محور
الإرهاب العالمي
د.
محمد الغزي
alguzzy@maktoob.com
أصبح
الإرهاب ظاهرة عالمية معقدة
يصعب على الكثير فهمها وتفسيرها
وتحليلها، وسبب ذلك هو رعاية
التحالف الذي يضم الكيان
الصهيوني وبوش وبلير وبعض
الأنظمة العميلة لهذا الإرهاب
وتوجيهه وتوظيفه لخدمة الحملة
الصليبية الصهيونية التي بدأها
بوش في عام 2001م.
لذلك أرى أنه من الحكمة
إطلاق تعبير "محور الإرهاب
العالمي" على هذا التحالف
الذي ينشر الإرهاب العالمي
ويعتمد على نتائجه –وما يؤدي
إليه من فوضى اجتماعية وسياسية
واقتصادية– استراتيجية له في
الخداع والتضليل وإثارة الذعر
والخوف بين الشعوب الغربية بشكل
خاص.
وهنا
يجب التمييز بين الأعمال التي
تستهدف المدنيين الغربيين وتلك
الأعمال التي تقوم بها حركات
المقاومة في العراق وفلسطين
وأفغانستان لدحر الاحتلال
واستنزافه عسكريا وبشريا
واقتصادية، وإفشال مخططات محور
الإرهاب العالمي الذي يستهدف
العرب والمسلمين في أوطانهم
ودينهم وثقافتهم.
وهذا المحور يعمل على الخلط
المتعمد بين إرهاب الآمنين في
بلادهم بجريرة حكوماتهم
وجيوشهم وبين المقاومة
المشروعة التي تمثل أرفع وأنبل
القيم الإنسانية. أما
الاحتلال وقتل عشرات الآلاف من
الأبرياء الآمنين في أوطانهم
باسم الحضارة والديمقراطية فلا
يعده هؤلاء إرهاباً.
لقد
كثف محور الإرهاب العالمي في
السنوات الأخيرة من استخدامه
لإستراتيجية جديدة مبنية على توظيف
الإرهاب الدولي لتحقيق أهداف
متنوعة ومتناقضة، وقد تم تشكيل
أجهزة متخصصة للقيام بفعاليات
أمنية عسكرية استخباراتية
ودعائية لتحقيق تلك الأهداف.
وتشمل تلك الأهداف إنشاء
مجموعات إرهابية والتحكم فيها
للحصول على ردود أفعال وأعمال
عنف لإحداث خلط والتباس بين
الإرهاب والمقاومة، ما يؤدي إلى
تشويه صورة المقاومة وزعزعة ثقة
المواطنين في مصداقيتها
وتطلعاتها وقياداته.
وتشمل
تلك الأهداف أيضا إحداث
اختراقات أمنية وتنظيمية في
صفوف حركات مقاومة الاحتلال
والعدوان واستخدام ذلك في
مواجهة تلك الحركات من حيث الحد
من قدرتها على إنجاز مهامها
وإبطال مخططاتها، بل أيضا تحويل
أعمالها إلى ضربات قاصمة لها.
ومن الأهداف المهمة أيضا
توظيف عملاء لأجهزة استخبارات
محور الإرهاب العالمي لتجنيد
الشباب في أوروبا والولايات
المتحدة الأمريكية والبلاد
العربية والإسلامية للقيام
بعمليات إرهابية تخدم هذا
المحور الشيطاني.
أما
الهدف الاستراتيجي الأهم فهو
خلق أجواء مناسبة لتشكيل رأي
عام غربي –وأيضا عالمي– مصاب
بالرعب والذعر من كل ما يمت
للإسلام والمسلمين والعرب
بصلة، وأيضا للتغلب على مشكلة
ظهور تيارات مناوئة تعرقل جهود
محور الإرهاب العالمي لتحقيق
أهدافه التي تتناقض مع القيم
الغربية المعلنة، وخاصة مبادئ
احترام حياة الإنسان وحريته
وثقافته واستقلال الشعوب
وحريتها في تقرير مصيرها.
