ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لقد صارت حركات العسكر، تابعة لحركات الشعوب..

في كنس أنظمة الاستبداد!؟

ماجد زاهد الشيباني

   كانت الجيوش ، تتحرك لتغيير أنظمة الحكم ، لمصالح قادة الجيوش غالباً ، ولمصالح الشعوب نادراً . وكان هذا في السنوات العشرين ، التي تلت تحرّر الدول المتخلفة ، من الاستعمار.

   وكانت حركات الجيوش ، تتمّ بمساعدة وتوجيه ، من بعض الدول الكبرى، ذوات المصالح والنفوذ في العالم الثالث ، ومِن أبرزها : أمريكا ، والاتّحاد السوفييتي سابقاً ، وفرنسا..(والحديث هنا ، هو عن عالمنا العربي تحديداً).

   انهارَ الاتّحاد السوفييتي ، وضعفَ نفوذ فرنسا في العالم الثالث ، وصارت الهيمنة الأمريكية شبه عامّة ، في دول العالم الثالث بأسره ، إلاّ ما كان من بقايا نفوذ ، هنا وهناك ، لروسيا وفرنسا وبريطانيا ، وهي بقايا لا يعوَّل عليها في تغيير أنظمة الحكم ، بسبب قوّة النفوذ الأمريكي، من ناحية ، وبسبب ارتباط هذه الدول ذاتها ، بمصالح كثيرة مع أمريكا.. من ناحية ثانية.

   الضبّاط الانقلابيون المتأخّرون ، الذين وثَبوا على كراسي الحكم في أواخر الستينات من القرن المنصرم ، أفادوا كثيراً من تجارب الحركات الانقلابية التي سبقتهم ، والتي كانت تتلوها حركات انقلابية من داخلها ، تقضي عليها، ثم تتلو هذه حركات من داخلها ، تقضي عليها ، وهكذا ! لذا حسم الانقلابيون المتأخّرون أمورهم ، وأحكموا خططهم ، للبقاء في كراسي الحكم طوال أعمارهم.. ويعبّر عن هذا ، هتاف جوقات التصفيق السورية: ( إلى الأبدْ إلى الأبدْ .. يا حافظ الأسد !) . وأهمّ نقطتين أحكمَ هؤلاء أمورهم فيهما ، هما :

1- الارتباط التامّ بأوامر أمريكا ، صاحبة الهيمنة والنفوذ في دول العالم الثالث. (مع ملاحظة أن أكثر الحكام الانقلابيين شتماً لأمريكا، وتحدياً لها ـ لاسيّما في بلادنا العربية ـ هم أكثرهم ارتباطاً بها ، وخضوعاً لها !).

2- الاعتماد على الجيوش الخاصّة ، المقتطَعة من أجسام الجيوش الوطنية العامّة . وهذه الجيوش الخاصة ، هي التي تدعى الميليشيات ! وكل زمرة انقلابية تسمّيها الاسم الذي يناسب ظروفها وطبيعةَ بلادها وشعبها . ففي سورية مثلاً : كتيبة حماية الثورة ـ  سرايا الدفاع ـ سرايا الصراع ـ الوحدات الخاصّة ـ الحرس الجمهوري .. ! وقد كانت هذه الميليشيات ، منذ بدايات تأسيسها ، وبرغم التطورات التي توالت عليها ، تتشكّل من عناصر خالصة الولاء للزمرة الحاكمة ، سواء أكان الولاء قبلياً ، أم طائفياً، أم إقليمياً ( مَناطقياً)!

   وما تزال هاتان النقطتان ، أهمّ دعامتين لأنظمة الحكم الانقلابية ، التي حكمت بلادها منذ أواخر الستّينات حتى اليوم . وحين يوصف نظام حكم من هذه الأنظمة بأنه قويّ ، إنّما يشار إلى هاتين النقطتين تحديداً ! فالنظام الذي لا يستند إلى قوة عسكرية مضمونة الولاء ، يظلّ عرضة للسقوط! والنظام الذي لا تدعمه أمريكا ، يظلّ عرضة للسقوط كذلك. ومعلوم أن القوّة الداخلية ، تولّد قوى داخلية أخرى ، تدعمها ، وتعمل لحسابها. وأبرزُ هذه القوى الداخلية ، هي أجهزة الاستخبارات المتنوّعة . كما أن القوّة الخارجية (قوّة الدعم الأمريكي) تولّد قوى خارجية كذلك ، منها توظيف أمريكا لنفوذها ، لدى الدول الحليفة لها ، لدعم الزمرة العسكرية الانقلابية، بالمال ، والتعاون الأمني والسياسي والاقتصادي .. ونحو ذلك!( ولعلّ هذا ما يفسّر تصريحات بعض الزعماء العرب ، في العام /2006/ المنصرم،  بأن سقوط النظام السوري، يزعزع الاستقرار الإقليمي!).

   الجيوش الوطنية ، لم تعد قادرة على تغيير أنظمة الحكم ، بعد أن نخَرتْها الزمر الحاكمة ، وسَحبتْ أفضل ما فيها من عناصر شديدة الولاء والإخلاص للحكم ، وسلّحتها بأحدث الأسلحة ، التي تستورَد لحساب الجيوش الوطنية ـ بحسب الأصل ..! ـ حتى لقد صارت هذه الجيوش الوطنية، ركاماً ضخماً من البشر غير الفاعلين ـ ضباطاً وصفّ ضباط وجنوداً ـ ، وركاماً ضخماً من الأسلحة القديمة ، غير القادرة على مجابهة الأنواع الحديثة المتطوّرة ، من دبّابات ومدافع وصواريخ وطائرات ! بل صار كثير من الجنود ، في الجيوش الوطنية ، يفرَز لخدمة الضباط في الميليشيات الخاصّة ، أو لخدمة (المدعومين!) من ضباط الجيش نفسه ، في البيوت والمزارع الخاصّة ، والمنشآت الاقتصادية الخاصّة!

