ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/12/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

فلسطينيو العراق

شهادة حية حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين على الحدود العراقية- السورية

د.إبراهيم حمّامي

DrHamami@Hotmail.com

توطئة

في شهر يونيو/حزيران من العام الماضي وتحديداً في العاشر منه كتبت وبشكل مطول تحت عنوان "اخوة لكم يستصرخونكم فهل من مجيب" مركزاً الضوء على عملية بشعة كان ولازال أبناء شعبنا في العراق يتعرضون لها بشكل يومي على يد عصابات طائفية مجرمة وجدت في فلسطينيي العراق هدفاً وغاية لتفريغ أحقادها وأمراضها.

يومها كتبت ووجهت نداء لمن يصنعون القرار ولكل حر شريف وقلت: " أخوة لنا في الدم والمصير يتعرضون للإضطهاد والقهر والتعسف تحت سمع وبصر العالم، ويوجهون النداء تلو النداء لإغاثتهم ولا من مجيب، وكأنهم ليسوا بشر، بل وكأنهم ليسوا من غير البشر، فلو كانت نداءات الإستغاثة لإنقاذ حديقة حيوانات، أو حيتان جنحت للشاطيء، أو قرود لا تجد مأوى، لتحرك العالم بمؤسساته وهيئاته، وخصصت البرامج، وانطلقت حملات التبرع والتطوع لإنقاذهم، أما أن يكون المستغيث فلسطيني مستضعف يعاني الأمرين، ويعاقب لذنب لم يقترفه، بأيدي أعتى قوة غاشمة وأتباعها، فهذا أمر لا يستدعي التوقف عنده أو الحديث عنه!

أخوة وأخوات لنا في العراق الجريح ذنبهم الوحيد أنهم من فلسطين وأنهم عاشوا في العراق لسنوات طوال كان ضمنها مرحلة ما قبل الاحتلال، ليعاقبوا أكثر من مرة مع كل حكم جديد في العراق باعتبارهم الحلقة الأضعف، وها هو الآن التاريخ يعيد نفسه بصورة أبشع وبوجه أقبح، دون أن يحرك أي مسؤول فلسطيني كبير أو صغير ساكناً أو ينبس ببنت شفه، وحتى أصحاب الأقلام الحرة جفت أقلامهم وكأنهم اعتادوا أخبار المهانة فسكتوا عما يجري بدلاً من فضح الممارسات التعسفية بحق أبناء شعبنا، اعتادوها لأنها تتكرر دائماً مع كل مأساة تمر بها أمتنا العربية يدفع ثمنها الفلسطيني دموعاً ودماء".

استجاب العديد من كتاب وصحفيون واعلاميون، ورصدت ردات فعل متواضعة عن المجلس التشريعي الفلسطيني في حينها وأخرى عن الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبدأت القضية في التفاعل والظهور للرأي العام، ورصدت شخصياً وخلال خمسة أيام ما كان بمثابة حملة اعلامية مركزة لإبراز تلك المعاناة أذكر منها:

1) التشريعي يستنكر ممارسات ترتكب ضد أبناء شعبنا الأبرياء في العراق 13/06/2005

2) السيد فضل الله يفتي بحرمة الاعتداء على فلسطينيي العراق 14/06/2005

3) روحي فتوح يوجه رسائل عاجلةً لتأمين الحماية اللازمة لأبناء شعبنا في العراق 15/06/2005

4) الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية – المكتب الاعلامي تعمم التقرير وتطالب بايجاد حل لمشكلة اللاجئين في العراق 15/06/2005

5) العديد من الصحف والمواقع الاعلامية والأحزاب العربية تنشر التقرير وتبرز معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في العراق

6) ردود فعل واضحة وغاضبة مما يجري طوال الأسبوع اللاحق وتحديد جلسة للتشريعي يوم 22/06/2005 لمناقشة الأوضاع المأساوية لللاجئين الفلسطينيين في العراق

لكن وبكل أسف أجهضت تلك المحاولات المبكرة من قبل عزام الأحمد تحديداً والذي كان يشغل منصب سفير فلسطين في العراق ابان عهد الرئيس العراقي صدام حسين، رافضاً تقرير موثق حول أوضاع الفلسطينيين في العراق ومخيم الرويشد على الحدود الأردنية، قدمته لجنة شؤون اللاجئين بالمجلس التشريعي وقرأته النائبة جميلة صيدم رئيسة اللجنة في جلسة التشريعي يوم 22/06/2006.

