ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 07/08/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


مشروع السلطة الطائفيّة في سوريّة :

سِراج .. وحِجارة.. وصَحراء

عبد الله القحطاني    

جاء في حكاية قصيرة ،أنّ أحد الملوك القدماء ، مرّ مع وزيره ، ليلاً، في صحراء قاحلة،

 لا بشَر فيها.. ووجد سراجاً يضيء في وسط الصحراء ، مرفوعاً على كومة من الحجارة.. فسأل الملك وزيرَه : لمَ هذا السراج في هذه الصحراء؟ فقال الوزير: ليضيء على الحجارة!

فقال الملك :ولمَ الحجارة ؟

فقال الوزير : لتحمل السراج !

وانتهت الحكاية القديمة هنا. لكنّها، قبل أن تنتهي، أسلمتْنا إلى الحكاية الجديدة في سوريّة .. وهي مشابهة لها، إلى حدّ بعيد ، بل هي مستنسَخة عنها ..!

فالأسئلة المطروحة هنا ، مع إجاباتها ،هي:

س: لمَ الزمرة الطائفية المتسلّطة ، موجودة في سورية ؟

ج- لتَحكم الشعب .

س- ولمَ الشعب موجود في سورية ؟

ج- لتحكمه الزمرة الطائفيّة المتسلطة !

وليتَ الحكاية الجديدة انتهت هنا ، كما انتهت الحكاية القديمة.. إذن لهانَ الأمر . ولكنها تثير أسئلة أخرى مؤلمة موجِعة ، مثل:

أ‌-  ماذا جرى بالمشروع القوميّ العريض ، الذي حَملَته العصابة الحاكمة ،عقوداً عدّة ، عبرَ حزب البعث ، الذي جَعلتْ منه شعاراً ودثاراُ، لحكمها وتسلّطها ، بل قناعاً وقفّازاً وجَورباً!؟ ماذا جرى بمشروع " الوحدة والحريّة والاشتراكيّة " بعد أن استلمت العصابة المريبَة حكمَ سوريّا ، وبعدَ مضيّ أربعين سنةً ونيّف ، من حكمها للبلاد والعباد ، وتحكّمها الشاذّ ، بكلّ صغيرة وكبيرة في الدولة !؟

ب‌-        أين ذهبت الوحدة العربيّة ، بعد أن مَزّقت الزمرة الطائفيّة المستبدّة ، وحدةَ الشعب داخل الوطن الواحد ، وجعلت الناس أبناء " ستّ " وأبناء "جارية "..!؟ هذا من الطائفة التي تَحكم الزمرة باسمها ـ وتَسحق كثيرا من أبنائها ـ ، وذاك من طائفة أخرى مسحوقة مضطهَدة ، لمجرّد أنّها " طائفة أخرى" ! وذاك من مجتمع الأكثريّة المسحوقة أيضاً ، لمجرد أنّها "أكثريّة"..

ونحن ، هنا، نحاول ،عامدينَ، أن نستبعد البواعثَ الأساسيّة لسَحق الطوائف الأخرى، من قِبل الزمرة الحاكمة ، وعلى رأس هذه البواعث ، الحقد الأسود المزمن المقيت ، فضلاً عن حبّ الاستئثار الغريب ، بكلّ مقدّرات الدولة وخيراتها وثرواتها ..

ممّا جعلَ الشعبَ ، داخلَ الوطن الواحد ، شعوباً ، تحلم أن تعيش متواصلة متآلفة ً تحت سماء وطنها ، الذي تحبّه وتفديه بالغالي والنفيس .

ب ـ الحريّة : لقد باتت هذه اللفظة ، في ظل الطغمة الفاسدة المفسدة ،مثيرةً لأنواع شتّى من الضحك ، منها الضحك المرّ، منها الضحك الذي يشبه البكاء ، ومنها الضحك الممزوج بالقرف والاشمئزاز ..!

     كما باتت اللفظة مثيرة لأسئلة شتّى منها:

         حريّة مَن ؟ في فعلِ ماذا ؟

     وتأتي الإجابات متنوّعة ، بتنوّع أمزجة المقموعين المكبّلين ، مثل:

   المقصود  بالحريّة هنا، حريّة (الرفاق المناضلين ) في النهب والسلب والسرقة والقتل والإجرام ..!

   حريّة الفاسدين المفسدين من رجال الطغمة الحاكمة ، في سلب حريات الآخرين  من أبناء الشعب .

   حريّة الزمرة المتربّعة في قمّة هرمِ السلطة ، في سحق حريّة مَن تحتَها ، وحريّة مَن تحتَها في استبعاد مَن يليها ، وحريّة مَن يليها في استزلام مَن يتلوها ..

حتى يصل طرف السلسلة الأخير ، إلى الأكثريّة الساحقة من أبناء البلاد ، الذين ليس تحتَهم تحت ، ولا دونَهم في المرتبة دون ، والحريّة المتاحة لأيّ منهم ،هي أن ييأس من جدوى حياته فيدمّرها ،آخذاً في طريقه بعضَ الأوباش ،الذين تسلّطوا عليه وسلبوه إحساسه بآدميّته !

