ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/09/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


النظام المتهالك

دكتور عثمان قدري مكانسي*

كلما حاولت الوقوف على ضعف النظام السوري وخوائه تصورت سنّا أوضرساً ظاهره القوة بما فيه من لمعان ، وداخله الفراغ الذي نخر فيه السوس فلم يُبقِ منه سوى القشرة الظاهرة . وليس أدعى إلى ضعفه وتهالكه من الأزمات التي يقع في الواحدة منها دون أن يخرج من أختها . وهو لن يخرج منها بإذن الله تعالى إلا إلى حيث " ألقت رحلها أمُّ قشعم " . ولعل الفساد المستشري في النظام وأركانه متعدد السمات والوجوه ، فالنظام بتركيبته حشر نفسه فيها ،و لم يرد أن يخرج منها بل لم يستطع أن يخرج سوى إلى الاندثار . فليس بمقدوره أن يفعل غير ذلك .. وهذه سنة الله في عبيده الآبقين الذين يزوغون يميناً وشمالاً ليقعوا الوقعة الأخيرة في زبالة التاريخ .

والدلائل على تهالكه كثيرة كثيرة ، منها :

  أنه حين سيطر على مقدرات البلاد بانقلاب في غفلة من الشعب اعتبر البلاد  بمن فيها ملكاً خاصاً بالمستلبين ، فأعلن قانون الطوارئ وكم الأفواه وملأ السجون بالمعتقلين وقتل عشرات الآلاف من الشرفاء وقنن القوانين الاستثنائية ، وحكم بالنار والحديد  ، وشرد اضعافهم في أرض الشتات الواسعة .

  ثم أعلن وصايته على الأفكار والعقول ، وشرّع المادة الثامنة من دستوره فجعل من حزب البعث قائداً للأمة ، الحاكم بأمره ، الصدقُ ما يقوله ، والحق ما يراه ، والقولُ قوله والأمر أمره ، وليس بعد هذا استبداد ، وليس بعد هذا استعباد . وهذا من أكبر الأدلة على عدم الثقة بالشعب ، والرغبة في الاستئثار بالسيطرة ، واالدليل على ان الانقلاب الذي عُدّ زوراً وبهتانا ثورة وتحرراً كان سبيلاً  للمكاسب المادية الرخيصة ، وظهور الغنى الفاحش والثراء العريض على فئة المتنفذين برهان ساطع يدمغ كذب النظام ويعرّيه من المصداقية التي يتشدق بها .

  ولما رأى الكذبة شاعت وافتضحت تزين بـ " الجبهة الوطنية التقدمية " وهي مجموعة متسلقة وصولية لفظتها الأمة ونفتها ، فأنشأ منها أحزاباً هزيلة لا تمثل حتى نفسها ، وتاريخها موصوم بالنذالة والعمالة من رأسها إلى أخمص قدميها . ولم تكن هذه المجموعات لترضى بالفتات الذي أُلقيَ غليها إلا لهوانها على نفسها وهوانها على الشعب ، وأنها لا تعيش إلا في الزوايا الآسنة ، وتحت مداس العابرين تتقبل الإهانات والركلات ، وترضى الدونية في سبيل تحقيق مكاسب هزيلة تعادل نفوس أصحابها . فلا صحف لها ولا إعلام . وكوادرها لا تتعدى العشرات بله أصابع اليد الواحدة . وعليها أن تسبح بحمد صانعها وتمجد اسم الحزب الذي أنشأها لتكون صورة هلاميّة لجبهة حاكمة ليس لها فيه – في الحكم – سوى تمرير الصفقات ، ومحاولة التلميع ، والتطبيل والتزمير .

