ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 20/12/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

واشنطن .. المرجعية!

صبحي غندور*

كم هو مؤسف أن يضطرَّ الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى إلى بحث تفاصيل الأزمة السياسية اللبنانية الداخلية مع الوزيرة الأميركية كوانداليسا رايس.

بل حسب ما ذكرته صحيفة "النهار" اللبنانية (عدد السبت 9/12/2006)، فإنّ واشنطن أكّدت دعمها لقوى "14 آذار"، وأنّ هذا البحث شمل عدد المقاعد الوزارية الممكن تقديمها لقوى المعارضة اللبنانية.

نعم، إنَّه لأمر مؤسف أن يتوجّه أمين عام الجامعة العربية لواشنطن بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، لمحاولة حلّ الأزمة السياسية القائمة في لبنان. وفي ذلك دلالة كبيرة على ما وصلت إليه علاقة بعض الأطراف اللبنانية مع الإدارة الأميركية، ويدلّ أيضاً على حال العجز الرسمي العربي الذي أصبح يكتفي بالتوصيف والتحليل لواقع الأزمات العربية، وكأنَّ الحكومات العربية تحوّلت كلّها إلى مراكز أبحاث ومؤسسات إعلامية، تمارس التحليل السياسي والتوقّعات المستقبلية دون أي عناء أو جهد فاعل لوقف الانحدار في الأزمات العربية المتفاقمة.

فواشنطن الآن هي الخصم وهي الحكم. هي المرجعية التي يُعوِّل عليها بعض العرب لحلِّ أزمات العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، إضافةً إلى إمكان تحسين العلاقات المتوتّرة بين بعض الحكومات العربية.

وحينما أشير إلى أزمات العراق وفلسطين ولبنان، فلا أقصد ما يتعلّق منها بمشكلة الاحتلال الأميركي للعراق أو الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والجولان ولبنان، بل الوجه الآخر المتعلّق بالصراعات الداخلية في العراق، وبين حركتيْ "فتح" و"حماس"، وبين الحكومة وقوى المعارضة اللبنانية.

فواشنطن التي تشجّع الآن على انتخابات مبكرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى عدم تعامل المعارضة "الفتحاوية" الفلسطينية مع حكومة "حماس" التي جاءت حصيلة انتخابات ديمقراطية، هي واشنطن نفسها التي تعارض انتخابات نيابية مبكّرة في لبنان، وتريد من المعارضة اللبنانية الخضوع للحكومة المفتّتة ( نسبة للتفتّت لا للوزير أحمد فتفت). فالمعيار لدى واشنطن هو مسألة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي في الحالتين اللبنانية والفلسطينية. لكن ما هو معيار الأطراف العربية؟!

بعض الكتابات العربية تنصح المقاومة اللبنانية أن لا تكون في خضمّ الصراع السياسي الداخلي الآن لأنَّ ذلك يأخذ من وهج المقاومة. وأصحاب هذه الكتابات أنفسهم كانوا ضدَّ المقاومة في الصيف الماضي وانتقدوها لأنّها قامت بأسر جنديين إسرائيليين. أي أنّهم لا يريدون للمقاومة أن تقاوم ولا يريدونها أن تكون جزءاً فاعلاً في الحياة السياسية الداخلية، في وقتٍ ما زال الصراع فيه مع إسرائيل في لبنان وبالمنطقة مفتوحاً، وما زالت المقاومة للاحتلال مستهدَفة في الرأس والجسم معاً.

ازدواجية مواقف الإدارة الأميركية تظهر جلياً في تأييدها للانقلاب السياسي على حكومة حركة حماس، من جهة، وفي رفضها لأي تعديل سياسي في الواقع اللبناني الحاكم، من جهة أخرى. وليست الديمقراطية حتماً هي مرجعية هذه الازدواجية الأميركية، ولا المحبّة أيضاً لحركة "فتح" أو لقوى "14 آذار"، بل المعيار الأميركي الوحيد هو الموقف من إسرائيل، وليس حتى من خصوم السياسة الأميركية في المنطقة.

فلقد كانت حركة فتح على علاقة سيئة مع الحكومة السورية ولم تكن لها علاقات خاصّة مع طهران، ورغم ذلك كان مغضوباً على "فتح" أميركياً إلى حين توقيع اتفاق "أوسلو" وقرار وقف المقاومة المسلّحة ضدَّ إسرائيل.

