ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
دور
النظام السوري في حـرب (1967) م مهداة
إلى حزب البعث في مؤتمره القطري
العاشر خالد
الأحمد* نشأنا – نحن جيل
الاستقلال ـ منذ الصغر على كره
الصهاينـة ، وعلى الاستعداد
لطردهم من فلسطين ، وتحرير
المسجد الأقصى منهم ، وكانت
حكومات دول المواجهة وخاصة مصر
وسوريا والعراق تخطط حياتها على
هذا الأساس، فالانقلابات
العسكرية تقع بحجة أن الحكومة
قصرت في العمل من أجل الإعداد
لطرد الصهاينـة، وكانت(65ــ80)
بالمائة من الدخل القومي السوري
تنفق على وزارة الدفاع من أجل
التسلح والإعداد لتحرير
فلسطين، وليس هذا كله حباً
بفلسطين فقط،وإنما دفاعاً عن
النفس أيضا ًلأن هدف إسرائيل
معلن ومعروف وهو(حدودك يا
إسرائيل من الفرات إلى النيل )،
لذلك كانت آمال الجيل الصاعد
مرتبطـة بهـذا الـهدف
المحوري،وصـار للجيش مكانـة
مرموقـة في العالم العربي؛ لأنه
يعدمن أجل طرد اليهود وتحريـر
فلسطين وخصصت للجيش أكبر
ميزانية من الدخل القومي لهذا
الغرض . في منتصف الستينات
صعد البعثيون الحرب الإعلامية
على اليهود ، بعدمحاولات
إسرائيل تحويل مياه نهر الأردن
لتحرم العرب منه ، وشكلت قيادة
عربية موحدة بين مصر وسوريا
والأردن بقيادة الفريق علي علي
عامر(مصري)، وارتفعت عاطفة
الشباب وصرنا نعد الأيام لنزور
حيفا ويافا والقـــدس بعد طرد
اليهود منها، وراحت الإذاعة
البعثية في سوريا تغني بصوت (
لودي شامية ) بصوت مرتفع وتقول : [
نهر الأردن مابتحول ... فيرد
عليها الكورس : مابيتحول
مابيتحول ].
وفي نيسان أو أيار(
1967م) نظم اتحاد الطلبة في مدينة
حمص محاضرة في سينما الأوبرا
حضرها مئات الطلاب ، وقد وصف لي
شـاهد عيـان هذه المحاضرة يقول
واصفاً المقـدم مصطفى طلاس: (
دخل المقدم أبو فراس بلباس
المغاوير وقفز من أمام المسرح
ليصل إلى مكان المحاضر فارتفع
التصفيق للبطل المغوار ، وبدأت
المحاضرة فقال الرائد أبو فراس
بعد أن علق خريطة على الجدار
وأمسك بيده عصاخاصة
بكبارالضباط قال سـوف تتحرك
قواتنا باتجاه الجنوب لتدك قصر
الرجعية([1]) أولاً ثم نتجه غرباً في
اليوم الثاني، وخلال هذين
اليومين تكون القوات المصرية
اجتازت سيناء ووصلت إلى ساحل
فلسطين، وفي اليوم الثالث سوف
نطبق فم(الكماشة)على اليهود و...)
