نعم:
صلاح جديد
هو
أول من عسكر الحزب والطائفة في
سورية
(1
– 2 )
الطاهر
إبراهيم*
لاأجد ما أستهل به ردي على ما
كتبه الأخ "محمود جديد"
ونشر في موقع الرأي بتاريخ 30 – 11
- 2006 ،تحت عنوان "الطاهر
ابراهيم والاستهداف الظالم
المستمر للشهيد صلاح جديد:
1/2"، وما كتبه في الجزء الثاني
الذي نشرته أخبار الشرق يوم 12- 12
– 2006 إلا أن أقول له مرحبا به
أخا وصديقا، وأن يعظم الله
عزاءه في أخيه صلاح جديد،
و"خلافنا في الرأي لا يفسد
للود قضية".
وعذرا على التأخير في الرد، فقد
انتظرت حتى يتم نشر الجزء
الثاني من ملاحظاته الذي جاء
متأخرا. وسأوجز ما زعم أنها
مغالطات وردت في مقالاتي حول
"صلاح جديد"، مع الإشارة
إلى أن ما ورد في مقالاتي جاء من
معاصرتي للأحداث، وموثقا من
كتاب "أوراق شامية من تاريخ
سورية المعاصر 1946- 1966" الذي
كتبه "غسان حداد" عضو مجلس
قيادة ثورة 8 آذار المشكل في
اليوم الأول للانقلاب في 8 آذار
1963 .
1-يذكر الأخ محمود جديد أنه قرأ
مقالا لي نشر مؤخرا في موقع
"الرأي" في 13-11-2006
تحت عنوان "الرفيق حديثة
مراد ...... مرحبا بك على قيد
الحياة مرة ثانية في سورية"
فيرد: (بأن صلاح جديد لم يكن
مديراً لإدارة شؤون الضباط عند
قيام الثامن من آذار 1963 ، بل كان
موظّفاً مدنيّاً بعد أن تمّ تسريحه من قبل القيادة
العسكرية التي ارتكبت جريمة
الانفصال في
28/ أيلول
"سبتمبر" عام 1961 ... وإنّ
التهمة التي
وجّهها الطاهر حول استدعاء حافظ
أسد إلى الخدمة العسكرية في عام
1963 هي باطلة ، ولا أساس لها من الصحة ،وبالتالي فإنّ ما
تمّ بناؤه عليها وأُشيد فهو
باطل ...).
2- كما
رد الأخ محمود جديد على ما ذكرته
في مقالاتي بأنّ "صلاح جديد هو الذي رسّخ لعسكرة الحزب والطائفة
عندما سرّح معظم الضباط
العاملين في الجيش
السوري من غير
البعثيين ، واستدعى بدلاً منهم
ضباط الاحتياط من البعثيين
ليحلّوا محلّهم"،
وأعاد "محمود جديد" إلى
الأذهان الآلية التي كانت تتم
بها التسريحات فقال: (بعد قيام
الثامن من آذار عام 1963 أُعيد الضباط
الذين سرّحهم الانفصاليون إلى
الجيش، وكان صلاح جديد من
بينهم، وعُيّن معاوناً لإدارة
شؤون الضباط وكان مديرها وقتذاك
العقيد : غسان حدّاد، وبالتالي فإنّ
التسريحات والاستدعاءات تحتاج
لموافقة "مدير إدارة شؤون
الضباط، ومدير المخابرات العسكرية، ورئيس أركان
الجيش"، ثمّ تُقرّ بصيغتها
النهائية بقرار وتوقيع قائد
الجيش، أي أنّها لا تتمّ خلسة من
قبل أحد، وكانت التبريرات لها
هي حاجة الجيش لتعبئة
الفراغ الحاصل نتيجة سلسة
التسريحات السياسية والأمنية
التي تمّت قبل 8 آذار وبعدها).
لقد حددت المكان والتاريخ اللذين
نشر تحتهما مقالا محمود جديد
ليتسنى لمن أراد العودة إليهما.
كما اقتبست في ردي عليهما بعض
النقول
لن يكون هناك كبير أثر لو أن
"حافظ أسد" أعيد إلى الجيش
في أول أيام الانقلاب أو في
اليوم الثاني أو العاشر. ما أردت
أن أشير إليه هو أن حافظ أسد قد
قابل معروف "جديد" بنكرانه
الجميل فكان جزاءه منه جزاء
"سنمار" الذي أخبر الملك:
"إن هناك حجرا في قصره الذي
شيده سنمار له. فلو نزع الحجر من
مكانه لتهدم القصر، وأنه لا
يعرف مكانه غيره، فألقاه الملك
من أعلى القصر ليموت معه سره".
