دمشق
غائبة
بين
السلطة وبين الخوف
غسان
المفلح
دمشق خائفة
على روحها .. آخر ما تبقى من طين
بيوتها ومن شجر بلا ثمر ولا
رائحة ..وياسمين تزرعه في
أرجائها أياد ملطخة بدم النارنج
والكباد .. وخاناتها فارغة من
الزوار وعابري السبيل ..دمشق قفر
..ونهر لم يعد سوى نفايات .. وعسكر
يحرسون الخراب .. دمشق أبوابها
لم تعد مشرعة للغرباء .. وآثارها
مرثية للغبار .. دمشق لم يبق من
معالمها سوى ..قصر الشعب ..
ودوريات المخابرات تسير في نفوس
الناس كي توفر في صرف الطاقة
والبينزين , لم تعد بحاجة كي
تسير في الشوارع .. وقاسيون
أبنية مخالفة للفقراء ومقاه
للأغنياء الجدد .. وميليس
ينتظرنا خلف الأبواب : يستدعي من
يشاء إلى محكمته وتحقيقاته
ويستثني من يشاء .. بات ميليس ولي
أمر السوريين .. والناس باتوا
يعرفون ما معنى ميليس وما أدراك
ما ميليس .
ولكن ماذا
يفعلون..؟ وماذا يقولون ..؟ وطنهم
في محنة ومستقبلهم على كف عفريت
..؟ وكل ذلك لاينبسوا ببنت شفة ..ويصبون
جام غضبهم على أمريكا ..وهم
يدركون أن المصيبة السورية ليس
سببها أمريكا ..وربما من يرى
منهم في قرارة نفسه : ان أمريكا
من تحمي هذه السلطة ..!! وينتظرون
من سيكتب لهم مصيرهم ومستقبلهم
.. فهم لم يعودوا أصلا يريدون
التفكير بهذا المستقبل لهذا
يتركونه على الله ..عله يرأف
بحالتهم .. إنه الخوف من كل شيء
من الجيران من أمريكا من
إسرائيل من اللبنانيين , من
ميليس , من سلطتهم ومخابراتهم ,
الخوف على مصير أبنائهم
ومستقبلهم الذي لايرشح عنه شيئا
في الأفق ..الخوف من اللاخوف ..,
لأنهم لم يعودوا قادرين على
العيش بلا خوف .. هل هنالك مواطن
سوري ـ بين قوسين ـ يعرف ماذا
يجري حوله ..؟ مستغربين قدوم
ميليس إلى شامهم .. والشام لم تعد
شاما باتت مرتعا لكل ما يخيفهم ..
ويتساءلون ..ماذا
فعل ميليس عندما أتى إلى شامهم ..؟
وأهم ما يخفف من أسئلتهم أن
المساجد كثيرة في الشام ..
ومفتوحة للجميع .. رغم أن السلطة
هي من تعين أئمة وخطباء المساجد
.. ولكنها تبقى بيوت الله عز وجل
.. يدخلها جند الشام أم طرطوس أم
حلب أم عفرين ..لا فرق ..المهم جند
.. وسيريا تيل ـ شركة الخليوي أو
ال 93 ـ كما تسمى أو رامي مخلوف ..
ترسل لهم ما يحبونه من الرسائل
بلا رقابة : فلا رقابة في دمشق
على الفكر سوى رقابة الضمير ..
وأهل الشام لم يتعودوا العيش
بلا ضمير منذ عام 1970 .. وليأكدوا
أنهم مع الحدث يخرج قسما من
أبنائهم للاعتصام أمام السفارة
الأمريكية .علهم يحصلون على
تأشيرة دخول إلى أمريكا.
والدراويش أبناء العسكر لديهم
جنسيات امريكية .. لكنهم يقاطعون
الجنسية الأمريكية كما يقاطعون
البضائع الأمريكية منذ أيام
خالد بكداش .. معتصمون بحبل
السلطة كي لا يتفرقوا ..
دمشق خائفة ..لاهية
عن حزنها بمطاعمها الجميلة
والكثيرة والناس مطمئنون على
مستقبل أحفادهم .ما دامت الغوطة
قادرة على إنتاج الباذنجان
والسبانخ وحوران قادرة على
إنتاج البندورة والقمح ..
وتستفزهم حرية الإعلام في لبنان
.. وهجوم بعض الإعلاميين
اللبنانيين على وطنهم ..سواء من
أجل الموضة أم من أجل الانتقام ـ
ممن .؟ ـ أو من أجل الحقيقة ..
والشامي بالعربي ..شآم ياذا
السيف .. وفيروز غافية على كتف
بردى .. تنبش التاريخ .. ودمعتان
على المقلتين .. ودمشق خائفة
ياسادة ..
أين سيدة دير
صيدنايا ..؟ لم نعد نسمع صوتها
بعد أن أقاموا سجنا في ربوعها
وأسموه : سجن صيدنايا العسكري ..
معلم حضاري وقومي .. لا أحد في
العالم يعرف مقدار الحديد
الموجود في هذا السجن الشامي
الأصيل ..!! والذي يتسع للآلاف من
الخارجين عن رقابة الضمير ..
سيدة صيدنايا الحنونة .. حتى على
صخور تلال صيدنايا .. التي تحمي
دمشق من جهة الشمال .. إنها تبكي
الآن .. تبكي لأن من يريد زيارتها
عليه أن يمر من أمام بوابة السجن
العسكري .. ماذا ستفعل سلطتنا
الآن هل ستقول لنا ..ماذا ستفعل
مع ميليس ..؟ وما دورنا نحن
السوريون في هذا
.. ومادور
أبناءنا وأحفادنا ..؟ هل ستسلمه
من سيطلبه منها ..؟ أم أنها سترفض
..؟ قولوا لنا كي نتضامن معكم على
الأقل أشرحوا لنا ما الذي يجري
معكم وماهي المراسلات القائمة
ولماذا أتى الوزير القطري ثم
ذهب إلى فرنسا .. ما الذي حمله
السيد الوزير مشكورا إلى الدولة
الفرنسية ..؟ وإعلامكم لم ينشف
حبره بعد وهو يهاجم القطريين
لأنهم يريدون التطبيع مع
إسرائيل ,,ماذا حدث هل غير
الأخوة القطريون موقفهم ..؟ رغم
أننا نشكر كل تحرك عربي من أجل
الشعب السوري ونشكر وزير خارجية
قطر ووزير خارجية الكويت أيضا ..
وخوفي ان تكون المبادرة هي فقط
من اجل إنقاذ شخص ما من براثن
ميليس وليس إنقاذ سوريا .. ؟
لم يسأل
المواطن السوري عن تفاصيل
المبادرة القطرية فهو يعرف أن
هذا ليس من اختصاصه ..بل هو من
اختصاص أولي الأمر منا ..ودمشق
ستبقى خائفة مهما حدث لأنها
تعودت على ألا تعيش بلا خوف لحظة
واحدة ...
هذا جزء من
هذيانات سوري برسم المواطنة ..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|