حافظ
الأسد ينتقل من حفر الباطن
إلى المنطقة الخضراء!!
أو
الزيارة المشبوهة
محمد
الزعبي
1.
كمعارض عربي سوري للنظام
السوري الديكتاتوري الوراثي ،
وكمنتم لفكر وأيديولوجية حزب
البعث العربي الإشتراكي الذي تم
اختطافه وتشويهه وتغيير مساره
الوطني والقومي من قبل هذا
النظام ( بصورة جزئية قبل حركة
حافظ الأسد التصحيحية 1970 ،
وبصورة كلية بعد قيام هذه
الحركة وانفراد حافظ الأسد
بالسلطة.) أجدني مسرورا لهذه
الزيارة ( غير المفاجئة لمن يعرف
أبعاد اللعبة القائمة في
المنطقة ) لوزير خارجية
بشارحافظ الأسد وليد المعلم
للمنطقة الخضراء في بغداد ، في
الفترة من 19 إلى 20 نوفمبر 2006 ،
والتقائه بمثيله في الشكل
والمضمون هاشبار زيباري
، أو إذا شاء القارئ الكريم
هاشبار دبليو بوش زيباري ! .
أما سبب سروري لهذه الزيارة
التي وصفها أحد المواقع
الإعلامية العربية بـحق بـ
السقطة السيلسية في الوقت
الضائع ، فلأنها أزالت لبساً
سياسياً كان قائما ـ بهذه
الصورة أو تلك ـ بين بعض أطراف
المقاومة الوطنية العراقية
للاحتلال الأمريكي ، وبعض
أطراف المعارضة السورية التي
تؤيد المقاومة العراقية
البطلة التي تتصدى لهذا
الإحتلال الغاشم منذ العاشر من
أفريل عام 2003 تأييدا مطلقاً .
ويتمثل
هذا اللبس السياسي ،الذي أشرنا
إليه ، في أن بعض
الإخوة المناضلين في المقاومة
العراقية، قد خدع( بضم الخاء) في
بعض الأحيان، بالتراشق الكلامي
بين نظام بشار اللأسد من جهة ،
وكل من الولايات المتحدة
وإسرائيل من جهة أخرى
وخيل إليه ( أي البعض ) أن
نظام دمشق هذا
ذا الأصول البعثية ، يمكن أن
يكون مختلفا عن بقية الأنظمة
العربية التي تواطأت مع
الولايات المتحدة ضد العراق في
حربي 1991 و 2003
. ولعل مثل( بفتح الميم والثاء )
هؤلاء الإخوة في المقاومة
العراقية كمثل العديد من
عناصر المعارضة السورية الذين
بدورهم قد خدعوا( بضم الخاء
أيضاً) بما عرف بـ
خطاب القسم ( للوريث الشاب !)
الذي جعل ـ أي خطاب القسم ـ الكثيرين
يعتقدون أن سورية باتت حبلى
بربيع دمشقي سوف تفتح
ولادته(رغم طابعها القيصري)
للجماهير باب الديمقراطية على
مصراعيه ، وكانت النتيجة أن(
الوريث الشاب) بدلا من أن يفتح
للجماهير الشعبية
باب الديمقراطية ، فتح لها
ولقياداتها السياسية والثقافية
والإجتماعية أبواب
السجون والمعتقلات ، وتحول نسيم
ربيع
دمشق الواعد إلى
عاصفة هوجاء اكتسحت في طريقها
كافة رموز المعارضة الوطنية
في سوريا، بدءاً من رياض الترك و
عارف دليلة وحبيب عيس ورياض سيف
ومامون الحمصي
وفاتح جاموس وعبد
العزيزالخيّر وأصلان عبد
الكريم ...الخ وانتهاء برموز
إعلان دمشق ، وإعلان بيروت ـ
دمشق/ دمشق ـ بيروت ولاسيما
ميشيل كيلو وكمال اللبواني
ومحمد العبد الله وأنور البنّي
والعديد من ناشطي ورواد منتدى
الأتاسي ، مرورا بمئات إن لم يكن
آلاف المناضلين
من المواطنين الشرفاء
الآخرين الذين تم الزج بهم في
زنازين النظام
التي باتت لكثرتها عصية على
العدّ .