ومن المعروف أن دورالمعارضة في أي بلد أن تكون مرآة تعرض أخطاء الحكم ، وتصوب المسيرة ، والمحفّز على العمل الدؤوب ، وخدمة الأمة ، ولم تكن المعارضة في البلدان التي تحترم نفسها أداة تخريب ولا معول هدم . ، لكن النظام الذي استلب البلاد واغتصبها ووضع في أوّلياته أن يجعلها بقرة حلوباً لأركانه وأزلامه لا يُسعده أن يكون في البلاد معارضة تسلط الضوء عليه فتفضح ممارساته ، وتكشف عيوبه وتنبه إلى مساوئه . فلا بد من مجابهتها بقسوة . واتهامها بالصفات التي هو- النظام -  أهل لها من تخريب وإفساد وعمالة وما إلى ذلك من الأوصاف التي انغمس فيها فكانت سمته البارزة ولصيقته الدائمة ، يطلقها عليها ظانّاً أن الشعب غِرٌّ أحمق تنطلي عليه هذه الأكاذيب وتلك الادّعاءات . وضيّق عليها الخناق ، وجعل الاتصال بها خطاً أحمر لا ينبغي تجاوزه ، ولاحَقَ من يتعدّاه ، فاستعان في أول يوم بدأ حكمه فيه بالأجهزة الأمنية التي سلطها على الشعب عدوّه الحقيقيّ يذيقه المر والعلقم بدل أن يكون عينه الساهرة على مصالحه ، وهاهو في اليومين السابقين يصدر أمراً لأجهزته القمعية أن لا تغفل عن السلاح لمواجهة أية حالة أمنيّة بقوة وحزم دون رأفة ورحمة .

  أما الحريّة فهي رابع المستحيلات ، فلا ينبغي للشعب أن يذوق عسيلتها أو تقترن حياته بها ، فهي على حد قول الفريق المناضل بشاربن الفريق المناضل حافظ يؤدي إلى مفسدة يصعب إيقافها إذا عرفها الشعب المصابر فطالب بها ، ولهذا أعلن أمام مجموعة من ضباطه أنه لن يقدم للشعب أيّ هامش من الحرية لأنه سيعتاد عليها وسيطالب بالمزيد منها . وهنا الطامّة الكبرى ، فالأمة ستحاسبه على ما اقترفت أيدي النظام من سلب واغتصاب ونهب وقتل وظلم و.و.وو.

  وها هو النظام الآن يرفض الإصلاح ويستعيض بشعار آخر يناسبه – إرهاب المجتمع – كي ينكمش على نفسه خائفاً مترقّباً ، وينشغل بهمومه الحيوية المعيشية ، ثم استعدى على الأمة أعداءها التقليديين –أمريكا وإسرائيل والغرب – فما يزال يعلن صباح مساء استعداده للجلوس على طاولة المفاوضات مع إسرائيل دون شروط مسبقة ن ويترضّى الإدارة الأمريكية فيعلن في كل وقت أنه يسعى للتفاهم معها ، ويقدم لها عشرات الآلف من ملفات الإسلاميين قربان استرضائها ، ويسهم في حفظ الدماء الأمريكية في العراق حين ينشر على الحدود العراقية السورية الآلاف من الجنود السوريين  بحجة منع المجاهدين من الدخول إلى العراق لقتال الجنود الأمريكيين . ثم يتقرب إليها – الإدارة الأمريكية  - بتمثيلية مكشوفة " مفبركة " فيختلق قصة  جند الشام  على الحدود اللبنانية مدّعيا أنه مستهدف من الإرهاب الإسلامي كالولايات المتحدة  " حذو القذّة بالقذّة " .

  كان الأولى بالنظام - لو كان في القائمين عليه ذرة من كرامة أو عقل - أن يلجأ إلى الشعب فيرتبط به بعلاقة قوية تدعمه وتقويه بدل الارتماء في أحضان الآخرين ، ولكن ..

لقد اسمعت لو ناديت حيا     ولكن لا حياة لمن تنادي

*كاتب في المنفى ـ عضو رابطة أدباء الشام

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها  

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