ليبرمان
والأزمة الحقيقية
بقلم
: إبراهيم المدهون
الصعود الكبير
لليبرمان هو دليل أن المؤسسة
الصهيونية اليوم أدركت أنها
تحتاج إلى رجال أقوياء بعد
هزيمتها أمام المقاومة في غزة
ولبنان , فالجمهور
الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين
على دراية عالية أن من يقوده اليوم
قيادات فاسدة ضعيفة
مترددة
غير مرغوب فيها , هذا ما
أكدته استطلاعات رأيهم والتي
أعطت اولمرت
7% وبيرتس
1% .
إن الصهيونية اليوم
تدرك بما لا يدع مجال لشك أنها
ما زالت في مرحلة التراجع
التي بدأته بانسحابها من
لبنان وزاد بتراجعها وتقهقرها
بانسحابها من غزة , وهي قلقة
إزاء الغول الديموغرافي
الفلسطيني وأمام هذا المد
الإسلامي في الكثير من الأقطار
المحيطة . الصهيونية
العالمية اليوم تعلم أن
هزيمة العرب كانت من داخلهم
وأنهم الآن ومع
هذه الروح القوية بدا هناك
تغيير لقواعد اللعبة .
إنهم يحتاجون لرجل
قوي يخيف العرب
لأنهم ظنوا أن
تصريحات هذا المتطرف
وأفعاله غير المتزنة قد
توقف تراجع الصهاينة، إلا
أن الأمر يختلف
كثيرا ، فاليوم المقاومة
الإسلامية في
غزة, فيها روح
لا يخفيها ليبرمان ولا
احد فهي
لها تجربة كبيرة
ومباشرة مع الصهاينة
واستطاعت ان تغلبهم في ارضهم
وان تأسر جنودهم , وقد واجهت قبل
ذلك شارون وأجبرته عن التخلي عن
غزة بحرب
الأنفاق والصواريخ والصمود
, واستطاعت
ان تدمر
دباباتهم , وان تسقط مروحياتهم ,
وان تحتفظ
بأسر الجنود
أطول فترة ممكنة.
الغلبة للصهاينة
أظن انه انتهى أمرها وبدأت
تتكشف نقاط ضعفه ووهنه
, وعلى الصهاينة ان يتعاملوا
مع الامر الواقع , ولا يعتمدوا
على المتطرفين او الحمائم بل
يغيروا من نهجهم
ليطيلوا من عمرهم , وان
يرضخوا لطلبات المقاومة ,
فما تطلبه حماس اليوم لن تقبل به
غدا . وان أعطتهم
اليوم هدنة لعشر سنوات أو حتى
خمس سنوات فسيطلبها غدا
الإسرائيليون ولن يجدوها .
لان عجلة التاريخ لا تعود
إلى الخلف .
ان ليبرمان اليوم
يحضر نفسه إلى
رئاسة الحكومة وهو يدرك انه
الآن الرجل الوحيد في مواجهة
نتنياهو
وانه الأكبر حظا بعدما تم
تأهيله كنائب لرئيس الوزراء،
وهو أصبح أمل الصهيونية
العالمية بأن يعيد لهم زمن
الزعماء الكبار
الذي انتهى بانتهاء شارون
السياسي، ولا يدرك أن
عبقرية شارون ورابين وبيجن لم
تكن بهم وإنما بضعف ومنهج
خصومهم من العرب .
المجتمع الصهيوني
اليوم يبحث عن من يسد الفراغ
القيادي . ووجد في ليبرمان
ضالته . ورغم أن ليبرمان متطرف
وجاء وهدد
قبل ذلك بضرب السد العالي إلا
انه أيضا من أصحاب الحلول
الأحادية ,
وهو يبحث
منذ وقت طويل على حل
للديموغرافيا العربية . مما
اضطره إلى طرح
خطة تعتمد على التخلي عن
مناطق في
48 يقطنها أغلبية عربية مقابل
المغتصبات والأغوار
في الضفة الغربية . أي أن هذا
المتطرف أصبح لا يقيم وزنا
لأكذوبة إسرائيل الكبرى
. فهذا الجيل اليوم عنده
استعداد على أن يتنازل عن
فلسطين بعد أن أخذها من قبلهم
غصبا .