ج- الاشتراكيّة : هي: - حسبما رأى كلّ مواطن سورّي عاش فترة التسلط والاستبداد، منذ بدايتها حتى اليوم – اشتراك الرفاق المناضلين ، في نهب مقدّرات البلاد ، واقتسامِها حسبَ المبدأ التالي : " مِن كلّ مواطن حسبَ ماله ، ولكلّ رفيق مناضل حسبَ موقعِه في السلطة وحسبَ قدرته على السرقة والنهب والابتزاز"! حتى صارت سورية ،الجنّة الخضراء ،أشبَه ما تكون بمزرعة (أصابَها إعصار فيه نار فاحترقت) وبقيت فيها بقايا من ثمار وخضرة ، تَتهارَش حولها ذئاب السلطة وثعالبها.. حتى صحّ فيها قول المتنبّي:

نامت نواطير مصرٍ عن ثعالِبها      فقد بَشِمنَ وما تَفنى العناقيد

وبَعد.. هوَ ذا مشروع الطغمة الفاسدة في سورية ، وهذه مآلاته..!

والطريف أنّ الرفاق المناضلين أنفسهم ، باتوا يتحدّثون عن مصير مشروعهم هذا، وعن أيلولَتِه إلى ماآلَ إليه ..!

 فإذا سئِل أحدهم عن الوحدة ،هزّ رأسه ، وأجاب بفتور المجرم المحترِف ،الذي يتصنّع الخجل:

صحيح أن الوحدة مطلب سامٍ نبيل ، لكن ألا تَرى الظروف المأساويّة، التي تمرّ بها الأمّة العربية، والتمزّق الرهيب الذي تعيشه بلدانها ..!؟ فكيف يمكن أن تقوم وحدة في هذه الظروف العصيبة !؟ ولكنّ الوحدة ماتزال ، لدينا نحن الرفاق ، حلماً عزيزاً ، لانتخلّى عنه ولا نضحّي به! ـ وبالطبع ينسى الرفيق المناضل ، غباءً أو تَغابياً ، أنّ زمرته الفاسدة المفسدة ، هي ذات اليد الطولَى ، في صنع الظروف المأساويّة التي تمرّ بها الأمّة العربيّة، وفي إحداث التمزّق الرهيب الذي تعيشه بلدانها ـ!

وإذا سئل عن الحريّة ، تَضاحكَ بطريقة فجّة من التذاكي السمج ، ثم تَنحنحَ وسأل سائلَه: ماذا تقصد بالحريّة بالضبط !؟ وما مفهومها لديك؟ وما حدودها وأبعادها في نظرك؟ وهل تَسأل عن حريّة منفلتة بلا ضوابط أو قيود ، أم تسأل عن حريّة نسبيّة ، يصان فيها أمن الوطن والمواطن؟ وهل الحريّة لفظ تلوكه وتمضغه ، دون أن تَعرف دلالته بالضبط؟ وهل المطلوب في بلادنا حريّة على الطريقة الغربيّة ، أم حريّة تناسب بلادنا وثقافتنا وتقاليدنا وطبيعة مجتمعنا!؟

 وهكذا، يظلّ الرفيق المناضل المسؤول يثرثِر، ويسأل سائلَه، حتّى يملّ هذا، ويعلم أنْ ليس ثمّةَ جواب ، فينصرف ، وهو يَجرض ريقَه ، أسفاً على الوقت ، الذي أضاعه باللغو والثرثرة مع هذا المناضل العبقريّ الهمام..!

وإذا سئل عن الاشتراكيّة ، طفِق يردّد ألفاظاً لا يَعرف معانيها ، مثل (العولمة) و(النظام العالميّ الجديد) و(اقتصاد السوق الاجتماعيّ) و(التحوّلات العالميّة باتّجاه نظام السوق)..!

ويظلّ هذا يلغو ويثرثر، حتى يملّ سائله، دون أن يصرّح بان عصابته الفاسدة المفسدة ،قد تخلّت عن شعاراتها كلّها، ومنها هذا الشعار(الاشتراكية)..!

وهكذا تخلّى الرفاق ،عن مشروعهم القوميّ الوطنيّ الاجتماعيّ ،بأقانيمه الثلاثة (الوحدة والحرية والاشتراكية)..هذا المشروع الذي ظلّوا يَهذون به عشرات السنين ، وسَنّوا القوانين الصارمة لمعاقبة مَن يخالفه..! ـ وقد يثرثر أحدهم قائلاً ، بلسانه أو بقلمه : كنّا في مرحلة (مراهقَة ثَوريّة)! 

والآن بقيَ للرفاق (طغمة الفساد والإفساد المتسلّطة على رقاب العباد) مشروع واحد فقط

ـ كما هي حقيقتهم منذ البداية ـ هو (البقاء في السلطة إلى أقصى مَدى ممكِن)، دون أيّ هدف سياسي ، أو اجتماعي ،أو اقتصادي.. وطنيّ ،أو قوميّ ،أوعالميّ..! وعلى الشعب السوري أن يكَيف نفسَه مع المشروع الجديد ، وأن ينسى المشروع القديم وشعاراته كلّها، وأن يظلّ مجرّد قطيع من المخلوقات العجماء ، يَذبح منه الرفاق ما يشاؤون ، ويَنهبون من أمواله وخيرات وطنه ما يشاؤون، ويَحبسون من أبنائه من يريدون حبسَه ، وينفون عن البلاد من يريدون نفيَه..!

 وعلى الشعب أن يظلّ حاله معهم هكذا: هم موجودون ليَركبوه ويَحكموه.. وهو موجود ليحملَهم على أكتافه ، ويَخضع لاستبدادهم وتسلّطهم..!

هذا هو مشروع الرفاق مع الشعب..

ونحسب أن للشعب مشروعاً آخر مع الرفاق ، نرجو أن تَظهر تباشيره قريبا..

وكلّ آتٍ قريب !

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