ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 10/10/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وصفة أميركية

لتجميل وجه (دراكولا)!..

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

لِيُغمض كل منا عينيه، ثم ليتخيّل أو يحلم بأنّ مصّاص الدماء (دراكولا)، قد تحوّل إلى مخلوقٍ وديع، يملك وجهاً أبيض اللون يُشِعّ نوراً وضياءً، كالقمر الذي دنّسه الأميركيون حين وطئت أقدامهم سطحه، أو كمصباحٍ أبيض اللون من تلك التي تُستخدَم لتوفير الطاقة!.. ثم لنتخيّل (دراكولا) هذا، ذا الوجه الأبيض المشعّ، مستلقياً على سريرٍ فضيّ، ومتدثّراً بغطاءٍ حريريٍ ناعمٍ ناصع، يزيد جسمَه الورديَّ نوراً على نورٍ وطُهراً على طُهر!.. وذلك داخل فندقٍ فاخرٍ من فئة التسع نجوم، حيث يتجمّع حوله جَمْعٌ من الأطفال كالأزهار، ينشدون له أجمل الأناشيد، ويتنافسون على لمس شعره الحريريّ الأملس الطويل الأشقر، وعلى رؤية بسماته الشفّافة الرقيقة، التي تكشف عن أسنانٍ لؤلؤيةٍ ناصعة البياض، من تلك التي يستعمل أصحابها معجون الأسنان الأميركي (كولجيت) أربع مراتٍ في اليوم!..

تخيّلوا أنّ خنـزيراً ضخماً، شوهدَ وهو يغادر صالوناً للتجميل من فئة السبع نجوم، وقد تخلّى عن وجهه الخنـزيريّ، ووضع مكانه وجه غزالٍ أو ظبيةٍ غضّة، لم تبلغ من العمر سوى بضعة أشهر، وقد غطّى جسدَه بفراءٍ مصنوعٍ من فرو القطط الأهلية الناعمة الجميلة، التي لا يتجاوز عمر الواحدة منها بضعة أسابيع.. كما وضع على حدقتيه عدستين لاصقتين زرقاوين، كزرقة السماء في يومٍ من أيام شهر نيسان الهادئة الوادعة، أو عدستين خضراوين، كلون المنطقة الخضراء في بغداد، التي لا يجرؤ الحكام الأميركيون وعملاؤهم من حكومة الاحتلال والعار الجعفرية.. لا يجرؤون على مغادرتها، بسبب نعيم الأمن والأمان الذي انتشر بشكلٍ مذهلٍ بفضل خيرات الاحتلال الوارف، وكذلك بسبب نعمة الهدوء والاستقرار التي عمّت أرجاء الوطن الجريح، بعد احتلال أميركة للعراق الأبيّ، لجعله أنموذجاً حياً للديمقراطية الأميركية الطغيانية!..

لا تندهشوا .. هذا بالضبط ما فعلته أميركة وتفعله، لتجميل وجهها (الدراكوليّ) القبيح في العالم الإسلامي، وأمام الشعوب الإسلامية!.. وهذا ما طلبه بالضبط العبقريّ (جورج بوش الصغير) من السيدة (كارين هيوز)، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الدبلوماسية العامة، ومستشارة (بوش الصغير)، الذي كلّفها بتحسين صورة الولايات المتحدة الأميركية في العالَم!.. مثلما طلب منذ سنوات، من السيدة (شارلوت بيريز)، المرأة الأميركية المختصة بالتسويق والحملات الإعلانية.. طلب منها تسويق أميركة لدى الشعوب الإسلامية، بعد اتخاذ كل الإجراءات التجميلية والديكورية، لتجميل الوجه الأميركي القبيح، الذي أصبح خلال مدةٍ قصيرةٍ أكثر قبحاً وتنفيراً، وهو يزداد بشاعةً مع مرور الزمن!.. وهذا بالضبط، ما تحركت له السفارات الأميركية في العالم الإسلامي، بمحاولاتٍ يائسةٍ بائسة، لتجميل وجه واشنطن وإدارتها الصهيونية المتطرّفة العدوانية، الذي سقطت عنه كل الأقنعة بالجرائم الهمجية التي ارتكبتها القوات الأميركية والبريطانية، وما تزال ترتكبها في عالمنا العربيّ والإسلاميّ، خاصةً في العراق الأشم!.. فهل صحيح أنّ أميركة والغرب من الغباء الشديد، إلى درجة أنهم لا يستوعبون، أنّ قطرة دمٍ واحدةٍ تُسفَك بيدٍ أميركيةٍ أو بريطانيةٍ أو صهيونيةٍ، لطفلٍ مسلمٍ في العراق أو فلسطين أو أفغانستان أو في أي مكانٍ من الأوطان الإسلامية.. تجعل كل إجراءاتهم وحواراتهم وخدعهم وجهودهم وهذيانهم وصفقاتهم.. تنهار دفعةً واحدة، فيظهر للعيان الوجه الحقيقيّ البشع لـ (دراكولا)، ويسقط (قناع الغزال) الوديع عن وجه (الخنـزير) الضخم القبيح القذر؟!..