إن هذه النفسية
الصهيونية من الاستعداد لتخلي
عن جزء
من ارض فلسطين
تعزز موقف الحكومة
الفلسطينية . بان قضيتنا
لا تسقط بالتقادم , وان نهج
المقاومة رغم ما يعتريه من الم
ودم وتضحيات إلا انه النهج
الصحيح في
مواجهة من
اغتصب الأرض , وان قضية فلسطين
قضية حية عادلة
. بعكس
النفسية الصهيونية التي
تيقن في قرارة نفسها أنها حالة
دولية سرعان ما تزول ويعود كل
أمر إلى أصله .. ويعود ليبرمان
إلى أوكرانيا وغيره إلى بلاد
الله الواسعة وتبقى فلسطين
لأهلها وناسها , وأي
تراجع واعتراف بشرعية
الاحتلال هو هدية نقدمه
لصهاينة في وقت هم أحوج ما
يحتاجون إلى ذلك , ولهذا عبر
وزير الخارجية الصهيوني
السابق عن فوز حماس انه
يعيدنا عشرات السنوات للخلف ,
فهو يدرك أن من يتمسك بحقوقه لا
بد أن يأخذها
, ومن يفرط بها
ستذهب عليه , فالحقوق لا
تمنح بل تنتزع انتزاعا .
الكيان الصهيوني
اليوم يدرك انه على شفى حفرة من
الانهيار , وان الخطر
الاستراتيجي على كيانه
أصبح يزداد يوما بعد يوم ,
ومن هنا
تم استحداث وزارة لمواجهة
هذه الأخطار المتزايدة .
رغم أن الصهاينة
منذ تواجدهم وهم
لا يتوقفون عن التخطيط
والتدبير وصناعة الأزمات
ومواجهة الأزمات إلا أن النفسية
الصهيونية اليوم تدرك
أن الخطر اكبر
بكثير مما تتوقع , وان ما
يحدث بالعراق
, وأفغانستان وإيران ولبنان
والصومال وغزة
, وهذه الصحوة الإسلامية
إنما هو كطوق النار الذي
سيلتهمهم وانه
بدا يضيق عليهم . وأنهم بحاجة
إلى تطمين
نفسي لهذا
تم استحداث هذه الوزارة .. التي
تعبر عن حالة من الخوف الشديد
وشعور بالانهيار
يعتري كل
الكيان
.
وعلى الحكومة
فلسطينية أن
نتمسك بثوابتنا أولا , وان ترفض
الاعتراف بإسرائيل . وان
تصبر أمام الضغوط الداخلية
والخارجية , لان النصر صبر ساعة .
و لان الحصار اليوم بدا يتفكك ,
ولان الأزمة الحقيقية ليس ما
تعانيه الحكومة الفلسطينية
والشعب الفلسطيني بل الأزمة
الحقيقية ما
يواجهه الكيان الصهيوني .
وما يعتري أمريكا
من اندحار في العراق
. الأزمة الحقيقية تعتري
تيار التطبيع في البلاد العربية
, وداخل السلطة الفلسطينية .
الأزمة الحقيقية بمن اعترف
بهذا الكيان ويمد له اليوم
طوق النجاة , وبمن يحمل
المقاومة والحكومة معاناة
الشعب ويبرئ الاحتلال .
الازمة الحقيقية
بمن يهتم بشئون
الكيان الداخلية ويبني
عليها حساباته , فيقول جاء فلان
وذهب فلان , ولا يدرك ان القوة
والضعف تكمن
في داخل المجتمع الفلسطيني ,
وان أمثال ليبرمان لن يزيدوا في
المعادلة الجديدة إلا قوة
لشعب فلسطين وحكومته وزيادة في
الانهيار للكيان
الصهيوني .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|