ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 19/09/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العلمانية وفصل الدين عن الدولة

دعوة قديمة جديدة

الحلقة الثانية

منظومة التشريع الإسلامي

طريف السيد عيسى

قبل أن ندخل في صلب الموضوع أنقل ما قاله غير المسلمين بحق التشريع الإسلامي ومن قبل جهات صاحبة اختصاص .

-  يذكر العلامة مصطفى أحمد الزرقاء رحمه الله تعالى في كتابه المدخل الفقهي العام الجزء الأول مايلي:في الثاني من تموز عام 1951 عقدت شعبة الحقوق الشرقية من المجمع الدولي للحقوق المقارنة مؤتمرا في كلية الحقوق من جامعة باريس للبحث في الفقه الاسلامي برئاسة المسيو ميو أستاذ التشريع الاسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس حضره عددا من أساتذة الحقوق في الجامعات العربية والغربية ومن المستشرقين ,وفي خلال بعض النقاشات وقف أحد الأعضاء وهو نقيب محاماة سابق في باريس فقال : أنا لا أعرف كيف أوفق بين ماكان يحكى لنا عن جمود الفقه الاسلامي وعدم صلوحه أساسا تشريعيا يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور ,وبين مانسمعه الآن في المحاضرات ومناقشاتها مما يثبت خلاف ذلك تماما ببراهين النصوص والمبادئ .

وفي ختام المؤتمر وضع المؤتمرون تقرير نقتطف منه :أن مبادئ الفقه الاسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية لايمارى فيها .وان اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات , ومن الأصول الحقوقية , هي مناط الاعجاب , وبها يستطيع الفقه الاسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها , أنتهى كلام الشيخ – ص 6-9 .

وكما قيل والفضل ماشهدت به الأعداء , فعجيب أمر قومنا يزهدون بما عندنا ويذهبون شرقا وغربا يريدون منا أن نأخذ بتشريعات لاتمت لبيئتنا بصلة كما أنهم يريدون منا أن ننسلخ عن أصالتنا التي ذخرت بتراث فقهي مجيد بما يحتويه من مبادئ وأسس ومرونة تمكنه من الاستجابة لكل الحاجات في كل زمان وبيئة.

والآن نأتي الى النظام التشريعي في الاسلام حيث سيتم تناوله من خلال ركيزتين أساسيتين :

أولا – وضع التشريعات والأنظمة الوضعية .

ثانيا  - التشريع الاسلامي

أولا – وضع التشريعات والأنظمة الوضعية :

معلوم أن القانون يتكون تدريجيا فيخضع للتعديل والاستبدال والالغاء فكلما أرتقت مدارك الانسان ومعارفه كلما أرتقى في التشريع .

ولكن تبقى هذه القوانين هي من صناعة البشر الذين مهما أو توا من الكمال فانهم يبقون بشرا لايستطيعون اقامة قانون خالد صالح لكل زمان ومكان .

والاختلاف في القوانين بين أمة وأخرى دليل على الاختلاف في العادات والأعراف وثقافة المجتمع وعقيدته حيث أن لكل أمة خصوصيات , فهل يعقل أن نجعل من خصوصيات الآخرين مرجعية لنا .

ومن خلال التدقيق في كل القوانين الوضعية نجد أنها تفتقد الى المبادئ الأخلاقية والتي تنبع من وازع الضمير ومحاسبة النفس ومراقبة التصرفات والسلوكيات .

كما أن هذه القوانين تفتقد للكمال والصلوحية ولاتستطيع الموازنة والتوافق بين النظرة الى الكون والانسان والحياة مما يجعل فيها ثغرات دائمة وتشوهات مزمنة .

كما أن هذه القوانين تفتقر الى العدالة فهي قد تكون عادلة مع رعايا الدولة ولكنها ظالمة ومجحفة بحق الآخرين خارج الدولة , وبما أنها من صناعة البشر فيتم تفسير هذه القوانين بما يخدم مصالح هذه الدول فيتم التلاعب بها كلما أقتضت مصلحتهم لذلك.