فصاح الطلاب مرة واحدة (ونرميهم
في البحر ) فعلا الهتاف ( أمـة
عربية واحدة ذات رسـالة خالدة ،
أهدافنا وحدة
حرية اشتراكية ، الخلود
لرسالتنا وللجيش العقائدي) ... السـاعـات السـتة
الأولـى مـن يـوم الـخامـس مـن
حـزيـران
كان عبد
الناصرمتورطاً في حرب اليمن،
التي دامت عدة سنوات ومست
المملكة العربية السعودية،
وطرح عبد الناصر شعار تحرير
فلسطين عن طريق اليمن ، كما طرح
البعثيون في دمشق شعار تحرير
فلسطين عن طريق الأردن . وأنهك
الجيش المصري كما أنهك الاقتصاد
المصري في حرب اليمن ، كما فرغ
عبد الناصر الجيش المصري من
الضباط الأكفاء خوفاً من عدم
ولائهم له ، وترك الضباط
المتملقين ، والمتسلقين الذين
يبحثون عن المناصب السياسية فقط .كما ارتكب من المجازر
والمظالم بحق العلماء والدعاة
وجماعة الإخوان المسلمين عام
(1954م ) ثم عام ( 1965م) ، وزج عشرات
الألوف منهم ومن أقاربهم في
السـجون . ودخل مصر الجاسوس
اليهودي ( باروخ ماندل ) منذ عام
1954م ) تحت اسم ( مالك نوير ) وزعم
أنه تاجر تركي يتاجر بصفقات
السلاح ، وخاصة السلاح الجوي ،
وخلال عدة سنوات صار هذا الرجل
الذكي الثري الذي ينثر المال
على الضباط والفنانات
والراقصات ، صار مقرباً جداً ،
حتى وصل الى مرتبة مفتش في
السلاح الجوي المصري ، وقد كان
برفقة عبد الناصر وكبار القادة
المصريين في طائرة نقل عسكرية
صغيرة زارت بعض القطعات في
سيناء قبل الخامس من حزيران
بقليل ، وقد أعلم هذا الجاسوس
إسرائيل بذلك وانتظر أن تسقط
إسرائيل هذه الطائرة ولكنها لم
تفعل !!؟ وكان هذا الجاسوس
مقرباً جداً من الفريق صدقي
محمود قائد سلاح الجو المصري ،
وتمكن هذاالخبيث من إقامة
حفلتين إحداهما في قاعدة إنشاص
الجوية والثانية في مطار بير
ثمادة في سيناء ، وكانت حفلة
ساهرة غنت فيها بعض الفنانات
ورقصت الراقصات، وشرب قــرابة (
400 ) طيار الخمر ، بل قصد هذا
الخبيث أن يشربوا نوعين من
الخمر على الأقل حتى يتبلدوا
أكثر، ومتى كانت هذه الحفلة ؟
كانت في ليلة الخامس من حزيران(
1967م ) حيث
حضر هذا الجاسوس اجتماعاً
مصغراً مع جولدا مائير [ رئيسة
وزراء إسرائيل يومذاك ]، ووزير
الدفاع ورئيس الأركان قبيل
الحرب ببضعة أيام واتفقوا على
ساعة الصفر وبينماكان الفريق
صدقي محمود قائد سلاح الجو
المصري مخموراً مع الراقصة ( ... )
بعد أن فرقت الحفلة بالقوة مع
الفجر ، عندها شنت الطائرات
الإسرائيلية غاراتها على
السلاح الجوي المصري ، وتمكن
اليهود الخبثاء من تدمير سلاح
الجو المصري خلال الساعات الستة
الأولى من الحرب ، لذلك يسميها
بعض اليهود حرب الساعات الستة .
