إلى
التي تسأل"أين أنتم ياعرب"؟
إبراهيم
درويش
nafizah_2006@yahoo.com
السيدة بثينة شعبان وزيرة
المغتربين في الحكومة السورية
الحالية سيدة مثقفة صاحبة قلم
سيّال وأسلوب شائق في التعبير
والوصف،أتابع مقالاتها وما
تجود به قريحتها في كل الصحف
والمواقع الالكترونية ،وهذا
دليل على أن بين وزرائنا
ووزيراتنا مثقفون ومثقفات،إذن
لماذا يقولون إن أعضاء الحكومة
السورية كلهم بلا استثناء (عدا
حفنة يسيرة من أسرة واحدة ذات
انتماء معين) أرجل كراسي
وطراطير ولا يكشّون ولا
ينشّون،وأنهم أبواق إعلامية أو
ببغاوات لايفهمون ما يرددون من
باب رفع العتب أو ذرّ الرماد في
العيون؟!
وبالمناسبة أتعرفون لماذا كان
بلدنا سبّاقاً إلى إنشاء وزارة
للمغتربين؟ الجواب ببساطة:لأن
المغتربين السوريين يعدّون
بالملايين،ومن بقي من السوريين
في السجن الكبير الذي يسمى
سورية يحلم بالاغتراب والعيش
خارج السجن،بالرغم من وطأة
الاغتراب وعذاباته،ليحقق
إنسانيته ويرى كيف يكون العيش
في أجواء الحرية،بعيداً عن
قوانين الطوارىء والأحكام
العرفية والحكم بالإعدام على
مجرد الانتماء السياسي ،ونظام
الحزب الواحد والقائد الواحد
والمشي بفردة حذاء واحدة،
والنظر إلى الأمور بعين واحدة
رمداء أو حولاء،ومن الزاوية
التي يحددها القائد الملهم ابن
القائد الخالد الذي لا يخطىء
ولا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه،بل من قلبه وعقله
وسوء تقديره للأمور وجهله
بعواقب سياساته الرعناء.
أما الوزارة التي تشكلت وأسندت
إلى الست بثينة فوظيفتها تنحصر
في تلقي طلبات المغتربين
وتحويلها للجهات الأمنية التي
تزيد على عدد أصابع اليدين
والرجلين،لدراستها وإخبار
أصحابها بموافقة هذه الجهات أو
رفضها على زيارتهم لبلدهم.ثم
أضيفت وظيفة أخرى للوزارة
العتيدة وهي الاتصال ببعض
السوريين المغتربين وحثّهم على
التبرع لتغطية أجور المحاماة
والدفاع عن النظام السوري
المتهم (ظلماً وعدواناً )
باغتيال رفيق الحريري وسياسيين
لبنانيين آخرين،وضرورة أن يقوم
هؤلاء المغتربون بإقناع الرأي
في البلاد التي يقيمون أن
النظام السوري بريء من دم
الحريري براءة الذئب من دم
النعاج. نعمت الوظيفة!!
نعود إلى السيدة الوزيرة،التي
تستصرخ كل ضمير حي وحرّ في هذه
الأمة لأن يقف الوقفة الشجاعة
الصائبة التي يمليها عليه ضميره
وصدقُ انتمائه لأمة الهداية
والقلم والسيف من العدوان
الصهيوني الغاشم على إخواننا
الفلسطينيين في بيت حانون،وهذا
حق وواجب,ولكن... ولكنْ لتسمحْ
لنا السيدة الوزيرة ببعض
الوقفات والأسئلة والمداخلات
التي ربما كانت تتضمن الإجابة
على سؤالها على لسان تلك المرأة
الفلسطينية: أين أنتم ياعرب؟
1ـ نحمد الله تعالى أننا ممن يعيش
أحداث هذه الحقبة القاسية
المتّشحة بالسواد من تاريخ
العالم و منطقتنا وبلدنا أولاً
بأول،ونعرف الصادق
والمدّعي،والمخلص
والمرائي،كما نعرف من خلال
التجربة والاستقصاء وربط
الأحداث بمقدماتها ومجرياتها
ونتائجها وصانعيها وأدواتهم...ولذلك
لا ننخدع بكل ما يقال ويُتبجّح
ويُلاك,وبناء على ما تقدم نقول
إنه لو جئنا من عصر آخر وقرأنا
كلام السيدة الوزيرة بثينة
شعبان لقلنا إن نظاماً فيه
وزيرة تقول ما قالته بلسان أو
على لسان كل عربي وعربية لهو
نظام وطني مخلص وصادق في العمل
على إنشاء جبهة الصمود والتصدي
وإقامة التوازن الاستراتيجي مع
العدو الصهيوني,ويفكر ـ مجرد
تفكير ـ على تحرير الأرض
السورية المغتصبة، ويعمل
صادقاً على تمتين العمل العربي
المشترك وتدعيمه وتفعيل
الاتفاقيات والمعاهدات
المعقودة بين الأقطار العربية
تحت سقف الجامعة العربية،ولكن
الأفعال لا الأقوال الصادرة عن
هذا النظام طوال أربعة عقود
تكذب أيّ محاولة لتصديق
ادّعاءات هذا النظام والسائرين
في ركابه بحسن نية أو غباء أو