إن هذا يعني أنه على الإخوة
والرفاق في المقاومة الوطنية
العراقية الباسلة
، ألاّ يلدغوا من ذات الجحر
الذي سبق أن لدغ منه إخوانهم في
ا لمعارضة السورية ، والتي هي
النصير الحقيقي لهم في ربيع
وخريف وشتاء وصيف دمشق .
2.
إن إزالة الإلتباس الحاصل بين
المقاومة العراقية والمعارضة
السورية ، فيما يتعلق بالموقف
من النظام السوري الراهن ،
والذي ساهمت زيارة وليد المعلم
الهاشزيبارية
بتحقيقها ( أي إزالة
الإلتباس )، باتت تسمح
لقلم الرصاص ، في
أن يقول اليوم مباشرة ماكان
يقوله بالأمس مداورة. ولسوف
يكتفي قلم الرصاص هنا بتعداد
أبرز المواقف
اللاوطنية واللاقومية
واللاديموقرطية للنظام السوري
و التي لاتحتاج إلى كثير من
الشرح والتوضيح والتوثيق نظراً
لشدة وضوحها ، والتي تكشف
الغطاء عن تآمر النظام السوري
بجيليه ( الأب والإبن ) على
القضايا العربية عامة ، وعلى
القضيتين الفلسطينية والعراقية
خاصة ، ناهيك عن موقفه الراهن
الذي لايحسد عليه من القضية
اللبنانية ومن المحكمة الدولية
. وتتمثل ابرز القضايا التي
لاتسمح لأي مناضل أن يمنح
ثقته لهذا النظام الديكتاتوري و
العسكري والطائفي في آن واحد :
ــ مصادرة
الحياة الديموقراطية في سورية
جملة وتفصيلاً ، وتغطية هذه
المصادرة ، بالتبني الشكلي
لأيديولوجية حزب البعث
بأبعادها القومية والاجتماعية
والإشتراكية ، وتثبيت ذلك في
المادة الثامنة من دستورحافظ
الأسد لعام 1973 بنصها على أن حزب
البعث العربي الإشتراكي هو
الحزب القائد للدولة والمجتمع
في ج ع س !! ثم إفراغ هذه المادة
من مضمونها في المواد اللاحقة
التي أعطت لحافظ الأسد ، بوصفه
رئيسا للجمهورية ، كل الصلاحيات
التي لايملكها أي رئيس أو ملك أو
امبراطور في وقتنا الراهن . بل
وسمحت له بالجمع
والدمج بين منصبي رئيس
الجمهورية ، والأمين العام لحزب
البعث الحاكم وبتعيين أعضاء
المحكمة الدستورية
المسؤولة عن محاسبة الرئيس
نفسه، مما يعني عمليا إخضاع
السلطتين التشريعية والقضائية
للسلطة التنفيذية ، أي
بالمشرمحي الفصيح لسلطة حافظ
الأسد شخصياً !! . ( أنظر مقالة
للأستاذ المحامي أنور لبني ،
بعنوان "
الآلية القانونية لهيمنة حزب
البعث في
سوريا " في صفحات سورية ،
تاريخ 15 . 11 . 06 ) .
ــ تكريس
حالة الطوارئ التي
تم فرضها في البلاد بتاريخ 8 / 3 /
1963 ، والتي مثلت العربة التي
استخدمها النظام في تنقلاته
المشينة ، من
حفر الباطن في السعودية 1991، إلى
منطقة عنجر في بيروت 1976 ، وأخيرا
وليس آخرا إلى المنطقة
الخضراء في بغداد الرشيد 2006
.
