طبقات
الاستبداد في سورية:
ظلمات
بعضها فوق بعض!
عبدالله
القحطاني
يحرص المستبدّ ، على تغطية
استبداده ، بأنواع شتّى من
الضجيج ، منها ما يصمّ الأسماع ،
ومنها ما يعمي الأبصار، ومنها
ما يعمي العقول ، ومنها ما يعمي
القلوب ..!
• يحرص
على تجهيل الناس بكل شيء يمكن أن
يبصّرهم بحقيقته ، فيميت الوعي
السياسي والاجتماعي والقانوني
، ووعيَ الناس بحقوقهم في
بلادهم! لذا
، يَمنع كل عمل سياسي ، أو
إعلامي ، من أيّ نوع ، إلاّ
النوع الذي يزيد الناس جهلاً
بحقيقته.. فيكون الجهلُ عمىً
قائماً بنفسه..!
• ينهب
الثروات العامّة ، ويحاصر الناس
في أرزاقهم الخاصّة ، حتى يعمّ
الفقر، ويصبح همّ المواطن البحث
عن لقمة العيش ، وجرعة الماء ،
وحبّة الدواء ، وأجرة المسكن
والكهرباء .. فيصبح الفقر عمىً
قائما بذاته..!
• يسخّر
جوقات الهتّافين والطبّالين
التي تسبّح بحمده ، فتسير في
الشوارع بحشود ضخمة ، تعمي
الأبصار بمناظرها الهائجة ،
وتصمّ الأسماع بأصواتها
المجلجلة الصاخبة ..!
• جوقات
الإعلام المسموع ، تكمل صمم
الآذان ، وجوقات الإعلام المرئي
والمكتوب ، تكمل عمى العيون ..!
• جوقات
الكتَبة الكذَبة ، والمثقّفين
المأجورين ، والمستأجرين ،
والمستعبدين، تعمي العقول عن
إدراك حقيقة الاستبداد ..!
• جوقات
الدجّالين المعمّمين ،
المحسوبين على علماء الدين ،
تصدر الفتاوى، وشهادات التزكية
، وحسن السلوك للحاكم ، فتعمي
بأزيائها (الدينية!) الرصينة
العيونَ ، أو تزيدها عمىً ،
وتعمي بفتاواها القلوب ، التي
تبحث عن ومضة إيمان ، فلا تراها
إلاّ عند الحاكم وعصابته ، عبرَ
جوقة العلماء الدجّالين ، فتأخذ
دينها عن هؤلاء ، فتَضل ، أو
تَنفر من الدين ذاته ، إذا كان
هؤلاء همْ مَن يمثّله ، ويتحدّث
باسمه ! أما العلماء الصادقون
الحقيقيون ، فمضطهَدون ،
محاصَرون ، مضيّق عليهم ، في
أقوالهم، وأرزاقهم ، وأعمالهم ،
وحركاتهم ، وسكناتهم !
• جوقات
الساسة المنتفعين ، الذين
يسمّون أنفسَهم (رفاقا!) ويصدرون
العنتريات الزائفة ، في خطبهم
وبياناتهم ومهرجاناتهم ، التي
تعَدّ للتسبيح بحمد الطاغية ،
والثناء على شخصيته الفذّة ،
وإنجازاته العظيمة ، التي لم
يسبقه إليها أحد من العالَمين !
• جوقة
(النُشارات!) الحزبية ، التي
تساقطت في دكاكين الأحزاب ،
التي تشقّقت
، ونشِرت بمناشير المصالح
والزعامات ، والإغراءات التي
قدمتها لها أجهزة الاستبداد (
المخابراتية) ، ثم شَكّلت منها
غطاء إضافياً ، للإمعان في
التعمية على عيون الناس وعقولهم
، ليظنّوا أن الحكم الاستبدادي
حكم ديموقراطي ، يضمّ سائر
شرائح المجتمع ! وابتكر
المستبدّ وأعوانه ، لهذه
(النشارة!) اسماً طريفاً ، هو
الجبهة التقدمية!
• ثمّ
، فوق كل أنواع العمى والصمَم
هذه ، تأتي خطَب الفرعون نفسه،
بوعوده العرقوبية ، وثرثراته
الفارغة ، لتختم على العيون ،
والآذان، والعقول ، والقلوب ..
بخاتمها الأخير!
• ثم
تستقرّ الصورة كلها ، على النحو
التالي :
جهل فوقه فقر، فوقه خوف ، فوقه
هتاف الغوغاء ، فوقه ضجيج
الإعلام المحتكر، وبجانب هذا
ضجيج المثقّفين ، وبجانبه ضجيج
أصحاب الأزياء الدينية ! وفوق
هذه الطبقة ، طبقة الساسة
الرفاق ، وإلى جانبها طبقة
النشارة الحزبية ، وفوق الجميع
، على قمة الهرم ، السيد الفرعون
..!
ظلمات بعضها فوق بعض ، إذا أخرَج
المواطن يدَه لمْ بكدْ يراها!
فإذا
كان كل ما صنعوه ، إنّما هو كيد
ساحر، سحَروا به عيون الناس ،
وأزاغوا أبصارهم ، وأسماعهم ،
وعقولهم ، وقلوبهم.. كما صَنع
سحَرة فرعون.. فهل يَعجز الشعب
السوري ، أن يكون كعصا موسى ،
يلقَف مايأفكون !؟
إن
تجارب الشعوب ، قديماً وحديثاً
، تدلّ على قدرات خارقة ، على
التقاف ما يأفك الطغاة مِن
سِحر..! فهل الشعب السوري شاذّ في
عَجزه ، وقد أثبت عَبر السنين ،
أنه من أقوى شعوب الأرض ، على
نسف جلاّديه وطغاته ، حتى كأن لم
يَغنَوا بالأمس ! (ويَسألونكَ
مَتى هوَ قلْ عَسى أنْ يكونَ
قريباً) !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|