ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لعبة السياسة في سورية :

بين صراع القوى وصراع الإرادات !

عبدالله القحطاني

* لابدّ من الاعتراف ، بدايةً ، بأن سورية ليس فيها سياسة ، ولا لعبة سياسية ، بالمعنى المتعارف عليه بين الناس الذين يفهمون السياسة ، أو ثَقفوا شيئا من معانيها..! فقد عَطّل حزب  البعث السياسة ، منذ بداية استلامه للسلطة بانقلاب عسكري ، عام /1963/ ، ونصّب نفسه قائداً للدولة والمجتمع ! ممّا يعني ، بالضرورة ، أن مواطني سورية جميعاً ، تَبع له، خاضعون لحكمه ، ملتزمون بما يأمر به ، في أيّ شأن من شؤون البلاد، السياسية منها وغير السياسية . وهذا يعني ، بالضرورة ، أيضاً ، أن لا أحزابَ في البلاد سوى البعث ، ولا منافسات سياسية ، ولا خصومات سياسية ، بين أصحاب الأفكار السياسية المختلفة .. لأن مَن يفكّر بإبداء رأي سياسي مخالف للبعث ، يعَدّ مجرماً ، ويحاكَم في محاكم أمن الدولة ، بأخطر التهم ، وهي تهمة : السعي إلى إسقاط الحكم القائم ، وتعطيل مسيرة الثورة.. وقد ينفّذ بحقّه حكم الإعدام ..! وهكذا حوّل (الرفاق) مواطنيهم ، أصحابَ الأفكار المخالفة لفكر البعث ، مِن خصوم فكريين ، إلى أعداء حقيقيين مجرمين ، يستحقّون السجن ، أو الموت ! فصار البعث عدواً للمجتمع كله ، لأنه جعل المجتمع كله عدواً له ، بسائر شرائحه وفئاته ، وتوجّهاته السياسية والاجتماعية والثقافية ! وما نعلم أحداً في الدنيا ، يَعدّ هذا الطراز من التفكير والسلوك سياسةً ، أو شيئاً يشبه السياسة ! بل حتى الرفاق الذين يختلفون أحياناً فيما بينهم ، حول بعض المسائل ، يصفّي بعضهم بعضاً ؛ الأقوى يصفّي الأضعف ، ثم يتّهمه بالانحراف عن خطّ البعث ، وبالخيانة العظمى ! وقد حصلت تصفيات كثيرة ، داخلَ الحزب، قبل أن تصل البلاد ، إلى حكم الأسرة الواحدة ، الحاكمة اليوم !

* عبرَ التصفيات المستمرّة بين الرفاق ، خرجَ الحزب من السلطة ، ومن السياسة ، لحساب الطائفة .. ثم استمرّت التصفيات ضمن الطائفة ، حتى خرجت من السلطة ، ومن السياسة، لحساب الأسرة الحاكمة ، التي ما تزال تحكم باسم الطائفة ، محصّنةً نفسَها بميليشيات طائفية لا صلة لها بالقرار، ولا بالسلطة ، ولا بالسياسة ! والمنفعة الفردية التي يحقّقها الضابط أو الجندي ، في هذه الميليشيات ، لا تعني ، ألبتّة ، أن للطائفة صلة بقرارات الدولة ، التي تستأثر بها أسرة مكوّنة من خمسة أشخاص ، هم ثلاثة رجال وامرأتان ، كما صار معلوماً لكل متابع للشأن السوري ! وحول هؤلاء الخمسة ، أسرتان أو ثلاث ، من الأقارب والأصهار الممسكين باقتصاد البلاد ، والذين يجسّدون الصورة البشعة لأباطرة المال والأعمال ، اللصوص ، حديثي النعمة ! ولا نحسب أسماء أفراد الأسرة الحاكمة ، غائبة عن ذهن أيّ فرد من أبناء الشعب السوري ، بلْهَ أبناء الطائفة التي تَحكم هذه الأسرة البلادَ باسمها ..! إنها مجموعة الخمسة ( بشار، وماهر، وآصف ، وأنيسة ، وبشرى). كما لا نحسب أن أسرة مخلوف ، وأسرة شاليش ، من الأسماء المجهولة لدى أبناء الطائفة خاصّة ، وأبناء سورية عامّة . والمتابعون لحركة انتقال السلطة في سورية ، يتذكّرون جيّداً ، أسماء الأسر التي كانت مشاركة في السلطة بقوّة وفعالية ، مِن أسَر الطائفة ، عبر قيادات عسكرية وأمنية بارزة، وشخصيات سياسية نافذة .. ثم اختفت هذه الأسر كلها ، باختفاء رموزها من ساحة القرار، بل حتى من ساحة الرأي والمشورة ! وأساليب اختفائها ـ أو إخفائها ـ معروفة ، محصورة في حالات معيّنة ، هي : القتل .. الحبس .. النفي .. الإقامة الجبرية .. التسريح من العمل ! وما نحسب تعداد الأسماء يضيف جديداً ، إلى ذاكرة أبناء الشعب السوري عامّة ، وأبناء الطائفة خاصّة ! وحسبنا أن نذكر بعض الشخصيات البارزة ، التي اختفت ـ أو أخفيت ـ من الساحة، وبعضُها شخصيات ذات وزن في تاريخ سورية الحديث ، مثل : محمد عمران، وصلاح جديد ، وغازي كنعان ..! وقد مات هؤلاء الثلاثة .. اثنان قَتلاً، وواحد في السجن، هو صلاح جديد. أمّا الشخصيات الأمنية والعسكرية ، التي ظلت عشرات السنين ، تمسك بالقرار العسكري ، والقرار الأمني ، في البلاد ، وتتحكّم مِن خلالهما ، بالبلاد كلها.. أمّا هذه الشخصيات ، التي ما يزال أكثرها على قيد الحياة ، فهي كثيرة ومعروفة كذلك ، ومعروفة قيمتها الحالية لدى الأسرة المتفرّدة بصناعة القرار السوري ! ومَن بقي في عمله ، من شخصيات الصفّ الثاني ، مِن قادة الأجهزة الأمنية ، وقادة الفرق العسكرية ، فهم مجرّد موظفين لدى الأسرة الحاكمة ، لا صلة لأيّ منهم ، بأيّ قرار من قرارات الدولة ، على أيّ مستوى كان !