   ما تزال في الجيوش الوطنية كرامات جريحة ، ومشاعر وطنية متوهّجة، وأحلام غامضة في التغيير، لا تجد وسائل مجدية ممكنة ، لترجمتها إلى واقع على الأرض .

 

   الشعوب ، الآن ، هي صاحبة الأهلية والمبادَرة في التغيير. وإذا تحركت بقوّة ، وإصرارعلى التغيير، تبعتْها حركة الجيوش ، ووضَعت الميليشيات أمام خيارات صعبة ، بين المجابهة الواسعة الخطيرة ، مع الشعب المصمّم بملايينه ، مدعوماً بعسكر مسالم له ، حامٍ لمظاهراته واعتصاماته .. وبين التسليم بالأمر الواقع ، والتخلّي عن دعم النظام الحاكم المستبدّ . وفي كل من الحالتين مفتاح للتغيير، يناسب الحالة التي هو فيها ..!

   فإذا وجِدت عناصر وطنية ، مخلصة عاقلة ، من ضباط الميليشيات ، وقادتها الفاعلين .. غلّبت مصلحةَ الوطن والشعب ، على مصلحة الفئة الحاكمة .. إذا وجِدت هذه العناصر، كان التغيير أسلم وأسرع ، وأفضل للوطن والشعب ، وربما للفئة الحاكمة نفسها ؛ إذ اشتراك عناصر مِن عسكرِ حمايتِها ، في عملية التغيير، يشكّل صِمام أمان لها، من تداعيات التحرك الشعبي الهادر، الناقم على فسادها وتسلّطها!

   التجارب الحيّة ، للشعوب التي حكَمها الاستبداد ، عقوداً من الزمن ، في أوروبا وآسيا ، ماثلة للعيان ، وتتكرر بين آونة وأخرى ! والأمثلة على ذلك كثيرة : إيران .. رومانيا .. جورجيا .. أوكرانيا..

   لا سبيل للشعوب الحيّة ، المحبّة للحريّة ، إلاّ أن تنهض بأنفسها ، لانتزاع حرياتها ! فانتظار الضبّاط المغامرين ليصنعوا التغيير، أصبح اليوم عَبثاً ، وإضاعة للوقت ، ورهاناً على أوهام ! والحكام المستبدّون يفرحون بهذه الرهانات العبثية ، لأنهم يعرفون جيداً ، ماذا فعلوا بالجيوش الوطنية ، وماذا وضعوا من صِمامات أمان لاتّقاء تحركها ضدّهم ..! ( وغنيّ عن البيان أيضاً ، أن انتظار التغيير من أمريكا ، عبث أحمق مدمّر، لأن طريقة أمريكا في التغيير، باتت معروفة للجميع ، عبر نماذجها الحيّة ، في أفغانستان والعراق !) ..  وهذا كله يلقي أعباء ضخمة ، على أكتاف الأشخاص ، الذين وضعتهم أقدارهم ، في مواقع القيادة والريادة لشعوبهم ، من علماء صادقين ، وساسة معارضين مخلصين ، ونقابيين فاعلين ..! لتنظيم حركة الجماهير، وحشدها في معركة تحريرها من نير الاستبداد والطغيان! (أمّا النداءات العبثية ، التي تنطلق من هنا وهناك ، تحرّض الجماهير على التحرك ، دون ربط كل كتلة منها ، بعناصر فاعلة (مفاتيح) مِن بينها، تجمعها ، وتنسّق حركتها ، وتوجّهها نحو هدف مدروس ، وتَجعل منها رافعاتٍ للعمل الشعبي الجماهيري الفعّال .. أمّا هذه النداءات ، فلا تعدو كونَها ضرباً من الجهد الضائع ، الذي لا يدلّ إلا على العجز، أو السذاجة، أو الأمرَين معا!).  

   وليس سراً ، أن ما نقوله في هذه السطور، ليس بسرّ ! بل هو ثقافة عامّة، يعرفها الحكّام والشعوب ، والمعارضات بأنواعها ، وأصغر ضابط في أيّ جيش تحكمه طغمة فاسدة مستبدّة ..! لأن اللعب هنا ، يجري على المكشوف، بخلاف لعب الضباط المغامرين، وتحركاتهم الانقلابية السرية، في الأيام الخوالي ! 

   وإذا كان ما يمارَس على الشعوب ، من إذلال مزمِن ، وقهر مستديم ، تحت حكم الأنظمة المستبدة .. إنّما هو قتل بشع ، لها ولأوطانها..! فما عليها إلاّ أن تتمثل بقول المتنبي :

وإذا لم يكـنْ مِن الموتِ بدّ    فَمن العَجزِ أن تَموت جَـبانا!

غيرَ أنَ الفَتى يُلاقي المَنايا     كالِحاتٍ .. ولا يلاقي الهَوانا !

وإلاّ فإن إدمانَ الموت ، خوفاً من الموت ، سيَجمع عليها المَوتَين معاً ؛ موتَ الأحياء ، ثم موتَ الأموات ! دون أن يغبطها أحد في موت ذلّها ، أو يبكي عليها أحد في موتِ فَنائها :

ذلَّ مَن يَغبط الذليلَ بعيشٍ   ربَّ عَيشٍ أخفّ مِنه الحِمام!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