النظام
السوري بعوضة
لا
تنام ولا تترك غيرها ينام !
الدكتور
: نصر حسن
شر البلية ما يضحك , فكيف يكون
الأمر عندما يكون الشر مضحكا ً
ومبكيا ً معا ً ؟! , الشر في
جمهورية القمع الوراثية هو منهج
متكامل أسسه المقبور حافظ أسد
وسار عليه لأربعين عاما ً خلت
وعصفت رياحه العاتية بالشعب
والوطن والشرق العربي عامة ً,رياح
مسمومة لعل التاريخ الإنساني لم
يعرف مثلها , رياح سامة قتلت
الشعب والوطن والقيم والحضارة
والدورالكبير الإيجابي لسورية
في معادلة التطور والحفاظ على
صيرورة المجتمع العربي وهويته
ودورهاعلى مرالعصور, ومرورا
ًسريعا ً وموضوعيا ً ومحايدا
ًفي التقييم وليس في الإنتماء
لهذا النظام السم وما فعله في
سورية من جرائم ومآسي في حلب
وحماة وإدلب واللاذقية وجسر
الشغور وكل المدن السورية وفي
لبنان وفلسطين والعراق حيث الكل
لم يسلم من سمومه ومآسيه , صحيح
أن كل طغاة التاريخ مارسوا
العنف بشكل أو بآخر و لكن الصحيح
ايضا ً ان كل طاغية منهم كان له
برنامج يطمح في حدود رؤيته
وفهمه للأمور بمساعدة شعبه
وتطويره وتحقيق الرفاه والتقدم
له , هكذا كان موسوليني وهيتلر
وستالين وطغاة آخرين , وبحدود
فهمي لبرامج هؤلاء الطغاة لم
يكن أحدا ً منهم يحمل برنامج
للموت مسبقا ً , لكن الفردية
والإستبداد والطموح
الغيرالمشروع وغياب المؤسسات
والقانون أوصلهم إلى ارتكاب كل
تلك المظالم والويلات في
التاريخ الإنساني ,حافظ اسد أو
بشكل أدق وأكثر تعبيرا ًعن واقع
الأمور نقول النظام الذي أفرزه
فرد طاغية , نظام قمعي متكامل
حسب فلسفته و رؤيته الشريرة
وبرنامجه الرهيب و الغريب
العجيب ! كل الطغاة أفلحوا في
بناء شيء إيجابي ما , في بناء
دولة قوية , أو في التقدم
والتطور والوصول إلى الفضاء ,
لكن ذلك كله لم يشفع لهم لغياب
البعد الإنساني وطغيان الفردية
والإستبداد وبالتالي الإنهيار ,
النظام في جمهورية القمع
الوراثية هو إستثناء ً في
الطغيان في التاريخ الإنساني
كله , نظام عمل مؤسسوه في الظلام
للوصول إلى مفاصل السلطة ,ويحملون
مخطط التدمير والموت لشعبهم
وأمتهم تحت
إبطهم , نظام يمتلك مهارة
الأشرار وانحطاطهم , نظام وحشي
مؤسسه المقبور خليط من كل سموم
شعوبيي وطغاة التاريخ , وسادي
تمثّل الميكافيلية بامتياز ,فرد
وضع
نصب عينيه إستلام السلطة
بمساعدة كل الأشرار للوصول إلى
هدفه الأساسي وهو الإنتقام من
شعبه ووطنه وأمته بشكل إجرامي
لا مثيل له في التاريخ ,والغدر
بكل من حوله حتى من أبناء طائفته
,ومن قادة حزبه ومن رفاق دربه
ومن شركاء مسيرته الغارقة
بالدماء ,وهنا من المفيد الرجوع
قليلا ً إلى الوراء لأني أرى
سحبا ً سوداء داكنة في سماء
سورية جعلتني أردد " ماأشبه
