيبته الذي حكم وما يزال ـ زرع ألغاماً قابلة للانفجار في طول البلاد وعرضها، حتى بعد رحيله القريب ـ غير المأسوف عليه ـ بإذن الله.وفيما يأتي تذكير ببعض هذه الألغام التي سيعاني المجتمع السوري من آثارها لفترة طويلة.

1 . لغم تدمير الوحدة الوطنية :

لا نبالغ إذا قلنا إن الدور الذي قام به حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة أسد الأب والابن(ولم يبق إلا روح القدس) على صعيد ضرب الوحدة الوطنية وتخريبها في سورية قد فاق كل تصور، حتى لدى بعض المؤسّسين أو الطبقة الأولى في هذا الحزب،من خلال العمل على إحلال عقيدة الحزب محل عقيدة الإسلام،ومن خلال جعل الرابطة القومية محلّ الرابطة الدينية التي تجمع كل المسلمين على اختلاف قومياتهم ولغاتهم. فقد عمل الحزبُ على تأليه القومية العربية وإخضاع  الناس لها كعبيد، وإحياء ما أماته الإسلام من العصبية الجاهلية المقيتة والوثنية، والزعم " بأن العبقرية القومية العربية قد تقررت في الملأ الأعلى، وأن المقدسات والنظر إلى الأمور ووزنها يجب أن تتم بميزان هذه القومية " كما يقرر الأرسوزي .

هذه النظرة العنصرية الفوقية التي حكمت بالإعدام على المواطنين السوريين غير العرب في المرحلة الأولى،لا سيّما الكرد، الذين وقعوا ضحية  سياسات المهووسين في هذا الحزب ومازالوا،إذ اتبعوا معهم سياسة التعريب والتمييز والصهر والإلغاء والتجهيل والحرمان من حق المواطنة والعمل السياسي وحرية الرأي والتعبير،مع اصطناع عداوات بينهم وبين إخوانهم من العشائر العربية،مع التغذية المستمرة لهذه العداوات،وتسليح أفراد العشائر العربية المهجّرة إلى المناطق الكردية وتحريضهم على إخوانهم الكرد،ومصادرة أملاك الكرد وتوزيعها على هؤلاء،مع التخويف المستمرّ من خطرهم المصطنع،وخلق الظروف المساعدة على الثأر والثأر المضادّ،وما أحداث 12/آذار /2004م عنا ببعيدة.

ليس هذا فحسب؛ فقد حدّثنا بعثيون كرد أنهم سمعوا مراراً من رفاق لهم ذوي خلفيات معينة يردّدون عبارة "الدولة الفاطمية يجب أن تقوم مرة أخرى وتكمل رسالتها،ويجب الحيلولة دون بروز العوامل التي أدت لانهيارها،... وإن ساعة الانتقام من أولئك الذين أطاحوا بها قد اقتربت"،أي الانتقام من الكرد،الذين أقاموا الدولة الأيوبية. أيّ عقل مريض هذا الذي يوجّه هؤلاء ؟ وبأيّ شيء يفكرون يا ترى إزاء أبناء الوطن؟وأيّ وطن سيشيّدون بنيانه بعد تدمير الوحدة الوطنية وضرب المواطنين بعضهم ببعض؟ وأيّ شعور بالأمن والأمان سيراود الكرد السوريين بعد هذا الكلام طالما استمرت هذه الأوضاعُ الشاذّة قائمة؟ وماذا أبقى هؤلاء الرفاق لدى هذا القطاع الواسع من الشعب السوري من شعور بالانتماء؟وبأي اتجاه يدفعونهم؟

2 . لغم التمييز بين المواطنين:

