ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 27/11/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"عضُّ أصابع" .. لكن لا حروب جديدة

صبحي غندور*

رغم كآبة المنظر الذي يلفّ أرض العرب بسبب حروب وأزمات قائمة، فإنّ توازن الرعب والخوف من تصعيد الحروب والأزمات، سيدفع ربّما المعنيّين بها إلى محاولة البحث عن مخارج لها، بعدما لمس كل طرف مخاطر التصعيد وانسداد الأفق أمامه.

فالسنوات الست الماضية شهدت أقصى درجات التصعيد العسكري والتأزّم السياسي في عموم أزمات منطقة الشرق الأوسط، ولم ينجح هذا التصعيد أو التأزّم في تحقيق المشاريع الخاصّة لأي طرف  عمل على افتعال أو تأجيج هذه الأزمات.

وبدون شك، فإنّ الإدارة الأميركية هي المسؤول الأول عن إشعال أزمات جديدة أو عن تجاهل إطفاء أخرى قديمة في المنطقة.

ستُّ سنوات مضت استخدم فيها، شارون أولاً ثمّ أولمرت وبدعم كبير من إدارة بوش، أقصى درجات العنف الإسرائيلي ضدَّ الشعب الفلسطيني ولم ينجح ذلك في إخضاع الفلسطينيين أو إيقاف مقاومتهم.

كذلك قامت الآلة العسكرية الإسرائيلية بحرب عدوانية شاملة ضدَّ لبنان، وبدعم علني من إدارة بوش، ولم تنجح هذه الحرب أيضاً في تحقيق أهدافها رغم الدمار الواسع الذي خلّفته.

أمّا العراق، فقد شهد وما يزال أقصى درجات الانغماس العسكري الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، ولأوّل مرّة في تاريخ المنطقة، ممّا سيترك آثاراً عميقة على مصير المصالح الأميركية فيها وعلى مستقبل العلاقات العربية الأميركية.

ومن رحم هذه الحروب على أراضي فلسطين ولبنان والعراق تتوالد أزمات سياسية وأمنية عديدة أبرزها الآن مخاطر الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية، إضافة إلى الصراعات السياسية والتنافس على السلطة والحكم، بل وعلى المعارضة أحياناً.

ومع هذه الحروب المفتعل بعضها من إدارتي الحكم في واشنطن وتل أبيب، أو المنفعل بعضها الآخر من قبل أطراف سياسية محلية، تصاعدت الأزمة الأميركية/الإيرانية لتصل أيضاً إلى أقصى درجات التصعيد بين الطرفين منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران.

فالصراع الأميركي/الإيراني الآن هو صراع على حاضر الأزمات ومستقبل الحلول معاً. وهو أشبه بما كانت عليه صراعات الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والغربي حيث التصادم العسكري المباشر محفوف بمخاطر كبيرة فيكون الصراع البديل من خلال حلفاء وأطراف أخرى فاعلة على ساحات الأزمات.

هذا هو الآن حال منطقة الشرق الأوسط بما فيها الواقع الإيراني والعامل الإسرائيلي المتداخلان مع تداعيات الانحدار الحاصل في أوضاع المنطقة العربية والفشل الكبير لسياسة الإدارة الأميركية الحالية.

إذن، كل الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية المعنية الآن بأوضاع منطقة الشرق الأوسط هي في مأزق كبير وتبحث ضمنياً عن مخارج للأزمات حيث أنّها عاجزة عن التقدّم إلى الأمام، ولا تريد طبعاً الرجوع إلى الوراء، ولا تجد ضمانات لمصالحها في حال المزيد من التصعيد والتأزّم. حتى قوى "المقاومة" في فلسطين ولبنان والعراق تدرك الآن حدود سقف أعمالها وصعوبة تجاوز هذا السقف في بناءٍ عربيٍّ متصدّع ومنزلٍ وطني مختلَف عليه بين أفراد الأسرة الواحدة! فالمعضلة الآن أنَّ نهجيْ "التسوية" و"المقاومة" كلاهما وصل في مسيرته إلى جدار كبير يسدّ طريقه. قد يختلف الجدار لكن النتيجة واحدة. ولعلَّ خير مثال على ذلك هو الأوضاع السائدة الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

الأمر نفسه ينطبق على الحكومات والدول، حيث مأزق الدول الداعمة للمقاومة أنّها عاجزة عن دخول الحرب مباشرةً ولا تستطيع فرض تسوية مشرّفة، فقلبها مع "المقاومة" وعقلها ينشد التسوية السياسية!