في ذلك اليوم وقف عزام الأحمد معترضاً، واحتج من خلال "خبرته" كسفير هناك، ومن خلال اتصالاته مع الحكومة العراقية المنصبة في بغداد، وليجهض كل ما من شأنه رفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني، رافضاً كل التقارير ومعتبراً ما يجري حوادث فردية فقال:

   أن التقرير الذي قدم من لجنة اللاجئين غير دقيق وأن اللاجئين لم يتعرضوا لأي عدوان بشكل مباشر بصفتهم فلسطينيين، وأن هذه الاعتداءات جاءت في ظل العدوان الواقع على الشعب العراقي عموما.

   أن الحكومة العراقية أكدت وبمذكرة خطية بحوزتي أنها ملتزمة بكافة القوانين التي كانت مطبقة على اللاجئين الفلسطينيين في السابق، باستثناء قضية الحصول على الجنسية

   ليس من الضرورة إعطاء صورة مأساوية وغير واقعية عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، لأن ما حدث لهم عبارة عن أعمال فردية قامت بها فئات هامشية، بهدف تحقيق مصالح شخصية مثل السيطرة على البيوت التي يسكون فيها

   اعتقلت قوات الاحتلال منذ دخولها إلى العراق 25 فلسطينيا فقط، بينهم ثلاثة طلاب قدموا للدراسة في العراق، تم إطلاق سراح ثمانية منهم، وجاءت هذه الاعتقالات بحجة ارتباطهم بالمقاومة العراقية وليس لأنهم فلسطينيون.

 

وبعد نقاش مستفيض لهذا التقرير تقرر تأجيل البت فيه إلى يوم 23 حزيران 2005، على أن يسبق جلسة المجلس اجتماع بين لجنة شؤون اللاجئين والنائب عزام الأحمد لدراسة التقرير المقدم، واتخاذ قرار بخصوص عقد جلسة سرية أو علنية لمناقشة موضوع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، ووضع التقرير على الرف وطواه النسيان تماماً كما أراد له عزام الأحمد الذي يمثل اليوم كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي.

 

المجموعة الأولى

شجع هذا الموقف المتهاون المتخاذل عصابات الاجرام في العراق على الاستمرار في جرائمها، حتى وصل الحال حداً لا يطاق من تهديد وتهجير واختطاف وقتل، مما فاقم الأوضاع سوءاً  واضطرت عائلات كثيرة من اللاجئين الفلسطينيين لترك منازلها والنزوح بحثاً عن ملاذ آمن داخل العراق أو خارجه.

وللتدليل على حجم المعاناة التي انكر وجودها عزام الأحمد الذي لا أملك تفسيراً لموقفه وموقف قيادته حتى اللحظة، ولا لمواقفهم الأخرى المتتالية، أنقل جانباً من المأساة الموثقة عام 2003 والتي تثبت زيف ادعاء الأحمد وقيادته عام 2005، ومن مصادر الأحمد وقيادة أوسلو، ناهيك عن المنظمات الدولية الأخرى، حيث أنه وتبعاً لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بغداد، فقد تعرض نحو 344 أسرة فلسطينية في بغداد تضم 1612 فرداً للطرد أو لمغادرة منازلها قسراً بين 9 أبريل/نيسان و7 مايو/أيار 2003. وقامت جمعية الهلال الأحمر العراقية، وغيرها من المنظمات الإنسانية، بتأمين إقامة مؤقتة لكثيرٍ من العائلات في مركزٍ مؤقت في نادي حيفا الرياضي بحي البلديات ببغداد. وكان هذا النادي يوفر في 7 مايو/أيار 2003 إقامةً مؤقتة لحوالي 107 أسر تضم نحو 500 فرداً، وذلك في خيامٍ قدمتها جمعية الهلال الأحمر العراقية ونصبت في ملعب كرة القدم بالنادي. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2003، بلغ عدد الفلسطينيين المشردين المقيمين في نادي حيفا الرياضي حوالي 1500 شخصاً يسكنون في 400 خيمة!

كان نادي حيفا الرياضي المخيم الأول للعائلات الفلسطينية، وتبعته مخيمات أخرى في الرويشد على الحدود الأردنية، وبعدها في منطقة الرمادي، ومناطق أخرى متفرقة في العراق، وصولاً للحدود السورية التي شهدت تدفق أعداد متزايدة من اللاجئين الفلسطينيين في العراق.