إن
هذه المحطات الكبرى الثلاث ( حفر
الباطن ، عنجر ، المنطقة
الخضراء ) إضافة إلى المحطة
الرابعة التيى تتمثل
بالبلاغ العسكري
رقم 66 من بلاغات حافظ الأسد
العسكرية في حرب حزيران 1967 الذي
أعلن فيه عن سقوط القنيطرة
عاصمة هضبة الجولان قبل أن
يدخلها أي جندي إسرائيلي ( !! )،
والإنسحاب الكيفي للجيش السوري
من هضبة الجولان بأوامر مباشرة
من حافظ
الأسد ، وأخيرا هذا الصمت
المتواصل على احتلال إسرائيل
لهضبة الجولان ومن ثم إعلانها
عام 1981 ـ بقرار
من الكنيست ـ ارضا
إسرائيلية (
!! )
إنما
تمثل المربّع الزئبقي للتعاون
الأسدي ـ الأمريإسرائيلي
المتواصل منذ انقلابه العسكري
على الحزب بجناحيه القومي
والقطري أو إذا شاء بعض الرفاق (
وهو مالا أؤيده ) اليميني
واليساري عام
1970 و حتى يومنا هذا ، يوم
الزيارة الميمونة لوليد المعلم
للمنطقة الخضراء ، حيث زملا ؤه
في العمالة والطائفية ، و حيث
تبادل القبلات والقهقهات مع
السفير الأمريكي الذي خلص
الطرفين من صدام حسين ، ممهدا
بذالك الطريق الجغرافي
والسياسي بين بغداد ودمشق وتل
أبيب
ــ تكريس
ظاهرة الفساد الإداري والمالي ،
ذلك أن طبيعة النظام الأقلياتية
اللاديمقراطية ، جعلته
بحاجة إلى شراء الذمم
والتغاضي عن تجاوزات
الأزلام والمحاسيب والأقارب
وأجهزة الأمن وكل الذين يعوض
النظام بهم غياب التأييد الشعبي
الحقيقي له
.
ــ العجز
عن حماية أرض الوطن ، سواء فيما
يتعلق بلواء اسكندرون الذي
استولت عليه تركيا بمساعدة
فرنسا 1939 أو بهضبة الجولان التي
احتلتها إسرائيل عام 1967 ، ثم
أعلنت ضمها رسميا إلى كيانها
المصطنع عفي 14/12/ 1981 .
ــ تحويل
سورية من جمهورية برلمانية
ديمقراطية ، إلى جمهورية وراثية
، بعد مهزلة تعديل المادة
المتعلقة بعمر رئيس الجمهورية في
دستور 1973، وجعلها على المقاس
العمري للوريث ( بشار) ، وتحويله
عمليا إلى ملك غير متوج !! .
ــ الهيمنة على القطاع العام
، ولا سيما النفطي منه ، وتحويله
إلى ملكية خاصة للنظام وأزلامه
، الأمر الذي تحول معه هذا
القطاع إلى بؤرة للفساد
والإفساد والإرتزاق غير
المشروع ، وتحطمت على صخرته
مقولة " الرجل المناسب في
المكان المناسب " العنصر
الأساسي والضروري لعملية
التنمية الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية
والثقافية .
ــ التصفية الجسدية للخصوم
السياسيين ، من أبناء الطائفة
العلوية الذين يشكلون بنظر
النظام بدائل سياسية أو حزبية
محتملة لعائلة الأسد، ونذكر
منهم على سبيل المثال لاالحصر :
اللواء محمد عمران ، اللواء
صلاح جديد ، اللواء غازي كنعان ،
، و الدكتور محمد الفاضل
السياسي السوري والوطني
المعروف . والشاعر الشاب حسن
الخير .
ــ المجازر الجماعية ذات
الصبغة الطئفية التي أعقبت حدث
مدرسة المدفعية في 16 حزيران 1979،(
والذي كان
بدوره سلوكا
طائفيا بامتياز )، والتي أودت بحياة
عشرات الآلاف من المواطنين
السوريين الأبرياء في كل من حلب
وحماه وتدمر وجسر الشغور ومعرة
النعمان وغيرها من المدن
السورية ، وأدت بالتالي إلى
تشريد عشرات الألوف من أبناء
هذه المدن المنكوبة والذين مضى
على تشردهم في كل أنحاء
المعمورة مايزيد
على ربع القرن ، دون أن تلوح
أمامهم أية
بارقة أمل
في إمكانية عودتهم إلى وطنهم
وبيوتههم !!