اليوم بالبارحة " الرجوع إلى
الوراءلإعادة فتح الملفات
المرعبة وأذكر منها
الجريمة التالية : وهو أن
المرحوم صلاح
الدين البيطار أحد مؤسسي حزب
البعث الذي حوله المقبور إلى
حزب العبث بالشعب والوطن , كتب
مقالا ً عنوانه " عفوك شعب
سورية العظيم " يتوجه فيه
بتبرئة الذمة أمام الله والشعب
والتاريخ من هذا الحزب الذي
أوصل حافظ أسد إلى الحكم
وبالتالي إلى ارتكاب كل تلك
الجرائم والخطايا بحق الشعب
السوري , ويطالب النظام في حينها
بضرورة الإصلاح السياسي
والمصالحة الوطنية
والإقراربالتعددية
والديموقراطية إحساسا ً منه
بخطورة الأحداث التي تمر بها
سورية والمنطقة العربية ,وذهب
إلى السفارة السورية في الدولة
العربية التي كان يقيم فيها
وطلب من السفير الموافقة بعودته
إلى وطنه سورية, رحب به السفير
وبلغه تحيات واحترام الرئيس وأن
الباب مفتوح لرجوعه إلى وطنه مع
كل التقدير والإحترام , أبلغهم
المرحوم بتاريخ رجوعه إلى سورية
وفي مطار دمشق الدولي أجريت له
مراسيم الإنتقام والعزاء
والجريمة , استقبله جنود الموت
واصطحبوه بسيارة القصر
الجمهوري مباشرة إلى الرئيس
الجلاد , في هذا اللقاء بالذات
تكمن بعض أبعاد شخصية الرئيس
الطاغية الذي
أسس بسلوكه ذاك الملامح البشعة
لجمهورية القمع الوراثية ! ! !
وفي المقابلة المغلقة التي
استمرت ساعات أفصح المرحوم
البيطار عن إحساسه بخطورة
المرحلة التي تمر بها سورية
والمنطقة مبديا ً رغبته الصادقة
في طي صفحة الماضي والبدء
بمسيرة جديدة يكون للشعب فيها
دور وبضرورة التعاون والإشتراك
بتحمل المسؤولية الوطنية في
ظروف أصبحت إستحقاقاتها واضحة
للجميع , نفس السيارة التي
استقبلته نقلته عكسيا ً من
القصر الجمهوري إلى مطار دمشق
الدولي ومعه قرار الجريمة
البشعة التي توضح من هو ذاك
الرئيس ومن هو هذا النظام
؟ ! وبنفس اليوم الذي وصل
المرحوم إلى باريس يتم إغتياله
ببشاعة وخسة , وسجلت الجريمة ضد
مجهول !!!
ذاك هو الرئيس وهذا هو النظام
المجرم الذي بناه والذي ورثه
الإبن بكل أدوات الجريمة وآلاف
الضحاياه من الأطفال والنساء
والرجال الشرفاء الأحرار الذين
استشهدوا في غياهب السجون
والمعتقلات التي لاتزال فصولها
مغلقة بعد ,ولازال القتلة
والمجرمون يعيثون في الوطن
فسادا ً ونهبا ً وفي العباد ظلما
ً وجورا , هذا النظام أربك
الجميع في سورية ولبنان وفلسطين
والعراق والوطن العربي
والمنطقة عامة,سلوك باطني مشبوه
خسرفيه الجميع وخرج منه أعداء
الأمة الرابح الوحيد ,سلوك
مبرمج من النظام الفرد والمؤسسة
الطائفية المرتبطة به والتي
اشتركت معه في تنفيذ كل الجرائم
بحق الوطن والشعب,نظام أشبه
ببعوضة متوحشة ومتعطشة للدم
لاتنام ولا تترك غيرها ينام .
