ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 26/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ماذا حلم الرئيس ؟ و كيف فُسّر حلمه ؟

د. هشام الشامي*

ما إن اطمأنت حرم السيد الرئيس إلى دخول السيد الرئيس في مرحلة النوم العميق ، بعد صراع طويل مع القلق و الأوهام و أحلام اليقظة و الشرود الذهني و الأرق الشديد الذي أصبح يلازم السيد الرئيس كل ليلة منذ أشهر عديدة ، و يمنعه من النوم الهنيء ، و يجعله يكره أفول النهار و اقتحام الليل بكوابيسه المخيفة لعالمه و حياته ، و يخشى رؤية غرفة النوم ، و يعاني من رهاب ( فوبيا ) سرير النوم ، حتى زفرت زفرة حارة ، و وضعت يديها الناعمتين على مخدتها المنتفخة خلف رأسها ، و أغمضت جفنيها الناعستين ، و حاولت أن تخلد إلى النوم اللذيذ ، بعد كل هذا التعب و الجهد الذي بذلته ، و هي تحاول إقناعه ، أن يضع هموم الدنيا خلف ظهره ، و يبعدها عن فكره ، و يحاول أن ينام ليرتاح ، لأنها و أولادها و عائلتها و البلد و الأمة و البشرية و الإنسانية و التاريخ و الحضارة و الكون كله بحاجة إليه ، و بحاجة لصفاء ذهنه ، و قوة تركيزه .

و قبل أن يسيطر عليها سلطان النوم و تمخر في عبابه طائعة مسلّمة ، و بينما! كانت تراجع في ذهنها تلك الساعات الثقيلة التي أصبحت تلازمهما قبل النوم كل ليلة ، وإذ بالسيد الرئيس يصرخ صرخة شديدة اهتزت لها أركان القصر الرئاسي الرحب ، و تصدع منها الجبل الأشم الذي بني عليه ذلك القصر العظيم ، و تزلزلت منها أطراف العاصمة التي يطل عليها القصر المشيد ، ثم رفع رأسه عن مخدته بسرعة البرق ، و جلس في فراشه ، و قد ثنى ركبتيه ، و عطف صدره على فخذيه ، و أسند ذقنه إلى ركبتيه ، و وضع كفيه على وجهه، وهو يبكي و ينتحب كامرأة مفجوعة أو طفل مكلوم.

رفعت رأسها خائفة مذعورة ، و التفتت إليه و هي تسأله : ما بك ، ماذا دهاك ؟. لكنه لم يجب ، و استمر يجهش بالبكاء . وضعت كفها فوق رأسه ، و هي تحاول أن تخفف عنه و تقول : هوّن عليك ، لا بد أنه كابوس ثقيل . هزّ برأسه ؛ و استمر يجهش بالبكاء ، و دخلت عليهما أم الرئيس و أخته ، و هما يتساءلان : ماذا جرى ؟، لماذا يصرخ السيد الرئيس ؟ .

التفّت نسوة القصر حول سيادته و هن يخففن عنه ، و يهدئن من روعه ، و يسألنه أن يقص عليهن هذا الحلم المزعج الذي قض عليه مضجعه ، و أيقظه في أول لحظات نومه .

و شيئاً فشيئاً بدأ الرئ! يس يتمالك نفسه ، و خاصة عندما ذكّرته أمه أنه رئيس ابن رئيس ، و هذه الأ فعال الصبيانية لا تليق بالرؤساء المؤلهين و القادة الملهمين ، و واجهته أخته قائلة : ليس جيداً أن يبكي الرئيس الفريق القائد كالأطفال كل ليلة ، أفرغ ما بصدرك ، و اشرح لنا ما أصابك ، قصّ علينا هذا الحلم المزعج علنا نستطيع مساعدتك .