انخداع أو غير ذلك. أسألك بالله
يا أيتها الوزيرة ـ وأنت
تتحملين بعض وزر النظام الذي
تنخرطين معه في لعبته القذرة
التي أوشكت على نهايتها ـ أن
تجيبي بما يمليه عليك ضميرك على
ما يجول في خاطري من تساؤلات ـ
وأنا المغترب الغلبان هرباً من
ظلم سيدك : بماذا تفسّرين بقاء
جبهة الجولان المحتلّ هادئة
لايعكّر صفو العدوّ الصهيوني
فيها شيء كلّ هذه العقود من
السنين ، هذا الهدوء الذي استحق
عليه حاكم دمشق السابق وشبله
اللاحق، شهادة حسن سلوك من قادة
العدو الصهيوني ،ليتفرّغ العدو
الصهيوني للفتك بأهلنا في
فلسطين كما تصوّرين في مقالتك
؟ألا تشعرين أن نظام دمشق الذي
منع ومازال أي عملية فدائية
تنطلق من جبهة الجولان يساهم في
تشجيع الصهاينة على ارتكاب
مجازرهم ضد الفلسطينيين
واللبنانيين ؟ بماذا تفسّرين
المعزوفة الممجوجة "إن سورية
لن تُستجرَّ إلى معركة تحدد
إسرائيلُ زمانها ومكانها"
التي يرددها نظامُ دمشق كلما
عربد العدوّ الصهيونيّ وتحرّش
بـ"الأسد "الرابض في
عرينه،سواء عند قصف مواقع داخل
الأراضي السورية بحجة ضرب مواقع
للمنظمات الإرهابية،أو عند
تحليق الطائرات الصهيونية فوق
القصر الرئاسي قرب اللاذقية، أو
أثناء العدوان الصهيوني على
لبنان لأكثر من شهر في الصيف
المنصرم،وراح ضحيته من
السوريين أنفسهم العشرات بين
شهيد وجريح؟متى يحدد سيدّك زمان
المعركة ومكانها، ويضع حداً
للعربدة الصهيونية المتعاظمة
يوماً بعد آخر؟
2ـ يا أيتها الوزيرة المبجلة
أحقاً تجهلين أسباب التردي
العربي ودور النظام الذي
تخدمينه في صنعه؟ في أي خانة
تصنفين وقوف نظام دمشق طوال
ثماني سنوات إلى جانب إيران في
الحرب العراقية ـ الإيرانية
التي أكلت الأخضر واليابس،
وإذكائها بالسلاح والعتاد
والخبراء والتجسس؟ وبماذا
تفسرين انضواء سيدك تحت العلم
الأمريكي في حفر الباطن لمحاربة
أشقاء ورفاق له ؟ وبم تسوّغين
تدمير سيدك وابن سيدك للعلاقات
التاريخية بين سورية ولبنان
بجرائمه واغتيالاته وضرب
الوحدة الوطنية ونهب الخيرات
والتمكين لعصابات الإجرام في
لبنان الشقيق لأكثر من ثلاثين
عاماً؟ وهل لك أن تنوّري
أذهاننا بمسوغات الحشودات
السورية أواخر عام 1980على الحدود
الأردنية،ثم محاولة اغتيال
مسؤولين أردنيين وعراقيين
وغيرهم؟
هل تستطيعين يا صاحبة السيادة أن
تربطي بين هذه الأفعال ووحدة
الصف العربي وتعزيز الجبهة
الشرقية؟ألم تعلمي أو تذكري أن
هذا الترنّح للجسد العربي
وخور قواه إنما كان بسبب
الضربات التي سدّدها له الرفاقُ
التقدميون الاشتراكيون أبطال
الصمود والتصدي أعداء الرجعية
والإقطاعية والامبريالية
والاستعمار ... على مدى أربعين
عاماً؟ماذا تتوقّعين ممن يزرع
الشوك والحسك بل والألغام أن
يحصد ؟ مَن صنع لنا هذا الواقع
الذي لايسرّ صديقاً ولايغيظ
عدواً يا أيتها الوزيرة
المثقفة؟ ماذا تتوقعين من وضع
صنعه أسيادك حكام دمشق ورفاقهم
بتجزيء أبناء الأمة على أساس
الاشتراكية والرأسمالية
والتقدمية والرجعية كل هذه
السنين من عمر الأمة ؟ماذا فعل
الاشتراكيون للأمة وماذا فعل
الرجعيون ؟ ومَن زيّن لفرعون
الشام الكبير وابنه الفرعون
الصغير أن يرتكب كل هذه
الحماقات باسم الشعب السوري
المنكوب سوى المطبّلين
والمزمّرين والردّاحين الذين
يسمّون خطاً وزراء أو جوقة "معاهم
معاهم عليهم عليهم"؟ يا بثنُ :
أقرأ مقالك يعجبني،أشوف أفعال
سيدك وابن سيدك تقرّفني،ايش
أسوي؟
يا بثن :
إن مقالك " أين أنتم ياعرب؟"جوابه
بسيط وسهل،وهو أن العرب
يتهيّؤون للسفر إلى حيث سيُقتاد
سيدُك وزبانيته، لإلقاء نظرة
الوداع الأخيرة عليهم،وربما
لإظهار الشماتة بهم،لما
ارتكبوه بحق الأوطان والشعوب
؟أتعرفين إلى أين سيقادون؟أم أن
سيدك لم يخبرك بعد؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|