تدخل القدر وذهب الطاغية
مطاردا ًمن أرواح ضحاياه
الأبرياء ومحاصرا ً بظلم الشعب
وأنين عذابه الطويل ,وورث بشار
إبنه جمهورية القمع الوراثية ,مع
الفرق الهائل بين الإبن وابيه
في الشخصية
والإمكانيات والأهداف
والمرحلة والوضع الداخلي
والإقليمي والدولي وبالشكل
الذي يصعب على الوريث تركيب
المراحل على بعضها والقياس بنفس
المسطرة القديمة والتعامل مع
الأمور بعقلية المقبور
ومهاراته الشريرة المعروفة لدى
الجميع , اختلفت الآراء وتعددت
المواقف واختلطت الأمورحول
الوريث الشاب والشعب في اللحظات
الحرجة في تاريخه وبشكل
عفوي يتصرف بكبريائه وكرامته
وتسامحه وتفاءل الجميع , علها
تكون طيا ً لصفحات سوداء دامية
بحق الشعب والوطن , وبداية صفحة
جديدة أمل الجميع أن تكون بداية
صحيحة ووطنية وتأسيسا ً لمرحلة
جديدة من المصالحة الوطنية
وإلغاء الطائفية
السياسية ومحاسبة الظالمين
وإحقاق المظلومين .
مضى خمس سنوات على إستلام
الوريث الشاب وتبين بالملموس
والمحسوس أن خطاب القسم والوعود
كانت بداية ً للإستمرار في
عملية الخداع والتضليل وتثبيت
نفس النهج القمعي وتجاهل الشعب
وتغييبه ومنعه من الحضور إلى
ساحة الأحداث التي تهمه وتهم
مستقبله وتحت كل الشعارات
المزيفة التي لم تعد تقنع يتيما
ً أو سجينا ً أو جائعا ً أو منفيا
ً ,وتبين للشعب بأن شبح الأب
المرعب هوالذي يحكم والوريث
مشلولا ً لا يريد وإن أراد
لايستطيع ان يخرج عن إطار والده
الطاغي في الحكم وعلاقته مع
الشعب , وأصبحت سورية أشبه
بديكتاتورية بدون ديكتاتور ! .
وتدريجيا ً اخذ خطاب القسم يفقد
البريق الوطني المصطنع ,
وتدريجيا ً بدأ الوريث يفقد
بعضا ً من إنسانيته التي ظهر
فيها , وتدريجيا ً ينحرف عن الخط
الوطني الذي أقسم على التمسك به
, ويتحول إلى غطاء ً للطغاة
والفاسدين ,وبدى على حقيقته من
التعامل مع الشعب بمزيد من
الإعتقالات والتضييق على نشاط
المنظمات الأهلية والتي تتعلق
بحقوق الإنسان
وحرية الرأي . وبدى واضحا ً
أن الرئيس والنظام معا ً يعاني
من حالة إنفصام الشخصية السياسي
, أو الخرف السياسي إذا صح
التعبير , وهذا يعكسه التناقض
والإرتباك الشديد الذي يواجه به
الأزمات , وعدم قدرته على الحفاظ
على هيبة الدولة وكرامة المواطن
في الكثير من المواقف , والتناقض
الشديد في القول والفعل وعلى
المستوى الداخلي والخارجي على
حد ٍ سواء ,شيء جيد أن يتقمص
المرء شخصية أكبر من حدود
قدراته وأن يصور له من قبل فريق
محترف من المشبوهين والمنافقين
والفاسدين المتمرسين في
التضليل والتصفيق وإيهام
الصغير بأنه كبيرا ً والبسيط
عنترة بن شداد ,إنه نفخا ً في (
قربة مبخوشة ) ترنم له الطغاة
واللصوص والفاسدين الذين وجدوا
فيه غطاء ً ممتاذا ًللإستمرار
في جرائمهم ضد الشعب ونهب ثروة
الوطن ,الرئيس والنظام معا ً في
حالة عدم توازن وفي حالة غيبوبة
وتردد إشهار حقيقته القمعية
الطاغية والظهوربمظهر الحمام
الوديع ,لكن سرعة الأحداث
لاتسمح له بالكثير من المناورة
والتضليل ,لأنه وبحكم إمكانياته
قد تخلف عن وتيرة الأحداث
السياسية فبدأ بمسلسل الهروب
إلى الأمام والذي نتمنى له أن
يصحى قبل فوات الأوان ,والهروب
هو حالة نفسية قبل أن يكون حالة
مكانية ,والهروب على مستوى
الفرد والجماعة والجيوش
والشعوب لم يكن في يوم ٍ من
الأيام طريقا ًللنصروالأمان ,بل
إن نهايته معروفة وهي الهاوية
والسقوط ,هرب من معالجة الوضع
المتردي في سورية وعلى كافة
المستويات, هرب بسرعة غريبة من
لبنان يجر ورائه الحقد
والكراهية وبمدة أقصرمما حددها
القرار( 1559 )وهرب من الساحة العربية
والإقليمية والدولية, وأصبح
يتوسل ويتسول في أروقة السياسية
الدولية وبورصة الجريمة
الدولية هنا وهناك.وأصبح مرمى
جعبته الهائلة من السموم
هذاالشعب المنكوب وتقلصت ساحة
جريمته إلى الحد الذي خرج عن
نطاق التقدير .
