السلطة
الحاكمة في سوريا ..
سيرتها
.. سمتها .. معالم نهايتها
غسان
كيالي
كانت الأربعينات
من القرن الماضي تغص أسواقها
الإعلامية بالعروضات السياسية
تماماً كأسواق نهاية الأسبوع
منه الجديد ومنه البالي ومنه
المهجن و المركب والمعاد
تصنيعهأأو قل: تمييعه.. أسماء
كثيرة مضللة منتحلة منها
المقتبس من نظرية الشيوعية
وأُخرى براقة انخدع بها
الأكثرون ذلك لتدني المستوى
الثقافي الغالب لدى كافة فئآت
الشعب آنذاك..
فالشعب هناك كان
قد خرج لتوه من الفك التركي
المريض الأخرق جاهلاً مجهلاً
فقيراً مفقراً ذليلاً مذللاً
مفكك الشخصية على الغالب ... أما
بلاده فتفتقد أية مرافق عامة
موافية للحد الأدنى للحاجات
العامة ، ذاك إلى جانب إدارات
شبه حكومية سيطر عليها
المتنفذون تهديداً وترغيباً ،
كثر ما سطي على الأراضي
والممتلكات بل وأعراض الناس
وكراماتها وفرض الأتاوات وبسط
النفوذ والإرادات والإملاآت في
سائر المحافظات السورية.وكانت
الأصوات آن الانتخابات تباع
وتشترى تماماً كما كان يحصل في
أسواق النخاسة ..
في ظلال كئيبة
كتلك كيف لعاقل أن يقتنع أن تلك
الظروف والمعطيات الشحيحة
المتناقضة تسمح بميلاد حزب
يتوفر لديه الحد الأدنى من
العوامل والمقومات الضرورية
لإنشائه على نحو سليم على مبادئ
ونهج مرسوم مفترض سعيه في مسيرة
طويلة وموافاة العمل لتحقيق
أهدافه المرحلية الملحة ناهيك
عن المتوسطة ..
الحال الراهنة
آنذاك كانت تنطق بضرورة تأمين
أوليات الأولويات المعيشية
البسيطة بينما كان الظلم يتسع
والفقر ينتشر والفساد الإداري
والمالي يتعمق ويستشري ...
كان لحال العشائر
آنذاك أدواراً غلبت عليها
السلبية إلى حد بعيد ، يكفي ما
أخذ على أغلبها من سابقة
التعاون مع المستعمر الفرنسي ..
والاستماتة في الحركة لفرض
الروح العشائرية وتفويق
الانتماء العشائري على أية شيء
آخر .. أما صغار الكسبة
والحرفيون فكانت تظللهم الأمية
والاستسلام لكل ما يملى عليهم ..
وأما من يطلق عليهم ذوي الدخل
المتوسط فقد كانوا وقوداً
للأحزاب أو شبه الأحزاب تلك على
حالتها المريضة ..
وأما العسكريون
فقد ورثوا سائر تلك السلبيات
منهاأخلاق الجيش التركي ومساوئ
العشائرية وضحالة الحصائل
العلمية والمعرفية فأضافوا
إليها الروح الذاتية أو
العصابية والتطلع للسلطة
والظهور والمناصب واحتلال
مواقع النفوذ والسلطة بأية ثمن
..
واستغل بعض
الأثرياء الجشعين تلك الأجواء
للإيغال في زيادة الثروات بطرق
انتهازية ومن خلال الهيمنة
المتبقية لهم ...
في تلك الظلال
القاتمة ولد حزباً لقيطاً
هجيناً مركباً مريب الجذور
والبيئة والأهداف .. هو ذاك ما
سمي بحزب البعث !!
وعليه فقد كانت
مرحلة حمله في بيئة موبوءة
فاسدة .. أما ولادته فكانت خدجاً
.. وأما شعاراته فقد بالغ
واضعوها في المكر والتضليل
والحذق بالعمل على تورية كل ما
وراءها من ذلك المرض وشوهة
النشأة والأهداف لتستقطب أكبر
عدد ممكن وتسلخهم عن مشروع وطني
حقيقي مخلص مواف..
تلك كانت لمحة
موجزة عن نشأة عناصر السلطة
الحالية في تلك الأحضان والبيئة
الفاسدتين لذلك الحزب
شديدالتشوه والغموض ...
أما سمته على مدى
قريب من ستة عقود قبيل وبعد
اغتصابه للسلطة مرورا بمختلف
المراحل والأزمات الداخلية
وتقلباتها المختلفة الجوانب
ومن ثم الخارجية فقد ظلت سيرته
في العقد الأول كما روينا في
المقدمة بل زاد عليها أن طفق
يستخدم المرافق العامة لترسيخ
جذوره الهشة،وأما مسيرته في
العقد الثاني من عمره فكانت
مسيرة عصابة مجرمة بكل ما يمكن
أن تضمه هذه الكلمة من معاني ..
