هرطقة
أسدية
أبو
عمر الأسدستاني
من المسلم به في
أسدستان أن تعتقل كلاب الأمن في
أية لحظة أي مواطن سوري تحدث
علناً عن ارتفاع أسعار المازوت
مثلاً وُتعرضه لمختلف أنواع
التعذيب والتنكيل والإجرام وما
أكثرها بتهمة (وهن عزيمة الأمة)
وكأنهم بقمعهم ووحشيتهم
وساديتهم يرفعون من عزيمة الأمة
وعزيمة مواطنيهم لمواجهة
الأخطار المحدقة !!! أو لربما كان
الرفاق على حق في تخوفهم لأن
الحديث عن المازوت فعلاً يوهن
عزيمة الأمة ؟.
ومن المسلم به
أيضاً أن ُيعتقل نفس الشخص
السوري ويعذب حتى الموت بتهمة (دعوة
الأجنبي لاحتلال سوريا) إذا
تجرأ وطالب منظمة عالمية لحقوق
الإنسان أن تستعلم عن مصير أباه
أو أخاه المغيب عن أسرته منذ
عقود بعد أن يأس من مراجعة فروع
الأمن والمخابرات (في وطنه)
مستعلماً عن أحبته المفقودين !!علماً
بأن ضباط الأمن الوطنيين
والمحققين الغيورين على
استقلال سورية نسوا أو تناسوا
أن قائدهم الرمز وأسدهم الهصور
والمقبور حافظ الأسد دفع
الجولان والقنيطرة وقدمهما على
طبق من ذهب ومن دون قتال (للمحتل
الأجنبي الصهيوني) ثمناً لكرسي
الحكم !! ليبدأ بعدها ببيع صكوك
الوطنية والخيانة على شعبه
المسكين ؟ فسجن من سجن وقتل من
قتل ونفى من نفى وجرد من الجنسية
من جرد وكله .. باسم الصمود
والتصدي ؟؟؟؟ ولكن أمام من وضد
من ؟ يبقى هذا السؤال في بطن
الأسد ؟؟
ومن الطبيعي أن
يقضي السوري ربع قرن أو أكثر من
حياته خلف القضبان (بدون تهمة)
أو نتيجة ًلتقرير كيدي من مخبر
وصولي حقير.. ويقاسي أثناء سجنه
أقسى وأبشع ظروف الاعتقال ربما
في تاريخ البشرية دون أن يرى
أسرته أو تعرف عائلته مكانه فما
بالكم بتوكيل محام للدفاع عنه !!
فيما تطالب أبواق النظام بأدق
الأدلة والوثائق والقرائن
والإثباتات الخطية والتسجيلات
الصوتية والتلفزيونية والشهود
العدول قبل اتهام أزلامه القتلة
باغتيال الرئيس رفيق الحريري !!
مسخرين للدفاع عنهم أعرق بيوت
المحماة في العالم !!! وليدفع
الشعب المسكين أتعابها أيضاً ؟؟
من البديهي أن
ُيعتقل السوري المسافر في
المطار أو في أي منفذ حدودي
ويقضي عشر سنوات من عمره في
السجن بتهمة (تخريب الاقتصاد
الوطني) إذا وجد في جيبه بعد
التفتيش اليدوي الاعتيادي
للمسافرين من قبل عناصر
المخابرات الجوية أو العسكرية
مبلغ تافه من بضعة ألاف من
الليرات أو عدة مئات من
الدولارات اشتراها لينفقها في
سفره !! علماً بأن شبيحة الأسد
وأزلامهم يصولون ويجولون من
أمامهم جيئة وذهاباً دون أن
يجرؤ أحدهم على المقارنة بين ما
تخربه عدة مئات من الدولارات في
الاقتصاد الوطني وما يخربه من
باعوا آثار بلادهم في الخارج
بداية وانتهاءً بالبترول ؟ لذا
يضطر الكثير من المواطنين إلى
إخفاء نقودهم القليلة في
ملابسهم الداخلية في المرحلة
الأولى ثم إلى التخلي عنها
طواعية في المرحلة الثانية
لعنصر المخابرات خوفاً من
المحكمة الاقتصادية إذا مد يده (عميقاً)
في بحثه عمن يخرب الاقتصاد
الوطني ؟
ومن البديهي أيضاً
أن يحاكم أي مواطن بنفس التهمة
وهي (تخريب الاقتصاد الوطني)
ويلقى نفس العقوبة إذا ضبطه
حماة الديار وبحوزته طقم فناجين
أو طقم كاسات أو بضع علب من
الدخان الأجنبي !! بالرغم من
تُخمة الأسواق بهذه البضائع
المهربة وغيرها مما تشتهي النفس
والعين والتي تدخل إلى البلد
تحت إشراف حماة الديار أنفسهم
من ضباط وعناصر الجمارك والأمن
والجيش ليصب ريعها في جيوبهم
المتخمة أصلاً بالإتاوات
والخوات المفروضة بالحذاء
العسكري على مواطنيهم ؟
ومن البديهي كذلك
أن توجّه دعوة ً(للسّوق) أي
لخدمة العلم لكل سوري بلغ سن
الثامنة عشر , وبعد أن يلبي نداء
الواجب ويذهب لخدمة العلم
ليتعرض للجوع والقهر والبرد
ولكافة أنواع الضرب والرفس
والإهانات بدعوى التدريب
العسكري الضروري للصمود
والتصدي !! يبدأ المجند المسكين
بالفهم لماذا سميت خدمة العلم (بالسّوق)
عندما يكتشف بأنه لا يخدم العلم
بأي شكل من الأشكال بل ضحى
بسنتين أو سنتين ونصف من شبابه
في خدمة الضابط المسؤول عنه
وخدمة أسرته وتعمير مزرعته وفوق
كل هذا يضطر أيضاً لدفع
الإتاوات مقابل أن يكف أذاه عنه
ويتقي شرّه أو ليمنحه إجازة
ليزور فيها أهله ؟
ومن المسلم به في
بلد الوحدة أن يشاهد السوري
وطنه يتمزق إلى طوائف وأديان
وقبائل ومذاهب وِملل دون أن
يجرؤ على الاعتراض على تفتيت
الوطن كي لا تبتلعه غياهب
السجون ويفترسه الجلاوزة و
السجانون وحجتهم ضد كل من يعترض
على فعلهم بأن الزمان والتوقيت
غير مناسبين للاعتراض على سياسة
القيادة العليا الملهمة
والحكيمة وذلك لانشغال القائد
بإيجاد حل للحفاظ على وحدة
اريتريا والصومال وجزر القمر ؟؟
ومن المسلم به كذلك
في بلد الحرية وملاذ الأحرار أن
تصبح السجون ملاذاً للأحرار !!