ودمرت(600) طائرة نفاثة عسكرية
على مدارجها قبل أن يتمكن
الطياريون من الفرار بها ، بعد
أن باتوا وقد أثقلت الخمر
رؤوسهم ([2]). ومع الضحى انصرف
الطيران الإسرائيلي إلى تدمير
المطارات السورية ، وشاهدت
طائرات الميراج حوالي العاشرة
صباحاً من يوم الإثنين الخامس
من حزيران ، وكان طلاب الجامعة
يستعدون لامتحان الدورة الأولى
في جامعة دمشق ، شاهدتها تحلق في
سماء دمشق ثم تنقض على مطار
المزة لتدمر المدرج وتعطل حركة
الطيران ، وتمكنت من ذلك ، وسقطت
إحداها بنيران المدفعية
المضادة ، وأحضرت قطعة كبيرة من
الطائرة إلى الجامعة ورأيت فيها
كتلة من لحم طيارها([3]) . قامت الطائرات
السورية بقصف مستودعات النفط في
حيفا في أولى مشاركاتها في
الثانية عشرة ظهراً، ثم لم نسمع
أي نشاط للطائرات السورية بعد
ذلك ، وعرفنا أن إسرائيل دمرت
جميع مدارج الطائرات السورية
خلال اليوم الأول من الحرب
. ثم دحرت القوات
اليهودية الجيش المصري الذي ضاع
في سيناء ومات بعضه عطشاً ، بعد
سيطرة طيرانها على سماء المعركة
، وصارت الطائرات تقاتل
الدبابات والسيارات وتجمعات
الجنود ، واحتلت إسرائيل سيناء
كلها حتى وصلت الضفة الشرقية
لقناة السويس ، وفي اليوم
الرابع تركزالجهد اليهودي على
الأردن فاحتل اليهود الضفة
الغربية كلها وصار نهر الأردن
حدوداً بين الأردن وإسرائيل ،
وفي اليوم الخامس والسادس تركز
الجهد على الجبهة السورية وهي
جبهة حصينة جداً ، لكن الحكومة
السورية آثرت الانسحاب ولم تزج
بقوات أساسية في المعركة ،
كالفرقة الأولى أو الثالثة التي
فرغت لحراسة النظام ، وإنما
شارك في الحرب لواء من الاحتياط
، كما شاركت فيه الفرقة الخامسة
والتاسعة المواجهتين أصلاً
للعدو . وأعلن وزير الدفـاع
السوري يومذاك وهوحافـظ الأسد،
أعلن عن سقوط مدينة القنيطرة
بيد اليهود ، قبل وصول اليهود
إليها ، وفر أهالي القنيطـرة
والجولان إلى دمشــق وصار
اســمهم ( النازحين ) . كما غادرت
الحكومة دمشق إلى حمص تحسباً من
سقوط دمشق([4]). دور سـوريا فـي
المعـركــة كانت سـوريا هي
الـمحرضة على الحرب ، فقد أدلـى
وزيـر الدفاع السوري وقائــد
سلاح الطيران اللـواء حافـظ
الأسـد بتصريح لصحيفـة الثـورة
السورية يوم (20 /5 / 1967م ) جاء فيه :
( .. إنه لابد على الأقل من اتخاذ
حد أدنى من الاجراءات الكفيلة
بتفيذ ضربة تأديبية لإسرائيل
تردها إلى صوابها ... إن مثل هذه
الإجراءات ستجعل إسرائيل تركع
ذليلة مدحورة ، وتعيش جواً من
الرعب والخوف يمنعها من أن تفكر
ثانية في العدوان . إن الوقت قد
حان لخوض معركة تحرير فلسطين ،
وإن القوات المسلحة السورية
أصبحت جاهزة ومستعدة ليس فقط
لرد العدوان ، وإنما للمبادرة
في عملية التحرير ونسف الوجود
الصهيوني من الوطن العربي
إننا أخذنا بالاعتبار تدخل
الأسطول السادس الأمريكي
وإن معرفتي لإمكانياتنا
تجعلني أؤكد أن أية عملية يقوم
بها العدو هي مغامرة فاشلة ،
وهناك إجماع فـي الجيـش العـربي
السوري الذي طال استعداده ويده
على الزناد ، على المطالبة
بالتعجيل في المعركة ، ونحن
الآن في انتظار إشارة من
القيادة السياسية . وإن سلاح
الجو السوري تطور تطور كبيراً
بعد ( 23/2 /1966م ) من حيث الكمية
والنوع والتدريب ، وأصبحت لديه
زيادة كبيرة في عدد الطائرات ،
وهي من أحدث الطائرات في العالم
، كما ازداد عدد الطيارين
