يريدون
لنا أن نكفر يأسا
(
إن الله لم يخلقنا لننتحر
باليأس والتشاؤم)
سيد
يوسف
في ذهني معنى كنت
أرجو أن تتناوله أجيالنا
وأقلامنا كلما
لاح في
الأفق أن تنساه أمتنا ، وأن يزيد
فيه الفاقهون من كل اتجاه
ويعيدون وذلك حتى لا تتناساه
أمتنا تحت قهر الواقع الكئيب.
وخلاصة هذا المعنى
هو أن هذه الأمة
بخير وأن شعوبها – أيضا-
بخير وأننا إذا مرضنا فلن
نموت ، وإذا ضعفنا فلن نستسلم ،
وأننا بمجموعنا نفهم الحياة على
أنها صراع بين الحق والباطل
ينتهي دوما ببقاء الشعوب، ودحر
الظلم وأهله مهما اشتدت خطوب
الدهر.
بالأمس احُتلت
أراضينا ونُهبت ثرواتنا واجتهد
الغاصبون فى طمس هويتنا لكن
أجدادنا استطاعوا أن يطردوا
احتلال الغاصب وأدوا إلينا
بلادنا حرة إلا من اغتصاب
الداخل، وتلك مهمة الأجيال
الحالية.
وحين ندعو للترفق
بنا فإن لنا فى ذلك مسوغ – أيما
مسوغ- فهذه الأمة بمجموعها من
خير الأمم التى أخرجت للناس
يقول تعالى " كُنتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" آل
عمران 110
وهذه الأمة ولادة
للقادة والمجاهدين وما أحمد
ياسين عنا ببعيد، ولا يركبنا
الشطط حين نذكر أن هذه الأمة من
أصفى الأمم قلبا، وأزكاها نفسا
رغم عوامل المرض البادية على
أبنائها فتراها فى الشيخوخة وهى
لمّا تزل فتية وعصية على الموت ،
ولكنها فى حاجة إلى من يلملم
شعثها وينظم شئونها، ويبث الروح
والأمل فى نفوس شبابها ،
ويجددون ولاءهم وانتماءهم
لحاضرها كما هو متجذر الولاء
والانتماء لماضيها وتلك مهمة
الفاقهين المستبصرين
المستمسكين بثوابت أمتنا
العارفين لتاريخها البعيدين عن
الانهزامية والانبطاح واليأس.
ويحضرني قول
للأستاذ/ على الطنطاوى أعرضه
بتصرف : إن هذا الشعب العربى
أطيب شعوب الأرض وأصفاها جوهرا
وأدناها إلى الخير وأسرعها إلى
البذل.
قم فى أى بلد عربى
ثم ادع باسم الدين أو الأرض أو
العرض ثم انظر ماذا يصنع الناس؟
بل فكر فى نفسك وأنت
الأستاذ الهادىء المسالم
المنصرف إلى الدراسة والبحث
ماذا تفعل إذا رأيت ثلاثة من
العتاة القساة الأقوياء الذين
لا تقوم أنت لواحد منهم ماذا
تفعل إذا رأيتهم يحاولون أن
يعتدوا على عفاف امرأة وهى
تنادى وتستغيث؟
ألا تنسى عملك
وهدوءك وضعفك عنهم وقوتهم عليك
وتحس بمثل النار تمشى فى أعصابك
وتهجم عليهم؟
هذا هو إرث الماضي
فينا.... هذه هى ذكريات الأمجاد
فى أعصابنا....هذه هى قوة الإيمان
فى قلوبنا .
إننا لا نستطيع أن
نقعد إذا دعينا إلى الجهاد لأن
محمدا صلى الله عليه وسلم جعل كل
رجل من أمته بطلا رغم أنفه ....هذه
حقيقة من أنكرها وجد شاهدها فى
نفسه .
لكن الشعب يتبع من
يدعوه ويمشى أمامه..إن الشعب
يريد ممن يدعوه إلى البذل أن
يبدأ هو بنفسه فيبذل، ويريد ممن
يدفعه إلى الجهاد أن يمشى على
رأس الصف إلى ميدان الجهاد يريد
زعماء يشاركونه نعمائه
وبأسائه، يريد زعماء يقتدون
بسيرة محمد لا يكذبون إن خطبوا
الناس، ولا يدعونهم إلى الموت
وهم يطلبون لأنفسهم الحياة، ولا
يضيعون مصلحة الأمة ووحدتها من
أجل عرش أو كرسى .
هاتوا لى زعيما
واحدا مثل هؤلاء وأنا اضمن لكم
أن نطرد اليهود من فلسطين هاتوا
لى مثل صلاح الدين وخذوا مثل نصر
حطين هاتوا مثل خالد بن الوليد
وخذوا مثل نصر اليرموك .
لا....إننا ما فقدنا
طبائعنا ولا أضعنا جوهرنا ولكن
فقدنا القادة المصلحين ."
