المَرْعوبون
لا
يخاف المحكمةَ الدوليةَ إلا
المجرمون
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
حتى لحظة تقديم
مشروع تشكيل المحكمة الدولية
لمحاكمة قَتَلَة الرئيس (رفيق
الحريري) رحمه الله.. كان المحقق
الدولي (براميرتز) نزيهاً،
ومهنياً، وشريفاً، وعادلاً..
أما عندما نضجت تحقيقاته، وشعر
المجرمون أنّ حبال (الرجل
المهني) الذي شهدوا له بأنه لم
يُسَيِّس تحقيقاته.. قد بدأت
تلتفّ حول أعناقهم بإحكامٍ فاق
درجة إحكامهم لجريمتهم..
فعندئذٍ بدأت شرارات ذعرهم
تتطاير في كل الاتجاهات، وصدرت
أوامرهم لأدواتهم وجواسيسهم
وحلفائهم بإثارة الغبار
والفوضى، وبالإمعان في تدمير
البلاد والعباد، لأن المجرم
القاتل لا يملك إلا هذه الأسلحة
الخشبية، التي يُقنع نفسه بأنها
ستكون فعّالة، أمام الحق الذي
بدأ فجره ينسلّ من بين الظلمات
التي حرصوا على تكريسها.
حلف (إيران - النظام
السوري - حزب حسن نصر الله)، بدأ
يتحسّس الخطر على أحلام المشروع
الفارسي الاستعماري في
منطقتنا، الذي يبدأ من إيران،
ويمتدّ إلى العراق فسورية
فلبنان، فانطلق أصحاب الحلف بكل
ما يملكون من أوراقٍ رخيصة،
للإمعان في التخريب والتدمير
وإثارة الفوضى الطائفية
الحاقدة، لأن سقوط النظام
السوري الأسدي سيُطيح بأحلام
المشروع الصفوي الاستعماري،
الذي تؤسَّس له أركان قوية في
سورية، بواسطة عمليات تغلغلٍ
واسعة النطاق، تديرها الملحقية
الثقافية الإيرانية في دمشق،
وينفّذها الحرس الثوري
الإيراني، بالتواطؤ والتنسيق
الكاملين مع الأسرة الأسدية
الحاكمة، وعملائها من مصّاصي
الأصابع الذين يمارسون خيانة
وطنهم ودينهم بلا حياءٍ أو ضمير.
سقوط النظام
السوري، سيطيح أيضاً بكل
المؤامرات التي تجري على أرض
لبنان الشقيق، الهادفة لتهيئة
الأرضية الصالحة لامتداد
الصفويين إلى حدود البحر الأبيض
المتوسط.
سقوط النظام
السوري، سيطيح كذلك بكل الخطط
الاستعمارية الإيرانية في بلاد
الرافدين، نظراً للدور المشبوه
الذي يقوم به النظام، بتحالفه
المبطَّن مع الميليشيات التي
تنفّذ المخطط الفارسي على أرض
العراق، من مثل: جيش المهدي
وفيلق بدر ومغاوير وزارة
الداخلية وغيرها من الأدوات
الأميركية الإيرانية، التي
تعمل لإحكام السيطرة الفارسية
الصفوية على العراق.
سقوط النظام
السوري، وقدوم نظامٍ وطنيٍ يعيد
لسورية وجهها العربي والإسلامي
المشرق الحقيقي، سينهي كل آثار
العدوان الفارسي الصفوي،
المتمثل في: حملات التشييع
وشراء الذمم وابتزاز البسطاء،
وتغلغل الحرس الثوري الفارسي في
مفاصل الدولة السورية والشعب
السوري، وفي لبنان الشقيق..
وسيُضعِف (سقوطُ النظام)
الإرهابَ الفارسي الصفوي الذي
تمارسه ميليشيات علاقمة بغداد..