أما عن سياسات التمييز تجاه أكثرية السكان في سورية، في الجيش والمؤسسات الأمنية بوجه خاص،وفي الوظائف، والدراسات الجامعية والبعثات العلمية والتدريبية إلى الخارج فحدّث ولاحرج،بل صارت حديث الناس ومجال تندّرهم ونكاتهم. وما يقال عنها يقال أيضاً عن العطاءات(الدسمة) وتمكين أقارب الرئيس وأناس ذوي خلفيات ومواصفات معينة دون غيرهم من التحكّم في المفاصل المهمة وإقامة المشاريع العملاقة،كالامبرطورية الاقتصادية التي يقيمها ويديرها آل مخلوف في هذه الأيام ،وهي في توسع مستمر، والامبراطوريات التي أقامها رفعت أسد من قبل ،وغيرهم وغيرهم، الأمر الذي دفع أكثرية السكان إلى الحنق والحقد على السياسات العامة، وتحيّن الفرص للتخلص من هذا الظلم المركب الأعمى الذي جرّ البلاء والويلات على البلاد والعباد،وحوّل الوطن إلى بقرة حلوب بيد فئة لاترعى ذمّة ولا عهداً،ولم تعرف يوماً معنى العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والقناعة والشبع والوحدة الوطنية,بل لم تفهم معنى الاشتراكية التي تتبجّح بها ليل نهار سوى أنها سرقات، ونهب وفساد، وإفقار للناس، وتحطيم للرأسمال الوطني، وتغذية للأحقاد، وتدمير للوحدة الوطنية، ودوس على كرامة المواطن، واتباع لسياسة " جوّعْ كلبك يتْبعْك" معه . ألا يحق للمواطن الذي يحتار كيف يتغلّب على الصعوبات الجمّة التي تواجهه في سبيل تحصيل اللقمة الشريفة له ولأهله أن يسأل : من أين كلّ هذه الثروات لهؤلاء الحيتان الذين ينحدرون من طبقات فقيرة ومجتمعات ريفية بسيطة؟ وهل رأيتم في بلاد العالم كلها سوى سورية رؤساء وزارات ووزراء لا تنتهي حياتهم إلا بالانتحار أو النحر والحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لهم؟ أي تربية حزبية ووطنية تخرّج هذه النماذجَ من المسؤولين؟؟؟ هل يستأهل نظامٌ وُلِدَ من رَحِم حزب هؤلاء كوادره( ووجه السحارة فيه) أن يبقى في سدة الحكم لحظة واحدة؟ ألا يستأهل الشعبُ السوريّ حكاماً خيراً من هؤلاء؟

3. لغم الطائفية:

لقد ذكرنا عند الحديث عن لغم تدمير الوحدة الوطنية أن هؤلاء الرفاق العلمانيين ظاهراًً يراودهم هاجسُ أو شعورُ ضرورةِ إحياء الدَّور الفاطمي وبعث الطائفية وتغيير وجه سورية الإسلامي المعتدل،وقد انتقل هؤلاء الرفاقُ ـ الذين أوهمونا أنهم يعارضون إدخالَ الدين في السياسة ـ إلى طور نقْل هذا الهاجس أو الشعور إلى أرض الواقع، من خلال منح الجنسية السورية للفرس الإيرانيين(التقارير الصحفية تذكر أن عددهم ناهز المليون)،وتشجيع حركة التشيّع بين المواطنين السوريين في استغلال بشعٍ لحالة الفقر لديهم،وبناء الحسينيات (دُور العبادة لدى الشيعة ) التي زاد عددُها على الخمس مئة حسينية في سورية،وفتح الحوزات العلمية في أكثر من منطقة سورية، وإرسال الطلاب المتفوقين فيها إلى " قم" و" مشهد "  الإيرانيتين، للتخصص في أصول المذهب الشيعي وأساليب الدعوة فيه، ليعودوا بعد ذلك دعاة من نوع جديد،بل ليعودوا قنابل موقوتة لتفجير المجتمع السوري من الداخل وتشظّيه،في الوقت الذي يصدرحكامُ سورية القرارات القاضية بإغلاق المدارس الشرعية التي تعلّم الناس دينَهم الحق!!