أليس هذا بالضبط ما فعله حافظ
أسد بصلاح جديد، بل وبمعظم
الذين أحسنوا إليه من رفاقه
البعثيين؟
وأستعجل لأقول أن ما ذكره الأخ
"جديد" عن كون "صلاح
جديد" هو معاون مدير إدارة
شئون الضباط العقيد "غسان
حداد" لا يغير من حقيقة أن
التسريحات كانت تطبخ بعيدا عن
عين غسان حداد، وإليكم الدليل:
فقد أشار "غسان حداد" إلى
انزعاجه من تلك التسريحات في
أكثر من مكان في كتابه المشار
إليه أعلاه .
فقد ذكر "حداد" أنه ظهر فتور
عند الأعضاء الناصريين في مجلس
قيادة انقلاب 8آذار بعد عودة
الوفد السوري إلى مباحثات
الوحدة في 17 نيسان في القاهرة،
لأسباب منها: (التشكيلات التي
أجريت في الجيش السوري في غياب
بعض أعضاء القيادة -كان
"حداد" ضمن الوفد أي لم
يعرف بتلك التسريحات- في مصر
والتي شملت نقل بعض الضباط
الناصريين إلى السلك
الدبلوماسي أو الوظائف المدنية
أو إحالة البعض الآخر إلى
التقاعد) (الصفحة
164 من الكتاب).
وإذا كان الأخ محمود جديد قد أشار
إلى الآلية التي تتم بها تلك
التسريحات في الجزء الأول من
مقاله وبالحرف: ( التسريحات
والاستدعاءات تحتاج لموافقة
مدير إدارة شؤون الضباط، ومدير المخابرات
العسكرية، ورئيس أركان الجيش ،
ثمّ تُقرّ بصيغتها النهائية
بقرار وتوقيع من قائد الجيش)، ولو رجعنا إلى كتاب العميد
غسان حداد "أوراق شامية" في
الصفحة 162 الذي حدد أسماء الوفد
السوري الذين كانوا في مصر
يحضرون مفاوضات الوحدة
الثلاثية بين مصر وسورية
والعراق نجد: 1-مدير إدارة شئون
الضباط غسان حداد كان غائبا مع
الوفد في مصر. وأن: 2- رئيس أركان
الجيش اللواء زياد الحريري كان
أيضا غائبا مع الوفد في مصر. 3-
مدير إدارة المخابرات العسكرية
اللواء راشد قطيني وكان مع
الوفد في مصر. 4-الفريق لؤي أتاسي
(الذي يفترض أن لا تتم التسريحات
إلا بعد توقيعه الصيغة النهائية
للتسريحات) كان غائبا مع الوفد
في مصر. ولم يبق من الذين ينبغي
أن يوقعوا على قائمة التسريحات
حتى تعتبر شرعية موجودا على رأس
عمله إلا اللواء صلاح جديد،
وكان في دمشق. وأعتقد أني لست
بحاجة إلى أن أقسم على المصحف
بأن صلاح جديد هو الذي قام
بتسريح هذه القائمة من الضباط
الناصريين، فإن ذلك تحصيل حاصل،
لغياب جميع من يوقع باستثناء
صلاح جديد. أليس ذلك كذلك يا أخ
"جديد"؟
كانت النتيجية الطبيعية لهذه
التسريحات التي انفرد بها صلاح
جديد مع معاونيه من ضباط إدارة
شئون الضباط، أن استقال الأعضاء
الناصريون من مجلس قيادة انقلاب
8 آذار.
ثانيا: أثناء زيارة وزير الدفاع
اللواء زياد الحريري -القائد
الفعلي لانقلاب8 آذار- للجزائر
أول تموز 1963 جرت المرحلة
الثالثة من التصفيات في الجيش
التي طاولت الضباط غير البعثيين
لصالح عسكرة حزب البعث. ينقل
غسان حداد في كتابه: ( أثناء غياب
الوفد في الجزائر عملت بعض
مراكز القوى في الجيش على إبعاد
ثلاثين ضابطا من أنصار اللواء
الحريري إلى مراكز أقل أهمية أو
وظائف مدنية، بغية إضعافه
عسكريا) ( الصفحة 167 من كتاب
أوراق شامية تحت عنوان: هل تأكل
الثورة أبناءها؟).