 

المجموعة الثانية

أدت الهجمات التي استهدفت اللاجئين الفلسطينيين في العراق عام 2003 إلى تشريد الآلاف منهم داخلياً، إضافةً إلى فرار المئات إلى الأردن، وقد أغلق الأردن حدوده في البداية، ثم سمح بدخول عدة مئات منهم إلى مخيم الرويشد المعزول القاحل الذي يقع على مسافة 85 كم داخل الحدود الأردنية،  وهو مخيم يدار من قبل الهيئة  الخيرية الهاشمية والمفوضية السامية للاجئين منذ 15 ابريل 2003 ،أما بقية الفلسطينيين فظلوا أكثر من سنتين في مخيم الكرامة الذي لا يقل قسوةً والواقع داخل المنطقة العازلة على الحدود العراقية الأردنية، إلى أن قامت السلطات الأردنية بإغلاقه عام 2005 ونقلهم إلى مخيم الرويشد. وخلال السنوات الثلاث الماضية، كان عدة مئاتٍ من الفلسطينيين بمثابة سجناء في مخيم الرويشد

بلغة الأرقام وبعد أشهر من غزو العراق وافق الأردن على استقبال 386 فلسطينيا متزوجا من أردنيات ولكنه لم يقبل بقية الفئات الأخرى، في حين فضل قرابة 250 منهم العودة إلى الوضع الخطير الذي كانوا يعيشونه في العراق على البقاء في المخيم دون بارقة أمل بإيجاد حلٍّ لمحنتهم، وبقي 280 فلسطينياً آخرون يواجهون مصيراً مجهولاً بعد رفض الدول العربية استقبالهم رغم أنهم يحملون أوراقاً ثبوتية.

رغم كل المعارضات والاحتجاجات فقد تم الاتفاق هذا الشهر على ترحيل من تبقى في مخيم الرويشد إلى كندا وعلى مراحل طبقاً لاتفاق أبرمته الحكومة الأردنية مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

 

المجموعة الثالثة

وصلت مجموعة أخرى من اللاجئين الفلسطينيين في العراق يناهز عددها 200 شخصاً وبقيت عالقةً على الجانب العراقي من الحدود مع الأردن منذ مارس/آذار حتى مايو/أيار 2006، بعد أن رفض الأردن إدخالهم وقامت قوات حرس الحدود العراقية بإعادتهم قسراً إلى الأراضي العراقية، وعلى إثر طلبٍ قدمه وزير خارجية السلطة الفلسطينية، سمحت سوريا لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين بدخول أراضيها بتاريخ 10/05/2006 واستقروا في مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال سوريا،  ثم عادت سوريا فأغلقت حدودها بعد تزايد أعداد الفارين من جحيم العراق.

 

المجموعة الرابعة

مع بداية فصل الصيف لعام 2006، خرجت أعداد آخرى من اللاجئين بعد تزايد عمليات القتل والخطف والتهديد والتهجير القسري من منازلهم والاعتقال العشوائي ، ليصلوا إلى الحدود العراقية السورية أملاً في اجتياز تلك الحدود كما حدث مع المجموعة السابقة التي استقرت بمخيم الهول، وهو تماماً ما كانت تخشاه السلطات السورية وتوقعته وبسببه أغلقت الحدود حتى يتم تسوية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق من قبل الهيئات المختصة والمسؤولين في الدوائر الفلسطينية المختلفة.

استقر هؤلاء ولحق بهم آخرون في المنطقة العازلة على الحدود السورية العراقية وأطلق على تجمعهم مخيم التنف، ووصل عدد المقيمين في هذا المخيم ما يزيد عن 350 فرداً جلهم من النساء والأطفال، في ظروف معيشية بالغة الصعوبة، وافتقار لأبسط مقومات الحياة وهو ما سأستعرضه بالتفصيل.

 

مخيم التنف

بعد نية الصيام في ذلك اليوم الرمضاني، وبعد صلاة الفجر يوم 03/10/2006، انطلقنا من دمشق في  رحلة استغرقت أكثر من 3 ساعات  تحت لهيب الشمس الحارقة في ساعات النهار الأولى، وفي صحراء نائية ممتدة على مدى البصر، وبعد الحصول على الموافقات والأذونات المطلوبة للدخول للمنطقة الحدودية، عبرنا نقطة الحدود السورية مع العراق، لتظهر لنا على بعد مئات الأمتار في المنطقة العازلة أولى خيام المخيم الجديد، مخيم التنف، وما أن وصلنا لهذا التجمع حتى تحلق حولنا من استيقظ ساعتها فقد وصلنا باكراً.