وبمراجعة متأنية ومنصفة للمائة عام الأخيرة نقف على كوارث وجرائم ارتكبت بحق البشرية وباسم هذه القوانين .

ثانيا – التشريع الاسلامي :

- قلنا في الحلقة الأولى أن الاسلام دين ودولة فهو عقيدة تحرر العقل من الجهل والخرافة والانغلاق, وأخلاق تهذب النفس وتدعوها نحو الفضائل, وعبادة روحية تربط الانسان بخالقه ليبقى دائما في حالة مراقبة لتصرفاته وسلوكه, وتشريع ينظم شؤون الحياة وعلاقة الانسان مع خالقه وعلاقته مع نفسه وعلاقته مع الآخرين على مستوى المجتمع والدولة .

- ولتحقيق هذه المنظومة المتوازنة جاء الاسلام بتشريع شامل ومتوازن فلقد شمل جميع القواعد والأسس والمبادئ اللازمة لاقامة حياة اجتماعية ضمن الدولة .

ولاننكر أنه في بعض الأحيان ترتكب أخطاء في التطبيق لكن هذه الأخطاء لاتستوجب استبعاد الشريعة ونظامها فطالما أن هناك مبدأ فهو المرجع ولاقداسة لاجتهادات الأشخاص .

- وبالعودة الى النظام الاسلامي فاننا نجده تضمن كل متطلبات القوانين والأحكام على المستوى الخاص والعام فكان نظاما بمبادئ عامة وردت في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وتركت مساحة واسعة للاجتهاد بالتفصيلات حسب مقتضيات الزمان والمكان  والبيئة والظروف والمستجدات .

- ان التشريع الاسلامي نظاما ربانيا ارتضاه خالق الكون للبشرية فهو خالقها ويعلم ماينفعها ويضرها فوضع لها نظاما صالحا لها في كل عصر ومصر فهل يعقل أن نستبدل النظام الرباني بنظام بشري مازال الى اليوم يعاني من ثغرات قاتلة .

-  كما أن النظام الاسلامي خلا مما يسمى طبقة رجال الدين الذين عانت منهم البشرية في بعض الديانات, فلم يعرف الاسلام لا في عهد النبوة ولا في عهد الراشدين ولا في العهود الأخرى طبقة رجال الدين , بل هناك فقهاء وعلماء دورهم توضيح وتبيان أحكام الشريعة فلا يحرمون حلالا ولا يحلون حراما ولم يعرف هؤلاء الفقهاء بأي ميزة تميزهم عن باقي أفراد المجتمع الا بعلمهم وهذا ماجعل العامة يحترمونهم ويجلونهم ويقدرونهم بل حتى أن أركان الدولة كانت تهابهم لأنهم يدركون دورهم في الوقوف بوجه الأخطاء والانحرافات وقد حفل تاريخ الاسلام بمواقف العلماء ضد بعض الولاة الذين حادوا أحيانا عن الطريق .

ان هؤلاء العلماء كانوا مثل الأطباء في تشخيصهم للمرض ثم وصف العلاج المناسب وشأنهم شأن أصحاب الاختصاصات الأخرى .

-  ان التاريخ الاسلامي حافل بآلاف المواقف التي تؤكد بعد العلماء عن السيطرة على أركان الدولة وهيمنتهم على الحياة العامة بل نجد مواقفهم صارمة بحق الولاة الذين انحرفوا ومن هذه المواقف :

