المُعَلِّم
والذين لا يتعلّمون
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
فجأةً.. وبلا
مقدّمات، سوى التوسّلات التي
كان يمارسها نظام (الصمود
والتصدي والممانعة).. طار وزير
خارجية النظام السوري إلى عُقرِ
دارِ الاحتلال الأميركي
المسمّاة بالمنطقة الخضراء في
بغداد، زاعماً أنّ زيارته ليست
إرضاءً لواشنطن، ولا توسّلاً
إليها لكي تُعيدَ تسجيل نظامه
في سجلاّت التلاميذ الطائعين
لدى البيت الأبيض ودوائر الـ(سي
آي إيه) في واشنطن، بعد أن تم
ترقين قيده لوهلةٍ بسبب تضارب
المصالح في المنطقة، وبسبب
الرغبة الأميركية بابتزاز هذا
النظام، لنشهد سقوط آخر ورقة
تينٍ تستر عورتَه (الصامدة
الممانِعة)!..
وزير خارجية
الممانعة (وليد المعلِّم)، ذهب
إلى بغداد ولا يعلم حتى الآن أنّ
أميركة تحتلها، ويظنّ أننا لا
نعلم أنّ أي (نملةٍ) إذا أرادت أن
تدخل بغداد رسمياً.. فعليها أن
تطلبَ الإذن من القوات
الأميركية المحتلة.. وأنّ أي
(خروفٍ) يرغب بدخول القلعة
الخضراء، لا بد أن تؤمَّن له
الحماية المشدّدة جداً، وأنَّ
مثل هذه الحماية لا يقدر عليها
هناك إلا جنود الاحتلال
الأميركيون.. وأنّ أي (أرنبٍ)
يريد عَقْدَ لقاءٍ مع أيٍ من
(أرانب) المنطقة الخضراء عملاء
أميركة.. لا بد له أن يطمئنّ إلى
حجم أو مدى فاعلية الوحدات
العسكرية الأميركية، التي
ستحمي لقاءاته في سراديب
الوزارات العراقية، ودهاليز
مكان إقامة ما يسمى برئيس
الجمهورية العراقية في زمن
الاحتلال!..
طار المعلِّم إلى
بغداد، فوراً بعد إطلاق توصية
وزير الخارجية الأميركي الأسبق
(جيمس بيكر) للإدارة الأميركية،
بأن تُمنَح دمشق وطهران دوراً
في إعادة ترتيب البيت العراقيّ
المحتل، لتأمين عملية إنقاذٍ
مشرِّفة للقوات الأميركية
المحتلة!.. ومع ذلك، فالمعلِّم
لم يتحمّل عناء السفر
والمخاطرة، إلا لسواد عيون
الشعبين الشقيقين: العراقي
والسوري، وتلبيةً لمصالحهما
المشتركة!.. فمنذ أكثر من ربع
قرن، لم تكن هناك مصالح مشتركة
بين الشعبين الشقيقين، أما
الآن، فماذا لو زار المعلّمُ
رفاقَ الدرب ووصلَ رَحِمَه،
واطمأنّ على الأرحام الذين
كانوا لاجئين في حضن نظامه
الأسديّ بدمشق، من أمثال:
الحكيم والربيعي وصولاغ
والطالباني والمالكي والجعفري..
والمئات من أشباههم؟!..
فجأةً، تَحرّر
العراق، وتَخلّى نظام
(الممانعة) الصامد عن أفكاره
السوداء اللعينة، وخلع عنه
عباءة (الصمود والتصدي) قبل سفره
إلى بغداد.. خلعها عند عتبات
قاعات مؤتمرات الأحزاب العربية
والقومية والإسلامية بدمشق،
وبدا زاهداً بالحجيج ومواسم
الحج إلى قصر الضيافة، وطالما
أنه لم يعد من البُدِّ بُدٌّ
لإنقاذ عُنُقِ النظام، فلتقف كل
الشعارات، وليذهب كل الأزواج
المخدوعين من حُجَّاج
(الممانعة) إلى الجحيم!..