وهذا كله سيقلب الأحلام
الفارسية إلى كوابيس حقيقية، ثم
إلى هزيمةٍ ساحقةٍ لأصحاب
المشروع الاستعماري
الاستئصالي، الذي يتخذ من الدين
غطاءً لأهدافه الحقيقية في
إعادة أمجاد الإمبراطورية
الفارسية الغابرة.
المحكمة الدولية
ستكشف المجرمين، وستقتصّ من
القَتَلَة، وستكون عاملاً
مهماً لإسقاط النظام الذي اقترف
الجريمة، وقبلها وبعدها، اقترف
آلاف الجرائم منذ أكثر من ثلث
قرن.. وبالتالي ستقضي على أحلام
الفُرس الصفويين في منطقتنا..
لذلك كان لابد من مواجهة هذا
المصير المحتوم حتى الأنفاس
الأخيرة، فماذا فعل المرعوبون
القَتَلَة؟!..
1- زعموا أن قاتل
الرئيس الحريري هو العدو
الصهيوني وليس مجرمي النظام
السوري وحلفائه!..
2- اصطنعوا حرباً مع
العدوّ الصهيوني، فدمّروا معه
لبنان، وقتّلوا وأصابوا الآلاف
من أبنائه، ثم أعلنوا نكتة
نصرهم (الإلهي) من فوق أطلاله!..
3- وبعد أن أنقذتهم
حكومة لبنان التي فجّروا حربهم
على أرض بلادها دون علمها، وبعد
أن تملّقوها لاستصدار القرارات
الدولية التي تحمي أعناقهم
أثناء الحرب، وبعد أن أعلنوا
أنهم (اشتركوا في صياغة
القرارات الدولية مع الحكومة،
وأنهم يدعمون خطوات الحكومة
لإيقاف الحرب ويوافقون عليها)..
انقلبوا عليها منذ أن وضعت
حربهم أوزارها، فإذا النصر
(الإلهي) نصرٌ على لبنان لصالح
المشروع الفارسي المشبوه، وإذا
المختبئون في جحورهم وقت الحرب
يخرجون بمواصفاتٍ عنتريةٍ
جديدة، لحماية القتلة، ولإسقاط
الحكومة الشرعية المنتَخَبة،
ثم لإسقاط تشكيل المحكمة
الدولية!..
4- استقالوا من
الحكومة لتعطيلها، والمستقيلون
كلهم من طائفة المشروع الفارسي
الصفوي، أملاً في تعطيل قرار
الموافقة على تشكيل المحكمة
الدولية.. لكنهم لم يفلحوا!..
5- فأثاروا وما
يزالون يثيرون الغثبرات، بأنّ
قرار الحكومة غير دستوري!..
6- ثم هدّدوا وما
يزالون يهدّدون، بالنـزول إلى
الشارع لتحقيق مآربهم بالقوّة!..
7- وبدأوا يعزفون
على وتر إعادة الانتخابات،
لإعادة خلط الأوراق، وإدخال
لبنان في معمعةٍ تُطيل عُمرَ
حليفهم السفاح: النظام السوري!..
8- قام رئيس
الجمهورية (إميل لحّود)،
المعيَّن من قِبَل النظام
السوريّ بالقوّة والتحايل على
الدستور اللبنانيّ.. قام
بمحاولاتٍ يائسةٍ لإيقاف قرار
الحكومة واستمات لتعطيله، ثم
أرسل الرسائل إلى الأمم
المتحدة، زاعماً عدم دستورية
قرار الحكومة بالموافقة على
تشكيل المحكمة الدولية!..
لقد توالت
التصريحات التحريضية لحلفاء
الفرس في لبنان وسورية، ولعل
أشدها مدعاةً للريبة والتعجّب،
تصريحات الأمين العام لحزب (حسن
نصر الفرس)، التي تفوح منها
روائح الطائفية والأهداف
الحقيقية لهذا الحزب المصنَّع
في قم وطهران :
(هذه الحكومة لن
تبقى وسوف نأتي بحكومةٍ أخرى
نظيفةٍ تُعمّر ما هدّمه
العدوان، والحكومة الحالية ليس
لديها صدق، فهي كانت على علمٍ
بالعدوان وطلبت من
الإسرائيليين إطالة أمد هذا
العدوان)!.. (محطة المنار بتاريخ
13/11/2006م).