تمالك الرئيس نفسه و استجمع قوته و بدأ يقص عليهن حلمه المزعج ، و قد تسمرت عيناه بجهة النافذة المقابلة التي تطل على بيوتات العاصمة و شوارعها :

رأيت نفسي أسبح في بحر لجي لا شاطئ له ، و كان يسبح بقربي والدي الراحل ، ثم سلمني فراشاً بحرياً أبيض اللون منتفخ ، يسبح فوق الماء ، و عليه آثار دماء حمراء كثيرة ، بعضها متجلط و بعضها ما زال ينزف ، استلمته منه و أنا مندهش من تلك الدماء ، و أتساءل في نفسي : من أين جاءت تلك الدماء ، و عندما أردت أن أسأله غطس تحت الماء ، ثم أتت موجة شديدة حالت بيني و بينه ، و لم أعد أراه ، أحسست بعده برهبة فظيعة ، و فكرت أن أبدأ بتنظيف الفراش البحري من الدماء لأستقله و أسير به إلى بر الأمان ، لكن الدماء النازفة كانت كثيرة ، و أحسست أنني أضعف من أن أنظفها ،و أن هناك من يمنعني من تنظيفها ، و بدأت أرى حولي بعض الرؤساء العرب و غ! ير العرب ، و هم يستندون لفرش بحرية مشابهة و لكن بألوان مختلفة ، و عليها دماء بنسب متفاوتة ، أذكر أنني رأيت منهم الرئيس القذافي الذي استبدل فراشه بإوزة بيضاء ضخمة سلمها إياه الرئيس بوش ، فركبها و ساقته إلى الشاطئ البعيد ، و رأيت صدام حسين و قد تكالبت عليه أسماك القرش و أسماك من مختلف الأحجام و الأشكال و الألوان ، و هي تنهشه و تغرز أسنانها في جسده ، و نحن ننظر إليه شامتين فرحين ، و ما زالت الأسماك تنهش لحمه ، و هو يمسك بالفراش لا يريد أن يتركه ، حاول كوفي عنان أن يعطيه عجلة مطاطية صغيرة ، ليركبها إلى الشاطئ ، لكنه رفض ، و ظل متمسكاً بفراشه ، حتى نهشت الأسماك لحمه ، و قضمت عظمه ، ثم أتاه حوت ضخم التهم ما بقي منه مع فراشه المدمى .

و ما إن انتهت الأسماك المتوحشة من التهام صدام حتى التفتت إلي و بدأت تسبح نحوي ، و بدأ قلبي يخفق بقوة خوفاً و رهباً ، و رأيت بعضاً من السوريين الذين ينادون بالإصلاح و التعددية و يدعون إلى مؤتمر وطني شامل ، ممن سجنتهم أو نفيتهم أنا و والدي من قبلي ، يحاولون أن يساعدوني ، في تنظيف و إصلاح الفراش لنركبه و نسير به إلى الشاطئ ، لكنني رفضت مساعدتهم مكابرة! و عنداً ، فانفضوا من حولي ، و هم يرون جيشاً من الأسماك المتوحشة تتجه إلي و أنا ما أزال متمسكاً بفراشي المدمى ، ثم رأيت خامنئي يحاول مساعدتي ، و طلب مني أن أستبدل فراشي بفراش آخر قدمه لي و هو يقول : هذا أفضل ، و سيساعدك على الهروب من تلك الأسماك المتوحشة. و فعلاً تخليت عن الفراش الذي سلمني أياه والدي فتخاطفته أيدي السوريين الذين انفضوا من حولي و تعاونوا على تنظيفه و إصلاحه ثم ركبوه جميعاً و ساروا به نحو بر الأمان ، أما أنا فأخذت الفراش الذي أعطاني أياه خامنئي ، و حاولت أن أركبه لأهرب به مما ينتظرني لكنني لم أستطع ذلك ، و بدأت الأسماك الجائعة تنهش قدميّ و جسدي ، و بدأت الدماء تنفر مني من كل ناحية ، و كدت أن أموت من الرعب ، ثم جاء من بعيد حوت ضخم أسود مخيف ، يحمل علماً أبيض رسمت عليه صوره لم أتبين ملامحها من شدة خوفي و هلعي ، و عندما أقترب مني ذلك الحوت الضخم رأيت صورة رفيق الحريري على ذلك العلم ، و رأيت وجه المحقق البلجيكي برايمتز مطبوعة على جبين الحوت ، فازداد خوفي ، و جفت عروقي ، و أصفر لوني ، و تخشبت مفاصلي ، و شعرت ببرد شديد يسري في أنحائي ، و فغر الحوت فمه الواسع الضخم ليلتهمني مع فراشي ، و قبل أن يطبق فكه علي ، صرخت من أعماقي و استيقظت و ! قد جفت الدماء في شراييني .

