ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 06/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


سوريا على أبواب التحول الديمقراطي :

ضرورة التضامن مع مبادرة شيخ المعارضة رياض الترك

لؤي عبد الباقي / ملبورن، أستراليا

إن مبادرة "إعلان دمشق" وما لاقته من قبول وتأييد واسعين ضمن الأوساط السياسية المعارضة تبشر بتحولات كبيرة في سياق مستوى أداء وتوافق المعارضة السياسية في سوريا. ولكن الذي لا شك فيه أن المبادرة، على الرغم من أهميتها، غير كافية بحد ذاتها لحشد جميع الطاقات المطلوبة لإنجاز عملية التغيير المنشودة. فإعلان دمشق خطوة أساسية لتجميع القوى وتأمين الحد الأدنى من التوافق الوطني الذي لا بد أن تتبعه المزيد من المبادرات العملية (كمبادرة المناضل رياض الترك الأخيرة) التي تتخذ المواقف الحاسمة وتضع أهداف محددة وواضحة تسمح باستثمار هذا التوافق الوطني الواسع وبتوظيف جميع الطاقات التي تم حشدها، ما يعزز قدرة المعارضة على تحطيم الأبواب الموصدة في وجه الحراك السياسي والمعرقلة لعجلة التحول الديمقراطي.

فهل من الممكن لـمبادرة "إعلان دمشق"، ومن بعدها مبادرة المناضل المعارض رياض الترك، أن تضع سوريا على هذا الطريق وتفتح أمامها أبواب التحول الديمقراطي؟

للإجابة على هذا السؤال يمكننا الاستعانة ببعض الأمثلة المعاصرة من التحولات الديمقراطية التي شهدها العالم، لمحاولة ملاحظة الجامع المشترك فيما بينها، والظروف التي لعبت دورا حاسما في دفع عجلة التغيير فيها، حيث أن قراءة سريعة لبعض التجارب التي شهدت سقوط الدكتاتوريات وتفكك أنظمتها الشمولية تبين لنا أن سوريا تقف اليوم عند محطة تاريخية هامة تبشر بنهاية عهد ودخول عهد جديد، بالرغم من صعوبة التكهن بماهية وشكل هذا العهد، أو بحجم الضريبة التي سيتحتم على المجتمع السوري دفعها. بالرغم من أن الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للدول التي نجحت في إنجاز التحول الديمقراطي شديد التنوع والاختلاف، إلا أن هناك جامع مشترك لعب دورا حاسما في تحولها من الشمولية إلى الديمقراطية. فبالنسبة لطبيعة أنظمتها السياسية نجد منها ما كان خاضعا لأنظمة فاشية عسكرية، أو شمولية من المعسكر الاشتراكي، أو ملكية غير دستورية، أو أوليغاركية تتحكم فيها نخبة صغيرة في جميع مقاليد السلطة. ومن الناحية التنموية والاجتماعية نجد فيها دولاً متقدمة إلى حد ما بحيث يرتفع مستوى دخل الفرد مع وجود شريحة واسعة من الطبقة الوسطى ونسبة قليلة من الأمية، كما نجد من بينها في المقابل دولاً متعثرة من ناحية النمو الاقتصادي حيث تكاد ترتفع فيها نسبة الأمية والفقر إلى أرقام قياسية. أما من الناحية الثقافية فهي أيضا من التنوع بحيث تشمل دولا ذات أغلبية مسيحية وغيرها ذات أغلبية بوذية أو إسلامية.

أما لو نظرنا إلى الظرف الجامع المشترك الذي هيأ لهذه الدول فرصة التحول الديمقراطي نجد أنه يتلخص في: وجود الأزمة وتوافق أطياف المعارضة السياسية. وهذه الأزمة هي دائما سياسية وإن كانت تأخذ أشكالا مختلفة في بعض الأحيان كالأزمة الاقتصادية التي لا يمكن فصلها عن الجانب السياسي.

ولو أخذنا مثالا يتشابه مع الواقع العربي والسوري من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، لوجدنا النموذج الأندونيسي هو الأقرب. فأندونيسيا خضعت لحكم شمولي لمدة اثنين وثلاثين عاماً انتهت بسقوط سوهارتو في عام 1998 بعد الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت جنوب شرق آسيا في عام 1997، وكان لأندونيسيا الحظ الأوفر من هذه الأزمة، حيث تركت ما يقارب الأربعين بالمائة من العاطلين عن العمل، كما انخفض النمو الاقتصادي بنسبة 13 بالمائة.