عرّف أحدهم على نفسه بأنه من اختاروه ليكون ممثلاً عن "سكان" المخيم، وطلب منا التوجه لخيمة اتخذوها مضافة لمن يأتي، وهي كغيرها من الخيام القاتمة اللون لا يميزها شيء سوى ترحاب من جاءوا إليها من "سكان" ذلك المخيم، وزاد عدد من استيقظوا وتوجهوا لخيمة "الضيافة" حتى غصت بالحضور ومن جميع الأعمار، فزيارة أي كان هي من النوادر التي تكاد تكون من المستحيلات، وبالنسبة لهم هي حدث لا يمكن تفويته.

بدأ "المختار" بالحديث شارحاً معاناة من يقطنون مخيم التنف، موجهاً اللوم والعتاب للجميع دون استثناء، وهو محق كل الحق في ذلك فبعد أكثر من شهرين على تواجدهم في هذه المنطقة المقفرة لم يزرهم مسؤول واحد من منظمة التحرير الفلسطينية أو من قيادة السلطة التي تتغنى بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلة لكل الفلسطينيين، ولولا تدخل بعض القيادات الاسلامية المقيمة في سوريا لقضي عليهم، فبعد جهود جبارة من قبل هذه القيادات سمح بتمرير خزانات مؤقتة للمياه ومولد للكهرباء للمساعدة في مواجهة الظروف الصعبة والقاسية، وبدأ المختار بسرد مطالب "أهالي" المخيم والتي كان أهمها:

-          توفير العلاج لقاطني المخيم المؤقت

-          الحصول على أوراق ثبوتية تسمح لهم بالانتقال لمكان آخر

-          تثبيت وتوثيق المعاناة وايصالها لمن يهمه الأمر

-          توفير المستلزمات التعليمية للأطفال الذين باتوا بدون تعليم

-          تحسين الظروف المعيشية بشكل عام خاصة أن فصل الشتاء على الأبواب

طال الحديث عن المعاناة والمشاكل والمخاطر في العراق الذي تركوه أو في العراء الذي استوطنوه، وكان الجميع دون استثناء يردد: "وين المسؤولين، وينهم ما شفنا حدا منهم"؟ قصص لا نهاية لها تدمي القلوب، ومآسي يومية متكررة، وحتى يعر ف القاريء والباحث والمسؤول - إن كان يهمه أمر هؤلاء-  أستعرض هنا تفاصيل ذلك المخيم "الجديد".

 

الأوضاع والظروف المعيشية:

  يقع مخيم التنف على بعد عدة مئات من الأمتار من بوابة الحدود السورية في المنطقة الحدودية الفاصلة بين سوريا والعراق، في منخفض على جانب الطريق الرئيسي يجعل أعلى جزء من الخيمة في موازاة الطريق، أي ما يشبه الخندق، في منطقة صحراوية نائية تمتليء بالعقارب والثعابين وأنواع لا حصر لها من الحشرات.

  يقطن المخيم اليوم ( 03/10/2006 )، 276 شخص تم تقسيمهم إلى 70 خيمة بائسة كئيبة، والعدد مرشح للزيادة في ضوء ما يتعرض له الفلسطينيون في العراق، بينهم أطفال رضع ونساء حوامل وكبار بالسن ومرضى ومعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة ينتظرون مصيرهم المجهول.

  يشكل الأطفال نسبة كبيرة من قاطني المخيم، وتتراوح أعمار القاطنين من أيام ( من ولدوا هناك) إلى سن 75 عام، وعدد أفراد العائلات يتراوح بين شخصين وثمانية أشخاص.

  الأوضاع المعيشية غاية في الصعوبة، في ظل نقص وانعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة، وفي غياب أي إشراف حقيقي رسمي، مما جعل منطقة المخيم أشبه بمكب للنفايات، وهو ما يفاقم المشكلة صحياً وبيئياً.

  لا توجد مياه صحية جارية، ويعتمد قاطنو المخيم في طعامهم وشرابهم على ما يجود به أصحاب الشاحنات التي تعبر الحدود في الاتجاهين، وكما ذكرت سابقاً بجهد جهيد، وبتدخل أهل الخير سمح بتركيب مولد كهربائي يساعد نوعاً ما في الحفاظ على المياه والأطعمة لمدة أطول، ولكم أن تتخيلوا المذلة في الحصول على ما يسد الرمق، ليس بالضرورة مجاني، ولكن في مرات كثيرة مقابل ما يملكونه من أموال بسيطة خرجوا بها أو ممتلكات شخصية لإشباع جشع البعض ممن امتهنوا التجارة بمعاناة الناس.

