ـ

ـ

ـ

الخميس 13/10/2005

"معرفة الحقيقة تجعلنا جميعا أحرارا"

إلى / الأخ الدكتور  خالد الأحمد المحترم

تحية طيبة ..

بمناسبة شهر رمضان المبارك يشرفني أن أتقدم إليكم بأطيب التهاني وأجمل الأمنيات سائلا الله أن يمن عليكم وعلى أسرتكم الكريمة بالصحة والعافية ، ويمن على إخوتنا المسلمين أينما وجدوا باليمن والبركة .....

أود أن أشكركم على الرد الذي وجهتموه لي عبر موقع مركز الشرق العربي وعلى بلاغتكم ووضوحكم وعلى الأسلوب الحضاري المهذب الذي يتسم بالموضوعية والاحترام للأخر ... وعلى الأفكار القيمة التي وردت في مقالاتكم ، حيث أعدت قراءة جميعها دون استثناء عملا بوصيتكم ....

لقد توجهت إليكم بهذه الأسئلة والاستفسارات ليس من مبدأ إثارة المشاعر أو الغضب أو الحقد على احد ، بل من واقع المسؤولية الوطنية وحبي وحرصي الشديدين على الوحدة الوطنية لأبناء الشعب السوري بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو السياسية ... مؤمنا في ذات الوقت أن لغة الحوار البناء هي الطريق الوحيد والأمثل للوصول إلى قمة المجد في العلاقات الإنسانية بين أبناء شعب واحد ، مسالم ، طيب ، ذكي ، يؤمن بالديمقراطية والحرية ، وينبذ الظلم والقهر والفقر والدكتاتورية ... واخترتكم لأنني لمست في لهجتكم جمالية الموقف والخلق والأدب التي يتحلى فيها معظم كتاب هذا الموقع الموقر ..

 ((وقد استلمت ردا من الأخ الدكتور  نصر حسن المحترم وقرأته عدة مرات وأجهز له رسالة شكر بالرغم من وصفه لي بأنني ضد الدين ... الذي تسرع بالرد حرصا على المصلحة العامة لكنه كان في منتهى التهذيب أيضا وثقافته عالية وحرصه على وطنه كحرصنا نحن أيضا أبناء هذا الوطن الكبير .. كما ذكرني الأخ زهير سالم المحترم والذي بعثت له عبر الموقع برسالة شكر أيضا أتمنى قراءتها )).

أخي الدكتور خالد

لقد طرحت أسئلتي المتعددة وربما قسوت في البعض منها ليس من اجل إثارة الفتن أو تثبيتا للطائفية  .. بل لأنني لست ممن يؤمنون بالطائفية ونبذتها طيلة حياتي ولم اقبل صديقا يتحدث بهذا المفهوم ،  ولفظت كل من حاول إثارة هذا المرض الفتاك الذي كان شعبنا بعيدا عنه والآن أصبح هذا الشعب أكثر وعيا وإدراكا لمخاطر هذه القضية الحساسة ...

لم اشعر أن هناك طائفية مع كل من تعاملت معهم أو صادقتهم أو تعرفت عليهم (باستثناء الجهلة وهم قلة منبوذة من قبل الجميع)... وأؤمن بان الحوار هو أساس للعلاقات الإنسانية والاجتماعية ... وكل هدفي من هذه الأسئلة والاستفسارات هو أنني أريد فعلا معرفة الحقيقة وأنا اصدق القلم الحر .. وأردت أن اعرف الحقيقة من جذورها وأصولها ومن أهلها مباشرة (ومعرفة الحقيقة تجعلنا أحرارا)  . لكن عندما ذكرت أنني ضد الأحزاب القائمة على أساس ديني كان هدفي الوصول إلى فكرة هي أن الشعب السوري يعيش في توافق وانسجام ومحبة بين جميع أطيافه فهو مزيج فسيفسائي  مركب من طوائف وديانات ومذاهب شعارها الأوحد ((الوطن ... ثم ... الوطن))  ... وهذه التركيبة  الرائعة تدفعه خطوات نحو التطور والتقدم الإنساني  ... ولكنني لست ضد الدين بل ضد الأحزاب القائمة على أساس ديني لأنها محاولة لإلغاء الآخر ... وهذه وجهة نظري (يمكن أن تشكل مادة خصبة تكون انطلاقة لحوار جدي بيننا في المستقبل القريب) .....

