تداعيات
بريئة
لوطن
المحبة والسلام
الأستاذ المكرم
زهير سالم :مساء الخير وتحية
أخوية صادقة لك من الأعماق :
لقد نشأت في بيئة
عائلية محافظة ومتدينة,ولازال
حتى اليوم عمك أبي نضال يقضي
الساعات الطوال بالصلاة
والدعاء, ولا أخفيك ,وربما تعلم ,بأنها
تدين بالحب والولاء لآل بيت
الرسول الكرام, ولكن هذا لم يكن
يعني بالنسبة لي التعصب القاتل
على الإطلاق,وترعرعت في محيط
ثري "متنوع" الأطياف وجل
أصدقاء طفولتي وشبابي منه يعكس
تفرد سورية النادر الذي تضاهي
به أعرق الأمم التي تدعي
الحضارة,والتسامح, والتنوع,
والدساتير المتسامحة .وبصدق
مطلق لم نكن نعرف في تلك الأيام
الجميلة أي معنى للتعصب
والكراهية واستمرت صداقتي
ببعضهم حتى الآن فيما عصف
بآخرين الهوى الطائفي الكريه,كما
عصف ببعض من أقربائي وأبناء
طائفتي "الصغار" ورفقاء
شبابي الهوى السلطوي المريض,
فصرنا متباعدين,ومتخاصمين,ربما
بأشد مما يكنه بعض الأصوليين
المتطرفين لغير المسلمين,
ولايجمعنا ,الآن, إلا مايجمع
النار والماء.ومع احترامي لكل
طوائف وطني الذي تميزه هذه
العلامة الفارقة في جبين الدول
المتحضرة, وهي ذاك التنوع
والثراء بين مختلف الطوائف
والتعايش والتفاهم والعيش
بسلام فيما بينهم ,وهذا يعني
حكما إرثا
طويلا من التسامح
والتعايش وتقبل الآخر ,وهذا
ما يجب أن نرفع رأسنا به أمام
جميع أمم العالم ونباهي فيه
بصوت عال ونقول: نحن السوريون
السباقون والرواد الذين نحيا في
وطن متنوع يجمع باقات إنسانية
مختلفة يحب جميع أبنائه
ويحتضنهم ولايفرق
بين أي منهم.ونتحدى فيه هؤلاء
الكاوبوي الذين أتوا في في غفلة
الزمان ,ونهاية الحضارة والأيام
التي خبرناها طويلا ,ليعلمونا
التعايش وينظّرون علينا بفذلكة
حقوق الإنسان إسطوانتهم
المشروخة التي لم تعد تقنع
الأغرار والصبيان.
ما أود قوله لنبتعد
ما أمكن عن الطرح الطائفي,ولكل
نبي يصلي عليه ,والابتعاد عن فرض
العقائد والأدلجات على الآخرين,واحتكار
الحق والحقيقة, فهو ليس في مصلحة
أحد .وهناك بعض من الكتاب الذين
ألفوا العزف على هذا الوتر
اللعين ,وهم من يحرك في النفوس
كثيرا من لواعج القهر والإحباط
والذكريات المؤلمة.ويحاولون
الظهور بمظهر الحمل الوديع
البريء أمام الناس ,وتجريم
الآخر كليا دون موضوعية ,وابتعاد
متعمد عن بعض الحيثيات الجوهرية
التي يعرفها القاصي والداني.وحين
يقرأ أحد ما مثل هذا الكلام وفي
بعض المواقع المحترمة,وتتبناه
جهات تطرح عروض تصالحية ,يصاب
المرء بالحيرة والدهشة ,وتنتابه
الريبة في كل المشاريع المطروحة.وبالنسبة
لي كمواطن سوري, وكاتب يعنى
بالشأن العام ,من السهل الرد على
كثير من الكلام والطروحات ,وما
يقال بنفس النبرة والخطاب
العقيم والمؤثرات,ولكن معاذ
الله ,وحاشاه ,وهيهات أن أنزلق
في هذا السفح الشهيق الذي ليس له
قرار.ولكن بسبب نظرتي العلمانية
(وأشدد لاعلاقة لها بموضوع
الدين والإيمان),والتزامي
الكبير ,ووفاءً للكثير من
أصدقائي ومن مختلف الأطياف,أربأ
بنفسي عن الخوض في مستنقع بغيض
ولكي لايساء الفهم ,وتختلط
الأشياء على قصّار النظر
الأميين.ليس الجميع أبرياء ,كما
أنه ليس الجميع مجرمين,وهناك
بالمقابل الكثير,وعن جهل, من
المتورطين والأدعياء الجهلاء.كل
ما أرجوه وأتمناه,وأكرره,
الابتعاد ما أمكن عن هذا
وتأجيجه لدى صغار النفوس المرضى
بالأوهام,والدعوة لتجاوز
الماضي ولبرهة الآن ,وتركه
للتاريخ لأنه لامجال في الوقت
الحالي لفتح ملفات تولد الكثير
من الآلام والضغائن والأحقاد
لدى جميع الفرقاء ,وكما تدين
تدان,وهذا سجال بيزنطي لا طائل
منه ولا رجاء,وهل تتوقع – يا
أستاذي الفاضل -أن تنتهي يوما
تداعيات "معركة صفين"
في هذا الشرق التعيس بغض النظر
عن الولاءات المتباينة التي لم
تعد ذات أهمية على
الإطلاق؟فالدين لله والوطن
للجميع.وكل الأيديولوجيات التي
حاولت فرض نفسها بالقوة
والإرهاب كان مصيرها الهلاك
والدمار ,وصارت جزءا من تاريخ
البشرية القاتم المظلم الحزين.وللحقيقة
,وأرجو أن تسجل ذلك لقد كبّرت
الكثير من المقالات التي تناولت
هذا الموضوع الحيوي بمنظور
علماني والتي كتبها زملاء وأخوة
لنا من مختلف الاتجاهات,فيما
نفرت, كما غيري ,ممن كان ينفخ في
"الكير المهترئ العتيق" ,وأكثر
ما أعجبني أولئك الذين ترفعوا
عن صب الزيت على النار, وبقوا
متفرجين وصامتين لأن هكذا أمر
من الأفضل البقاء بعيدا عنه
طالما ظل بنفس الطنين والأخذ
والرد والرنين ,والسؤال,و"بعدين"؟
كل الشرفاء والمخلصين يريدون
حلا ومخرجا
وشيئا جديدا,باستثناء أولئك
الخفافيش الأشرار الذين هم في
الظلام مازالوا محلقين .