  لا نظام للصرف الصحي، و"المراحيض" إن جازت تسميتها عبارة عن غرفة للرجال وأخرى للنساء، مع انعدام أية معايير صحية، ورغم أنها كانت "متنفس" في بداية الأمر وسط العراء، إلا أنها تحولت مع مرور الوقت إلى بؤرة تشكل خطراً حقيقياً على صحة القاطنين، بسبب الانسداد والروائح والحشرات وغيرها من المخاطر الصحية والبيئية.

  يعاني "سكان" المخيم من مخاطر أخرى منها العقارب والثعابين، ومنها خطر الشاحنات المسرعة على الطريق، والعواصف الصحراوية التي تقتلع الخيام من حين لآخر، وخطر مياه الأمطار وهو ما حدث فعلاً في أول أيام عيد الفطر بعد هطول الأمطار حيث وصل ارتفاع المياه في بعض الخيام إلى متر!

  لكن تبقى الخطورة الحقيقية في ميليشيات الموت التي تلاحق قاطني المخيم حتى بعد فراراهم، وقد حاولت هذه الميليشيات أكثر من مرة اعتقال أشخاص بعينهم وتصدى لها حرس الحدود السوري، حتى نجحوا في محاولة لهم بتاريخ 20/11/2006 حيث اعتقل الحرس الوطني 5 من قاطني المخيم واقتادوهم إلى جهة مجهولة.

 

الوضع الصحي:

خلال الزيارة التي قمت بها لمخيم التنف الحدودي بتاريخ 03/10/2006، وبحكم مهنتي، وبسبب الاحتياجات الصحية، وفي ظروف غير ملائمة على الاطلاق، وفي احدى الخيم، قمت بفحص ما يزيد عن 50 شخص من قاطني المخيم، وصرف الدواء (الذي تم احضاره مسبقاً) لمعظم الحالات، والتي تنوعت في درجة خطورتها وتنوعها الطبي، ويمكن تلخيص أهم الحالات المرضية الحادة التي يعاني منها قاطنو المخيم بالتالي:

-          القيء والاسهال خاصة لدى الأطفال

-          جفاف وتشقق الجلد

-          الالتهابات الميكروبية المختلفة (خاصة الجلد وجهاز تنفسي)

-          التهابات العيون

-          آلام الظهر والمفاصل والبطن

-          ارتفاع درجة الحرارة لدى الأطفال

-          الصداع

-          التهابات بولية

-          لدغات الحشرات والعقارب

-          ضربات الشمس

إضافة لتلك الحالات الحادة توجد حالات مزمنة ومنها الخطيرة التي تحتاج لعناية ومتابعة، وقد رصدت في ذلك اليوم الحالات التالية:

-          أمراض الغدة الدرقية (زيادة أو نقص الافراز)، تحتاج لفحص دم دوري وتعديل في جرعة الدواء

-     كيس على المبيض (المريضة تحمل تقارير مفصلة)، تحتاج لفحص موجات فوق الصوتية جديد وربما عملية قبل تفاقم المشكلة وربما انفجار الكيس.

-     اصابات بأعيرة نارية، ومنها شاب بحاجة لعلاج طبيعي فوري وإلا فقد القدرة على استخدام ذراعه ويده اليسرى بعد اصابته بطلق ناري في رقبته

-          حالة تعاني من اغماء متكرر وفقدان وزن، مع احتمال الاصابة بمرض السكر، وفي غياب الفحوصات الطبية لا يمكن معالجة الحالة

-     حالتين مرضيتين تعانيان من أعراض حصى في الكلى، منهم حالة سبق وأن عولجت من الحصى، وهذه تسبب ألام شديدة جداً، وتحتاج لفحوصات ومتابعة وربما تدخل جراحي

-          حالة مرضية تحتاج لعلاج دائم من مرض الصرع وسط نقص الدواء

-          عدة حالات تعاني من ارتفاع ضغط الدم

-          حالات اكتئاب وأمراض نفسية أخرى

ولا ننسى هنا حالات الحمل والولادة، والتي لولا سماح السلطات السورية بدخول الحوامل وقت الوضع للمستشفيات السورية لكانت مأساة أخرى تضاف، وقد سجلت حتى الآن 3 حالات ولادة هي: سارة ياسر، مريم روحي، أحمد محمد، وبتاريخ 5-9-2006 تعرضت الطفلة مريم للدغة عقرب وليس هناك مشفى ولا دواء لها إلا حفظ الله!