* فإذا كان حزب البعث ، الذي احتكر السياسة ( دستوريّا!) منذ استلامه للسلطة ، قد أخرِج من السياسة .. وإذا كانت الطائفة ، التي أخرِج الحزب من السياسة لحسابها ، وصارت البلاد تحكَم باسمها.. قد أخرِجت من السياسة .. وإذا كانت (سلَطَة) الأحزاب المتآكلة ، المسمّاة: (الجبهة التقدمية!) ، مجرّد حفنة من المصفّقين لصانع القرار الأعلى ، المتحلّقين حول فتات مائدته ، دون أيّة قيمة ، أو وزن ، لأيّ منهم .. وإذا كان النواب ، أعضاء مجلس الشعب المسمّى ( سلطة تشريعية !) ، المعيّنين ، بالاسم ، في اللوائح التي تضعها أجهزة المخابرات، لتنتخبهم ( الجماهير!) .. مجموعةً من المصفّقين ، والراقصين في حفلات التهريج ، التي تقام لتأييد السيد الرئيس ، لتفديه بالروح والدم ـ وهي المجموعة التي يختارها المواطنون ، لتختار رئيس الدولة والوزراء ، وتحاسبهم ، وتعزلهم إذا اقتضى الأمر! ـ .. وإذا كان الوزراء حفنة من الموظّفين ، لا سلطة لأحدهم في تعيين حاجب في مكتبه ، إلاّ بموافقة أجهزة المخابرات... فماذا بقي من السياسة في سورية ..!؟

 * بقي الشعب بمعارضاته المختلفة : ويمكن القول ببساطة : بقيت السياسة المعطّلة(بالحبس، والنفي ، والقمع ..!) .. إنها سياسة حقيقية ، لكنها الآن سياسة بالقوّة ـ كما يقول الفلاسفة ـ تكافح لتصبح سياسة بالفعل .. لكن متى !؟ وكيف !؟

* أمّا السؤال (متى!) ، فنزعم أن إجابته ولِدت بميلاد (إعلان دمشق) ! دون أن نتحدّث هنا، عمّا إذا كان المولود قوياً أم ضعيفاً ، كاملَ البنية ، أم ناقصاً ، أم مشوّهاً ! إنه مولود سياسي حقيقي ، بشخصيته الاعتبارية أولاً ، ثم بشخصيات بعض عناصره الفاعلة ، المتحركة الجريئة ، المستعدّة للعيش في السجن سنين طويلة ، لقاء قولة (لا) للأسرة الحاكمة ، ولأجهزتها القمعيّة..!

 أمّا وجود عناصر من طينة أخرى ، في هذا الإعلان ، تَحسَب المعارضة السياسية مجرّد حَذلقات لفظية ، تتوجّه بها مرّة إلى السلطة الحاكمة ، ومرّات إلى قوى المعارضة ، بحجّة تصحيح مسيرة المعارضة أو تقويتها ، فما تزيدها إلاّ ضعفاً أو خَبالاً .. أمّا وجود هذه العناصر، في إعلان دمشق ، فليس مستغرباً ؛ بل هو أمر طبيعي ، مادام مؤسسو هذا الإعلان لم يَشترطوا وجود أخلاق فردية أو سياسية معينة ، لدى المنضمّين إليه ، أو الذين ينوون الانضمام إليه لاحقاً ! بَيدَ أن صِمام الأمان الأساسي ، في الإعلان ، هو غلبة العناصر الجادّة المخلصة فيه ، التي تجيد التفرقة ، بين النقد البنّاء بهدف التصحيح أو التقوية ، والنقد الهدّام الذي يضعِف قوّة المعارضة ، عن قصد أو غير قصد..!