لم تكن أندونيسيا لحظة دخولها في عملية التحول الديمقراطي دولة غنية، كما أنها لم تكن تتمتع بشريحة واسعة من الطبقة الوسطى، هذا بالإضافة إلى أنها ذات غالبية مسلمة مما يجعلها، حسب نظريات الشروط المسبقة غير مرشحة للتحول الديمقراطي، وبالتالي فقد شكلت تجربتها الديمقراطية ضربة قوية أجهزت على مصداقية النظريات البنيوية التي تجعل من مستوى التحديث والتنمية أو من البنية الاجتماعية (حيث اشتهرت مقولة لا ديمقراطية بدون برجوازية)، أو البنية الثقافية التي تسود فيها الثقافة الفردية الغربية، شروطا مسبقة لإمكانية التحول الديمقراطي. ما نريد إثباته هنا هو أن التفسير الذي كان يحيل سبب العجز أو النقص في الديمقراطية في الدول العربية إلى تدني مستوى التنمية، أو إلى الثقافة الإسلامية السائدة، قد فقد مصداقيته وقوته التفسيرية.

بقي هناك شرط واحد؛ وهو الأهم لأنه تحقق في جميع التحول الديمقراطية، ولأنه بدأ يظهر ويتبلور في الواقع السياسي السوري، وهو الوحدة الوطنية وتوافق النخب السياسية المعارضة على القبول بالحل الديمقراطي السلمي كمخرج وحيد من الأزمة السياسية. هذا هو الشرط الأساس والباب الوحيد الذي لا يمكن الخروج من المأزق الراهن إلا من خلاله. وهنا تكمن أهمية "إعلان دمشق" الذي فسح المجال واسعاً أما مختلف التيارات والشخصيات الوطنية المعارضة لتحقق تلاحمها وتنجز هذا الشرط الأساسي للسير قدما على طريق الحرية، ومن ثم لتحمل نعش الاستبداد يدا بيد يآجر الجميع في مراسم دفنه كي يودع وطننا حقبة سوداء من تاريخه ذاق خلالها مرارة الظلم وضراوة الطغيان وذل الهوان.

ولكي نستفيد من تجارب الشعوب التي سبقتنا على هذا الدرب، أشير إلى أن نظام سوهارتو الشمولي في أندونيسيا لم يسقط إلا بعد أن تحالفت القوى الأساسية من التيارات الإسلامية والعلمانية، حيث تشكل تحالف بين كل من عبد الرحمن واحد، رئيس حركة نهضة العلماء كبرى الحركات الإسلامية في أندونيسيا (وربما العالم حيث يقترب عدد أنصارها من 35 مليون) وأمين رئيس، الزعيم السابق لحركة محمدية (حوالي ثلاثين مليون من الأتباع) و ماغاواتي سوكارنو بوتري، زعيمة أكبر تيار قومي في أندونيسيا. وقد كان من أهم مطالب هذا التحالف هو الاستقالة الفورية للرئيس سوهارتو والمضي قدما بالإصلاح السياسي الديمقراطي.

واليوم فإن المعارضة السياسية بجميع أطيافها، وبالأخص تلك التي أيدت "إعلان دمشق"، مدعوة إلى وضع اختلافاتها الأيديولوجية جانباً، وإلى التضامن الفوري مع مبادرة المعارض رياض الترك، الذي قدم اقتراحات واضحة وإجراءات محددة تضيف إلى "إعلان دمشق" خطوة عملية نحو تركيز العمل السياسي ليخرج من دائرة الأفكار العامة والمطالب غير المباشرة ليدخل إلى دائرة المطالب الواضحة والمحددة والمباشرة، وهذه خطوة لا بد من أن تفتح المجال واسعا نحو التقدم بالحراك السياسي إلى النطاق العملي في مراحل لاحقة.