إن هذه الممارسات الطائفية التي أقلّ ما يقال عنها إنها بالضدّ من مصلحة الوطن، ودفعٌ بسورية إلى حافة الهاوية السحيقة أو المصير المجهول،وهي ممارسات طائفية فاقعة لايستحي النظامُ السوري من ممارستها، في استفزاز واضح وتحدٍّ صارخ للمسلمين السوريين،ولكنّ هذا النظام نفسه لايتردّد لحظة واحدة في إيقاع أشد العذاب بالذين ينبّهون على خطورة هذه السياسات والممارسات،بدعوى أنها إثارة للطائفية وتهديد للوحدة الوطنية،تماماً كما تفعل بائعة الهوى في قارعة الطريق تنادي " أنْ هلموا إليّ "، دون خجل من فعلتها بل من سلوكها المتكرر الذي أصبح خلقاً وسجية فيها،حتى إذا نبهها أحدٌ أو حاول نُصحَها صاحت بأعلى صوتها أمام الناس بأنه حاول الاعتداء عليها والنَّيلَ من طُهرها وحُسْن سمعتها،إلا أن عهر هؤلاء الرفاق سياسي ،وهذا أخطر أنواع العهر،لأن تأثيراتها السيئة تمتد إلى كل أبناء الوطن،ولأجيال. فيا للعجب!!

4 . تدمير النسيج الاجتماعي:

لم تتوقفْ ممارساتُ الرفاق الباطنيين عند الحدود التي ذكرناها،بل امتدت إلى التخريب الممنهج داخل الأسرة السورية كذلك،من خلال دفع الناس إلى التجسس على بعضهم بعضاً وكتابة التقارير في بعضهم بعضاً،لقاء فتات أو كسرة خبز يلقيها إليهم ضابط مخابرات،بل ربما لقاء عدم جرّهم إلى أقبية المخابرات(وما أدراك ما أقبية المخابرات) نتيجة تقارير كتبها فيهم ربما أبناؤهم أو أزواجُهم أو إخوانُهم أو جيرانهم،الأمر الذي دفع الناسَ إلى التوجّس خيفة من كل الناس،وإلى الشك في أقرب المقربين إليهم،مما ولّد حالة من الرعب وسوء الظن والحقد والكراهية بينهم،في ظل حالة الطوارىء والأحكام العرفية التي وُلدت خلالها أجيالٌ وماتت ولم تستنشق هواء الحرية،بل لم يعرفوا ما لهم من حقوق وامتيازات لمجرد كونهم مواطنين !!

وبعد

إننا واثقون أن ساعة النهاية لهذا النظام ليست بعيدة،لأن سنّة الله تعالى قضت بأن يكون " أهل الشام سوط الله في الأرض ينتقم بهم ممن يشاء كيف يشاء،وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ،ولن يموتوا إلا همّاً أو غيظاً أو حزناً"[الحديث رواه أحمد]،ولأن الظلم مرتعه وخيم،ولأن مسيرة الإنسانية في كل حقبها تثبت أن البقاء للأصلح،ليس هذا هو ما يشغل بالنا،لأننا واثقون منه،ولكنْ ما يشغل بالنا حقاً هو هذه الألغام أو القنابل الموقوتة التي زرعها هذا النظام ـ الغريب عن تربة سورية وأخلاق أهلها ـ طوال عقود من التسلط والتخريب والاستنزاف والظلم والتعدي على الحقوق والكرامات والأعراض والأرواح، فهل سينسى الناسُ ببساطة حقوقهم ويتنازلون عنها بعد رفع الكابوس الرهيب عنهم؟ وهل ينسى الشعب أو يسكت إلى ما لا نهاية على ما ألمّ به وبدينه وبأقدس مقدساته وقيمه وكرامته على أيدي اللصوص والقتلة مصّاصي الدماء ناهبي الخيرات فاسدي ومفسدي الضمائر الذين لبسوا لبوس الوطنية والدين هما منهم براء؟أيمكن ألاّ تحين ساعةُ القصاص؟أيُعقل هذا؟وحينئذ ما موقفُ أو مصيرهؤلاء على أيدي أولئك؟ أيُستغرب أن تنفجر الألغامُ التي زرعها الرفاقُ في وجوههم هم أو تحت أقدامهم هم؟ ألم يقل الله تعالى:"ولا يحيق المكرُ السيّءُ إلا بأهله"؟ 

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