لا
زال الإعلام السوري كالنعامة
د.
عمار قربي*
نشرت صحيفة تشرين الرسمية
تاريخ الاثنين 8-8-2005 الخبر
التالي " ذكرت قناة الجزيرة
الفضائية وبعض وكالات الأنباء
أن القوات الاميركية والسلطات العراقية
منعت زهاء 700 شاحنة سورية من
دخول الأراضي السورية وهي قادمة
من العراق مشيرة إلى أن هذه
القوات تمنع منذ ثلاثة أيام
الشاحنات السورية من الدخول عبر
منفذ اليعربية الحدودي وذكرت الوكالات أن عددا
من سائقي الشاحنات أكدوا أن
المنع يتم بإشراف القوات
الاميركية موضحين أن بعض
الشاحنات مرت بعد دفع 150 دولارا
عن كل شاحنة للحرس العراقي. " و تابعت
تشرين " وإزاء ذلك أطلقت
منظمات حقوقية تحذيرات من خطورة تلك الإجراءات
الاستثنائية التي تقوم بها
القوات الاميركية على معابر
الحدود العراقية ـ السورية
ووصفتها بأنها انتهاك لحقوق
السوريين الموجودين داخل الأراضي العراقية مطالبة
باتخاذ الإجراءات الكفيلة
بعودة الشاحنات إلى سورية
وتزويد سائقيها بالطعام والماء
والحفاظ على حياتهم وكرامتهم. "
ولا
يخفى على احد أن هذا الخبر صادر
عن بيان للمنظمة العربية لحقوق
الإنسان في سورية ومن تصريحات
أعطيتها لوكالة " فرانس برس
وصحيفة إيلاف ومعهد الشرق
العربي " بعد أن تحدثت مع أكثر
من سائق محتجز على الحدود
العراقية .
وبعيدا عن ظروف الاحتجاز
والحالة الإنسانية والقانونية
المحيطة بتلك القضية أريد أن
أتوقف عند التعاطي الإعلامي
السوري الطفولي
مع القضايا الضاغطة على
الشأن السوري ، وبعيداً عن
تناول الخبر في تشرين وكان
الشاحنات تابعة لدولة جزر القمر
وليس لبلد الصحيفة التي تنطق
باسمها ..، وبعيداً عن عدم
المصداقية في رد الخبر لأصحابه
، وبعيداً عن التدجيل في صياغة
الخبر بحيث ذكرت تشرين تصريحاتي
عن لسان الوكالات،
وبعيداً و بعيداً .. أريد أن
أركز على عقلية الإقصاء حتى لو
كانت القضية وطنية بامتياز ، و
أريد أن اذكر أن صحفنا المحلية
لا تزال تمارس ازدواجية
المعايير ، فعندما يخدم الخبر
سياساتها الموجهة نجدها تأخذ
الأخبار عن منظمتنا وعندما
نتكلم عن الاعتقالات والفساد
تعاملنا بإذن من طين وأذن من
عجين .
ومن المضحك المبكي أن
السيد وزير الإعلام مهدي دخل
الله والسيد خلف الجراد رئيس
تحرير تشرين يقومان بحملة على
المثقفين والصحافيين
بغية إقناعهم بالكتابة في
الصحف السورية .
كان الأجدى بتشرين أن تتصل
بنا كي نعطيعها كل المعلومات
التي بحوزتنا بخصوص احتجاز
الشاحنات التي وصل عددها للألف
، وكان المفروض أن تطلب أرقام
هواتف السائقين كي تتصل بهم
وتطمئن على ظروفهم باعتبارهم
مواطنين سوريين ، وكان الاحرى
بها أن تتوجه بمطالبة السلطات
السورية كي تتدخل عبر الطرق
الدبلوماسية من اجل حل هذا
الملف ، بدلا من دفن رأسها في
الرمال كالنعامة .وهذا ليس
بمستغرب على تشرين لان سياسة
الدفن أصبحت سياسة عامة طالت كل
أجهزة الدولة ، ورغم أنني كنت
متأكداً من أن عدد الشاحنات
المحتجزة على الحدود قد فاق
الألف إلا أن المخفر الحدودي
السوري قد أجابني لدى اتصالي به
بأن رقم /700/ مبالغ فيه وان سورية
لا تتحمل أية مسؤولية في منع
عبور الشاحنات !!
ومن الجدير بالذكر أنها
ليست المرة الأولى التي تتعامل
بها صحفنا الرسمية مع قضايا
طالما أثرناها دون الإشارة
لمنظمتنا من قريب أو بعيد ،
وربما كان آخرها قضية إحالة
رئيس محكمة النقض ونائبه إلى
القضاء ، فعقلية الإقصاء والخوف
والرأي الواحد يمنعها حتى من
الاعتراف بوجودنا .
نحن في المنظمة العربية
لحقوق الإنسان في سورية
لا ننتظر شهادة تلك الصحف
بوطنيتنا لأننا يأسنا منهم ومن
أحاديتهم ، ولهذا لا يهمنا ما
تنشره ، لان النشر في وسائل
الإعلام والفضائيات ليس هدفنا
الرئيسي أصلا ، حيث نرسل كل
البيانات وقضايا انتهاكات حقوق
الإنسان إلى المسؤولين
المعنيين في سورية من وزير
الداخلية ورئاسة مجلس الوزراء
والوزير المختص بالقضية
المثارة كي نضع هؤلاء المسؤولين
أمام مسؤولياتهم ، كما أننا
نتعاون مع المنظمات الدولية
والإنسانية في العالم كالأمم
المتحدة ومنظمة العفو الدولية
والجامعة العربية والصليب
الأحمر ..الخ من اجل المساعدة في
حل تلك القضية واعتقد أن
التجارب السابقة أثبتت أن
مصداقيتنا اكبر وقدرتنا على
المساعدة اكبر من صحفنا البالية.
*
عضو مجلس إدارة المنظمة العربية
لحقوق الإنسان في سورية
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|