فجأةً، تَقرّر
عَقدُ اجتماع قمةٍ (ترفيهيٍ) على
شريعة زواج (المُتعة) طويل
الأمد، بين نظام الاحتلال
العراقيّ الصفويّ، والنظامَيْن
(الممانِعَيْن الصامِدَيْن) في
طهران ودمشق، لوضع الخطة
الجهنمية الجديدة لممانعة
أميركة والكيان الصهيوني!.. وذلك
باستحضار أمجاد (حَفْر الباطن)،
التي تفتّقت عنها عبقرية
المعلّم الأكبر الراحل، بطل
الصمود والتصدي الأول، والأب
الروحي لمقاومة (الإمبريالية
الأميركية) تحت العلم الأميركي،
ضد جيش العراق العربيّ الشقيق
آنذاك!.. وباستحضار أمجاد
اتفاقيات (الخطوط الحمر)
و(الأسد-مورفي) في لبنان.. أو
باسترجاع اللحظات المجيدة
لمصافحة رئيس الكيان الصهيوني
أثناء جنازة البابا، واستلهام
اتفاقيات التعاون الثنائي
الأميركي السوري الاستخباراتي
ضد أعداء (العدوّ) الأميركي..
وقبل ذلك، استذكار اللحظات
المشرقة لموافقة نظام الممانعة
على قرار تسويغ العدوان
الصهيوني الأميركي، الصادر بحق
العراق في مجلس الأمن سنة 2003م..
وكذلك لا بد من استلهام وَحْي
النضال في (تل الزعتر وطرابلس
وحماة وتدمر..).. وأيضاً استحضار
ذكريات الأيام الذهبية للتحالف
الحميم (الفارسي-السوري) ضد
الشقيق العراقي وشعبه وجيشه
خلال حرب الثماني سنوات.. فضلاً
عن استلهام الدروس والعبر من
التسخين النضالي الثوري لجبهة
الجولان، التي لم تهدأ من
المقاومة والجهاد والنضالات
الأسدية، منذ بيعها (مفروشةً)
إلى الكيان الصهيوني قبل أربعين
عاماً!..
وحده الحليف الرابع
ضمن محور (الممانعة)، التلميذ
(حسن نصر الفرس)، الذي حظيَ
بأكبر خدمةٍ من الواهمين
والمخدوعين والجماهير العربية
والإسلامية، بحجم أكبر خُدعةٍ
صاغها لهم مع حلفائه في (مسرحية
تموز).. وحده لم تصله حاشية الدرس
الجديد من معلِّمه في الوقت
المناسب، فبقيَ يُراجع دروسَه
السابقة على (الدقّة القديمة)،
ولم ينسَ –كالعادة- التسبيح
بحمد بطل (الصمود والممانعة)
بشار بن حافظ الأسد.. فكان في نفس
الوقت يجعجع في لبنان، متّهِماً
الحكومةَ اللبنانيةَ الوطنيةَ
المنتَخَبة، بأنها تتلقى
أوامرها من السفارة الأميركية
في بيروت، لذلك يتوجّب إسقاطها
لأنها حكومة عميلة لأميركة!..
ويبدو أنّ المخبِر قد تأخر
بإبلاغه نبأ وصول معلِّمه لتوّه
إلى العاصمة العراقية المحتلة،
معزَّزاً مُكَرَّماً في ضيافة
السفارة الأميركية وسط المنطقة
الخضراء!.. وحده التلميذ (حسن)
يصرخ ويجعجع في بيروت، ويملأ
الدنيا ممانعةً وشرفاً، بينما
حلفاؤه (الأطهار) في بغداد ودمشق
وطهران، يقفون بكل (شموخٍ)
وصلابة، ضد المشروع الأميركي
الصهيوني في المنطقة.. الخضراء!..
نعرفهم جيداً:
المعلِّم وكل معلّميه،
ونفهمهم، ونحفظهم عن ظهر قلب..
لكن المأساة تكمن في الذين لم
يتعلّموا، ولا يريدون أن
يتعلّموا.. أليس كذلك يا أستاذ
(ياسر الزعاترة)؟!.. ويا أشباهه
الذين ما يزالون يَطربون أو
(يَسْكَرون) على شعارات المعلّم
وحلفائه ومُعلّميه؟!.. فكم (عبد
الله أوجلان)، وكم مجموعةً
وطنيةً كمجموعات (الأهواز)..
سيدفعها اليوم نظامُ الممانعة،
قرباناً للإمبريالية الأميركية
التي يتصدّى لها ويُمانعها؟!..
وحدها المقاومة
العراقية البطلة، ستُعلِّم
المعلِّم ومعلِّميه وحلفاءه
القدامى والجدد.. ستعلّمهم
جميعاً درسَها الخاص في أصول
المقاومة والممانعة والصمود
والتحرير، ثم ستُحيل كلَّ هؤلاء
الدجّالين الذين يرتدون عباءة
المعلِّمين.. ستُحيلهم إلى
(التقاعد) الأبديّ، لإنقاذنا
وإنقاذ أمّتنا، بإذن الحي الذي
لا يموت!..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|