والشيء الأهم ولدي
مقال مكتوب وهو عبارة عن رسالة
أخوية صادقة لبعض "الأشقاء"
لتبني خطوات أكثر حضارية,
وأولا تغيير الإسم إلى حزب ذي
دلالات اجتماعية ونهضوية
حداثية بدل ذاك الطرح الديني
الفج الذي يولد الكثير من
الحساسية لدى جميع المواطنين
حتى من نفس الطيف -وهذا للعلم
اليقين- ولي منهم أصدقاء أعرف
تماما أنهم صادقون ولا يكذبون,وبالنسبة
لموضوع الكثرة والأغلبية التي
يتعنى به البعض هناك الكثير من
الآيات القرآنية الأشهر التي
لاتشير للأكثرية بالإيجاب ,وكم
من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة
بإذن الله,وهتلر جاء بانتخابات
أكثروية جلبت الدمار للجميع,وبوش
فاز بانتخابات ديمقراطية فأشعل
أربعة أطراف العالم.وبنفس الوقت,البعث
الآن "أكثرية" سياسية في
سوريا حسب أدبيات
الاستراتيجيين المعروفين!!!!!
وإن خطوة كهذه ستجعل موضوع
الاندماج سياسيا,واجتماعيا
أيسر وقد يلقون القبول لدى عامة
الشعب,أما المصادرة وادعاء
التمثيل فسيكون لها رجع ضئيل.والسؤال
الأهم والذي طرحه كثيرون هل
تؤيد إنشاء حزب للإخوان
العلويين ,وآخر للإخوان الدروز,وثالث
للشبيبة الإسماعلية,ورابع
للفتية الآشورية...والمسرح يعج
ويحفل بالكثير من هذا القبيل,أولم
يكتسح تسونامي المد الشمولي
الجميع وهم في الهم والقهر سواء,وإن
علة التجريم الشامل أصعب من كل
الجرائم؟ إنني أنظر إلى مختلف
أطياف السوريين كمواطنين أولا
متساوين في الحقوق والواجبات
لايميزهم دين ولاعرق ولاطائفة
ولا تيار,ولا غلبة وإيثار لأي
كان, وهذا ماتفعله كل الدساتير
المحترمة في العالم والتي كانت
سورية سباقة إلى تطبيقه قبل
وجود أي دستور مكتوب, وهذه هي
ميزة سورية العظيمة الرائدة
التي أتمنى من قلبي على الجميع
أن يحيوها ويكرسوها وألأ ينكصوا
ويرتدوا ويعودوا إلى خطاب سقيم
عفا عليه الزمان ورماه بعيدا ,وتحظر
جميع شرائع العالم المتحضر
الأخذ به ,وبالرغم من بعض الجنح
السياسية والانحرافات التي وقع
بتلابيبها البعض عن قصد أو غير
قصد.
كلمات أخوية صادقة
وددت تسطيرها برغبة أخوية من
الجميع للنظر جديا ومليا بكل
الظروف القاهرة التي تحيق
بالجميع ,ولن توفر تلك النار
الكامنة, التي يحاول البعض جهلا
النفخ بها, أحدا,وكما لن تميز
هويته الرصاصات الطائشة التي لن
ستنطلق بكل الاتجاهات.
ليذكرنا أبناؤنا
بأننا فعلا حضاريون ,وأورثناهم
المحبة والسلام ,ووطنا منيعا
مسالما وعصيا على التشرذم
والزوال ,ولكي نكون قدوة حسنة
لهم في التسامح والحب والعطاء
الإنساني الذي سيكون مفخرة لهم
على الدوام.
والله, والوطن
العزيز, من وراء المقصد وهذا
الكلام.
نضال
نعيسة
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|