لا بد أن نكرر الدعوة إلى جميع الأطياف والشخصيات السياسية والوطنية إلى التضامن السريع مع هذه المبادرة بغض النظر عن اتفاقهم حول إمكانية تحقيق جميع بنودها بالتفصيل المذكور، فعندما يبدأ العمل وتتبلور ظروفه المحيطة، لا يمكن للمبادرة أن تبقى جامدة على دقائق تفاصيلها، لذلك لا بد أن يطرأ عليها تعديلات ما حسب تطور الأحداث، وسير الرياح العاصفة.

وتتلخص اقتراحات مبادرة رياض الترك كالتالي:

1- تقديم استقالة الرئيس ومجلس وزرائه.

2- يتولى رئيس مجلس الشعب منصب الرئاسة مؤقتاً وفق الدستور.

3- يتولى الجيش مسؤولية الأمن في البلاد، وتجمّد الأجهزة القمعية.

4- تسليم المشبوهين والمتهمين إلى لجنة التحقيق الدولية.

5- يقوم الرئيس المؤقت بإجراء المشاورات مع قادة الجيش وحزب البعث ومعارضة إعلان دمشق، ومع من يراه من الشخصيات الوطنية والديمقراطية الحريصة على سلامة البلد وتقدمه، مستثنياً من ذلك الملوثين بالدم والمال الحرام، من أجل تشكيل وزارة مؤقتة.

6- تقوم هذه الوزارة بتسيير الأعمال وإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، من شأنه أن ينقلها من حال الاستبداد والتسلط إلى حال الحرية والديمقراطية، ويقوم هذا الدستور على مبادئ النظام الديمقراطي.

بقي أن نوجه كلمتين هامتين، الأولى إلى الجيش السوري الذي أصابه ما أصاب هذا الشعب من ظلم وضيم، آملين أن يبادر بممارسة دوره الوطني، فيشارك في عملية التحول الديمقراطي في هذه المرحلة الحرجة التي يتعرض فيها الوطن إلى محاولة أنانية للزج به في مواجهة المجتمع الدولي حفاظا على مصالح حفنة ضيقة من الطغمة الأمنية التي جرعت هذا الشعب ويلات القمع والهوان، وهي على وشك أن تلقي بهذا الوطن في أتون مستنقع الاحتلال كما فعل النظام العراقي السابق.

الكلمة الثانية، وهي موجهة إلى القلة من النخب العلمانية والليبرالية المعارضة التي لم تعلن انضمامها بعد إلى "إعلان دمشق"، والتي مازالت تتحفظ على العمل جنبا إلى جنب مع المعارضة الإسلامية، إما انطلاقاً من تعصب أيديولوجي مقيت، أو لأنها تريد أن تضمن لنفسها الإمساك بدفة القيادة قبل أن تشارك بقية أطياف المعارضة التي بادرت، بالرغم من  بعض التحفظات التي لم تثني البعض عن التضامن، للانضمام إلى إعلان دمشق. فنقول لهؤلاء إنه لا يمكن المضي بالتحول الديمقراطي ما لم يتحقق حد أدنى من التوافق والوحدة الوطنية، ولا يمكن للوحدة الوطنية أن تتحقق مع وجود استثناءات لهذا التيار أو ذاك، أو مع اشتراطات وضمانات مسبقة، فأبسط قواعد الديمقراطية تقوم على قبول الآخر والرضا بقواعد المشاركة وما تفرزه من قيادات تمثل شرائح المجتمع.

أخيراً لا بد أن نلفت النظر، مع علمنا بأن الغالبية على وعي كاف بهذا الأمر، إلى التنبه والحذر من المحاولات الخبيثة التي بادرت بها أجهزة الأمن القمعية من خلال بعض عملائها من أصحاب الأقلام المأجورة لتبث الفتنة والفرقة في صفوف المعارضة، وخاصة المحاولات المستمرة في التفريق بين التيار الإسلامي والأطياف الوطنية المعارضة الأخرى، أو بين معارضة ما يسمى بالداخل والخارج. إن هذا إن دل على شيء فإنه يبرهن عن حالة الارتباك التي أصبح عليها هذا النظام المتداعي إلى السقوط، والمتوقع أن تزداد هذه المحاولات اليائسة كلما سارت المعارضة خطوة إلى الأمام. ولكن هيهات أن تعود عجلة الزمن إلى الوراء كما يحلم الحالمون واليائسون، فالمجتمع السوري اليوم ينظر إلى فجر جديد يسود فيه السلم والوئام، وتقبر فيه أحقاد اللئام.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