 

الاحتياجات الصحية الفورية:

  توفير الأدوية بشكل فوري خاصة للحالات المزمنة

  إجراء فحوصات دم وأشعة وموجات فوق صوتية حسب الحاجة، وهذه يمكن توفيرها ميدانياً دون الحاجة لإذن مسبق لدخول الأراضي أو المستشفيات السورية

  توفير الضمادات والمضادات الحيوية والفوط الصحية النسائية

  المتابعة الأسبوعية من قبل طبيب على الأقل

  التثقيف والارشاد الصحي خاصة ما يتعلق بالمياه والصرف الصحي والقمامة

  حليب الأطفال واللقاحات

  أجهزة متنقلة لقياس ضغط الدم والسكر

 

معاناة من نوع آخر

لا يقتصر الأمر على ما ذكر سابقاً من مشاكل اجتماعية معيشية وصحية، بل يتجاوزها ليشمل تعليم الأطفال المعدوم وبعض المخاطر والمشاكل الأخرى، ومنها على سبيل المثال:

-          ستة أشهر و الأمم المتحدة ماتزال تدرس مشروع تقديم حاويات القمامة!

-          لا يستطيع قاطنو المخيم النوم بسهولة بسبب أعداد الذباب الخيالية والحشرات الزاحفة الأخرى

-     في يوم الاثنين 28 \ 8 \ 2006 دهست شاحنة طويلة متجهة إلى العراق فتىً فلسطينياً يبلغ من العمر 12 عاماً وذلك على الطريق السريع الواصل بين الحدود السورية العراقية وهو الفتى الفلسطيني (أحمد أكرم موسى)، وبسبب تعذر الوصول لأي مستشفى في المنطقة فقد فارق الفتى الحياة بعد ساعات من إصابته

-          هجمات متكررة من ميليشيات طائفية حاقدة، كان آخرها بتاريخ 20/11/2006 حيث اختطف 5 من قاطني المخيم

-          في بداية شهر 10 عُثر على ثعبان طويل بجانب إحدى الخيام، فقام بعض الشباب بقتله وطهيه وتناوله كوجبة من نوع خاص

-          إنعدام وسائل الاتصال، اللهم إلا من خلال 3 هواتف جوال أهديت لهم من قبل أهل الخير

-     على بعد حوالي 3 كيلومترات باتجاه الأراضي العراقية تقطن 14 عائلة أخرى في أربعة خيام يطلق عليها اسم "الغرفة" وفيها ينعدم كل شيء بدون استثناء في وضع أكثر مأساوية، وتمنع السلطات الحدودية هؤلاء من الالتحاق بمخيم التنف!

-     سُجلت 3 حالات زواج في مخيم التنف والغرفة، لكن الأزواج يعانون من قلق نفسي خشية أن لا يتم زواجهم بشكل رسمي في أي بلد وبالتالي يعامل أطفالهم كنتاج لعلاقة غير شرعية أو قانونية!

هذه باختصار شديد أوضاع مخيم التنف، الأحدث في قائمة الشقاء الفلسطيني، وبشكل مختصر، حيث يعجز اللسان والقلم عن وصف ما يجري، وكأنه تغريبة فلسطينية جديدة بعد 58 عام من التغريبة الأولى!

لم تنته القصة بعد، فالأوضاع تزداد مأساوية، وأعداد اللاجئين يزداد كل يوم، ولا أجد أفضل مما نُشر في مجلة الهدف العدد 1383، التي لخصت وضع الفلسطينيين في العراق بالتالي (بتصرف):

مع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية واستمرار الفوضى وكذلك تدمير مؤسسات الدولة وبناها التحتية، ترافق مع ذلك تصاعد وتفاقم النعرات الطائفية والمذهبية التي روج لها المحتلون ومن يقف معهم، مما أثر على أحوال المواطنين العرب المقيمين في العراق وخاصة اللاجئين الفلسطينيين حيث بدأت الاعتداءات والمضايقات تزداد وتخلف وراءها ضحايا: شهداء وجرحى ومعتقلين ومخطوفين ومفقودين، وتم استهداف التجمعات السكنية التي يشغلها فلسطينيون عبر الاعتداءات تارة بإطلاق النار، وتارة أخرى بقصفها بقذائف الهاون، خاصة المجمع السكني في البلديات الذي يسكن فيه ما لا يقل عن (40 %) من الفلسطينيين الموجودين في العراق في ظروف سكنية وخدمية ومعاشية صعبة. وسقط من جراء هذه الهجمات أعداد من الضحايا من المواطنين الفلسطينيين. جرى هذا بدءاً من 1/2/2004، 22/2/2006، و 27/6/2006، وصولاً إلى 19/10/2006، وقبلها وبعدها هجمات كثيرة، وحصلت اعتداءات أخرى على تجمعات سكنية في حي الدورة والحرية والزعفرانية وأماكن أخرى.