وارتفع مستوى التدريب. وفي(23/ 5 / 1967م ) أدلى
العقيد أحمد المير قائد الجبهة
السورية بالتصريح التالي: إن الجبهة أصبحت
معبأة بشكل لم يسبق له مثيل من
قبل ، وإن العرب لم يهزموا في
معركة 1948م من قبل الاسرائيليين
، بل من قبل حكامنا الخونة ،
وهذه المرة لن نسمح لهم أن
يفعلوا ذلك([5]) . وفي اجتماع طارئ
لاتحاد المحامين العرب بدمشق في
(29 /5 /1967م ) قال الدكتور يوسف زعين
رئيس وزراء سوريا
( إن انحناء إسرائيل أمام
الرد العربي الحاسم الآن ؛ يجب
أن لايفسر بأنه انتصار نهائي
عليها ، فهو ليس إلا بداية
الطريق لتحرير فلسطين ، وتدمير
إسرائيل ... إن الظروف اليوم هي
أفضل من أي وقت مضى لخوض معركة
المصير العـربي ، وقال
إن الشـعوب العـربية ستحاسب
كل من يتخاذل عن الواجب ، وقال
إن المسيرة إلى فلسطين هي
المسيرة إلى إسقاط الرجعية
العربية والاستعمار والصهيونية
إلى الأبد ) ([6]) . وعلى الرغم من أن
سلاح الجو الإسرائيلي بدأ هجومه
على مصر مع الفجر( في الخامسة
صباحاً تقريباً)، ولم يترك
لحماية سماء الأرض المحتلة
ومطاراته سـوى اثنتي عشرة طائرة
فقط،ولوُشـن
هجومٌ جوي عربي ( سوري عراقي
أردني ) على مطارات العدو بعيد
الخامسة صباحاً وحتى العاشرة
لدمر مطارات العدو، واعترض
طائراته عند عودتهامن سماء مصر
بدون وقود وذخيرة ، ومن السهل
إسقاطها عندئذ . ولكن الطائرات
السورية - وسوريا هي الداعية إلى
الحرب - نفذت أول وآخرهجوم في
الثانية عشرة ظهراً ، أي بعد
ساعة كاملة من فراغ الطيران
الإسرائيلي من تدمير السلاح
الجوي المصري وهي ست ساعات( 5 - 11 )
. ولم نسمع عن غارة سورية ثانية
بعد تلك الغارة على مصافي حيفا .
ونجد الجواب في كتاب ( حـربنا مع
إسـرائيل ) للملك حسين إذ يقول : كناننتظرالسوريين
فبدون طائرات الميغ لايمكن قصف
مطارات إسرائيل الجوية،
ومنذالتاسعة والنصف اتصلت
قيادة العمليات الجوية
بالسوريين ، فكان جوابهم أنهم
بوغتوا بالأحداث !!! وأن
طائراتهم ليست مستعدة !!! وأن
مطاراتهم تقوم برحلة تدريبة !!!
وطلبوا إمهالهم نصف ساعة، ثم
عادوا وطلبوا إمهالهم ساعة ،
وفي العاشرة والخامسة
والأربعين كررواالطلب نفسه
فوافقنا، وفي الحادية عشرة (أي
بعد ست ساعات)لم يعد بالإمكان
الانتظار!!، فأقلعت الطائرات
العراقية وانضمت إلى سلاحنا
الجوي لتساهم في المهمة، ولذلك
لم تبدأ عملياتنا الجوية إلا
بعد الحادية عشرة ( أي بعد فراغ
الطيران الصهيوني من تدمير
الطيران المصري ) . يقول الملك حسين في
هذا المعنى (فوت علينا تأخر
الطيران السوري فرصة ذهبية كان
يمكن أن ننتهزها لمصلحة العرب ،
فلولا تردد السوريين!!! لكنا قد
بدأنا عمليات القصف الجوي في
وقت مبكر،ولاسـتطعنااعتراض
القاذفـات الـمعادية وهي في
طريق عودتها إلى قواعدها بعد
قصفها للقـواعـد المصرية ، وقد
فرغت خزاناتها من الوقود ونفذت
ذخيرتها ، وكان بإمكاننا حتى
مفاجأتها وهي جاثمة على الأرض
تملأ خزاناتها استعداداً لشن
هجمة جديدة ، فلو قيض لنا ذلك
لتبدل سير المعركة وتبدلت
نتائجها . الزمن وحده سيكشف
تفسيراً لأمورعديدة ، لكن
ماتأكدت منه أن الطيران السوري
لم يكن جاهزاً للحرب يوم(5)
حزيران ، وكانت حسابات
الإسرئيليين صحيحة عندمالم
يتركوا سوى اثنتي عشرة طائرة
لحماية سمائهم ، بينما استخدموا
كل سلاحهم الجوي لضرب مصر).
