الإخوان
المسلمون
مشاركون
وليس شموليين
خالد
الأحمد*
كثر
الكلام عن الشك في ديموقراطية
الإخوان المسلمين ، وبعض الكتاب
يريد أن يشق عن قلوب الإخوان
المسلمين ، كباراً وصغاراً ،
كتاباً وقراءً ، رجالاً ونساءً
، يبحث في قلوبهم عن نزعـة
شـمولية ، ديكتاتورية ، وهو
حريص على أن يجدها ، وإن لم
يجدها سيدعي أنه وجدها ، في
البطين أو الأذين ، أو بينهما ،
المهم سيقول : الإخوان شموليون
وفرديون وإقصائيون .... وطائفيون
، و....إلخ .
وكثر
الكلام عن طائفية الإخوان
المسلمين ، وكيف يمكن أن يدعوا
إلى حكم مدني وهم طائفيون أصلاً
، لأن حزبهم ( جماعتهم ) تقوم على
أساس طائفي ، لايمثل
إلا أهل السـنة فقط ، وهم
لايتجاوزون ( 70 % ) !!!! فقط من
الشعب السوري ، أي أن الإخوان
لايمثلون (100 % ) من الشعب السوري
!!!!! ، لذلك يسمونهم طائفيون !!!؟؟؟.
ويبـدو
أن هؤلاء أغاظهم ما يلاقيه
الإخوان المسلمون من قبول لدى
كثير من المعارضة السورية في
الداخل والخارج ، وكان هذا
القبول نتيجة لأن الإخوان
استطاعوا لأول مرة في تاريخهم
أن يقولوا للآخرين : مـَن هم
الإخوان المسلمون ؟ وماذا
يريدون ؟ وقد وفقهم الله سبحانه
وتعالى من خلال طرحهم للمشروع
السياسي (2004) ، ومن خلال ماينشره
كتابهم من فكر سياسي يمثل حقيقة
فكرهم ونواياهم وحرصهم على
مصلحة وطنهم سوريا الغالية .
كما
غاظهم أن بعض المسؤولين
الأمريكيين ، بعد أن اطلعوا على
طروحات الإخوان المسلمين ،
صرحوا بأنه لا مانع لديهم من
إسهام الإخوان في حكم ديموقراطي
في سـوريا .
ويلاحظ
القارئ خوف بعض الكتاب
العلمانيين ـ كما يسمون أنفسهم
ـ من الإخوان المسلمين ، وحرصاً
على أن يتحرر هؤلاء المواطنين
من الخوف ، ويكفيهم أربعة عقود
من الخوف المستمر الذي أتلف
عقولهم وقلوبهم ، وحول الشعب
السوري كما يقول الأستاذ
السياسي المخضرم رياض الترك إلى
أصـم أبكـم .
وحرصاً
مني على سلامة المواطنين ، وعدم
تحميلهم خوفاً آخر ، إذ يكفي
خوفهم من السلطات الأمنيـة التي
تهدد حياتهم وأموالهم بدلاً من
المحافظـة عليها ، حرصاً على
المواطنين سوف أشـرح لكم موقف
واستراتيجية الإخوان المسلمين
المبينـة في مشروعهم السياسي
(2004) ، كما سبق وبينها المشروع
السياسي للتنظيم الدولي
للإخوان المسلمين في منتصف
التسعينات . وأهم نقطة في هذا
الموقف المشـاركة وليست
الشمولية .
المشاركـة
وليست الشمولية :
يريد
الإخوان المسلمون في سوريا ،
وفي سائر بلدان العالم العربي
الأمور التالية ، وقد أعلنوا
عنها مراراً وتكراراً ، ولامانع
من الإعادة ففيها إفادة :
1
ـ أن يسمح لهم بحريـة الوجـود ،
وذلك بإلغاء المرسوم (49) ، الذي
يحرم كل من قال أنه من الإخوان
المسلمين ، وقد يقولها للخلاص
من التعذيب الذي يهون الموت
أمامه ، كل من قالها يحرم من
تنفس الاكسجين ، خاصة وأن
التلوث يدهم سوريا من البادية
حيث دفنت النفايات النووية ،
ومن البحر حيث ماتت أطنان
الأسماك في نهر السـن أخيراً
بسبب التلوث . يحرمه من شرب
الماء ولوكان ملوثـاً ، ويقضي
عليه بالموت ، كما مات إخوانه في
ساحات سجن تـدمـر .
وبالتالي
يريد الإخوان الممسلمون أن
يعترف النظام ويعترف المجتمع
المدني بحق جماعة الإخوان
المسلمين بالوجود والعيش داخل
سوريا .