 * والشقّ الثاني ، من الإجابة على سؤال (متى؟) ، يتجلّى في ولادة جبهة الخلاص الوطني! ويقال فيها ما قيل في إعلان دمشق . وإن كان لكل منهما طبيعته الخاصّة ، وظروف ولادته الخاصّة !    

* ما سَبق من الحديث عن ولادة المعارضة ، إنّما يتعلق بزمن الولادة، لا بكيفية هذه الولادة؛ فما يهمّنا هنا ، هو الحديث عن كيفية ممارسة القوى المعارِضة ، لعملِها ، لاعن كيفية ولادتها!

* كيفية الممارسة السياسية لقوى المعارضة : الحديث عن هذا العنصر، الذي هو بيت القصيد في بحثنا هذا كله ، يقتضي النظر إلى أمرين :

1- معرفة القوى والإرادات ، لدى الفريقين المتصارعين ( السلطة والمعارضة ).

2- كيفية إدارة الصراع بين الفريقين ، من خلال التباين الكبير في ميزان القوى من ناحية، ومن خلال تباين الإرادات ، من ناحية ثانية .

* لبّ المسألة كلها ، يكمن في صراع الإرادات ، الذي يشمل ، بالضرورة ، جملة من المعارف الأساسية ، مِن أهمّها :

- معرفة مَن تصارع.

- معرفة قواك ، وقوى خصمك ، الذي ـ لا يراك إلاّ عدواً له ـ ! وهذه القوى تشمل القوى الظاهرة المستخدمة ، والقوى الكامنة ( ومنها: القوى الكامنة لدى كل فريق بذاته ، وتلك الكامنة في حقل العمل ، المشترك بين الخصمين ، وهو الشعب).

- إن اختلال ميزان القوى المادية ، برجحانها بشكل كبير جداً إلى جانب السلطة الحاكمة، تعوّضه قوى أخرى موجودة لدى المعارضة ، مِن أبرزها :

1) إيمان المعارضين بعدالة قضيتهم ، بشكل قويّ لا يقبل الجدال أو الشك ! وهذا يقدّم حافزاً ضخماً ، بل لعله الأضخم بين الحوافز التي تغذّي إرادة المجابهة والتحدّي ! وهذه الميزة غير موجودة لدى فريق السلطة الحاكمة ، التي تعلم يقيناً أنها تغتصب حقوقاً ليست لها ، وأنها تمارس أنواعاً من الظلم ، لو وقَعت عليها ، هي نفسِها ، لحَركت لديها نزعةَ الرفض والتحدّي والمجابهة! فهي تعلم أن خصمها ـ الذي تراه عدواً ـ على حقّ ، وأنها على باطل ليست مستعدّة لأن تضحي من أجله بشيء ، إذا احتاج الصراع إلى تضحيات حقيقية ، تثبت لها بشكل قاطع ، أن خسائر الاستئثار بحقوق الناس  المغتصَبة ، أكبر بكثير من مكاسب هذا الاستئثار!

2) إحساس القوى المعارِضة ، بأن الشعب بأكثريته معها ، ضدّ السلطة . لأن السلطة نفسها، جعلت من نفسها عدواً له ، فجعلته بالضرورة عدواً لها ، بممارسات شنيعة ، قلّ أن يَحتمل مثلها شعب من الشعوب ! هذا الإحساس لدى المعارضة ، يمنحها قوّة إضافية كبيرة ، تدعم لديها إرادة المجابهة والصراع .

3) الأخلاق الفردية لدى الكثيرين من عناصر المعارضة ، ليست موجودة لدى عناصر السلطة ، التي أفسدها الظلم والبغي ، والسرقات والرشاوى ، وحتى الخياناتُ الوطنية ..!هذه الأخلاق عنصر قوّة إضافي ، ينضمّ إلى قوّة الإرادة ، لدى الفريق المعارض .

4) إذا عرفنا أن أيّ صراع بين فريقين ، إنّما هو صراع إرادات قبل كل شيء ، وأن القوى المستخدمة فيه ماهي إلاّ وسائل .. أدركنا كيف يمكن أن تتغلّب إرادة الطرف الأضعف مادياً، على إرادة الأقوى مادياً ! وبالتالي ، كيف أن الإرادة المتغلبة المصمّمة ، تستطيع ، بالصبر والتصميم والتضحية ، أن تحدث تحولاً لمصلحتها ، في ميزان القوى المادية ، بل أن تقهر الخصم المتغلّب مادياً ، ببعض القوى الموجودة لديه ، إذا عرفت كيف تتعامل مع هذه القوى، بما يناسب طرائق تفكيرها ، وبما يحقّق شيئاً من مصالحها , التي لا تتناقض مع المصالح الوطنية العامّة !

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