ما إن انتهى الرئيس من سرده ؛ حتى صرخت زوجته الشابة : يجب أن أحضر له أفضل الأطباء النفسيين من لندن ، لا يمكن أن يستمر على هذه الحال ، يجب أن يشفى ، نحن و الأمة بحاجة له .

فردت أخته : و لماذا الأطباء النفسيين ؟ و لماذا الفضائح ؟ حتى يُقال عن الرئيس أنه مجنون ، دائماً تتفلسفين علينا و أنت لا تفقهين شيئاً ، إنه بحاجة لمن يفسر له منامه .

أجابتها زوجته : سأحضر له أفضل العرافين و أشهر محضري الأرواح في لندن ...

قاطعتها أمه : لا حاجة لنا بعرافينك ، فلدينا أفضل منهم ، سأتصل بالشيخ حبش .

و وافقتها أخته قائلة : و سأتصل أنا بالشيخ حسون .

و صل الشيخان ( الطائران ) بلمح البصر ، و بعد أن استمعا لحلم السيد الرئيس ، سأل الرئيس الشيخ حبش قائلاً : ما تأويلك يا حبش ؟

أجاب الشيخ حبش بعد أن شد و رتب ربطة عنقه الحمراء الفاقعة ؛ و هو يجوّد و يرتل كلماته ترتيلاً : خيراً يا سيادة الرئيس ، سينجيك الله من أعدائك أجمعين ، و ستبرّأ من اغتيال الحريري في آخر الأمر ، لأن الله أيقظك في اللحظة الحاسمة و قبل أن يلتهمك حوت برايمتز اللعين .

فقال الرئيس : ! أعطوا حبشنا هذا ألف دينار و ألف درهم ، و قربوه رتبة في سلم درجات العبي د . ثم التفت إلى الشيخ حسون قائلاً : و أنت يا حسون ما تأويلك .

أجابه حسون و بسمته الصفراوية المعتادة المصطنعة تملأ وجهه ؛ بعد أن رفع لفته البيضاء الكبيرة عن رأسه ، و أخرج منديلاً من جيب جلبابه الفضي الطويل ، و مسح العرق عن صلعته ، و أعاد لفته عليها و هو يقول : ما شاء الله يا سيادة الرئيس ، لقد اصطفاك الله و قربك و جعلك مع الأنبياء المخلصين ، و أصبحت كصاحب الحوت نبينا يونس ؛ ذا النون ؛ الذي نادى ربه بعد أن التقمه الحوت و هو في بطنه ، فاستجاب له ربه و نجاه من ظلمات بطن الحوت و ظلمات البحر ، و كذلك سينجيك الله من كل هم و غم ، و يهلك أعداءك أجمعين ، و هذه رؤية صالحة لا يراها إلا الأنبياء و الأولياء و الصالحون المقربون .

انشرح صدر الرئيس ، و طفح وجه أبو البشر بالبشر ، و صاح بمن حوله : أعطوا حسون هذا ألف ألف دينار و ألف ألف درهم ، و قربوه درجتين في سلم العبيد .

تطاولت ابتسامة الشيخ حسون المصطنعة حتى وصلت أطراف شفتيه إلى شحمتي أذنيه ، و نظر إلى الشيخ حبش بطرف لحاظه نظرة لؤم و خبث ، فتمتم الشيخ حبش بضع كلمات في نفسه و قد قتله الغيظ : أشهد أنك أكذب مني ، لقد سبقتنا جميع! اً في الدجل و النفاق ، علمناك على الشحاذة فسبقتنا إليها ، موعدنا في جولة قادمة أيها الحسون المأفون .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