"النظام
السوري لا يخادع الإسرائيليين"
دكتور
عثمان قدري مكانسي
علمنا أهلونا : " أنا وأخي على
ابن عمي ، وأنا وابن عمي على
الغريب " وعلى الرغم أن هذه
المقولة في منطق العقل ليست
صحيحة ، فقد يكون ابن عمي عادلاً
وأخي ظالماً ، وقد يكون ابن عمي
أظلم من الغريب أو مخطئاً ،
بينما الغريب أكثر فهماً
وعقلانية وأنضج ، أقول : على
الرغم من ذلك إن لها فوائد حين
يكون طرفا المعادلة متساويين في
المواقف متوازيين
في الإيجابيات فالمنطق إذ ذاك
أن تكون مع الأقرب " الأقربون
أولى بالمعروف " وأن تعمل
معهم " فالظفر لا يخرج من
اللحم " ..
الذي دعاني إلى هذه المقدمة أن
بشاراً رئيس النظام السوري
يتصرف بناء على هذه النصيحة
ويلتزم بها التزاماً يدل على
فهمه العميق للقرابة والمنفعة .
والدليل على ذلك أنه – كما نقلت
صحيفة المستقبل اللبنانية في
عددها الصادر يوم السبت 16-12-2006
نقلاً عن رويترزفي حديث بشار
لصحيفة " لاريبوبليكا "
الإيطالية قد
دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي
أيهود أولمرت والرئيس الأمريكي
بوش إلى إجراء حوار مع دمشق ،
وحض أولمرت تحديداً على أن يقوم
بمحاولة لرؤية " ما إذا كنا
نخادع " فالنظام السوري لا
يخادع إسرائيل حين يرجوها رئيس
النظام أن تطمئن إلى إخلاصه
والتزامه بما يتفق عليه الطرفان
، والأدلة على ذلك كثيرة من
أقوال رئيس النظام إلى رئيس
اللجنة السياسية العربية
والغربية في مجلس الشعب السوري
، إلى الأبواق التي ردت على
تساؤلات الجزيرة لم لا تفتحوا
باب المقاومة في الجولان ؟ :
بيننا معاهدات لا نستطيع
الإخلال بها على الرغم من إخلال
الإسرائيليين بها عشرات المرات
.
وقد يتساءل البعض قائلين : وهل
إسرائيل والإدارة الأمريكية
أقرب إلى النظام من شعبه
ومواطنيه ؟ فنقول هنا مربط
الفرس ... الذي
يتسنم الأمور في بلادنا . يحكم
مواطنيه بالقوانين الاستثنائية
منذ أكثر من أربعة عقود ، ويغتال
مئات الآلاف منهم حتى يومنا هذا
، ويغيّب عشرات الآلاف في
السجون والمعتقلات ، ويشرد مئات
الآلاف في الأرض ، ويأبى إلا أن
يكون فرعونا يقدس ذاته ولا يرى
إلا نفسه . ثم هو يستجدي رضى
إسرائيل فيقول : جربونا فنحن لا
نخادع أسيادنا ، وقد أثبت لهم
ذلـّه مراراً ، فلم لا يصدقونه
الآن ؟! ويقول بشار مؤكداً صدقه
مع إسرائيل : هناك كثير من
الأصوات ترتفع في إسرائيل
للمطالبة بحوار مع دمشق ... ويبدو
أن أولمرت لم يتأكد بعد ،
فينبهه بشار إلى أن يسأل
المخضرمين من اليهود الذين
شهدوا لنظام الأسد بحفظ العهود
والمواثيق – والفضل ما شهدت به
الأعداء – أقصد الأصحاب
والأقرباء - .
أما وزير خارجية النظام الأسدي
وليد المعلم -
نقلا عن المصدر نفسه - فيريد
أن " يكون النظام طرفاً
إقليمياً يخدم المصالح
الأمريكية في المنطقة "
معتبراً أن السلام مع إسرائيل
" قضية نبيلة " !! . وأن
النظام في سعيه إلى الحوار مع
إسرائيل لا يشترط إعادة الجولان
فالحوار
البنـّاء ! ينطلق دون شروط مسبقة
.
فإذا صرح هذا الوزير بهذين
الهدفين :
1- رغبة النظام في خدمة المصالح
الأمريكية ، وهو – أي
النظام- لم يوجد منذ وجد إلا
لخدمة الولايات المتحدة
الأمريكية فقد سقطت ورقة التوت ( القومية العربية ،والممانعة ،
والصمود والتصدي ، وما إلى ذلك
من شعارات مللنا منها وصدّقها
الشعب العربي المخدوع ) التي ظن
أنه كان يتستر بها . وظهرت عورته
لمن كان له قلب أو ألقى السمع
وهو لبيب .
2- الصلح مع إسرائيل " قضية
نبيلة " وهو لنبلها!!
يسعى إليها دون ملل ولا كلل
، ويتوسط لذلك القاصي والداني
ثم يتهم يميناً شمالاً كل من
يعارضه أنه عميل لإسرائيل
والإمبريالية ... فمن هو العميل
يا ترى ؟!
إن النظام لا يخادع إسرائيل –
كما يقول مسؤولوه صراحة – لكنه
في الوقت نفسه يدعي الوطنية
والعمل على استرداد الحقوق
المغتصبة ، ويثقب آذان الشعب
السوري والشعوب العربية بأهداف
يخالفها ويسير عكس اتجاهها ...
فمن يخادع النظامُ السوريّ ُ
إذاً ؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|