ومعنى
ذلك أن محور الإرهاب العالمي
يعمل على استمرار الإرهاب
وتوسيع عملياته كماً ونوعاً، ثم
يقوم بإلصاقه بمقاومة الاحتلال
والعدوان حتى تبدو على أنها
إرهاب، ثم ينقض عليه بذريعة أنه
إرهاب. ويكمن
التناقض الذي يبرز هنا في أن هذا
المحور يستخدم تعبير "الإرهاب"
بطريقة خادعة مضللة ظاهرها
استخدام العنف واستهداف
الأبرياء لتحقيق أهداف سياسية،
وباطنها مقاومة الهيمنة
الاستعمارية والاحتلال للبلاد
العربية والإسلامية.
ويشمل ذلك كل حركات
المقاومة الإسلامية والوطنية
الشريفة، وكل التيارات التي
ترفض الاستسلام للحملة
الصليبية التي تستهدف تلك ديننا
وتعمل على إذابة ثقافتنا
الإسلامية واستبدالها القيم
الغربية.
لقد
أنشأ رامسفيلد في شهر 10 عام 2002م
جيشا سريا يعمل كشبكة لدعم
أنشطة استخبارية كبيرة، تشمل
عمليات عسكرية سرية، وأنشطة
لوكالة الاستخبارات الأمريكية،
وأنشطة حرب المعلومات، وأنشطة
استخبارات، وأنشطة خداع وإخفاء
وتغطية، وذلك للقيام بأعمال عنف
عالمية متصاعدة، بحسب ما ورد في
صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
لذلك
تم إنشاء المجموعة السرية التي
يطلق عليها اسم P2OG، أي
مجموعة العمليات الاستباقية
الوقائية. تهدف
هذه المجموعة إلى توفير أجواء
مواتية لتحفيز المجموعات
الإرهابية للقيام بردات فعل
مطلوبة، وهي مخصصة لاستفزاز
قادة المجموعات الإرهابية
وجعلهم يتصرفون طبقا لتعليمات
محور الإرهاب العالمي.
وحسب
ما ورد في الصحف الأمريكية،
تقوم مجموعة P2OG بتنفيذ
عمليات اغتيال وتخريب وتضليل،
ما يدفع المجموعات الإرهابية
للقيام بعمليات عنف يذهب ضحيتها
بشكل متعمد مدنيين أبرياء،
وبهذا تقوم المجموعة P2OG
بمجابهة
الإرهاب وتوفير أسباب ومناخ
وظروف تؤدي إلى حدوثه، ومن هنا
تبرز الدوافع وراء التفجيرات
التي استهدفت لندن وشرم الشيخ
واغتيال بعض الشخصيات العربية
في لبنان.
وتجدر
الإشارة إلى إن الشخص الذي كشفت
الشرطة البريطانية عن قيام أحد
منفذي الهجوم بالاتصال به قبل
العملية هو محمد نعيم نور خان،
وهو الباكستاني الذي تم إلقاء
القبض عليه في شهر 7 عام 2004م بحجة
عمله كخبير اتصالات في تنظيم
القاعدة. ومن
المعلوم أن ذلك الشخص قد عمل
مباشرة بعد إلقاء القبض عليه مع
المخابرات الباكستانية
والأمريكية، ليقوم بالاتصال
بخلايا القاعدة لكشف المعلومات
عنهم وتسليمها إلى أجهزة
الاستخبارات الباكستانية
وبالتالي الأمريكية.
أما
الشخص الآخر المسمى هارون
الرشيد أسود والمشتبه بزيارته
لمنفذي الهجوم قبل أسبوع من
وقوعه هو أيضا يعمل ضمن جهاز
الخدمة السرية البريطانية MI-6 كما ذكرت محطة Fox News الإخبارية، فقد قام أسود بإجراء نحو 20
مكالمة تليفونية مع المهاجمين
قبل تنفيذهم للهجوم بثلاثة
أسابيع وذلك حسب ما أوردته محطة Fox News في 28/7/2005.