انتهى كلام الملك حسين . ويتذكر الشعب
العربي السوري أغنيــة
البعثيين عن طائــرة الميغ
عندما يقول ذلك الساقط ( ميراج
طيارك هرب ، مهزوم من نسر العرب .
والميغ طارت واعتلت بالجو تتحدى
القدر ) ، ويؤكد عبد الناصر أن
البعثيين هم الذين ورطوه في
الحرب ، ثم لم يقدموا شيئاً
أبداً، ومن خلال قـراءة كتـاب
سقوط الجولان يلاحظ أن البعثيين
لم يسمحوا للجــيش أن يقاتل ،
حتى أن خسائر ســوريا كانت
حوالي (120) جندياً فقط ([7])، بينما بلغت خسائر مصـركما
أعلنهـا عبد الناصر (5000 1)عسكـري
بينهم (1000) ضــابط منهم (35)
طياراً . سـقوط القنيطـرة القنيطـرة بلدة
سـورية صغيرة تعتبرمركز إداري
للجولان ، تبعد عن دمشق قرابة
أربعين كيلاً ، وفي يوم السبت
(10/6/ 1967م ) أعلن وزيرالدفاع حافظ
الأسد (الساعة 30 ر9 ) عن سقوط
القنيطرة بالبلاغ رقم (66) وجاء
في البلاغ (... إن
قتالاًعنيفاًلايزال يدور داخل
مدينة القنيطرة وعلى مشارفها ) .
ويقول الدكتورسامي الجندي في
كتابه كسرة خبز(وهومن قادة
البعثيين المنشقين عن الحزب)(إن
إعلان سقوط القنيطرة قبل أن
يحصل أمريحار فيه كل تعليل مبني
على حسن النية). ( إن تداعي
الأفكار البسيطة يربط بين عدم
وقف إطلاق النار والحدود سليمة
، والإلحاح بل الاستغاثة لوقفه
بعد أن توغل الجيش الإسرائيلي
في الجولان ، ويخلص إلى
الاستنتاج بوجود خطة !!؟). ويتابع سامي الجندي
وكان سفيراً لسوريا في
باريس(فوجئت لما رأيت على شاشة
التلفزيون مندوب سوريا في الأمم
المتحدة يعلن سقوط القنيطرة ،
ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف
دمشق ، والمندوب الإسرائيلي
يؤكدأن شيئاً من ذلك لم يحصل ،
وقال لي الدكتور مـاخوس فيمابعد
أنهاكانت خطة ماهرة لإرعاب
العالم من أجل إنقاذ دمشق([8]). ويقول ضابط احتياط
في الجيش السوري كنت أتناول
الفطور مع بعض الجنود صباح
السبت الساعة (30 ر 9 ) عندما سمعت
من إذاعة دمشق بلاغ سقوط
القنيطرة ، فتركنا
طعامناوخرجناإلى الشوارع
نستطلع الخبر، فلم نجد أثراً
للعدو، والقنيطرة مدينة صغيرة،
ولما ذهبت إلى وحدتي العسكرية
وجدت كبار ضباطها قد فروا
فورسماع البيان
.