يمكن القول أن هناك حرباً شاملة ظالمة تشن على اللاجئين الفلسطينيين في العراق يمكن أن نحدد عدة جوانب منها:

 

1-     الجانب السياسي الإعلامي:

بدأت بعض الصحف الصفراء التي صدرت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق بشن حملة إعلامية محمومة على العرب المقيمين في العراق وخاصة اللاجئين الفلسطينيين. وقد تصاعدت هذه الحملة في جريدة الصباح الناطقة بلسان شبكة الإعلام العراقية، وكذلك الفضائية العراقية،ـ وتم توصيف الفلسطينيين باعتبارهم من أتباع النظام العراقي السابق وبأنهم مسؤولون عن الكثير من الأعمال (الإرهابية) على حد زعم هذه الصحف، مما أودى بحياة المواطنين العراقيين الأبرياء. وجرى تحميل الفلسطينيين مسؤولية حادثة تفجير سيارة مفخخة في حي بغداد الجديدة، حيث سقط عشرات العراقيين الأبرياء ضحايا هذا الحادث الإجرامي الذي اتهم فيه (4) مواطنين فلسطينيين، منهم (3) أشقاء، وتم عرضهم لعدة أيام على الفضائية العراقية والفيحاء والفرات، وتم شن حملة إعلامية واسعة ساهمت في خلق رأي عام في أوساط بعض العراقيين الذين سمعوا وصدقوا هذا الأبواق المشبوهة. وبموازاة هذه الحملة التي تم فيها تصوير الفلسطيني في العراق على أنه عدو إرهابي ضد الشعب العراقي، تم شن سلسلة من شتى أشكال الاعتداءات والجرائم التي سوف نفرد لها عنواناً لاحقاً.

 

2-     الجانب القانوني:

1-  إلغاء الإقامة الدائمة: ألغت الحكومة العراقية المؤقتة والانتقالية الإقامة الدائمة للاجئين الفلسطينيين في العراق، واستبدلت ذلك بقرار المراجعة الدورية المستمرة الشهرية تارة، وكل شهرين أو ثلاثة تارة أخرى، وأخيراً أصبحت كل ستة أشهر. ولكن بعد تشكيل حكومة إبراهيم الجعفري تم العودة إلى قرار المراجعة الشهرية مرة أخرى، وأخيراً رست الأمور على المراجعة كل (3) أشهر، وتتم المراجعة بحضور كافة أفراد الأسرة صغيراً وكبيراً، مريضاً كان أو معوقاً، وأي تأخير في المراجعة يتوجب عليه دفع غرامة لكل فرد مقدارها (10) دنانير عراقية.

2-  وقف إصدار وثيقة السفر: منذ احتلال العراق وحتى شهر تموز الماضي تم إقرار رزنامة شروط ومطالب لكل من يتقدم بطلب إصدار وثيقة سفر جديدة، الشروط تعسفية وظالمة وتعجيزية. وقد تم إعطاءها لعدد محدد من الفلسطينيين منذ فترة وجيزة.

3-  إيقاف إصدار بطاقة الهوية الشخصية: لكل المواليد الجديدة منذ العام 2003، كما أنه لا يتم إصدار بطاقة هوية بدل فاقد أوتالف للاجئين الفلسطينيين، وهناك أعداد من الفلسطينيين لا يحملون أية أوراق ثبوتية، على الرغم من أن حمل الهوية الفلسطينية في ظل الأوضاع الأمنية المتردية في العراق يعتبر بمثابة تهمة أو جريمة، حيث تم إيقاف و اعتقال عدد من الفلسطينيين من قبل حواجز الجيش العراقي أو مغاوير وزارة الداخلية فقط لأنهم يحملون الهوية الفلسطينية الصادرة عن مديرية الإقامة.

 

3-    الجانب الأمني:

1-  القتل المتعمد للمواطنين الفلسطينيين: كما تمت الإشارة سابقاً تشن على اللاجئين الفلسطينيين حرب أمنية متعددة الأشكال أدت إلى استشهاد أكثر من (170) فلسطينياً (أكثر من 50 %) منهم قتلوا لأنهم يحملون الهوية الفلسطينية أو لكونهم  فلسطينيين فقط، كان آخرها مقتل عميد الجالية الفلسطينية السيد توفيق عبد الخالق (أبو العبد) عميد الجالية الفلسطينية في العراق في العراق بعد اختفائه، حيث عُثر عليه يوم الاثنين (27/11/2006) جثة هامدة بعد تعرضه للتعذيب.

