في
ذكرى يوم الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان:
حقوق
الإنسان السوري بين الإنكار
والانتهاك
إبراهيم
درويش
nafizah_2006@yahoo.com
صادفت يوم الأحد
10/12/2006م الذكرى السنوية للإعلان
العالمي لحقوق الإنسان، الذي
أقرته الجمعية العامة للأمم
المتحدة نيابة عن أمم الأرض
وشعوبها بما فيها سورية.
تمرّ الذكرى وشعبنا
السوري الصابر المقهور على أمره
يغالب الموت ليحيا حياة أقسى من
الموت، ويستنشق هواء قد خالطته
رائحة البارود والدمار والقتل
والسحل في شوارع حماة وحلب
وسرمدا...، وبين جدران سجن تدمر
الصحراوي، وفرع فلسطين، وسجن
الشيخ حسن، في أقبية سجون
المخابرات الجوية، وأمن
الدولة، والأمن السياسي،
والأمن الجنائي، وغيرها، ويفتح
عينيه في هذه الذكرى على مشاهد
مما خلّفها الحكام الرفاق على
أجساد مواطنين ممن حالفهم الحظّ
فخرجوا بعد سنوات،ومنهم بعد
عقود، من القبور المسماة
تجاوزاً بالسجون،دون تهمة أو
معرفة الجرم الذي دفع المجرمين
لاعتقالهم ، خرجوا وقد فقدَ
بعضُهم أطرافاً لهم أو حواسّ،
كحاسة السمع أو البصر,وبعضهم
أصيب بأمراض مزمنة
وخطيرة،يستحيل معها ممارسة
حياتهم بشكل اعتيادي،كمرض
السلّ،أو الفشل الكلوي،أو
الضغط ،أو السكري،أو الشلل
التام أو الجزئي،كما أصيب
كثيرون بالجرب أو
الربو،وبأمراض سوء
التغذية،أوالخلل العقلي نتيجة
ممارسة صنوف
التعذيب عليهم ، وغيرها من
الأمراض.
تمرّ هذه الذكرى
على وطننا سورية وحالة الطوارىء
والأحكام العرفية سيف مصلت على
رقاب المواطنين،يتعذر عليهم في
ظلها السفر أو التعبير أو معرفة
معنى الكرامة،ومن باب أولى ما
لهم من حقوق على حكومتهم، التي
يُفترَض فيها أن تكون الضامنة
لحرياتهم وممتلكاتهم
وأمنهم،ولكنها في واقع الأمر لا
تعدو عن كونها الكابوس الذي
يكتم الأنفاس وينيخ بكلكله
الثقيل على صدورهم.
من واجب ضحايا
الهمجية الأسدية على كل
المواطنين و الأحرارالشرفاء في
هذا العالم في هذه الذكرى
التذكير بأفعال نيرون الشام
وساديته وإمعانه في حرمان
المواطن السوري من كل حقوقه
المدنية وإذلاله وسدّ أبواب
الحياة الكريمة في وجهه إلا عبر
البوابة الأمنية البعيدة عن كل
رقابة أو محاسبة أو قانون. من
واجب هؤلاء الضحايا علينا
جميعاً المطالبة بالكشف عن
المقابر الجماعية التي تمّ
دفنهم فيها،وهم بعشرات الألوف،
أثناء التدمير المريع للمدينة
التاريخية الأبية حماة في شباط
1982م في مجزرة فاقت في وحشيتها
كلّ تصوّر. ومن حق شهداء سجن
تدمر الصحراوي علينا المطالبة
بالكشف عن أماكن دفنهم. ومن حق
عشرات الألوف من المفقودين في
السجون الأسدية علينا المطالبة
بالكشف عن مصيرهم،لما يترتب على
ذلك من قضايا اجتماعية
ملحة،كالطلاق والإرث وما إلى
ذلك.
تمر هذه الذكرى وما
زال نظامُ دمشق يعمل بالقانون
العار [49 لعام 1980م] الذي يحكم
بالإعدام على كل منتسب أو متهم
بالانتساب لجماعة الإخوان
المسلمين،في تحدٍّ صارخ ووقح
لكل الحقوق والحريات.
تمر الذكرى وما زال
مئات الآلاف من المواطنين الكرد
السوريين محرومين من الجنسية
السورية، بالرغم من مرور ثلاثة
وأربعين عاماً على قيام السلطات
السورية الحاكمة بتجريدهم من
هذا الحق لأسباب قومية مقيتة
مرفوضة،مع ما ينبني على هذا
الحرمان من الجنسية من حرمان من
التعليم والتوظيف والعمل
والسفر والتملك وغيره. أما آن
لهذه المأساة أن تضع أوزارها؟
ومما يزيد في عمق
المأساة هو ما يتبجّح به أبواق
تسترزق بالسير في ركاب هذا
النظام الذي فقد كل شرعية،عندما
يخرجون علينا في وقاحة غريبة
ويصرّحون أن السجون السورية ليس
فيها سجناء سياسيون،وإنما ثمة
مخالفون للقانون يحاسبون على
مخالفتهم!! ستُكتب شهادتُهم
ويُسألون.
وإذا كان هذا ديدنَ
النظام الأسدي عبر سنوات حكمه
العجاف، فما بالُ أطراف في
المعارضة السورية ما زالت تتعثر
في خطاها وتتلمّس الطريق،في جهل
منها أو تجاهل، أن كل يوم يمرّ
وهي مشتتة متفرقة معناه إطالة
في عمر هذا النظام الذي استهان
بكل القيم،وانتهك كل
المحرمات،وأصبح من الواجب
الديني والوطني والقومي
والإنساني العمل على إزاحته
وتخليص الشعب السوري والمنطقة
بأسرها من شروره،ليحيوا جميعاً
موفوري الكرامة في ظل دولة
القانون والمؤسسات. فهل نطلب
المستحيل؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|