المعارضة
السورية بين الكلمة الثائرة
والكلمة المثيرة :
(
نقاط للتأمل )
عبدالله
القحطاني
1- المعارضة
السورية كسائر المعارضات
السياسية ، تحتاج إلى تحريك
الناس بكلماتها، لا إلى تحريك
الكلمات ذاتها..!
2- الكلمة لا يكفي
أن تكون ثائرة بنفسها ...
فالمطلوب هو أن تكون مثيرة
لمشاعر المخاطبين ..
3- قد تكون الكلمة
ثائرة مثيرة فتحرك المشاعر ،
وقد تكون ثائرة بنفسها ،عاجزة
عن تحريك أي شعور أو إحساس ،
فتنطفئ جذوتها ، ويتلاشى صداها
، ويكون مصيرها الإهمال
والنسيان ..
4- ربّ كلمة ناعمة هادئة ، أقدر على
تحريك المشاعر من كلمة ثائرة
صاخبة..!
5- أهمّ عنصر في عملية الإثارة ، هو
معرفة صاحبِ الكلمة نوعَ
الإحساس أو الشعور الذي يريد
إثارته ، في مرحلته التي هو فيها
، لدى الناس الذين يتوجّه إليهم
بالخطاب، في مرحلتهم التي هم
فيها..
6- ربّ كلمة مثيرة جداً ـ بحسب الأصل ـ
لإحساس معيّن ، لكنه لا يستثار
بها، لأنها توجّه إليه في ظرف
غير مناسب ..!
7- أمثلة :
أ- الكلمة
التي تصرخ في الناس داخل سورية ،
لتذكّرهم بأنهم مسحوقون
مضطهَدون ، منتهكو الحرية
والكرامة .. لن تضيف شيئاً إلى
إحساس الناس بواقعهم المأساوي ..
لأن المخزون الهائل من الإحساس
بالقهر والظلم لدى الناس ،
يتضاءل أمامه تأثير أيّة كلمة ،
مهما كانت مشحونة بالمشاعر
المثيرة التي يبثّها فيها
قائلها..! وربما قال بعضهم بفتور:
وما الجديد الذي أضفتَه إلى
علمِنا يرحمك الله !؟ أيحتاج
الغارق في بحر الألم والمرارة ،
إلى قطرة ماء جديدة تذكّره
بمرارته وألمه !؟ ( وقد ينفع هذا
الكلام إذا وجّه إلى أناس خارج
سورية ، من المهتمّين بقضايا
حقوق الإنسان ، ومن جهات دولية ،
سياسية واجتماعية وثقافية..
لأنه قد يضيف إليهم معلومات لا
يعرفونها ، إذا كانت هذه
المعلومات موثّقة ).
ب- الكلمة التي
تخبر الناس ، بأن الحكام في
بلادهم ظلَمة مستبدّون ، جهلة
فاسدون ، لصوص مرتشون .. قد تثير
نوعاً من الابتسامات المرة ،
لدى شرائح كبيرة من الناس ،
الذين عانوا معاناة قاسية جداً
من ممارسات الحكام، وبشكل يومي
، طوال أربعين سنة ..! ولا
يحتاجون إلى كلمات تخبرهم عن
حال هؤلاء الحكام .( وكذلك هنا ،
يمكن أن تكون الكلمة مصنّعة
للتصدير الخارجي ، حيث تحدِث
أثراً لدى المهتمّين بهذه
الشؤون ).
ت- وقد يقال: إذا
كانت الكلمات التي تَمتح
شحناتِها العاطفية من جراح
الناس النازفة ، لا تؤثر في
مشاعرهم ، فما الذي يؤثر فيها!؟
والجواب ببساطة هنا: هو أن العجز
ليس في الكلمات ، بل في
مشاعرالناس ، المشحونة ألماً
وقهراً حتى النخاع ، والتى بلغت
حدّ الامتلاء .. فلا مكان لديها
للمزيد ، ولو كان قطرة واحدة ،
من أيّة جهة صدرت ، ومهما كان
مضمونها ، وجَرْسها ، وشكلها،
ولونها ، و..
ث- الكلمة التي
تثير مشاعر الناس ، وهم في
حالتهم هذه من الألم والقهر
واليأس والإحباط ، هي تلك التي
تحرك ، أو تثير، لديهم الإحساس
بأمل واقعي مقنِع، غير مبني على
الأحلام ، أو الأوهام ، بأن
الحالة التي هم فيها آيلة إلى
زوال في وقت قريب ، وأنهم
يستطيعون ، بشيء من الجهد
والتضحية ، أن يقرّبوا ساعة
زوال الحكم الفاسد ، والمشاركة
في صنع مصيرهم ومستقبل أجيالهم،
بحرية كاملة ، بلا خوف أو قهر أو
ظلم . ( وهذا يقتضي ، بالضرورة،
تحريك ، أو إثارة ، إحساسهم
بالثقة .. الثقة بأنفسهم ،
والثقة بقوى المعارضة، التي
نذرت أنفسها وأوقاتها وأموالها
، لإنقاذهم من كابوس الظلم
والفساد // وهنا على قوى
المعارضة ، أن تقدّم أدلة حيّة
وبراهين عملية
على إخلاصها ، في سعيها
لإنقاذ البلاد ، والناس الذين
لم يعد يقنعهم مجرّد الكلام ،
بعد أن فقدت الكلمات مضموناتها
، بهمّة تجار الشعارات
الفاسدين، الذين حكموهم أربعين
سنة ، وأشبعوهم ، حتى التخمة ،
كلمات ملوّنة، وشعارات براقة
زائفة ! //.
8- الأمثلة المتقدّمة لا تعني ، بالطبع
، عدم الحديث ألبتّة ،عن فساد
الحكام واستبدادهم ، وعن معاناة
الناس ، وما هم فيه من قهر وبلاء
.. بل تعني ببساطة: التركيز على
استثارة المشاعر الإيجابية
البنّاءة لدى الناس ( الأمل ..
الثقة ..) فهذه المشاعر هي ،
وحدها ، القادرة على تحريك
الناس ، في حالتهم المزرية التي
أوصلتهم إليها عصابة الفساد
والإجرام الحاكمة في سورية.
فالحديث عن فساد الحكام ، وعن
معاناة الناس ، له فوائد عدّة ،
من أهمّها :
- تذكير العصابة / الأسرة الفاسدة ،
بأن جرائمها تحت الضوء ، وأن كل
ما ترتكبه من جرائم وأوزار بحق
الشعب ، سوف تحاسَب عليه عاجلاً
أو آجلاً..
– تذكير الناس في سورية ، بأن جرائم
العصابة التي تحكمهم ، مكشوفة
معروفة ، مدوّنة في صفحات
العصابة ، وليست مجهولة من قبل
العالم ، كالجرائم التي كانت
تمارسها العصابة قبل عشرين أو
ثلاثين سنة .
–
تنبيه الناس في العالم العربي
والإسلامي والدولي ، إلى ما
تمارسه عصابة الحكم من فساد
وإجرام ، وما يعانيه شعب سورية
من ظلم واضطهاد .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|