أمّا دول "التسوية" فهي في ظرف أسوأ وأشدّ حرجاً حيث أنّها ترفض نهج المقاومة وتعلن فشل عملية السلام، ولا تقوم بالحدّ الأدنى الممكن من قطع العلاقات الدبلوماسية مع القائمين بالاحتلال، وكأنّها بذلك تدعو العرب إلى التخلّي الكامل عن أي مسؤولية سياسية أو عسكرية تجاه الاحتلال والعدوان والقبول بهما دون أي شروط أو قيود!! فحكومات "التسوية" لسانها ينطق برفض نهج المقاومة وبالحديث عن مبادرات سلمية، لكنّه "لسان" طري في فمٍ بلا أسنان، فلا هو يخيف عدوّاً ولا يردع خصماً!!

ولعلَّ الحرب في العراق هي الآن "نموذج" لكلِّ الحروب والأزمات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وأيضاً للأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة في تطوّراتها.

ففي العراق حرب بين احتلال ومقاومين له، وحرب بين جماعات إرهابية فعلاً وبين رافضين لهذا النهج، وحرب بين مناطق وطوائف ومذاهب وإثنيات، وحرب بين قوى إقليمية مجاورة، وحرب بين مشاريع تقسيمية إسرائيلية، وفيدرالية أميركية، وتوحيدية وطنية، مع تنوّع رؤى القوى الإقليمية لمستقبل العراق بوجود هذه المشاريع الثلاثة!!

هي في العراق أيضاً، حرب بين ماضي النظام وحاضر الحكم، بين الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري والحكم الديكتاتوري أو بواسطة الانتخابات الحرّة في وجود الإحتلال. أيضاً، بين الداعين الآن إلى الممارسة الديمقراطية وإقامة الدولة العادلة وبين المعتمدين على الميليشيات للحفاظ على السلطة أو الانقضاض عليها.

وقبل ذلك كلّه، الحرب في العراق هي حرب الصراع على النفط والهيمنة على مصادر الطاقة في منطقة الخليج وعلى التحكّم برقاب الاقتصاد العالمي وشرايين الحياة في الدول الصناعية الكبرى. لذلك، فإنّ الحرب في العراق كانت وستبقى أولوية الإدارة الأميركية ولن يكون سهلاً الانسحاب الأميركي منها أو التخلّي عن هدف التحكّم بنتائج تداعياتها.

لكن من "إيجابيات" سلبيات "النموذج العراقي" الحاصل الآن أنَّ الإدارة الأميركية اضطرّت إلى التراجع عن مقولة "النموذج الديمقراطي العراقي" للمنطقة التي طرحتها هذه الإدارة عقب غزو العراق مباشرة، ثمّ ألحقتها بشعار "الفوضى البنّاءة"، ثمّ بأطروحة "الشرق الأوسط الجديد". وكلّها سياسات أميركية أثبتت التطوّرات فشلها حتى الآن.

أيضاً، الضغوط السياسية الأميركية لتشجيع العمليات السياسية الديمقراطية في المنطقة، أدّت إلى فوز من يخالفون الإملاءات الأميركية أو إلى مشاريع حروب أهلية تسمح بتدخّل قوى إقليمية معادية لسياسة واشنطن.

والمحصّلة من ذلك كلّه الآن، أنّ هناك تراجعاً في السياسة الأميركية يُعبَّر عنه حالياً في المراجعة لهذه السياسة على أعلى المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية في واشنطن.

وخلال هذه الفترة الزمنية من "المراجعة الأميركية"، فإنّ الصراعات مستمرّة في "الشرق الأوسط" لكن بأسلوب "عضّ الأصابع"، لا قطع الرؤوس أو كسر الرقاب. فلا حروب جديدة بالمنطقة خلال المدى القريب المنظور رغم التهويل الحاصل على أكثر من ساحة ومع أكثر من طرف، بما في ذلك الصراع الأميركي/الإيراني، وآفاق الصراعات المحلية في لبنان وفلسطين والجبهة الإسرائيلية مع سوريا ولبنان.

هي فترة زمنية ستغلب عليها محاولات تحسين "الأوراق التفاوضية" للأطراف المحلية والخارجية ريثما تتوصّل "المرجعية" الأميركية الوحيدة الآن لأزمات المنطقة إلى خلاصات جديدة لمراجعاتها السياسية، والتي ستظهر ملامحها مع إعلان نتائج أعمال لجنة بيكر/هاملتون ثمّ في الخطاب السنوي للرئيس الأميركي بعد شهرين من الآن تقريباً.

المشكلة أنّ العرب يعيشون (وبعضهم يموت) في خضمّ هذه الأزمات القائمة على أرضهم وأوطانهم بلا مرجعية عربية واحدة وفاعلة!!

*(مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن)

 alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