واستمرَّ الغضب الأميركي على الجناح العسكري في "فتح" الذي واصل المقاومة ضدَّ الاحتلال رغم عدم ارتباطه بأيٍّ من خصوم السياسة الأميركية في المنطقة.

ويخطئ كثيراً من يعتقد الآن أنَّ الصراع في لبنان هو فقط صراع سياسي داخلي. إنَّه في حقيقة الأمر استكمال لصراعٍ أرادته واشنطن وأشركت معها باريس به، وذلك منذ منتصف العام 2004، من أجل إنهاء مسألتين في لبنان: الوجود العسكري السوري والمقاومة اللبنانية ضدَّ إسرائيل، وكجزء من ترتيبات خططت لها الإدارة الأميركية لبناء شرق أوسطي جديد وكتمهيد لتصعيد الصراع مع إيران. وهي قضية كانت واضحة تماماً في القرار 1559 الصادر في العام 2004، وما رافق هذا القرار من تأزّم سياسي لبناني داخلي وفي العلاقات الأميركية والفرنسية مع دمشق، ثم ما لحق القرار الدولي من اغتيالات وتطوّرات.

وقد تحقّق حتى الآن الهدف الأول، وهو إخراج القوات السورية من لبنان بشكل سلبي جداً، ثمَّ جاءت حرب الصيف الماضي من أجل تنفيذ الهدف الآخر بعدما فشلت الضغوط السياسية عن تحقيقه لأكثر من عام من الزمن.

فالمعركة السياسية الدائرة الآن في بيروت هي استكمال للمعارك العسكرية التي جرت في الجنوب منذ أشهر قليلة، وهي ذاتها أيضاً من حيث الفرز في القوى (المساندة والمعارضة) المحلية والإقليمية والدولية – بل إنَّ بعض المواقف العربية انتقلت من حال التساؤل عن الحكمة في الاشتباك مع إسرائيل إلى حال إتهام المقاومة اللبنانية بالسعي لانقلاب طائفي! وفي الأمرين تشكيك بالمقاومة ودعوة للتجاوب مع التحرّك الأميركي.

وانشغل اللبنانيون في أسماء الشوارع و"الزواريب" الضيّقة والتوزّع الطائفي المذهبي فيها، بينما أمورهم يتمّ بحثها في عواصم الدول الكبرى!. وفي ذلك إهانة مشتركة للبنانيين ولغيرهم من العرب حينما لا يدرك الجميع أنَّ ما يحدث على أرض لبنان ليس صراع طوائف ومذاهب وحصص سياسية، بل هو صراع على مشاريع دولية وإقليمية في ظلِّ غياب مرجعية عربية فاعلة.

إنَّ ما يحصل في لبنان والأراضي الفلسطينية هو محصّلة لوجود نهج مقاوم للاحتلال بينما تجد أطراف لبنانية وفلسطينية وعربية مصلحةً لها في نهج الإدارة الأميركية، رغم التعثّر الكبير الحاصل في سياسات هذه الإدارة وفشلها الذريع في العراق وفي عموم المنطقة.

وقد كان أولى بزعماء المنطقة العربية التداعي إلى قمّة عربية طارئة الآن تصحّح العلاقات السيئة بين بعض الحكومات العربية، وتضع ضوابط للعلاقات مع قوى الجوار الإقليمي، وتؤكّد مجدداً على حق المقاومة ضدَّ الاحتلال، وعلى ضرورة التنفيذ الكامل للمبادرة العربية بشأن التسوية مع إسرائيل، إضافةً إلى معالجة الخلل الداخلي القائم في فلسطين ولبنان والعراق.

هي فرصة سانحة الآن إن أحسن العرب استخدامها، بعدما  حصل في  الانتخابات الأميركية الأخيرة وما حملته من رسالة مهمّة عن فشل سياسة الإدارة الحالية، وعن الترابط الحاصل في أزمات الشرق الأوسط كما عبّرت عنه مجموعة بيكر/هاملتون في تقريرها البالغ الأهمّية بالنسبة لمستقبل السياسة الأميركية في المنطقة.

إنَّ البديل عن توفير المرجعية العربية السليمة، وعن التضامن العربي الفعّال، هو تساقط الأوطان العربية واحدها بعد الآخر، وانشغال شعوب المنطقة بصراعاتها الداخلية، فالمرجعية الأميركية القائمة الآن تتهاوى سياسياً داخل أميركا نفسها فكيف بمن يراهنون عليها أو يرتهنون بها؟!

*(مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن)

 E-mail: alhewar@alhewar.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