هروب إلى الأمام هوالحل الوحيد
الذي يجيده النظام , وتناقض
وارتباك شديدين في القول والفعل
وفي كل الإتجاهات ,رهان غبي على
السماح له في لعب دور ما على
الساحة العراقية بعد الإحتلال ,
نسي الجولان المحتل وأهله تحت
الإحتلال , ونسي اللواء السليب ,
وبرزت كل نخوته وحرصه القومي
على العراق وهو الذي ساهم
بشكل أساسي إلى وصول العراق إلى
ماهو عليه ,
حاول اللعب بالورقة
العراقية , لكنه كان لعبا ً
بالنار أحرق أصابعه وأوهامه ,
وركب موجة " الإرهاب بالمقلوب
, وبإخراج متناقض ومرتبك وطفولي
أشبه بأفلام كارتون الأطفال
الرديء ,فمن قاسيون إلى الحدود
اللبنانية إلى القامشلي إلى ريف
دمشق إلى حماة , تتضح معالم طيش
النظام وفقدان توازنه وعدم
إخراجه المعقول للأحداث
وإصراره وفخره على أن يكون
شرطيا ً في مخفر " الإرهاب "
.
وأخيرا ًدولة بحجم سورية
وشعبها الذي شهد اولى الحضارات
في تاريخ البشرية , وبهذا العمق
الثقافي والتاريخي لا يستطيع
الرئيس الوريث ان يجد علاقة بين
الخبز والحرية ,
ويرى أن حرية الرأي موضوع
خطير يهدد إستقرار الشعب والوطن
,وانه ليس بحاجة ٍ إلى
الديموقراطية لأن الإرهاب يطرق
باب غرفته , وأن نشطاء حقوق
الإنسان إرهابيون يجب معاقبتهم
لإهتمامهم بشعبهم, ويقر بوجود
الجوع وبرأس مرفوع في دولة مثل
سورية التي نذكرفقط بانها تقع
على البحر المتوسط ويمر بها
أكبر أنهار العالم بهذا الموقع
الجغرافي الفريد وبهذه الخصوبة
وبحيوية هذا الشعب , ويقر الرئيس
الوريث بوجود الجوع وبعد أكثر
من أربعين عاما ً في السلطة !,هذه
مقابلة الرئيس الوريث مع مجلة
" دير شبيغل " الألمانية ,والمقابلة
جرت قبل أيام قليلة وعلى الأرض
وليس في كوكب ٍ آخر .
بقي أن نقول : أن الصحفي الذي أجرى
المقابلة قد تصرف بكل اللياقة
والأدب والطقوس التي تليق
بفخامة الرئيس ,لكن لاندري ماهو
انطباعه بعد نهاية اللقاء , لكن
الأكيد أنه خرج يضرب كفا ً بكف
ووضع يده على رأسه وهو يقول :
. . . ؟ ! .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|