وروى وزيرالصحة
الســوري عبد الرحمن الأكتع
لأحد أصدقائه قال كنت في جولة
تفقدية في الجبهة عند إعلان
سقوط القنيطـرة ، وظننت أن خطأً
قد حدث فاتصلت بوزيرالدفاع حافظ
الأسد وأخبرته أن القنيطـرة لم
تسـقط ، بل ولم يقترب
العدومنها، ودهشت حقاً عندما
راح وزير الدفاع يشتمني شتائم
مقذعة ، ويهددني إن عدت لمثلها،
وتدخلت في أمورلاتعنيني ،
فاعتذرت منه ، وعلمت أنها
مؤامرة مدبـرة([9]) . ومن المفارقات أن
قيادة الجيش سحبت طعام الطوارئ
من الوحدات العسكرية في الجبهة
قبل الحرب بأسبوعين، لاستبداله
بطعام جديد، ولم يأت الجديدوبقي
الجنود بلاطعام طوارئ خلال
الحرب . والمفارقة الثانية
أن أسرالضباط الكبار ( ....) تم
ترحيلهامن القنيطرة، مع أثاث
بيوتهاقبل الحرب، بالشاحنات
العسكرية ، على الرغم من أوامر
عبد الحليم خدام محافظ القنيطرة
يومذاك ؛ بأنه سيقتل كل من
يغادرالقنيطرة . ثم تركت السلطة
عتادالجيش ووثائقه، وأموال
البلدية ، وأموال البنك الحكومي
الوحيد، ورحلت عائلات هؤلاء
الضباط وحدهم ؟. البعثيـون
ينهـزمون أمام اليهـود بدأ قادة الجبهة
يهربون منذيوم الخميس(8 /6 / 1967م )
وكان قائد الجيش(فيمابعد)
اللواء أحمد سويداني في طليعة
الفارين،حيث خلع رتبته،ولبس
ثياب راعي غنم ولجأ إلى
قريته(نوى) التي تبعد بضعة أميال
عن القنيطرة . وتبعه قائد الجبهة
العقيد أحمدالمير الذي فرعلى
ظهرحمار، ولحق بهما المقدم رئيف
علواني والعقيد عزت جديد
والنقيب رفعت الأسدوسائرالرفاق
من مختلف قطاعات الجبهة ([10]). كماغادرت الحكومة
وكبارالضباط دمشق إلى حمص ،
وأخذوامعهم أموال البنك
المركزي، لأنه كمايبدومن تصريح
ماخـوس ، أنهم توقعوا سقوط
دمشق،وتخلواعنها، يقول
ماخوس(وإننا من جهتنا كناعاملين
حسابناعلى أن دمشق ستسقط
بيدالعدو...)، ولكن إسرائيل جبنت
عن المضي إلى دمشق واكتفت
بالجولان والقنيطرة . نتائـج نكســة
حـزيــران من المؤلم جداً أن
وسائل الإعلام البعثية السورية
استمرت بعد الحرب تؤكد وتقول :
لقد انتصرناعلى الصهيونية
والرجعية والاستعمار ، لأن
العدو يريد إسقاط النظام
التقدمي في دمشق، يريد القضاء
على الثورة العربية الرائدة في
قطرناالتقدمي ، ولم ولن يتحقق
له ذلك، لذلك فقد
انتصرناوفوتناعلى العدوماأراد
. وقال وزيرخارجية سورياالدكتور
إبراهيم ماخوس (ليس مهماًأن
تسقط دمشق ، أو حتى حمص وحلب ،
فهذه جميعاً أراض يمكن تعويضها،
وأبنية يمكن إعادتها، أماإذا
قضي على حزب البعث ، فكيف يعوض
وهو أمل الأمة العربية!!