ويصبح السجانون والجلادون
حُماة ً للحرية دون أن يجرؤ أحد
على فتح فمه بالسؤال هل هذه حقاً
الحرية الموعودة لشعبكم ؟ وهل
تستطيعون العيش تحت حذائها لو
كنتم مواطنين عاديين ولم
ُتخلقوا سادة وآلهة ؟ أما
التهمة فجاهزة لمن يسأل .. وهي (إضعاف
الشعور القومي) وطبعاً .. السر في
التوقيت الغير مناسب دائماً
وأبداً للحديث عن الحرية بينما
الوطن مشغول بالتصدي للهجمات
الامبريالية والمؤامرات
الصهيونية الشرسة والمستمرة
والتي لم تتوقف منذ ثلاث
وأربعين عاماً ؟.
ومن المسلمات أيضاً
في بلد الاشتراكية أن تعيش فئة ٌ
نهبت المليارات من أموال الشعب
في ترف وبذخ وفجور أسطوري بينما
الملايين من السوريين العاطلين
عن العمل لا يجدون ما يأكلونه..
بل ويعتبر من كبائر المحرمات
الاعتراض على الفساد والنهب
وسرقة المال العام حتى ولو كان
واضحاً وفاضحاً وجلياً للصم
والبكم والعميان !! لأن الزمان
والتوقيت أيضاً غير مناسبين
لمحاسبة الفاسدين والمفسدين
المنشغلين بحراسة المنعطف
التاريخي الهام في حياة أمتنا
والذي سيضمن لنا التقدم و
الرخاء والازدهار لو انعطفنا
باتجاهه ؟
ومن الضروري في
سوريا الأسد أن يفرح المواطنون
رغماً عنهم (عفوياً) ويتوجب
عليهم للتعبير عن فرحتهم أن
يخرجوا في مسيرات عفوية في كل
مناسبة ثورية مهنئين أنفسهم
بقبول آل الأسد البيعة وتوليهم
الحكم في سوريا والويل والثبور
وعظائم الأمور لمن تكتشفه جرذان
الأمن لا يمارس طقوس الفرح ...
بعفوية ؟؟؟
ومن الضروري أيضاً
تغيير الدستور العتيد في بضع
دقائق من خلال مسرحية هزلية
أبطالها مهرجو السيرك الأسدي
الكبير لأجل أن يناسب مقاس آل
الأسد بينما يحتكم البعثيون
للمادة الثامنة من الدستور
عندما يُطالبون من المعارضة
بإفساح المجال لغيرهم ليشاركهم
الحكم ويقولون لهم هذا حق ضمنه
لنا الدستور ؟
ومن أكثر المسلمات
في أسدستان أن يتولى حكمها فردٌ
من آل الأسد وإلا ضاعت البلاد
وتاه العباد ولذلك تجد بلالبل
بشار تطير من بلد إلى بلد محاولة
ًإقناع (القائد رفعت) سفاح تدمر
وحماة والمتهم بجرائم ضد
الإنسانية أن يعود إلى عرين
الأسد لاستخدام شهرته الدموية
في إيقاع الرعب في قلوب
المواطنين ممن تسوّل لهم أنفسهم
معارضة الملهمين الأسديين وهو
ما يسمى بعرف اللاعقة وزيرة
المغتربين (حكم المؤسسات)
فمجزرة تدمر وحماة صراحة (أسست)
لحكم حافظ ومن بعده بشار فوق جثث
الآلاف وآلام مئات الآلاف من
مواطنيهم ؟؟
ختاماً ... فمن
المعروف للجميع بأن ما ذكرته
سابقاً هو بقعة ضوءٍ صغيرة في
بحر الهرطقة والظلمات الأسدي
الحالك السواد والذي ما زلنا
نغرق ونغرق فيه بغير قرار .. أما
لو أردنا توخي الدقة في سرد
الهرطقة الأسدية ومن قبلها
الزندقة البعثية طوال أربعة
عقود للزم لكل يوم مر على حكمهم
مجلد ضخم كبير يحوي في طياته
مذكرات ومعاناة سكان سوريا في
ظل حكمهم الدموي الطائفي
والاستبدادي المقيت والممتد
عبر قرنين من الزمان حتى تاريخه
.. فيما نحن مازلنا نائمين نغط في
سبات عميق نحلم أحلام التافهين
بأن ينزاح عنا نير البعث
الطائفي بمساعدةٍ من حامل مشعل
الحرية الأمريكي أو برج إيفل
الفرنسي متناسين أن الحق لا
يؤخذ إلا غلابا وأن النوم
والأحلام لن تزيد من نير
العبودية إلا إحكاماً حول
رقابنا ورقاب أولادنا ... فهل أن
الآوان لمارد الغضب الجبار أن
يخرج من قمقمه .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|