-  الفقيه منذر بن سعيد في الأندلس أيام عبد الرحمن الناصر الذي أنشأ مدينة الزهراء وأنفق عليها الأموال الطائلة حتى أنه أتخذ للصرح الممرد قبة من ذهب وفضة فما كان من الفقيه منذر الا أن وقف وبحضور الناصر مؤنبا له قائلا ماكنت أظن أن الشيطان أخزاه الله يبلغ بك هذا المبلغ , ولا أن تمكنه من قيادك هذا التمكين , مع ما آتاك الله وفضلك على العالمين , حتى أنزلك منازل الكافرين , فاقشعر الناصر لهذا القول وقال له انظر ماتقول فرد عليه منذر ألم تقرأ قول الله تعالى : ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون , فوجم الناصر ودموعه تجري ثم قام شاكرا للفقيه منذر وأمر بنقض القبة , انه موقف لرد انحراف الناصر في استخدام المال العام وبذلك كان الفقيه وكيلا عن أموال الشعب وليس رجل دين يبتز أموال الشعب .

-  لما ثار بعض سكان لبنان على عاملها علي بن عبد الله بن عباس فقام بتفريقهم وأجلاهم عن ديارهم ولما علم امام الشام وعالمها  الامام الأوزاعي بذلك كتب الى والي لبنان يذكره بالنصوص التي تدعوا للعدل والانصاف بحق الآخرين فما كان من الوالي الا أن أعادهم الى قراهم وبيوتهم , فهل كان الفقهاء رجال دين يساعدون على الظلم والاضطهاد .

ان بطون الكتب تحدثنا عن مواقف ستبقى درة في جبين التاريخ في مواقف الفقهاء والعلماء .

فلمصلحة من يتم الترويج لهذه الدعوة في بيئة تختلف عن البيئة التي نشأت فيها , ان حال هؤلاء كمن يمارس الاضطهاد تجاه أفكاره نفسها لأنهم يريدون استنبات شجرة غريبة في بيئة غريبة غير بيئتها .

ان حال هؤلاء حال رجل نظر فابصر ففكر ثم دبر فتوصل الى فكرة عبقرية كما يزعم فخرج علينا بنظرية كما يزعم قائلا لنا نريد أن نخرج السمك من الماء من أجل أن تعيش في البر وتقطع علاقتها الوجودية مع الماء , ثم عمل مابوسعه من أجل أن يتأقلم السمك مع المحيط الجديد فسخر لذلك كل الامكانيات والوسائل لنجاح تجربته ولكن من حوله نصحوه وقدموا له البراهين أن تجربته فاشلة وأنه يمارس جريمة بحق السمك لكنه لم يسمع لهم بل شكك بكل نصائحهم واثار حولها الشبهات وبعد فترة أكتشف فشل تجربته , وبدل أن يعترف بجريمته بحق هذا الكائن وفشله الذريع بدا يكيل التهم للبيئة المحيطة .

ان من يريد استنبات شجرة العلمانية لايسمعون نصحا ولا يقبلون رأيا ويصرون على مناطحة الصخور فهل هؤلاء مستعدين بعد تجاربهم الفاشلة أن يغيروا فكرهم ومنهجهم وبذلك يكونون مخلصين لشعوبهم وأمتهم وهذا افضل مايمكن أن يفعلوه .

على هؤلاء أن يدركوا أن المسلمين مهما أعتراهم الضعف والتراجع وتقليد الغالب لكنهم رغم كل ذلك حددوا مكانهم ومرجعيتهم وهذا الأمر قد حسم لصالح الاسلام فلماذا يصر هؤلاء على مواقفهم وكل يوم يفاجئون  بفشل جديد يلاحقهم .

وبما أن السمك لايعيش الا في الماء وكذلك الاسلام هو المرجعية التي لانعيش بدونها , وهذا لايمنع من الاعتراف بخلل وقع هنا أو هناك في بعض التجارب سواء في الماضي أو الحاضر وهذا يدعونا الى دراسة هذه التجارب بموضوعية فنصوب ماوقع من أخطاء وانحرافات وننمي ماتحقق من نجاحات ونطور مايحتاج الى تطوير في ضوء المقاصد العامة للشريعة الاسلامية حتى نضمن تجربة ناجحة تستفيد منها البشرية .

والى لقاء مع الحلقة الثالثة

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