(إن حزب الله دفع 300
مليون دولار نقداً، بدل إيواء،
وتعويضاتٍ لأولئك الذين خسروا
منازلهم في الحرب، وهي أموال
شرعية قدّمها السيد (علي
خامنئي)، مرشد الثورة الإسلامية
في إيران والمرجع الديني
للّبنانيين الشيعة)!.. (السفير
اللبنانية بتاريخ 14/11/2006م).
نتساءل باستغرابٍ
لمنطق القتلة المريب :
1- إذا كان العدو
الصهيوني هو الذي اغتال
الحريري، فلماذا تستميتون
لعرقلة تشكيل المحكمة الدولية،
التي ستكشف القاتل الصهيوني
(بزعمكم)، ألستم تعتبرون
الصهاينة أعداءكم؟!..
2- وإذا كنتم قد
انتصرتم هذا النصر (الإلهي)،
فلماذا تسلكون سلوك المهزومين،
وتخلطون الأوراق لتهربوا من
المحاسبة الحقيقية بعد أن صمتت
المدافع، وانجلى غبار الحرب عن
نصركم (الإلهي)؟!..
3- وإذا كانت
الحكومة اللبنانية عميلةً
لأميركة وإسرائيل، فلماذا
اشتركتم فيها ولكم خمسة وزراء
في مجلسها؟!.. ولماذا تعتبرون
عمالتكم لإيران صحيحةً وشريفة،
وهي التي تعيث فساداً في أرض
العرب والمسلمين؟!..
4- أليست هذه
الحكومة التي أنتم أعضاء فيها
قادمةً بالانتخابات الحرّة
النـزيهة، فلماذا تستميتون
لإعادة الانتخابات بعد إسقاط
الحكومة المنتَخَبة؟!..
5- وهل هناك رئيس
دولةٍ في الدنيا، أو حزب عاقل
وطني شريف.. يعمل بكل حماسة،
لتعطيل كشف القتلة الذين قتلوا
بعض رعايا وطنه؟!..
6- ومَن الذي أشعل
الحرب ودمّر لبنان يا حسن، أهي
الحكومة التي أوقفت تلك الحرب
المجنونة، أم الحزب الذي قامر
لتنفيذ مآرب خاصةٍ لا صلة لها
بمصلحة لبنان؟!..
7- ولماذا يدفع
(خامنئي) كل هذه الأموال
ولطائفته فحسب، وما علاقته بهذا
الأمر، ألتعمير لبنان، أم لشدّ
أزر حلفائه الطائفيين،
لاستكمال خدماتهم في تحقيق
المشروع الفارسي الاستعماري؟!..
ثم مَن الذي سيدفع المال لتعمير
البنية التحتية والجسور
والطُرُق والمؤسسات الاقتصادية
والاجتماعية التي دمّرتها
مقامرتكم ذات الأهداف
المشبوهة؟!..
كان القتلة يسيرون
بمخطّطهم على الأرض صامتين
وزاعمين ومموِّهين.. لكن اقتراب
كشف الحقائق.. جعلهم يكشفون كل
حقيقتهم بألسنتهم، فأصبح الأمر
بالنسبة إليهم قضية حياةٍ أو
موت: إما الحياة للمشروع الصفوي
الفارسي الاستعماري، أو الموت
لهذا المشروع الخطير.. ولعل أشد
الحقائق التي كشفها سلوك القتلة
وضوحاً هي : إنهم كلهم مشتركون
في الجريمة، إنهم هم لا غيرهم،
إنهم أركان الحلف الفارسي
الصفوي المشبوه، إنهم
المرعوبون : إيران الفارسية،
والنظام الأسديّ السفاح،
والحزب الطائفي الإيراني
المقيم في لبنان!..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|