أخي العزيز

إن شعب سورية يتميز بالذكاء والحنكة وعانى الكثير على مدى أربعين عاما وحرم أبناؤه من الحرية وهاجر من هاجر ونفي من تم نفيه  وسامح الله من ابعد البعض عنا  ورحلوا إلى العالم الآخر عليهم جميعا رحمة الرب ....

اكرر ثانية بأنني لم اقصد من وراء أسئلتي واستفساراتي أي تهجم أو إهانة أو إدانة لأحد، ولم اقصد إعادة فتح ملف  نبت العشب على دمنته ، لكنه ما زال حيا في نفوس البعض ، وعلينا أن نعمل جميعا على كسر حاجز الخوف الذي ما زال ينخر في البعض منا... بل كان ذلك لإظهار أن النظام الحاكم في سورية لم يعمل إلا لمصلحته الفردية ومصلحة أزلامه المستفيدين .. نظام نخره الفساد حتى العظم .... وعانيت كما عانى الكثير من أبناء شعب سورية ، ولم آت هنا لأزيد من نزف الجرح بل محاولة شريفة مني لتضميده وتعقيمه أيضا ،  وليس رفعت الأسد أم غيره من قيادة البعث والدولة... إلا نموذجا من الفاسدين وعصابات الجريمة المنظمة (المافيا السورية الحاكمة) ... وادعوا الله أن يرأف بالشعب السوري من هؤلاء وأمثالهم .

لم نعد نصدق كل ما نسمع وما نقرأ ، لقد فقدنا الثقة تقريبا بالجميع  كل يروي حكايته من منظور معين وكل طرف يقول انه على حق لدرجة أن المواطن العادي بات لا يصدق حتى نفسه .... وأردت الخروج عن القاعدة لأتحرى بنفسي وبدأت ذلك فوجدت فيكم الشخص الذي اعتز بموضوعيته وحديثه السلس ...

وأود أن اذكر بان الطائفية ليست من صلب المجتمع السوري ... لكننا بحاجة إلى المزيد من المعرفة ، وعلى أصحاب العقول النيرة استخدام كافة الوسائل لإيصال كلمة الحق بالطرق السلمية لشعب مسالم عرف أقدم حضارة في تاريخ البشرية .... فعقولنا النيرة هي سلاحنا إلى رفع الظلم والقهر عن أبناء شعبنا .... وعلينا جميعا أن نكون يدا واحدة في مواجهة التحديات ..... ونحن شعب لا يحب الوقوف عند المنعطفات لأننا أقوياء وأصحاب حق ، ندخل من الباب الضيق (كما جاء في الإنجيل) ...

أشكرك يا صديقي (واسمح لي أن أدعوك بذلك) لأنني أود مواصلة الحوار معك  وارى بأنني بدأت اعد العدة للتواصل المستمر فالاتصال بيننا (إن رغبت في ذلك) سيكون منارة تقود إلى غرس المحبة وتعزيز السلام في قلوبنا ، متجاوزين كل أخطاء الماضي التي نعرف أسبابها  وحيثياتها .

... ((لست جزءا من أي حزب سياسي أو غيره)) ...

أتمنى أن تمر بخير هذه الوعكة الصحية العابرة التي ألمت بك ... وأدعو الرب أن يوفقك ويديمك ذخرا لهذا الوطن المليء بأمثالك الخيرين المثقفين والمتنورين .... فليكن الرب معنا جميعا.

ولنلتقي على محبة الله ...

أخوكم

سرجون شار

srjnchrf@yahoo.co.uk

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