النظام
السوري ...وانتظار تمديد الدور
...!
د.نصر
حسن
في رؤية القوى
الدولية للدور السوري وجه واضح
وصحيح على المستوى الإستراتيجي
وهو الدور المفصلي في الكثير من
القضايا الشائكة التي تعاني
منها المنطقة العربية , وبعض
تداخلات هذا الدور على الساحة
السورية نفسها ,والبعض الآخر
يتوزع على ديموغرافية المنطقة
الإقليمية حسب سخونة الأحداث
فيها وحسب موقعها ضمن الجدول
الإستراتيجي للذين يتحكمون
بالمنطقة عبر التدخل
المباشرحينا ً,وغير المباشر
حينا ً آخر بتقديم الغطاء
والدعم للنظم الفردية
الديكتاتورية للمحافظة على
مصالحهم , وأوضح مثال هو النظام
السوري.
ليس هناك أي جديد في
سياسة النظام السوري على
المستوى الإقليمي , وليس هناك أي
تغييراستراتيجي لتوازنات القوى
الرئيسية التي تلعب بالمنطقة
العربية , وليس هناك أي مفاجأة
إنسانية بحجم الدماء التي تسيل
في المنطقة العربية ,وليس هناك
أي جديد في البنى السياسية
للنظم التي تحكم دول المنطقة ,
والكل يتحرك ضمن الدائرة
الإستراتيجية المرسومة له ضمن
سياسة المنطقة وتطورها على مبدأ
"الفوضى الخلاقة "
, الجديد هو أن أحد أقطاب
التوازن الدولي قد انهار وكان
يمثل سند أساسي للنظام السوري ,
والجديد هو فقدان الإستراتيجية
للنظم العربية وبالتالي فقدان
أي دور في مسار الأحداث
المتلاطمة في الشرق الأوسط ,والجديد
الآخر والأخطرهو النظام السوري
بدوره الجديدعلى إشاعة الفوضى
على مستوى المنطقة , هذا الجديد
المتناقض هو سبب كل هذا اللغط
على المستوى الإقليمي والدولي
حول الدور السوري , وحول دعم
النظام السوري من عدمه , أو دعم
قوى التغيير الديموقراطي
الحقيقي في سورية والمنطقة بشكل
مرن بعيد عن الإنهيارات
والإنكسارات التي يصعب
معالجتها واحتوائها.
بعض الأسئلة
العائمة حول دور النظام السوري
يمكن الإجابة عليها من خلال
معطيات وضع النظام على مستوى
سورية الداخلي ,الذي تعكسه آلية
عمل النظام السياسية
والإقتصادية والإجتماعية التي
يحكمها الفشل الذريع على كافة
المسارات , فعلى المستوى
السياسي الداخلي شاخت البنية
السياسية للنظام شكلا ً ومضمونا
ً والنظام مستمرفي البقاء كمريض
في غرفة الإنعاش يساعده على ذلك
بقايا أجهزة أمنية مبنية أساسا
ً على العنف والقمع ومصادرة
الحريات,وجيش حائر بين نظام
ينهار وبين روابط معه لم تعد في
معظمها حية وبين مصير وطن مهدد
ولأول مرة في تاريخه الحديث من
قوى إقليمية ودولية والنظام غير
قادرعلى تأدية دوره بمسؤولية
لحماية البلاد,وبين شعب أنهكه
القمع والفساد والفقروفوضى
النظام .
وعلى المستوى
الإقتصادي أصبحت سورية في عداد
الدول الفقيرة حيث الحالة
المعاشية المتدهورة باستمرار ,
وقد تكون هي العامل الأساسي في
التغييرلأنها أصبحت حالة عامة
والنظام لم يعد قادرا ًعلى
ترميم الهيكلية الإقتصادية
وإعادتها إلى الخدمة من جديد,
وعلى المستوى الإجتماعي أصبحت
التناقضات والإنهيارات
الإجتماعية على مستوى الشعب
حالة معقدة حيث الفقر والأمية
والفساد وتخلخل العلاقات
الإجتماعية والإحتقان الوطني
يؤشر أعلى مستوياته في تاريخ
سورية الحديث والقديم .
وبناء ً على هذه
المعطيات الداخلية لوضع النظام
وضعف علاقاته مع الدول العربية
والدولية التي تتميز بعزلة
كبيرة لم تعهدها سورية من قبل ,
ولم يعد له دورعلى المستوى
الإقليمي" إلا إذا وفقط إذا
" تم إعادة الإعتبار له من قبل
المجتمع الدولي على ضوء الفوضى
التي تعيشها المنطقة لمحاولة
ضبط بعض الفلتان السياسي
والأمني وتجاوز الخوف من أن
تنزلق الأمور إلى عواقب يصعب
السيطرة عليها في رمال الشرق
الأوسط المسكونة بكل أنواع
المفاجآت.
والنظام السوري جاهز
نظريا ً لهذا الدور بل هو محور
سياسسته على المستوى الإقليمي
وسلوكه في لبنان وفلسطين
والعراق هو خلاصة هذا الدور ,
ربما المشكلة التي جعلت المجتمع
الدولي يتردد هو ضعف أداء
النظام على كافة المستويات
الداخلية والإقليمية , والأكثر
من ذلك هو التناقض مع الخارج على
أرضية ضعفه وليس على أرضية
الحرص على الديموقراطية ,
أولخلاف على نوع الهيكل
الديموقراطي الذي يراد بناؤه في
هذا الشرق !.
وواقعيا ً وعمليا ً
من الناحية السياسية
والإقتصادية وكل معاير الحكم لم
يعد للنظام السوري أي
دور يقوم به وهو في وضعه الحالي ,
وللمحافظة على وجوده يحتاج إلى
متانة وضعه الداخلي وحاضنة
سياسية وشعبية لم يعد يملكها في
سورية , وقوة داخلية مبنية على
قمع شديد كماحدث في الماضي وهذا
لايمكن أن يتحقق له سوى بممارسة
جديدة شاملة للقمع الشديد على
مستوى سورية والقيام بخطوات
عنيفة ضد النشطاء السياسيين
والمجتمع بشكل عام كما حدث في
الثمانينات والتي تؤدي إلى
إجهاض كل بدايات التغيير وتغييب
الشعب بشكل كامل عن مسرح
الأحداث ,و النظام غير قادر على
القيام به سوى بشرط وحيد وهو
الغطاء الخارجي على شرط تأدية
دوره في البؤر الساخنة على
المستوى الإقليمي , أي الرجوع
إلى مبدأ " ترومان " وسياسة
الحرب الباردة " الإستقرار
الدولي ودعم النظم الفردية على
حساب الديموقراطية " أي عودة
على بدء إلى دعم النظم
الديكتاتورية وأولها بحكم
مصالح الإستراتيجية الدولية في
المنطقة هو سورية ونظام الحكم
فيها .!.
يبقى النظام السوري
يمتلك دور سورية المتشابك بشكل
كبير مع محيطه العربي
والمؤثرعلى مستوى الصراع
المتعدد الوجوه التي تشهده
المنطقة العربية, لكنه يفتقر
إلى قوة النظام واستقراره أي
تأثير الدور على المستوى
الإقليمي , ولسنوات من انتظار
القوى الخارجية للنظام عله يعيد
تأهيل نفسه ويتأقلم مع المعطيات
الجديدة من فلسطين إلى العراق
إلى لبنان إلى سورية نفسها التي
أصبحت على فوهة بركان لاأحد
يعرف إذا انفجرت الأمور إلى أين
ستصل شظاياها .
سيبقى النظام
السوري يتخبط في سورية ولبنان
والشرق العربي عامة وبشكل خاص
في لبنان حيث قرر أن يخوض آخر
معاركه والموقف الدولي بهذا
التردد منه ومن قضية التغيير
الديموقراطي في سورية يرتكب
ثاني الأخطاء الكبيرة التي
تتحول فيها سياسة " الفوضى
الخلاقة " إلى فوضى مدمرة
حقيقية على مستوى المنطقة وقد
تكون بداية الفشل الذريع
للإستراتيجية الدولية في
المنطقة العربية .
أخيرا ً سيبقى
خيارالتغيير في سورية إحدى
المهات الأساسية المبني على
استحقاقات داخلية أكثر منها
خارجية وهو مرهون بقوة المعارضة
وبتقاطع الأدوار والمصالح
لسورية والقوى الإقليمية
والدولية التي تتقلص مساحة
تأثيرها مع سياسة الإنتظار ,
انتظار النظام أن يلملم نفسه
ويضبضب أطرافه ويجلس في المكان
المخصص له وينفذ الدور المطلوب
منه , وسيبقى لبنان هو المحك
القريب والمباشر للنظام السوري
وللقوى الدولية والإقليمية,
وتبقى القدرة على تشكيل المحكمة
الدولية ومحاسبة المجرمين هي
محك الصدقية والجدية في معالجة
جرائم واستعصاءات النظام
وسلوكه في لبنان والمنطقة ,المحك
الغربال الذي سيفرز الكثير من
المختلطات من البرامج
والمشاريع التي يجري اختبارها
وتنفيذها خلافا ً لإرادة شعوب
المنطقة ومستقبلها.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|