ويرغب الكاتب هنا أن
يتساءل ، عن الفارق بين سلوك
النظام السوري حيال مشردي 1982
السوريين ، وسلوك الكيان
الصهيوني حيال
اللاجئين والنازحين
الفلسطينيين الذين شردهم هذا
الكيان عامي 1948 و 1967 ، وما زال
يصر على عدم عودتهم حتى هذه
اللحظة إلى
ديارهم التي شردوا منها ، والتي
ماتزال مفاتيحها في حوزتهم
؟!
وإذا
ماسمحت لنفسي أن أجيب على هذا
التساؤل المشروع ، فإن جوابي
الصريح ، هو مع الأسف الشديد :
لافرق !!!.
ــ التصفية
السياسية لقيادات وللعناصر
الفعالة في كافة الأحزاب والقوى
والجماعات السياسية والثقافية
والدينية المعارضة وذلك عبر زج
هذه القيادات والعناصرفي غياهب
السجون إلى
أن تنتهي صلاحياتهم السياسية
والحزبية والشعبية ، حتى و لو
تطلب ذلك حبسهم دون سؤال أو جواب
أكثر من عقدين من الزمن (وهو
مايمثل قرابة
نصف عمرهم الفعّال والمنتج )
، كما هي حال العديد من
القياديين المناضلين
في حزب البعث العربي
الإشتراكي بجناحيه القومي
(ميشيل عفلق) والقطري (حركة23
شباط في سورية ) وفي الحزب
العربي الإشتراكي ( أكرم
الحوراني ) وفي الحزب الشيوعي ـ
المكتب السياسي (رياض الترك ) ،
وفي حزب العمل الشيوعي ( فاتح
جاموس ) ، وفي حزب الآتحاد
الإشتراكي الديمقراطي العربي
جمال أتاسي
) ، وفي جماعة الإخوان المسلمين
في سورية (
علي صدر الدين البيانوني وعدنان
سعد الدين ) . ناهيك عن النائبين
المعارضين رياض سيف ، ومأمون
الحمصي ، وعن عدد كبير من
المحامين والإعلاميين والكتاب
الشرفاء من
ممثلي منظمات حقوق الإنسان في
سورية ، ومن الذين وقعوا إعلان
دمشق للتغيير الديمقراطي ،
والذين وقعوا بيان دمشق ـ بيروت
/ بيروت ــ دمشق مع
زملاء لهم لبنانيين بهدف تحسين
العلاقات الأخوية والقومية بين
الشعبين الجارين في سورية
ولبنان ولا سيما بعد عملية
اغتيال االمرحوم رفيق الحريري
وعدد آخر من صفوة المثقفين
والإعلاميين
والسياسيين
اللبنانيين
المعارضين للهيمنة الأمنية
المخابراتية والعسكرية السورية
على لبنان ، وبعد خطابات
التهديد والوعيد
النارية غير المسؤولة لبشار
الأسد ضد كل من عارض و يعارض هذه
الهيمنة الطائفية ( التي يطلقون
عليها تزويرا الهيمنة السورية )
على لبنان ، أرضاً وشعباً
ــ التصفية عن طريق القوانين
القرقوشية ، ونعني هنا القانون
49 لعام 1981 بالذات ، والذي ينص
على إنزال عقوبة الإعدام بحق كل
من يثبت انتماؤه الحزبي لجماعة
الإخوان المسلمين !!،
ويقوم النظام السوري وفقا
لهذه اللعبة القانونية
بإستصدار قانون يعتبر بموجبه هذا
الحزب أو ذاك حزبا محظورا
قانونيا ثم
يقوم بعد
ذلك باصدار قانون ثان ينص على
الحكم بالإعدام على كل من يخالف
القانون الأول ، أنها اللعبة
القذرة التي مارسها ويمارسها
النظام ضد
الشعب السوري عامة ، وضد
المعارضة السورية خاصة . إن
التسمية الحقيقية للقانون 49 ،
هي " قانون اجتثاث الإخوان
المسلمين في سورية "
ويرغب الكاتب ان يتساءل هنا
أيضا عن الفارق السياسي بل والأ
خلاقي بين قانون حافظ الأسد هذا
، وقانون بول بريمر الأمريكي ـ
الإسرائيلي الذي أصدره عام 2003
، وأطلق عليه قانون "
اجتثاث حزب البعث " من
العراق !.