فقد مارس المكائد والاغتيالات
والدسائس بين فئآت الشعب
والأحزاب المثيلة وشبه المثيلة
له وامتدت مكائده للخارج لتشمل
لبنان والأردن والعراق وفلسطين
ومصر بإنشاء أحزاب بمسميات شتى
منتقى أعضاؤها على شروطه
ومبادئه .. فقد استخدم سائر من هم
على ذات الشاكلة سواء من
الأكراد أو الملل الأُخرى على
أن يكونوا من الجهلة والسقلة
والمجرمين والقابلين للولاء
وممارسة القمع والتعذيب البليغ
والإذعان لممليات قادته
المتناقضين المتحاربين على أية
شروط .. وأضحت هوية الحزب التي
يوزعها على ( المحظيين ) طرفة
تتداول بين الناس للتندر
والاستهزاء( هويتك سقطت .. لمها
... )
نجح هذا الحزب
اللقيط باستعداء ووزرع أسباب
التوجس والريبة بين سائر فئآت
المجتمع ضد بعضها البعض وعنى أو
قل ترك مواقع إدارة التعليم
والتوجيه المعرفي والإعلامي
لثلل من الموالين والمرتزقة
وطفقت مناهج التعليم الوطنية
المزعومة منها ميلئة بالتضليل
والتمجيد للفرد القائد من كان!!
تماماً كما كان عليه نهج
الاتحاد السوفييتي الآفل
المنهار.. هذا إلى جانب استشراء
مرض التعاطي بالرشوة والفساد
الإداري حتى أضحت المناصب
ومكامن النفوذ تباع لديه بين
أعضائه تبعاً للمنافسة
والهيمنة والحظية والمحسوبية ...
أما سياسته تجاه
دول الجوار فقد رسخ القطيعة
والاستعداء المزدوج واتسعت
فجوة الفراق حتى درجة مد
العصابات المثيلة له هناك
بالأسلحة والتمويل والتوجيه
لخدمة نهجه وأهدافه المذكورة
تلك حتى صار السوري المغترب
وحتى العابر لسوريا كتاجر
منبوذاً متوجساً منه الخوف
والغرضية ..
أما تجاه الدول
الأوربية كمعيار لغيرها فقد
أضاع الحد الأدنى مما كان يمكن
كسبه عالمياً من خلال اتباع نهج
سياسي متعقل متوازن مفترض تقوم
عليه عقول وطنية متعلمة تحترم
ذاتها وإنسانيتها والعالم من
حولها ... ومن ثم فقد أضحت حكومات
الدول الأوربية ( وهي محقة هنا)
تشيح بأنظارها عن مجرد التعامل
التجاري معه أو حتى قبول رجاله
كممثلين دبلوماسيين إلا بعد مضض..
خاتمة :
لم تزل سياسة هذا
الحزب ، هذا إذا صح لنا تسمية
جرائمه : سياسة سلطة , حتى ساعة
كتابة هذه السطور على ذات النهج
المركب المتناقض العدائي
العصابي .. حتى وجد الشعب نفسه
وبلده بعد ما يزيد عن أربعة عقود
من حكم هذا الحزب ، خالي الوفاض
، فقيراً مفقراً منبوذاً ذليلاً
يتوجس منه الناس شراً أينما ذهب
.. لا تقيم له السفارات السورية
في مغتربه أية وزن وهي التي علم
عرف عنهاانحصار جهدها وعملها
بمراقبته ومتابعة رصد حركات
المعارضين وكتاباتهم
واتصالاتهم وجبي الرسوم
العالية مقابل استخلاص بعض
معاملات اجتماعية مبتورة يحال
دون الحخصول عليها الأكثرين
منهم...
شأن هذا الحزب مع
الديموقراطية :
توافقت سيرة هذا
الحزب الفاسد لتتناقض بالأساس
والمفضيات مع كل جهد أو مسعى من
شأنه أن يفضي قريباً أو على
المدى البعيد للعمل بها .. مثال
ذلك مكر الحزب باصطناعه ما سماه:
الجبهة التقدمية ...
استعرضنا في ما
مضى بإيجاز نتفاً عن نشأة وسيرة
هذا الحزب .. وعليه فليقارن من
شاء ما أفضت سياساته مع ما كتبنا
.. وليستشرف لنا معالم نهايات
لمثل تلك السياسات.. وليكتب لنا
على عنواننا الإلكتروني :
gasan_jayali@yahoo.de
ونحن على ما عهد
عنا نؤكد التقدير لكل نقد .. بل
ونسر لكل تصويب مرفوق بالبراهين
الموافية ... ذاك وإلى مقال آخر ...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|