العروبة
التي نريد
دكتور
عثمان قدري مكانسي
بعضهم
يستصرخ نخوة العرب والعروبة ،
وبعضهم يبكيها ، وبعضهم الآخر
يتعجب من صمتها – العروبة –
الذي طال . وكأنه ما يزال يعتقد
أن العروبة حية في ضمير الناس
ووجدانهم .
إن
العروبة - أولاً – لم تكن
لتنجد أحداً إلا إذا حمل
صاحبها - قبلها – إيماناً
بالله ، وحباً لدينه . " أبو
جهل" عربي ، " وأبو بكر"
عربي .. فمن كان منهما فرعون
الأمة ومن كان قائدها إلى الخير
؟! وكان المعتصم عربياً وصل إليه
استغاثة المرأة من " زبطرة
" فقام عن كرسيه وأقسم لا يجلس
فوقه إلا بعد غوثها ونجدتها .
ولبى نداءها ، وفتح " أنقرة ،
وعمورية ". لأنه
قبل أن يكون عربياً
كان مسلماً يحيا قضيته
ويموت لها . أما مسؤولو هذه
الأيام فيحيون لبطونهم
وشهواتهم – إلا من رحم الله -.
ويبيعون الوطن كله لأهوائهم
ومآربهم.
وإن
العروبة - ثانياً
– لم تكن لتنجد أحداً لأنها
أعادت الناس إلى جاهليتهم
الأولى وحمل أصحابها مبادئ
غريبة عنا ، ومزقتهم شيعاً
وأهواء . فاستباح العربي دم أخيه
، وتلذذ في إيذائه واتخذه عدواً
دون البشر كلهم . وانقلب
العدو التاريخي صديقاً حميماً
نسعى له ونخطب وده .
وإن
العروبة – ثالثاً
- دون الإسلام والإيمان
قطعتنا عن الأعراق الذين يحملون
الدين نفسه والمبادئ نفسها .
فبعد أن جمع العرب المسلمين-
بكل أطيافهم – إلى الوحدة
الإيمانية وأن يكونوا يداً
واحدة وقلباً واحداً وإخوة في
الله دعا العروبيون اليوم إلى
راية العروبة فقط ، نأى كل
المسلمين عنا .. نحن جذبناهم
بالدين ، والعروبيون أخرجوهم
حين خرجوا عليه . كانوا جزءاً
منا وعوناً لنا ، فجعلوهم
أعداءً وخصوماً .
كانت
قضية فلسطين قضية إسلامية ، بل
هي القضية الإسلامية الأولى
فجعلوها قضية عربية فقط ليخففوا
من أوارها ، ، ثم قزّموها
فجعلوها فلسطينية ، وجعلوا العروبيين
العلمانيين " الممثلين
الشرعيين لها " ، ثم قزموها
أكثر على يد هؤلاء حتى رضوا بأقل
من ثلاثة وعشرين بالمئة من أرض
فلسطين ، وحاربوا كل من ينادي
بإسلاميتها على أنهم
"إرهابيون " ، ورفضوا
الديموقراطية التي ثقبوا رؤوس
الناس بها لأنها أوصلت
الإسلاميين إلى الحكم ،
وحاربوهم دون هوادة . ووضعوا
- العروبيين - أيديهم بأيدي
إسرائيل جهاراً نهاراً .
وحين
دخلت الولايات المتحدة
الأمريكية العراق وقام
المجاهدون يدافعون عنها انحاز
"العرب الصفويون " إلى
الإدارة الأمريكية يقاتلون
معها المسلمين ، ويذبحونهم
ويهجّرونهم . ، بل هم من ثبّتوا
الأمريكيين حتى الآن في بلاد
الرافدين . ، فسلمتهم الإدارة
الأمريكية الحكم في العراق
مكافأة لهم على هذه الخدمة .
و
تجد العرب الصفويين في
لبنان يسعون إلى هدمه إرضاء
للدولة الفارسية التي تدعمهم
بالمال والسلاح لينفذوا مآربها
.
ويسكت
الحكام الذين صنعتهم الإدارة
الأمريكية على عينها عما يجري
في أمتنا من امتهان وإذلال ،
فالعروبة البعيدة عن جوهر حياة
الأمة ماتت أيضاً منذ زمن على
مذبح المصالح المادية التي
تحكمنا .
واسمحوا
لي أن أصارحكم : إننا لسنا بحاجة
للعروبة التي يريدون ... نحن
بحاجة للعربي خالد بن الوليد ،و
الكردي صلاح الدين ، والتركي
سليمان القانوني ، والتركماني
محمود زنكي ، والأمازيغي يوسف
بن تاشفين ، والأوربي خير الدين
بربروسا .. نحن بحاجة إلى أمثال
هؤلاء العظام من رجالات الإمة
الإسلامية الذين يحملون راية
" لاإله إلا الله ، محمد رسول
الله " .
إذ
ذاك نرى رايتنا فوق الرايات ،
وأمتنا رائدة الأمم ...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|