وإذا ماسمحت لنفسي ـ هنا أيضا
ـ أن أجيب على هذا التساؤل
المشروع ، فإن جوابي هو ، وبالفم
المليان هو : لافرق !!! .
3. الزيارة المفاجئة ؟ :
دأبت بعض الصحف والفضائيات
على إطلاق صفة " الزيارة
المفاجئة" ، على زيارة وليد
المعلم (وزير خارجية الأسد)
إلى بغداد بتاريخ19/11/06. واقع
الحال ، إن هذه الزيارة لم تكن
مفاجئة ، وإنما كانت عمليا
تنتظر رحيل فاروق الشرع (وزير
خارجية الأسدين السابق)عن وزارة
الخارجية ، بعد أن أبلغ كولن
باول( وزير خارجية بوش السابق )
بشار الأسد برغبة الولايات
المتحدة في تغيير الوزير
الشرع ، ولاسيما بعد أن صرح إبان
الغزو الأمريكي للعراق و دون
إذن من بشار على مايبدو ، " إن
سورية تتمنى هزيمة الجيش
الأمريكي في العراق " . ولعل
هذا التصريح المنبثق ربما
عن حسابات خاصة لهذا
الوزير، إضافة إلى بعض مواقفه
الإيجابية من القضية
الفلسطينية
في كل من مدريد ومجلس
الأمن وجامعة
الدول العربية ،
والتي لم تكن متطابقة مع
المواقف السياسية المعروفة
للنظام الذي استوزره ، هو الذي
أدّى ـ ربما ـ
إلى إستبعاده من وزارة
الخارجية ، واستبداله بوزير آخر
، هو السيد وليد المعلم الذي
بدأت بوصوله إلى وزارة الخارجية
في دمشق رحلة
بشار
الأسد نحو المنطقة الخضراء !! .
4. الخائفون من عودة صدام :
إن هذه الزيارة المشبوهة
لوليد المعلم ، للإلتقاء بعملاء
أمريكا وإسرائيل في العراق ،
إنما أملتها ـ حسب تقديرنا ـ
خوف أعداء صدام حسين ـ
الرئيس الشرعي لجمهورية العراق
ـ من إمكانية عودته إلى السلطة ،
بعد أن تعالت الأصوات العربية
والعراقية في ضرورة هذه الإعادة
، ولا سيما بعد تلك المحاكمة
المهزلة المتعلقة بقضية الدجيل
، والتي أنهاها المحتلّون
وعملاؤهم من العراقيين
بإصدار حكم الإعدام على تلك
الصخرة الوطنية والقومية
الصلدة التي كانت تتحطم على
مبادئها و مواقفها وإرادتها
وإمكاناتها كل المؤامرات
الأمريكية والبريطانية
والصهيونة المناهضة للوحدة
والحرية والإشتراكية في الوطن
العربي . ويشمل هذا المعسكر
، من وجهة نظرنا ، بصورة
أساسية كلاً من :
جمهورية إيران الإسلامية ،
التي هزمها صدام حسين في حرب
الثمان سنوات ، والتي تعاونت مع
الولايات المتحدة الأمريكية
في احتلالها لكل من
افغانستان والعراق ، حسب ماصرح
به السيد الخاتمي عندما كان
رئيسا للجمهورية .
والتي تقوم هذه الأيام فرق
الموت التابعة لها مباشرو أو
مداورة وبالتعاون
مع كل من وزارة الداخلية
العراقية ، وقوات عبد العزيز
الحكيم ، ( قوات بدر ) وجيش
المهدي التابع لمقتدى الصدر
وقوات الاحتلال الأمريكية
والبريطانية ، والبشمركة
الكردية ، بتصفية كل من كان له
صلة أو علاقة بهزيمتها في حرب
الثمان سنوات ، بمن في ذلك كبار
ضباط الجيش العراقي ( الذي حله
بول بريمر 2003 ) و العلماء ،
وأساتذة الجامعات ، وشيوخ
العشائر ، ورجال الدين .
