إعلان
دمشق:
فُراتٌ
سياسيّ هادِر.. وليس عَذباً
بالضرورة !
عبد
الله القحطاني
أ
ـ ليس مطلوباً مِن (إعلان دمشق
للتغيير الوطني) أن يكون عَذباً
ـ بالضرورة ـ.. فلا بدّ أن يكون
فيه شيء من الكدَر، وربّما شيء
من المُلوحة، في حلوق كثيرة..!
ب
ـ المطلوب من الإعلان ، أن يكون
فُراتاً متدفّقاً هادراً،
يَجرف ما أمامَه من فَسادٍ
وعفونة وظلم..
هدا
هو الهدف منه ، ولهذا أنشِئ فيما
نعلم..
ولا
بأسَ في أن نتذكّر هنا، ماقاله
النابغة الذبياني، عن نهر
الفرات، وهو في حال فيضانِه في
فصل الربيع:
فما
الفراتُ إذا جاشَتْ غَوارِبُه=تَرميْ
أَواذيّه العِبْرَيْنِ
بالزَبَدِ
يُـمِدّه
كلّ وادٍ مُتْـرَعٍ لَجِبٍ=فيه
رُكامٌ مِن اليَنْبوتِ
والخَضَدِ
يَظلّ مِن خَوفِه المَلاّح
معتَصِماً=بالخَيزرانَةِ بَعدَ
الأيْنِ والنَجَدِ
يَوماً
بأجْوَدَ مِنه سَـيْبَ نافِلةٍ=ولا
يَحول عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ
والموازنةُ
هنا، هي بينَ الفراتِ، وملِك
الحِيرةِ النُعمانِ بنِ
المنذِر. والذي يُهمّنا منها،
هو الفرات الهادر، الذي يشبِهه
إعلانُ دسشق في سياقنا هذا، أو
الذي حَرصنا على أن نشبّهه به،
لأهداف لانحسبها تَخفى عن لبّ
سياسيّ سوريّ بصير..!
ج
ـ وإذا كان مطلوباً من (الفرات
السياسيّ) أن يكون - بحسَبِ
هدفِه - متدفّقا هادراً، يَملأ
مابين أعلى ضفّتيه، بين شرقِ
سورية وغربِها..
فإنّ المطلوبَ مِن
رَوافدِه - وهي مكوّنات الشعبِ
السوريّ بأسره- أن تَصبّ فيه،
وأن
تَصبّ
بوَعيٍ ، لأنّها روافد بشَريّة
واعية هادفة..! فقد يكون سَهلاً
أن تلتقيَ روافد صغيرة هنا
وهناك ، لتشكّلَ نهراً صغيراً،
أو ساقيةً ،أو جدولاً.. يَسير في
الاتجاه الموازي، إلاّ أنّ هذا
ضعيف الجَدوى ، هنا. أمّا إذا
كان الجَريانُ في الاتّجاه
المعاكس، فإنّا لانَملك سوى
النصيحة، بألاّ تَسير هذه
الروافد بعكسِ اتّجاه التاريخ..!
د
ـ ولا بدّ مِن نصحِ الروافدِ
الأساسيّة ، المكوّنة لإعلان
دمشق ـ الفراتِ السياسيّ الهادر
الجديد
ـ بأن تظلّ محافظةً على الهدف،
وأن تَصبّ في الاتجاه الذي
يحقّقه.. وألاّ يَنقسم أحدها على
نفسه ليَصدِم أحد فروعه الآخر..
وألاّ
يلتفت جدول إلى آخر ليصدمَه ، أو
ليصبّ وإيّاه ، خارجَ مَجرى
الفرات الكبير ..!
وذلك
لأنّها – كما أسلفنا – جداول
بشريّة، سياسيّة، واعية، هادفة..حسبما
تقتضي طبائع الأشياء..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|