لاتنسواأن الهدف الأول من
الهجوم الإسرائيلي هو إسقاط
الحكم التقدمي في سوريا، وكل من
يطالب بتبديل حزب البعث هو عميل
لإسرائيل .ونظر الشعب العربي في
سورياوغيرها إلىهذاالطرح ،
وكأن البعثيين يكشفون سوءاتهم
أمام الناس جهاراًعمداً ، لذلك
سقطوا من أعين العرب ، وسقطت
القيم التقدمية في قلوب الناس ،
وعاد كثير من العرب إلى إسلامهم
يبحثون فيه عن عزتهم وكرامتهم
المهدورة والتي مرغهااليهود
وعملاؤهم . وانتشر التدين بين
الشباب لأنه ضد التقدمية التي
انهزمت أمام العدوولم
تصمدساعات معدودة . وانمسخ
مفهوم القومية العربية وسقط
عبدالناصر من قلوب كثير من
محبيه . وهكذاكانت حرب ( 1967م)
تحولاًهاماً في الفكرالعربي
والثقافة العربية والناشئة
العربية . ويتفق مؤرخو الصحوة
الإسلامية على أنهاتلقت دفعة
قوية جد اًإلى الأمام بعد هزيمة
الأنظمة التقدمية القومية في
الخامس من حزيران ، وصارالشباب
يعيدون النظر في كل مقولات
التقدميين ، وخاصة حول مايسمونه
الرجعية ، وزاد إقبال القارئ
العربي للكتاب الإسلامي ، يبحث عن
عزته التي أهدرتها الأنظمة
العربية التقدمية . وبعد(1967م) وافق عبد
الناصر على مشروع روجز القاضي
بالمفاوضات بين العرب وإسرائيل
وإقامة حكم ذاتي فلسطيني ،
فانبرت أبواق البعثيين ضده ،
وتكرر وعودهاالكاذبة في تحرير
الأرض العربية المغتصبة . ولكن
جرأة عبد الناصر في الموافقة
على مشروع روجز فتحت باب قبول
التفكير مجرد التفكير فقط
بمبدأالتفاوض مع العدو،
وهذا يتضمن الاعتراف به كدولة
مستقلة ذات سيادة . وهذا أكبر نصـر
حققـه الصهاينة على العرب في
حرب الأيام الستة عام (1967م) . *كاتب سوري في
المنفى ([1]) وهكذا من بدهيات البعثيين أن
محاربة ااـرجعية أهم من
محاربة إسرائيل ، وكنا نظن
ذلك على سبيل الكناية ، حتى
تأكد لنا أنه على سبيل
الحقيقة ، فقد حاربوا
المسلمين وقتلوا العلماء
ودمروا المساجد ، ولم يعكروا
أمن إسرائيل بعد . ([2]) انظر
كتاب باروخ ماندل ( تحطمت
الطائرات عند الفجر ) ، لتجد
مايدمي القلب . حيث تجد أن
رجلاً يهودياً واحداً معه مال
كثير ، لذلك تساعده الراقصات
والفنانات ، وكبار الضباط ...
استطاع أن يهزم العرب كلهم في
ذلك اليوم ولاحول ولاقوة إلا
بالله ، وماتمكن من ذلك لولا
أنهم تقدميون ( متحررين من
الدين والأخلاق ) ، وهذه من
الثمرات المرة للجيش
العقائدي ، وفعل كوهين في
سوريا كما فعل ماندل في مصر . ([3]) ــ وكان الطلاب والطالبات في
نادي الجامعة يضربون
الوعودلإقامة حفلة سكر على
شاطئ حيفا مساء الخميس القادم
( ليلة الجمعة )، ظناً منهم أن
العرب سينتصرون في يومين أو
ثلاثة ويحررون فلسطين .. ([4]
) انظر كتاب سقوط الجولان
لمصطفى خليل . ([5]) محمد
عبد الغني النواوي ، مؤامرة
الدويلات الطائفية ، ص 400 ([6]) مصفى خليل ، سقوط الجولان ، ص
144 [7]ـ
وعدد الجنود الذين قتلوا حول
منزل رئيس مجلس الرئاسة
محمد أمين الحافظ في يوم
(22/2/1966) حوالي (200) جندي ، واصيب
الرئيس نفسـه ، وابنتـه بجرح . ([8]) ــ سامي
الجندي ، كسرة خبز ، ص
17وسامي الجندي من كبار
البعثيين القادة الذين
انشقوا عن صلاح جديد وحافظ
الأسد فأبعدوه إلى باريس
سفيراً لسوريا . ([9]) ــ عبد الغني النواوي ، ص 42 . ([10]) ــ عبد الغني النواوي ، ص 421. المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |