أسباب
هروب أساتذة الجامعات
في
سوريا
فادي
بركه
تعتبر هجرة الأدمغة
العلمية ( (Brain
drainمن
الجامعات السورية الى الدول
الأخرى من أكثر المسائل ايلاما
و من أشدها ضررا على واقع و
مستقبل عملية التنمية في سوريا.
وسواء كان الأمر
ناتج عن الممارسات الخاطئة أو
السياسات المعمول بها
أو كان الأمر يتعلق
بالأنظمة و القوانين المطبقة
فان هجرة
الأساتذة الجامعيين تمثل خسارة
كبيرة للبلد و تؤثر سلبا على
الجهود المبذولة لخلق بيئة
علمية متطورة تقود عملية التطور
العلمي و التقني في سورية.
لقد تفاقمت هذه
المشكلة بشكل كبير في الآونة
الأخيرة حتى أصبحت تعاني منها
مختلف الكليات الجامعية و أصبح
من الضروري التصدي لمعالجتها
وعدم الاستمرار في تجاهلها و
اغماض العين عنها.
و يمكن ان نورد هنا
بعضا من الأضرار التي تلحق
بسورية من جراء هجرة الأدمغة
العلميةا:
1- الفاقد من
الاستثمار في التعليم وضياع
الملايين في اعداد هذه الكوادر.
2- ضياع الكفاءات
العلمية التي يحتاجها البلد
احتياجا كبيرامن اجل الاسهام في
معالجة المشكلات الفنية و
الاقتصادية التي تتعرض لها
مسيرة التنمية وبخاصة ان
الجامعةهي الموقع الأكثرملاءمة
لمعالجة المشكلات العلمية و
الفنية في المجتمع.
و عليه فان خسارة
الوطن كبيرة عندما يعجز عن
المحافظة على هذه الكوادر
والاستفادة منها.
ويمكننا ان نقول ان
الأسباب الرئيسية للهجرة هي:
1- الوضع المعاشي
السيء الذي يجد الأستاذ الجامعي
نفسه فيه وعدم الاهتمام به
والسعي لدراسة المشاكل التي
يعاني منها.
2- عدم توفير و
سائل البحث الكافية في الجامعات
و مراكز البحوث و توسيع
الامكانيات المتوفرة.
3- الاهمال و عدم
الاهتمام بالجهود التي من شأنها
تطوير امكانيات الجامعة
المادية و الادارية و التنظيمية
لتجلب معها عوامل استقرار
اساسية لقيام الجامعة بوظيفتها.
4- غياب التخطيط المدروس لسياسات
التعليم العالي و القرارات
الارتجالية وغير المدروسة.
5- انعدام الصلة
بين الجامعة و المجتمع و عدم
تمكين الجامعة من ان تأخذ دورها
القيادي و الريادي.
6- عدم توفير
المناخ الايجابي الملائم لعضو
الهيئة التدريسية وتقييد
الحرية الاكاديمية في البحث و
النقاش وفي نقد الجوانب السلبية
في الأنظمة والقوانين الجامعية.
7- سياسة
التعيينات الانتقائية في
المناصب العلمية و الادارية
الجامعية الهامة المبنية بشكل
رئيسي على المحسوبية و المعرفة
الشخصية.
8- استبعاد
الكوادر العلمية المؤهلة و
تهميشها وعدم اعطائها الفرصة
للتطوير و التحديث والمساهمة في
صنع القرار.
هذه بعض أسباب هجرة
الأدمغة العلمية التي استفحلت
الى حد كبير جعل الجامعات
السورية تتخلف في كثير من
الميادبن العلمية و الأكاديمية
و لا بد من معالجة هذه الظاهرة
الخطيرة و ايجاد الحل المناسب
لها.
ومن هذا المنطلق لا
بد من اعادة النظر في سياسات
التعليم العالي الحالية التي
اثبتت افلاسها و عجزها عن
مواكبة التغيرات التي طرأت على
العالم مع بدايات القرن الحادي
و العشرين و لا بد في هذا المجال
من الخروج من واقع التقوقع الذي
تعيشه جامعاتنا و السعي بشكل
حثيث للتطوير في أمور أساسية في
المفاصل الرئيسية والادارية و
تعديل اللوائح الداخلية
للكليات وتعديل قانون تنظيم
الجامعات بشكل جذري.
واذا كنا نريد
لأساتذتنا ان يعودوا
ولهذه الهجرة ان تتوقف لا بد
ايضا من اعادة النظر بالادارات
والمكاتب العليا التي تتحكم
بمسيرة التعليم العالي التي
اصابها الترهل و عدم الاكتراث
والتي راحت تتخذ من مراكزها
القيادية و سيلة للتكسب غير
المشروع و استفراد الأساتذة و
حلب ما يستطيعونه من مخصصات
الجامعات و التعليم .
هؤلاء المتمرسين
بخطابهم الغوغائي المضلل لم
يتركوا مجالاً يفوتهم في سبيل
الإيحاء باتهم يقدمون
خدمات للوطن الذي تقلصت
حدوده عندهم حتى تطابقت مع
مصالحم الخاصة و حولوا
البعثات العلمية و
الايفادات في التعليم العالي
والمنح الدراسية وأخيرا
الجامعات الخاصة الجديدة
لخدمة مصالحهم الخاصة التي
راحت تحل تدريجياً محل
المصلحة العامة فلم تعد الأهداف
الأكاديمية و العلمية تبرمج إلا
عليها وأعيد برمجة الأسس و
الشروط التي كانت تقوم عليها
هذه الفرص العلمية و
الأكاديمية لتخدم سياسة
العشيرة والغنيمة
.
كفانا دجلا وكفانا
تدليسا. ان دفن الرأس في الرمل و
اغماض العين عن هروب الكفاءات و
هجرة الأدمغة والاحجام عن
التصدي لهذه المشاكل برسم صورة
اعلامية براقة
جوفاء لواقع البحث العلمي و
الجامعات لن يحل المشكلة و
القاء الخطب الرنانة و
تقديم الدراسات
الموجهة والبيانات الكاذبة
و المدجنة من المكاتب المسؤولة
عن التعليم العالي لن تكون
قادرة على التعتيم على الواقع
المزري الذي وصلت اليه جامعاتنا.
لابد من أن نساير
التطورالحضاري
و الجامعات يجب ان تبقى في
حركة مستمرة متطورة والجامعة
التي لاتهتم بأساتذتها و
كوادرها ستغدو مقفرة موحشة
وسيهجرها أبناؤها و تؤول في
النهاية الى الخراب.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|