لقد استمع الكاتب هذا اليوم (
26/11/06 ) للرئيس أحمدي نجاد ، وهو
يعلن على الملأ استعداد بلاده ،
لمساعدة أمريكا
على الخروج من مأزقها في العراق
إذا... . أوليس هذا اعتراف غير
مباشر من السيد نجاد أن إيران هي
التي ساعدت الأمريكان على دخول
العراق عام 2003 ، وهي الآن مستعدة
مرة ثانية لمساعدتهم على الخروج
من المأزق الذي أوقعتهم فيه
المقاومة العراقية البطلة ،
المقاومة التي يقودها نفس
المناضلين الذين عملت القوات
المحتلة على حلّ مؤسساتهم
الوطنية والذين سيجبرون هذه
القوات على العودة من حيث أتت
لاتلوي على شيء ، وبدون حتى خفّي
حنين .
النظام السوري الطائفي
الأسدي في دمشق ، الذي جاء به
الأمريكان والرجعية العربية
إلى السلطة في سورية 1970 ،
وأوكلوا إليه أمور لبنان 1976 ،
لكي يقوم هناك بمهمتين أساسيتين
تخدمان المخطط الأمري ـ
إسرائيلي في المنطقة هما:
1) تصفية المقاومة الفلسطينية
ومعها كافة القوى اليسارية
والعلمانية التي كان يقودها
المرحوم كمال جنبلاط ، والتي
كانت تساند
أباعمار ومنظمة التحرير
الفلسطينية في لبنان .2) تأهيل
وتطويع الشعب العربي اللبناني
للإنخراط في مؤامرة الحل الشامل
والعادل (!) ، والأرض مقابل
السلام (!) التي أبرمها حافظ
الآسد مع كسنجر ( الغني عنى
التعريف ) عام 1974 . وحده صدام
حسين من بين كافة الأنظمة
العربية ومن بينها النظام
السوري كان
يسبح ضد هذا التيار التصفوي
المتشوق إلى الإعتراف بإسرائيل
وطي صفحة الصراع
معها
، و الذي وصفه وزير الإعلام
السوري المتوفي المرحوم أحمد
اسكندرالأحمد في مقالة له
منشورة ( وهو مايعبر عن وجهة
نظرالنظام الأسدي ) بالصراع
العبثي . متناسيا وجود خمسة
ملايين لاجئ ونازح فلسطيني في
المنافي العربية والعالمية ،
يعانون من الإغتراب ، وضنك
العيش ، والوقوع المستر في
دائرة الإتهام والانتقام . إن
موقف النظام السوري بعد استيلاء
حافظ الأسد على السلطة عام 1970 هو
مايفسّر هذا
الصمت المريب على احتلال
الجولان ، منذ 1973 وحتى هذه
اللحظة !! . ويفسر بالتالي ذلك
العداء الثابت والدائم للنظام
السوري ( المفترض أنه ينتمي إلى
حزب البعث ) بجيليه ( الأب والإبن
) للنظام العراقي ولصدام حسين ،
وتخوفه من عودة هذا النظام إلى
السلطة على يد المقاومة
العراقية البطلة ، سواء بصورة
مباشرة أو غير مباشرة ، ويفسر
بالتالي هرولة
الأسد إلى المنطقة الخضراء ،
داعما ومؤيدا للطائفية
والاحتلال ، وعارضا خدماته
للحيلولة دون عودة صدام حسين
وحزب البعث إلى السلطة في
العراق . وبهذه المناسبة يرغب
الكاتب أن يشير هنا إلى
ماذكره أحد المحللين السياسيين
الألمان في أحد تعليقاته على
زيارة وليد المعلم إلى العراق ،
حيث قال ، إن ماتستطيعه سوريا في
العراق هو فقط مساعدة المقا ومة
العراقية على التصدي للقوات
المحتلة ، أما أن تحاول إيقاف
هذه المقاومة فهو أمر يقع خارج
حدود استطاعتها .