استطرادا وبعد عودة الوفد من
الجزائر في 4 تموز، اجتمع من
تبقى من أعضاء مجلس قيادة
انقلاب 8 آذار ومن دون اللواء
الحريري أيضا. وبعد نقاش طويل
تمت الموافقة على إقالة وزير
الدفاع اللواء زياد الحريري،
القائد الفعلي للانقلاب،
وتعيينه سفيرا في باريس. وقد رفض
"غسان حداد" الموافقة على
هذه الإقالة كما رفضها صلاح
بيطار وفهد الشاعر.
( يلاحظ أن توقيع غسان حداد كان لا
بد منه ومع ذلك تمت الإقالة).
كنا قد نشرنا مقالا بعنوان
"وشهد شاهد من أهلها" -كان
استكمالا للمقال "الرفيق
حديثة مراد .... مرحبا بك على قيد
الحياة مرة ثانية في سورية"-.
وقد أثبتنا فيه شهادة الرفيق
حديثة مراد عن التصفيات التي
تمت في صفوف الجيش بعد انقلاب 8
آذار. نعيد في هذه العجالة بعضا
مما ورد في المقال:
(كل تصفية كانت تستهدف قسما ينتمي
إلى طائفة محددة. ففي 8 آذار
استهدفت المنتمين إلى العائلات
النافذة والبرجوازيين وذوي
الجذور الإقطاعية ومعظمهم من
"السنة" وليسوا من الريف بل
من المدن. وبعد 8 آذار طالت
التصفيات –الضباط- "السنة"
لأنهم التفوا حول أمين الحافظ،
ونادرا ما طالت العلويين أو
الدروز أو الاسماعليين
وبالتحديد لم تطل العلويين
باستثناء محمد عمران كشخص كونه
وزيرا للدفاع.
هذا المسار رتب واقعا في الجيش.
وعند قيام 23 شباط، أصبح الحجم
الأساسي الفاعل بين الضباط
ينتمي إلى مذاهب ثلاثة: هم
العلويون والدروز
والإسماعيليون، ولا أستطيع
تقدير النسب . من المؤسف أن
نتكلم بهذا المنطق لكنه واقع.
وعندما قامت حركة 8 أيلول 1966
التي كانت بقيادة سليم حاطوم
وفشلت، أدت إلى تصفية القسم
الأكبر من الضباط الدروز
والاسماعليين وتعزز موقف
الطائفة العلوية، وهذا ما قلته
في المؤتمر القطري الرابع عام
1969 وأخذ كلامي نحو 45 دقيقة
وتحدثت فيه عن تنامي الطائفية
في الجيش وانعكاس ذلك على
الشعب). ( جزء من شهادة الرفيق
البعثي حديثة مراد كما وردت في
مجلة "ثرى" المنوه عنها ...
ومن أراد أن يستوثق من هذه
الشهادة عليه العودة إلى موقع
"جوجل" والبحث تحت اسم
حديثة مراد فيجد الشهادة كاملة
كما وردت.
في الجزء الثاني سأرد ،بشكل
أساس، على مقال "محمود
جديد" الذي نشرته أخبار
الشرق.
ملاحظة:
1- لا أجدني مضطرا للدفاع عن نفسي
بعد أن اتهمني الأخ محمود جديد
في مقاله المنشور في موقع الرأي
بأن مقالاتي تتسم: (بالنفس
الطائفي في الكثير منها، واستهدافه
الظالم والمستمر
للشهيد صلاح جديدّ)، خصوصا وأني
ألمس في كلامه الألم الذي يحز
بنفسه من المعاملة الظالمة التي
عومل بها أخوه الراحل صلاح جديد
من قبل حافظ أسد. غير أن
المشاركة الوجدانية شيء
والحقيقة شيء آخر.
2 – ما ذكرته في مقالي عن حديثة
مراد من أنه كان يجب محاكمة صلاح
جديد، لا يعني أني كنت أطالب
بذلك، وإنما قصدت بأنه لا يجوز
اعتقال شخص من دون محاكمة، فإما
أن تجرى المحاكمة للمعتقلين أو
يطلق سراحهم.
3- لا يسعني إلا أن أنقل رأي مؤلف
الكتاب غسان حداد في صلاح جديد
حيث أثنى على أخلاقه في الصفحة
170 من الكتاب. كما يذكر في حاشية
الصفحة 171 ما يلي: وليس سرا أن
اللواء صلاح جديد كان الرجل
القوي في سورية منذ أواخر تموز
عام 1963 وحتى عام 1970 .
4- ذكر المؤلف في حاشية الصفحة 168 :
كان إبعاد الحريري خسارة لسورية
باعتباره من خيرة ضباط الجيش
كفاءة وأخلاقا ووطنية.
*كاتب
سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|