الفتنة
في سورية : نائمة تلعن مَن
يوقظها..
أم
قائمة ، لعنتْ مَن أيقظها.. و..
تبحث عمّن يخمِد نارَها..!؟
عبدالله
القحطاني
هذا سؤال مربك حقاً ..! لأسباب
عدّة ، من أهمّها :
• إنه
سؤال من شقّين ، متّصلين من
منظور تكاملي ، ومنفصلَين من
منظور تجزيئي!
• تعدّد
زوايا الرؤية ، إلى المصطلح
ذاته ، مصطلح ( الفتنة).. فما يراه
قوم فتنةً ، قد يراه آخرون
واجباً شرعياً أو سياسياً أو
خلقياً! كما قد يراه آخرون ،
حقاً مكتسباً لهم ، ليس لأحد
منازعتهم فيه ، أو مساءلتهم عنه..!
وذلك انطلاقا من تناقض
الرؤى والفهوم والمصالح !
لذا
، لابدّ من ضبط المصطلح بضوابط
متّفق عليها:
1- إنسانياً :
إذا كان الخلاف حول المصطلح ،
قائماً بين أناس مختلفي
الديانات والأوطان والأعراق..!
2- وطنياً :
إذا كان المختلفون ينتمون إلى
وطن واحد.
3- دينيا :
إذا كان المختلفون ينتمون إلى
دين واحد.
4- عرقيا :
إذا كان المختلفون ينتمون إلى
عرق واحد.
5- مصلحياً:
إذا كان المختلفون مرتبطين
بمصلحة ـ أو مصالح ـ مشتركة .
ونكتفي بالضوابط الأربعة الأولى
، لنتّخذ منها معايير، نقيس على
ضوئها ، بعض ما يجري في بلادنا
من أحداث . ونضع المعيار المصلحي
جانباً ، لأنه مرن فضفاض متقلّب
..!
فإذا
نظرنا إلى ما يجري على أرض سورية
، من عسف واستبداد وتسلّط وفساد
، رأينا ما يلي :
• الشعب
السوري ـ عدا النظام الحاكم
وأزلامه والمنتفعين منه ـ يرى
ما يجري على أرض سورية ، فتنة
سوداء بشعة ، تنصبّ على رأس كل
مواطن في البلاد :
- فتنة في
دين المواطن : إذ يضطهَد المسلم
المحافظ على دينه ، ويحرَم من
أبسط حقوقه ، ويحكم بالإعدام
على من ينتمي إلى فصيل كبير من
أبناء الوطن؛ الإعدام لمجرّد
الانتماء إلى جماعة الإخوان
المسلمين.. والفتنة في الدين
أشدّ من القتل ، وأكبر منه !
– وفتنة في وطنية الفرد : إذ
يحرَم أكثر أبناء البلاد ، من
حقوقهم الوطنية في التعبير
والعمل السياسي ، ويحرَم كثيرون
منهم ، من العمل في الوطائف
العامّة ، ومن التطوّع في الجيش
. ويسجَن المواطن في سجون
المخابرات ، دون أن يكون له حقّ
في التقاضي، أو حقّ في السؤال عن
سبب حبسه ! وقد يموت تحت التعذيب
، دون أن يجرؤ أحد من أهله، على
السؤال عنه، وعن سبب موته ! كما
يحرَم الإنسان من أبسط حقوقه
الإنسانية ، في العمل والتفكير
والتعبير، دون أن يكون له حقّ في
الاعتراض أو الاحتجاج..! وواضح
هنا تداخل الوطني بالديني
بالإنساني .. بالقومي كذلك ، لآن
أكثرية الشعب السوري تنتمي إلى
الأصل العربي ، الذي تزعم
السلطة الحاكمة أنها تنتمي إليه
، وترفع شعاراتها البرّاقة
باسمه : ( أمّة عربية واحدة ..!).
• ما
يفعله النظام الحاكم ، مع شريحة
ضخمة من الأكراد في الجزيرة
السورية ، منذ خمسة وأربعين
عاماً ، من حرمان من الجنسية ،
وحرمان من أكثر الحقوق المدنية
، يعَدّ فتنةً ، وفق المعايير
الوطنية والإنسانية والدينية ..!
لأن الأكراد بشر، مواطنون ،
تعتنق أكثريتهم الساحقة الدين
الإسلامي ، الذي هو دين
الأكثرية في المجتمع السوري.
• ما
يفعله النظام الحاكم اليوم ، في
سورية ، من حملات تغيير لعقيدة
المسلمين السنة ، بالتعاون مع (المبشّرين!)
الإيرانيين ، وذلك بتحويل أبناء
السنّة من عقيدتهم السنية ، إلى
العقيدة الشيعية الصفوية
الإيرانية.. يعَدّ فتنة في الدين
، وفتنة في الوطنية ، لأنه يعبث
بالنسيج الوطني للشعب السوري ،
ويثير الأحقاد الطائفية
والمذهبية ، بين أبناء الوطن
الواحد ، فضلاً عن كونه فتنة
إنسانية، من خلال العبث بأبسط
حقوق الإنسان ، وهو حقّ
المحافظة على الدين الذي يعتنقه
المرء في وطنه ..! فضلاً عن كون
هذا العبث، مخالفاً لأبسط
المبادئ القومية ، التي يدّعيها
النظام الحاكم ؛ إذ يسمح
لمبشّرين أجانب ، باستغفال
مواطني دولته ، واستغلال ظروفهم
، لتبديل عقيدتهم الأصلية ،
ونقلهم إلى عقيدة المبشّرين
الصفويين الإيرانيين..! بل هو
يحمي هؤلاء المبشّرين،
ويدعمهم، ويمهّد لهم السبل ،
لهذه الممارسات البشعة المخيفة
!
• فهل
الفتنة بل ـ الفتن ـ في سورية ،
نائمة تلعن مَن يوقظها، أم هي
قائمة ، لَعنتْ مَن أيقظها ،
وبدأت تبحث عمّن يطفئ نارها !؟
• وإذا
كان نظام الحكم السوري ، يرى أن
من حقّه أن يمارس هذه الممارسات
المذكورة آنفاً ، في سورية ،
لأنه يملك سلطة الدولة ويحتكر
قوّة السلاح فيها.. بينما ترى
أكثرية الشعب السوري، أن ما
يمارَس ضدّ هذا الشعب، هو أنواع
من الفتن الخطيرة المدمّرة..
1- فمَن الحكَم في هذه الحال !؟
2- وإذا لم
يكن ثمّة حكَم قادرعلى الحكْم
وإحقاق الحقوق ، فما الذي
ينتظَر، من الشعب الذي تمارَس
ضدّه هذه الفتن ، أن يفعله ،
دفاعاً عن إنسانيته، وعقيدته،
وحقوقه الوطنية والقومية !؟
3- ومَن
يتحمّل أوزار التداعيات ، التي
تنجم عن ردّات الفعل الشعبية ،
إزاء هذه الممارسات السلطوية
الشيطانية المقيتة !؟
هذه أسئلة نطرحها اليوم ،
لنتلقى الإجابة عليها في يوم
آخر آتٍ قريب ..! ونحسب الإجابات
تحمل من الأهمّية والخطورة ،
أكثر بكثير ممّا تحمله الأسئلة !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|