السيدة (كارين هيوز)، التي تمثل الإدارة الأميركية المتطرّفة صهيونياً وصليبياً.. بدأت رحلة تجميل الوجه الأميركي وتلميعه بعقد اجتماعٍ مع شيخ الأزهر الشريف، وحثّت في لقائها على حوار الأديان.. وكأننا نحن الذين أعلنا الحرب على أميركة، ونحن الذين أعلناها حرباً دينيةً صليبية، ونحن الذين ننهج أبشع حملة إذلالٍ في التاريخ ضد الإسلام والمسلمين، بدأت في (غوانتانامو)، ولم تنتهِ في (أبو غريب).. ونحن الذين نجتاح البلاد الأميركية، ونعتدي عليها، ونحتلها، ونشرّد أهلها، وندمّرها، وننهب ثرواتها، وننصّب على الأميركيين شذّاذ الآفاق من عملائها، ونصنع لهم حكومةً فارسيةً أو قرضاويةً أو شارونيةً عميلة، لم توفّر وسيلةً للاضطهاد والاستبداد والظلم والقهر والعدوان.. إلا ارتكبتها، بأبشع الطرق وأقذرها، وأشدها نذالةً وصفاقة!..

على الرئيس الأميركي (بوش الصغير) وإدارته المتخبّطة، أن يعلما جيداً، بأن أميركة لا يمكن أن تتحسّن صورتها إلا بإزالة الأسباب التي أدّت لتشويهها، وعندما تعيد الولايات المتحدة الأميركية النظر في كل سياساتها الإرهابية العدوانية تجاه الشعوب، وعندما تتخلّى عن مهمة العَوم ضد سُنَنٍ الله عز وجلّ في هذه الأرض، في طليعة تلك الأسباب : الاحتلالات، والتسلّط والعدوان، والاستعباد، ونهب ثروات الشعوب والتآمر على حرّيتها وامتهان كرامتها، والظلم والاستبداد والقهر والقمع وسحق الإنسان، وعدم تحقيق العدالة والمساواة أو إحقاق الحقّ وإنصاف المظلومين ونصر المستضعفين، وعدم التخلّي عن دور الشرطيّ القبيح الفظ في منطقتنا العربية والإسلامية، وعدم التعامل مع الأمم والشعوب على أساس الاحترام، وعدم الاعتراف بحقها في العيش بسلامٍ وأمنٍ مع كامل حقوقها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية.. ما يحسّن صورة الوجه الأميركي شديد القبح، هو أن تتخلى أميركة عن لغة الاستكبار والغرور في تعاملها مع الأمم والشعوب، وعندما تقوم بقراءة العالَم بعينٍ أكثر عدلاً وأقلّ تسلّطاً وبلطجة، وذلك بمراجعةٍ حقيقيةٍ مع النفس، فتتوقف عن دعم عدوّنا الصهيوني في فلسطين العربية المسلمة، وعن مدّه بكل أسباب القوة والحياة للاستمرار في احتلاله وبطشه وظلمه.. وتقوم بإنهاء احتلالها للعراق العربي المسلم وأفغانستان المسلمة، وتعوّض البلاد والعباد عن كل الخراب والتقتيل والنهب والعبث الذي ارتكبته عامدةً مع سبق الإصرار.. وكذلك تتوقف عن دعم الأنظمة التي تحكمنا بالاستبداد والحديد والنار وانتهاك كل حقوقنا الإنسانية!..

ما أغباكِ يا أميركة، وما أسوأ حظكِ مع شعوبنا العربية والإسلامية، يوم ستدور على الظالم الدوائر، ويوم يُخسَفُ الباطل الأميركي ويُدمَغ بالحق، حق الله الجبار المنتقم، وحق الشعوب التي عانت من ويلات أميركة وشذوذ إدارتها الصهيونية الحاقدة، بل إداراتها المتعاقبة.. وهو يوم قريب ليس ببعيدٍ بإذن الله عز وجل، لا نشك في ذلك أبداً!..

(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (الأنبياء:18).

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