2-  اختطاف العشرات من اللاجئين الفلسطينيين بحجة أنهم ميسورين ومطالبة أهاليهم بدفع فدية تتراوح حسب الحالة بين (10 – 15) ألف دولار كي يتم إطلاق سراح المخطوف الذي يكون في حالات عديدة رجلاً طاعناً في السن، أو طفلاً في المدرسة الابتدائية، أو شاباً في مقتبل العمر. وقد تم أخذ الفدية في (10) حالات من أهالي المخطوفين وبعد ذلك تم قتلهم، وقد دخات القوات الأمريكية على الخط بشكل مباشر حيث وبحسب الجزيرة نت بتاريخ 13/11/2006 اعتقلت القوات الأميركية ثلاث نساء فلسطينيات وستة رجال آخرين، عندما اقتحمت منزلهم في حي البلديات شرق بغداد، وقال أهالي العائلة التي اعتقلت منها النساء أن القوات الأميركية سرقت جميع الأموال التي كانت بحوزتهم

3-  التهجير القسري من أماكن السكن: لا يعرف عدد البيوت التي تم إخلاءها من قبل ساكنيها من اللاجئين الفلسطينيين، بعضها ملك صرف ومسجل في وزارة المالية: في أحياء عدة من بغداد منها الدورة وأم المعالف والسيدية والحرية، وعند كتابة هذا المقال ورد إلينا خبر عن تهجير أكثر من (24) عائلة فلسطينية تسكن على نفقة الدولة من حي    تل محمد بالقرب من بغداد الجديدة، كما أن عشرات العائلات الفلسطينية التي ما زالت تقيم في حي الحرية تم إبلاغها بأنها يمكن أن تعود إلى منازلها شرط ألا يعود الشباب من سن (15) سنة وكذلك الرجال إلى بيوتهم. وهذا ما تم فعلاً منذ أكثر من شهر مضى، علماً أن هذه البيوت تعود عائديتها إلى الحكومة العراقية الغائبة فعلاً والحاضرة شكلاً.

4-  استمرار اعتقال عشرات الفلسطينيين في سجون الاحتلال الأمريكي وكذلك سجون وزارة الداخلية العراقية، علماً أنه منذ بدء الاحتلال تم اعتقال وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين في العراق. كما أن هناك عدداً يتجاوز (10) مواطنين فلسطينيين يعتبرون مفقودين ولا يعرف مصيرهم منذ أن اختفوا منذ أكثر من عام.

5-  إصابة عشرات الفلسطينيين بجروح بعضها خطيرة نتيجة فشل عدد من عمليات الاغتيال والتصفية، وكذلك من جراء إصابة الكثير منهم في قصف مجمع البلديات بشكل خاص كما حدث يوم 19/10/2006، حيث سقط (18) جريحاً.

6-  اضطرار آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى مغادرة العراق بكل الأشكال والطرق المتاحة إلى أي بلد عربي أو أجنبي يمكن أن يستقبلهم. كما أن هناك مئات من اللاجئين الفلسطينيين عالقين على الحدود منذ أكثر من (3) سنوات في معسكر رويشد على الحدود العراقية الأردنية، وهناك حوالي (250) شخصاً يعيشون في معسكر الهول في مدينة الحسكة السورية، كما أن هناك أكثر من (450) مواطناً فلسطينياً يقيمون في التنف على الحدود السورية العراقية، يعيشون في ظروف معاشية وإنسانية قاسية (ملاحظة ازدياد الأعداد)".

 

ويبقى السؤال:

متى يتحرك المسؤولون لرفع الظلم والغبن عن اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وهل قدر شعبنا أن تُسلط علينا عصابات الغدر من كل حدب وصوب لتُنكّل بأبناء شعبنا، وعصابات من أبناء جلدتنا لتتاجر بدمائنا ومعاناتنا؟

من لهؤلاء الذين تقطعت بهم السبل؟ وما هو دورنا وواجبنا تجاههم؟ ألسنا من يقول ليل نهار أن الشعب الفلسطيني شعب واحد أينما وُجد؟ أين منظمة التحرير الفلسطينية التي تدعي تمثيل الشعب الفلسطيني؟ أين دوائرها ومؤسساتها؟

هذه صرخة لكل ضمير حر، وشهادة من قلب المأساة أنقلها إليكم جميعاً، علها تجد صدى لها في قلوبكم وعقولكم، فهل من مجيب؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