2
ـ أن يسمح لهم بحرية الكلام ،
والكتابة ، واستخدام وسائل
التعبير العصرية ، من أجل
التعبير عن أفكارهم ومشاريعهم
وأطروحاتهم ، علماً أن جارتهم
لبنان تسمح للمواطنين بإنشاء
محطات فضائية يخاطبون العالم
كله بها ، ومحطات إذاعية
وصحافة يومية وأسبوعية
وشهرية .
3
ـ أن يسمح لهم بتشكيل حزب سياسي
وطني يعمل حسب دستور البلد
بممارسة العمل التربوي
والإعلامي والسياسي في البلد .
أو أن يغض الطرف عنهم كما غض عن
الحزب القومي السوري أخيراً
وصار يتحرك بكامل حريته .
4
ـ أن يسمح لهم بالمشاركة في
الانتخابات الحـرة النزيهـة في
البلد ، وغاية مايطمحون إليه أن
يحصلوا على مقاعد في مجلش الشعب
تمكنهم من المشاركة في إدارة
أمور البلد .
5
ـ لايطمح ، ولايريد ، ولن يقبل
الإخوان المسلمون في أي بلد
عربي ، أن يحكموا البلد وحدهم ،
بمفردهم ، لأنهم ينظرون إلى
الحكم على أنه غـرم وليس غنماً ،
لذلك يريدون أن يحمل هذا الغـرم
كافة شرائح الأمة ، وهذا هو بيت
القصيد ، عندما طعن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ، واجتمع
حوله الصحابة يريدون أن يوصي
بالخلافة ، واقترح أحدهم عبد
الله بن عمر رضي الله عنه، وهو
قمـة في العلم والزهد والتقوى .
عندها غضب عمر رضي الله عنه وقال
:.... يكفي أن يحمل وزر الأمـة
واحد من آل الخطاب . هكذا يفهم
الإخوان المسلمون مسؤولية
الحكم ، إنـه وزر ثقيل ، كان عمر
رضي الله عنه يقول : لو أن شاة
عثرت على شاطئ الفرات خشيت أن
يحاسبني الله عنها ، لِمَ لمْ
أمهد لها الطريق !!!!
ولاينظر
الإخوان المسلمون إلى الحكم على
أنـه مغنـم ، يسارعون إلى
اقتسامه ، كما فعل ويفعل غيرهم
مما ترون أيها الناس .
لقد
عرض العميد صدقي العطار عام (1962)
أن يقوم بانقلاب عسكري ويسلم
الحكم للإخوان المسلمين ، فرفض
الأخ عصام العطار ذلك ، وأكد أن
الإخوان ليسوا شموليين ،
ولايمكن أن يستلموا الحكم
بانقلاب عسكري ، ( كما فعل
البعثيون بعد ذلك بأسابيع ) .
وفي
عدة بلدان عربية دخل الإخوان
المسلمون الانتخابات بجـزء من
طاقتهـم ، ولم يستخدموا طاقتهم
كلها ، لأنهم يريدون المشاركة
فقط ، ولايريدون الاستئثار
بالحكم وحدهم .
6
ـ الراحـل محفوظ النحناح يرحمه
الله :
وفي
التسعينات ترشح الأخ محفوظ
النحناح أمير الإخوان المسلمين
الجزائريين لانتخابات الرئاسة
ضد الأمين زروال ، وقد سارع
الإخوان في المشرق إلى انتقاده
، فكيف يحكم الجزائر ، التي
تتكالب عليها أمريكا وفرنسا ،
وسط معادلات معقدة مستحيلة
الحـل .ويقول الإخوان
الجزائريون أنـه لولا التزوير
المؤكد لنجح محفوظ رئيساً
للجزائر .
وشـاء
الله أن ألقاه في موسم الحج ،
وأسأله بصراحة : ماذا كنت ستفعل
لو نجحت في الانتخابات ، وأسندت
لك رئاسة الجزائر !!!؟ كيف تحكم
هذا البلد وسط معادلات مستحيلة
الحل !!!؟
قال
يرحمه الله :
المشكلة
في عقولنا في العالم الثالث ،
والعالم الإسلامي و العربي ،
أننا لاننظر إلى الحكم إلا من
زاويـة واحدة فقط ، وهو الحكم
الشمولي ، أي أن الحاكم ، الفرد
، أو الحزب ، أو القبيلة ، يجب أن
يكون وحده ، ولا أحد معـه . وسبب
ذلك أن العالم الثالث ينظر إلى
الحكم على أنه غنيمـة ، يريد أن
يستأثر بها وحده ، أو حزبه ، أو
قبيلته فقط . ولايسمح لأحد أن
يسهم معـه في اقتسام هذه
الغنيمـة .