انتهى
إن اليأس قرين
الكفر"وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن
رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ
يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ
إِلاَّ الْقَوْمُ
الْكَافِرُونَ " يوسف87 ، وما
عرف النصر أو النهوض من ذاق طعم
الاستسلام ،
وإن من الاستسلام
أن نردد ما يشيعه القوم عنا دون
فهم بل متعنتون فى البحث عن
مبررات وجوده دون دفاع بصير عن
حاضر هذه الأمة ، فقد أشاعوا عنا
كثيرا من العيوب حتى صدقها
وروجها بعض العاقلين حين يضيقون
بغباء البعض : أشاعوا فينا نعرات
القبلية والخلافات الحدودية ، و
أشاعوا أننا لا نعرف الانتماء
ولا التحضر ، وأشاعوا أن العرب
فقدوا الحياة والوجود ، وأشاعوا
أن العرب أمة لن تنهض من كبوتها
ولن تبلغ آمالها ، وأشاعوا غير
ذلك ( وفى كل وطن أشاعوا إشاعات
تفرق الصف فالمصريون جبناء ،
والخليجيون أغبياء ، والمغرب
العربى ليسوا عربا بل بربرا ،
والشام خونة....لمصلحة من تلك
السخافات؟!) .
فهل جهل بنو وطنى ذم
النبى محمد صلى الله عليه و وسلم
لتلك الدعوات القبلية؟!
لقد استبان لى أن
انعدام الثقة بأنفسنا واعتقاد
بعضنا أننا أمة ماتت ولن تقوم
لها قائمة ،
وإشاعة أننا أمة لا
تقدر على الدفاع عن نفسها ، وأن
ميراثنا من الذل والحماقة أكبر
من العزة والمجد ، وانبهارنا
بزيف الخارج والبعد عن تراثنا
الحضاري والبعد عن العلم بحثا
ودراسة وإبداعا هى الكوارث
الكبرى التى أخرتنا .
إننا ما فقدنا
خصائصنا ، ولا فقدنا مقومات
نهضتنا ولن نكفر بقومنا ، ولن
نيأس من إيقاظ قومنا مهما أشاع
عنا المغرضون، ولن نيأس من
إحياء موات قومنا ، ولن نيأس من
حث الناس على الحياة فإن الله لم
يخلقنا لننتحر باليأس والتشاؤم
.
وخير ما نستأنس به
ها هنا قوله تعالى
"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ
نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن
يُتِمَّ نُورَهُ
وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ "
التوبة32
وقوله تعالى
"{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ
كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
"الصف8-9
نريد لهذه الشعوب
ثقة فى أنفسها واعتقادا جازما
بأنهم من خير الأمم ولا يعجبن
أحد من ذلك فلقد أكدت الدراسات
النفسية أن الثقة بالنفس
والإيمان بقدراتها من العوامل
الهامة فى تحقيق الذات والنهوض.
صحيح إن من الحكمة
أن نعترف بواقعنا وضعفنا وسوء
أحوالنا ولا نعيش فى اليوتوبيا
والمثاليات لكن من الصحيح أيضا
أن من الإيمان الصادق أن نوقن أن
النصر فى النهاية لأهل الحق متى
ما استمسكوا بالأسباب وهذا ما
ندعو إليه دوما.
ونؤكد على معنى
يكاد يكون حقيقة لا تقبل الجدل
خلاصته أن شعوبنا يجمعها الدين
وطوفوا فى التاريخ تعلموا أن
ظهور المجددين ارتبط بالدين بدء
من عمر بن عبد العزيز ومرورا
بصلاح الدين وقطز ومحمد عبده
وبين ذلك مجددون كثيرون .
على هامش الموضوع
نفى نظرية المؤامرة
مدعاة للعبث وإهانة للعقل وعمى
عن قراءة التاريخ ، وتضخيمها
حتى تشكل كل جوانب حياتنا أمر
فوق طاقة التخطيط البشرى ،
والهجمة الغربية وتعمد الإساءة
للإسلام ورموزه لا سيما نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم لا
تخطئها عين بصيرة وعقل يقظ فهو
أمر مدبر بالليل لأهداف متعددة
بعضها داخلى وبعضها خارجى
يعلمها البعض والشواهد فى
ذلك تترى (حديث بوش عن كونها حرب
صليبية ،تعمد الإساءة للنبى فى
الدنمارك وغيرها ،حرق المصاحف
فى جوانتامو،أخرى )
ونؤكد على أمرين:
* هذه الإساءات وتلك
الترهات إنما هى زاد المفلسين
الذين أدركوا فشل مشروعهم
فبدأوا يتخبطون ويسيئون عن جهل
وعمى .... وإنهم لمهزومون لا
محالة ولو بعد حين "إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ
يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ
لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ
اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا
ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ
حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى
جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
"الأنفال36 ، "يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ
مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ
كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
"الصف8-9 ، وإنما هى مسألة وقت
وإلا فأين مصير السابقين إبان
الحروب الصليبية ؟!
* كانت ردود أفعالنا
فى حاجة إلى قيادة حكيمة
ومرجعية تلقى الثقة والطاعة ،
والحق أن الجماهير حين تتحرك
بنفسها – على فرض صحة هذا- فإن
تحركها غير مضمون العواقب ومن
ثم أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد
هذه القيادة بوعي وبصيرة وحكمة
وتلك مهمة الفاقهين من كل اتجاه
لا سيما الذين لا يتطلعون إلى
مجد شخصى والحمد لله أن أمتنا لن
تعدم أمثال هؤلاء
الشرفاء...ونصيحتى يا أمة محمد
صبرا صبرا.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|