الولايات المتحدة الأمريكية
و إسرائيل ، ولا أظنني بحاجة هنا
إلى أي تفسير أو تعليل .
الأنظمة العربية بصورة عامة ،
وأنظمة الخليج العربي دون
استثناء بصورة
خاصة ،
وهنا أيضا لاأجدني بحاجة إلى
التعريف بما هو معروف من الجميع
.
التيار العربي الليبرالي ،
المطبل والمزمر للديمقراطية
الغربية ، ولاسيما بعد سقوط
الإتحاد السوفييتي ، وظهور
مابات يعرف بالنظام العالمي
الجديد . وهذا هو السيد حميد
مجيد ( الأمين العام للحزب
الشيوعي العراقي ) على سبيل
المثال وليس الحصر
يقبل تعيين المندوب السامي
الأمريكي بول بريمر له في مجلس
الحكم عام 2003 كممثل عن " حصّة
" الشيعة في المجلس( مجلس
المحاصصة الطائفية !! )، وليس
ممثلا عن حزبه الشيوعي
، فواعجبي ؟! .
4.
وفي إطار زيارة وليد المعلم ،
وزير خارجية النظام السوري
الأسدي إلى
المنطقة الخضراء في بغداد ،
لتأييد ودعم كل من النظام
الطائفي الحاكم هناك ، والقوات
الأمريكية المحتلّة التي أتت
بهذا النظام الطائفي ، يرغب
الكاتب أن يضع بين يدي القارئ
الكريم في ختام هذه المقالة
تصوره الخاص لمسالة دور
الأقليات (السلبي والإيجابي) في
عملية التغير الاجتماعي بماهي
ظاهرة إجتماعية خاضعة وقابلة
للتحليل والتعليل العلمي
السوسيولوجي ، وينص هذا التصور
على مايلي :
" إن الأقليات ولا سيما
الدينية و / أو القومية و / أو
الطائفية و / أو
الجهوية و / أو
الطبقية و / أو الحزبية ،و/أو
القبلية ، في أي مجتمع من
المجتمعات البشرية ، يمكن ان
تلعب دورا إيجابيا وتقدميا في
عملية التغير الإجتماعي ، فقط
عنما تكون في صفوف المعارضة
للفئة الحاكمة . أما إذا ماصلت
إلى السلطة بما هي أقلية ، فلابد
أن ينقلب دورها إلى دور سلبي
بالضرورة المنطقية والتطبيقية
، ذلك أنها لاتستطيع المحافظة
على تلك السلطة التي وصلت إليها
إلاّ بقوة السلاح ، أي
بالديكتاتورية العارية ، ويصبح
صندوق الإقتراع عندئذ هو العدو
الرئيسي لها ، ولا سيما إذا كان
هذا الصندوق يمكن أن يؤدي إلى
تحقيق شعار
التبادل السلمي للسلطة .
هذا وغالبا ماتلجؤ
هذه الأقلية إلى الكذب
والخداع والتدليس والنفاق
لإخفاء حقيقة
وضعها الأقلّياتي ( التعاون
مع عناصر تافهة وانتهازية من
الفئات الأخرى المختلفة ،
تبنّي شعارات وايديولوجيات
بعض الأحزاب السياسية و الد
ينية لكسبها إلى جانبها ...الخ
)".
ويرغب الكاتب أن يشير هنا إلى
أن جرثومة الشعور الأقلياتي ،
ومنه الشعور الطائفي ،
لاتدخل عادة
أجسام ولا عقول ولا نفوس
الأشخاص المناضلين التقدميين
من أبناء هذه الأقليات ،
ولا سيما العلمانيين منهم .
وإذا ما انتاب أحد من قارئي هذه
المقالة مثل هذا الشعور ، فإن
الكاتب لايملك إلاّ أن يقول له
بصورة أخوية وودية وعادلة :
" اللّي ببطنو
حمّص بنفخو "
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|