أما
نحن معشر الإسلاميين ، فالحكم
عندنا مغرم وليس مغنماً
، ومادام غرماً فلماذا
نتحملـه وحدنا ، لماذا لايحمل
معنا الآخرون ، وكما يقولون (
الحمل على المجموعة ريش ) أي
خفيف .
لماذا
لانوزعـه على الآخرين يحملونه
معنا !!! لقد قررنا في الحركة في
حالة استلام رئاسة الجمهورية
تطبيق هذه الاستراتيجية (
المشاركة وليس الشمولية ) ، وقد
أقرها التنظيم الدولي للإخوان
منذ عهد قريب ، ولم تنتشر بعد في
عقول أعضاء الإخوان ، وخاصة في
المشرق . قررنا أن نوزع الحقائب
الوزارية على القوى الوطنية
الجزائرية ، ونشارك معهم ،
وهكذا نوزع الغرم على الجميع ،
ونحن منهم ، وهذه هي ( المشاركة
وليس الشمولية ) .
رحم
الله الشيخ محفوظ ، وأدركت
عندها أن عقولنا المشرقية
مخربـة ، وقد حولنا الاستبداد
إلى شعب أصم أبكم ، الحكم عندنا
ماشاهدناه وما زلنا نشاهده منذ
أن خلقنا الله ، حزب البعث هو
الحزب القائد للدولة والمجتمع ،
مدير المدرسة يجب أن يكون
بعثياً ، ولو كان أساتذته الذين
درسوه مازالوا مدرسين في هذه
المدرسة . والجبهة الوطنية
التقدمية لايحق لها العمل بين
الطلاب والجيش ، ولايجوز لأي
حزب ـ غير البعث ـ أن يعمل
ويتكلم ويكتب و.... إلخ . هذه
الشمولية التي جثمت على صدورنا
وعقولنا وأكبادنا أكثر من أربعة
عقود خربت عقولنا ، فلم نعـد
نفهم الحكم إلا بصورته الشمولية
فقط . ويتساءل الآن كثيرون كيف
تستطيع المعارضة السورية تغيير
النظام السوري ، لماذا يتساءلون
لأنهم لم يروا في حياتهم كلها
تغييراً للحكم إلا من وراء
الدبابـة ، ثم البلاغ رقم (1) ،
أما تغيير ديموقراطي ، فمازال
هذا المصطلح غائماً في أذهاننا
، لأننا لم نره في بلادنا ، ولم
نسمع عنه إلا في أوربا ( رومانيا
، روسيا ، ألمانيا ، الولايات
المتحدة ، وغيرها )
.
رفعـت
الأسـد ومروان حديد
ويحضرني
الآن أن رفعت الأسـد بعث رسالة
إلى مروان حديد (1973) مع أحد وجهاء
حماة ، يعرض عليه التعاون معـه ،
ويقول له أنت ذكي وشجاع وشهم و...
تعال ضع يدك في يـدنا لنعمل معاً
من أجل مصلحة هذا الوطن ، ولك
المنصب الذي تريده ، ولك كل
ماتطلبه . فكان جواب مروان يرحمه
الله : الدنيا جيفة وطلابها كلاب
، احكم بالاسلام وأنا جندي عندك
، أخدم كل من يحكم بالاسلام . وفي
مساء ذلك اليوم غادر مروان
بيتـه واختفى ، ووصلت مفرزة
بقيادة رقيب يعرف شخص مروان إلى
بيتـه ، وأصابع الجنود على
الزنـاد ، جاءوا لقتل مروان ،
لكنهم لم يجدوه . والشاهد هنا أن
الإخوان المسلمين وكل من تربى
عندهم ، لايكافحون من أجل كرسي
الحكم الذي يستخدمونه للغنيمة ،
بل الحكم عندهم مغرم وليس
مغنماً .
وفي
الختام : الإخوان المسلمون في
سوريا ، حركة وطنية أصيلة ،
تهمها مصلحة سوريا ، ومصلحة
الشعب السوري كافة ، بجميع
أطيافه وفئاته وطوائفه ،
وأعراقـه ، هكذا كانوا في
ماضيهم ، وهاهم يؤكدون هذه
المعاني في حاضرهم اليوم . ولم
يطلب منا ولامن غيرنا أن نشق عن
قلوب الناس حتى نصدقهم ، نترك
لهم الفرصة للعمل ، والواقـع هو
الذي يصدق أو يكذب مايقولون ،
ونكرر لايريدون الاستئثار
بالسلطة بل المشاركة فقط .
*كاتب
سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|