القرعة
..
التي
لم تحدث
المهندس
أحمد سامر معتوقي*
طرحت المؤسسة العامة
للإسكان مؤخرا للإكتتاب على
مشروع مساكن في مدينة حلب وأتى
الناس للإكتتاب على المساكن
التي قد تحقق بعض أحلامهم ,
ودفعوا السلف المطلوبة منهم , كل
هذا حدث جيد و لكن ..
المؤسسة العامة للإسكان
هي جهة قطاع حكومي مهمتها
الأساسية التي أنشئت لها أن
تقوم بتأمين مساكن للناس بأسعار
الكلفة , و طرحت المؤسسة نفسها
كمنافس قوي في سوق العقارات
بالدعم الهائل الذي تتلقاه من
الحكومة و قامت بعدة مشاريع
إسكان هامة , كل هذا كلام جيد
ولكن ....
أن تتحول هذه المؤسسة الى
جهة تعمل بأرخص مفاهيم الربح
والسوق فهذا الغير جيد .
فهذه المساكن المطروحة
للإكتتاب و عددها /191/ مسكناً فقط
إنتهى الإكتتاب عليها منذ شهر
تقريبا و الناس بإنتظار القرعة
التي لم تحدث لتحديد من سوف
ينتصر و يفوز بمسكن , هنا نصل الى
الأمور المدهشة و الغريبة
- وصل عدد المكتتبين الى
/13000/ ثلاثة عشر ألف مكتتب ( رقم
هائل جداً)
- يدفع كل مكتتب مبلغ
/200000/ الى /225000/ ل س و من شروط
الإكتتاب والتي تم أخذ تصريح
خطي به من المواطن المكتتب
أن الخاسر في هذه المعركة
يسترد أمواله بعد خمسة أشهر من
القرعة التي لم تحدث .
- بحساب بسيط نجد أن
المؤسسة العامة جمعت أموالا
بلغت بحدود / 2,6/ مليارين و ستمئة
مليون ليرة سورية و فوائد هذا
المبلغ في مدة الستة أشهر
تتجاوز /130/ مئة وثلاثون مليون
ليرة سورية .
أما كلفة هذه المساكن ال /191/
فلا تتجاوز في أسوأ الظروف مبلغ
ال /130/ مليون ليره .
يستغرب المراقب لهذه
العملية أن تتحول مؤسسة عامة عن
هدفها الأساسي الى هدف لا يمكن
أن يوصف بغير عبارة الإبتزاز
بقوة القانون و بالدعم الحكومي .
فهل هذه بوادر نظام السوق
الإجتماعي الذي يتم الترويج له .
- ألا تخجل الجهات
المسؤولة عن موضوع العقارات من
نفسها حين تتحول مفاهيمها
وأهدافها إلى أرخص أساليب
التجارة , و تضع نفسها كقدوة
سيئة للأفراد . فأن تبنى المساكن
بأموال الفائزين فذلك لابأس به
و لكن أن تبنى بفوائد أموال
الخاسرين فذلك غير مقبول نهائيا
لما فيه من استغلال لحاجات
الناس .
- ألا تنظر هذه الجهات
بجدية الى الرقم /13000/ مكتتب
مقابل /191/ مسكن و تأخذ منه العبر
.
- لماذا لا تطرح الحكومة
عددا أكبر من المساكن مادام
لديها هذا الجمهور .
- لماذا
لا تسعى الجهات الحكومية و
العامة الى حل مشكلة المسكن
بغير الطريقة المتبعة و تجعل
سوق العقارات سوقا حقيقيا يتم
فيه المنافسة بين الجميع قطاع
عام و خاص و تعاوني مع تساوي
الفرص و الإجراءات و الدعم
المالي للجميع
( القطاع العام لا تطبق عليه
القوانين الإدارية و التنظيمية
...الخ )
الجميع يعلم أن المصالح
الشخصية للأفراد القائمين على
مؤسسات القطاع العام ومن وراءهم
من يدعمهم و يخطط لهم أصبحت
الناظم الأساسي لعملها .
والجميع حتى المواطن
العادي يعلم ويتهامس كيف سيتم
توزيع هذه المساكن ال /191/ والى
من ستؤول من أصحاب النفوذ و
الواسطة و المراكز الحساسة . وكل
ذلك بأموال الخاسرين من القرعة..
التي لم تحدث .
في النهاية نذكر الجهات
العامة المسؤولة بمسؤولياتها
تجاه مواطنها و وطنها و أن
المسكن هو حق من حقوق الإنسان
الأساسية التي كفلها له الدستور
السوري و القوانين الدولية و
الشرائع السماوية
لا يجوز الإستخفاف أو
التلاعب أو المساس به .
*عضو
المنظمة العربية لحقوق الإنسان
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|