وقد
صرح أحد الخبراء في الإرهاب وهو John
Loftus من خلال
المحطة الإخبارية المذكورة أن
كل أجهزة ا لشرطة كانت تبحث عن
هارون الرشيد بصفته العقل
المدبر للهجوم إلا جناحا واحدا
وهو الخدمة السرية البريطانية MI-6
التي كانت
تخفيه، وبحسب نفس الخبير فإن
هارون الرشيد يعمل عميلا مزدوجا
لتنظيم المهاجرين في بريطانيا
ولجهاز الخدمة السرية
البريطانية MI-6، وقد تم توظيفه لتجنيد أبناء
المهاجرين المسلمين في
بريطانيا لحساب تنظيم القاعدة.
وفي
عام 1999 تعرض أسود هو ومجموعة من
رفاقه خلال وجوده في الولايات
المتحدة الأمريكية لتهمة إنشاء
مدرسة للتدريب الإرهابيين في
مدينة سياتل بولاية أوريغون،
إلا أن أوامر عالية من مكتب
وزارة العدل جاءت لتمنع المدعين
من توجيه أي تهمة له، بينما أدين
رفاقه بالتهمة ذاتها حسب ما ذكر
الخبير الذي أضاف أن سبب ذلك هو
أن أسود عميل مزدوج.
وأضاف ذلك الخبير في
الإرهاب أن أسود تعرض للاعتقال
على أيدي الشرطة الباكستانية
عند زيارته لباكستان إلا أنه
أطلق سراحه بعد 24 ساعة فقط، وهذا
ما يؤكد كونه عميلا للمخابرات
البريطانية والأمريكية.
يتضح
مما سبق أن تفجيرات لندن وشرم
الشيخ والاغتيالات السياسية
المتكررة في لبنان وغيرها،
وكذلك الأعمال التي تستهدف
المدنيين العراقيين الذين لا
يخدمون الاحتلال وحكومته
العميلة في العراق، إنما يجب
فهمها في هذا الإطار.
ولقد توصلت المخابرات
المصرية إلى أن أيدي أجنبية تقف
وراء تفجيرات شرم الشيخ وطابا
لزعزعة الاستقرار في المنطقة،
وتوصلت أيضا إلى عدم وجود أي
دليل يربط التفجيرات بتنظيم
القاعدة.
ويأتي
في نفس الإطار أيضا لجوء الكيان
الصهيوني من حين لآخر إلى نفس
الاستراتيجية لإثارة الرأي
العام والكراهية ضد المسلمين،
ولحث الجاليات اليهودية في
فرنسا وأوروبا للهجرة إلى
فلسطين المحتلة، وكذلك إشعال
الفتن وزعزعة الاستقرار في
الدول العربية.
ومن الأمثلة على ذلك قيام
الإرهابيين –تبين من التحقيقات
أنهم يهود– بإحراق
مدارس ومعابد يهودية في فرنسا.
وليس
من المستبعد أن أجهزة المخابرات
في الكيان الصهيوني هي التي
جندت بعض الشباب لشن هجوم شرم
الشيخ ومن قبله هجوم طابا بهدف
توسيع دائرة المناطق التي تتأثر
بالإرهاب كخطوة جوهرية لحشد
الحكومات والأنظمة العربية
وراء محور الإرهاب العالمي لما
يمسى بالتحالف الدولي لمكافحة
الإرهاب.
لذلك
على الشعوب العربية أن تصحوا من
غفلتها وأن تعي حقيقة ما يدور
حولها من أحداث وما يخططه لها
أعداؤها، فالوعي هو أول خطوة
ضرورية لتلافي مؤامرات محور
الإرهاب العالمي.
إن الدول والحكومات التي
تنتمي لهذا المحور لا تألوا
جهدا في استخدام أقذر الوسائل
في حرب القلوب والعقول الذي
تشنه على أمتنا، إنهم يحاربون
المقاومة بالإرهاب، ويزعزعون
الاستقرار الدولي بالإرهاب،
ويخدعون شعوبهم بالإرهاب، لذا
حق عليهم أن يوصفوا بمحور
الإرهاب العالمي.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|