اللعبة
الشيطانيّة.. بين أمريكا
والنظام السوري:
قوّة
مجرمة ذكيّة تَضغط .. وإجرام
أحمَق يراوغ ، ثم يخنَع !
حسن
بشير
كانت
لعبةً ذكيّة ، من الإدارة
الأمريكيّة ، في دورة مجلس
الأمن، يومَ وافقتْ على التنازل
،عن بَند فرضِ العقوبات على
سورية، مقابلَ إجماع أعضاءِ
المجلس، على بندِ إجبارسورية،
على التعاون التامّ ، مع لجنة
تحقيق ميليس ، وفرضِ عقوبات
غيرِ محدّدة عليها، في حال عدَم
استجابتها لقرار المجلس. وقد
لعبت أمريكا هذه اللعبة بإتقان
ودِراية ( حتّى إنّ فاروق الشرع
وزير خارجيّة سورية ، بدا
محطّماً ويائساً ، عند إلقاء
كلمته في مجلس الأمن ، مبدياً
استغرابه من موافقة المجلس على
هذا الشرط ).. وذلك أنّ روسيا، أو
الصين، كانت سوف تستعمل حقّ
(الفيتو) عند محاولة فرضِ أيّة
عقوبة على سورية ، وذلك ـ أيضاً
ـ أنّ فرضَ أيّة عقوبة على سورية
في هذا الوقت ، سوف يظهرها أمامَ
العالَم ، بمظهر المظلوم..! لأنّ
تقرير ميليس، حتّى الآن ، قائم
على فرضيّات ، ولم يؤكّد بشكل
جازم ، تورّطَ سورية في عمليّة
اغتيال الحريري . وفرضُ عقوباتٍ
على أسس افتراضيّة ، غير عادل
أمام المجتمع الدوليّ. وأمريكا
كانت تَعلم هذا من البداية ،
ولكنها أعلنت عن تمسّكها ببند
العقوبات أمام وسائل الإعلام ،
وتشدّدت في هذا أمام مجلس الأمن
، كي تستطيع أن تساوم أعضاء
المجلس في التنازل عنه ، مقابل
الإجماع الذي أرادته. وقد نجحتْ
في ذلك ..
وبهذا
وضَعت سوريةَ بين فكّيْ كمّاشة؛
فهي إن استجابت وخضعت، فسوف تجد
نفسهامجبَرة على تنفيذ كلّ
مايطلَب منها ( استجواب مجموعة
من الشخصيّات الكبيرة في الحكم
، عَبر سلسلة لاتنتهي ، تبدأ من
ماهر الأسد وآصف شوكت ، مروراً
بفاروق الشرع المتّهم بتضليل
اللجنة الدولية ، وحتّى أصغر
مسؤول في الدولة..!) وفي هذا
تهديد كبير للمؤسّسة الحاكمة في
سورية. ويكفي أن نَذكر تَعهّده
أمام وسيط ، بينه وبين لجنة
ميليس ، بأنْ تطلَق يد اللجنة في
استجواب أيّ مسؤول في سورية ،
سوى ماهر وآصف..! لكن بَعد هذا،
هل ستكتفي اللجنة بالاستجواب
وحدَه، أم ستواصل تقديم طلبات
التعجيز والإذلال التي لاتنتهي
، ومنها التحقيق في عمليّات
الاغتيال الكثيرة ، والاطلاع
على سائر الملفّات المتعلقة
بلبنان.. و.. و ..!؟
وسوف
يجد النظام السوري نفسَه ، بعدَ
أول تنازل ، يَتنازل ويتنازل..
حتّى يصل إلى الركوع والخنوع
التامّ لأمريكا ، التي تكون قد
حقّقت كلّ ماتهدف إليه ، في حال
استجابة سورية لمطلب التعاون..!
أمّا في حالة عدم استجابة
سورية ، أو ادّعاء ميليس
ولجنتِه ، بأنّ سورية قد قصّرت
في هذه الإستجابة ، فإن
العقوبات جاهزة ، وبإجماعٍ من
كلّ أعضاء مجلس الأمن. والأشدّ
أنّها عقوبات غير محدّدة ، قد
تشمل تسليم الشخصيّات
المطلوبة، إلى محكمة دوليّة ،
وقد تشمل جميع أنواع العقوبات ،
من اقتصاديّة وعسكريّة
وسياسيّة .. و.. وفي هذا ، أيضاً ،
تركيع لسورية ، وإذلال يجبرها
على التسليم لأمريكا ، والخنوع
لها، كما فعلت ليبيا سابقاً .
وفي هذا تكون أمريكا قد حقّقت ما
تريده ، وبإجماع دوليّ من مجلس
الأمن ، الذي وقَع ـ هو نفسُه ـ
في شِراك اللعبة الأمريكيّة ،
ولن تستطيع ، عندها ، لا روسيا
ولا الصين ، استعمال حقّ
(الفيتو) بعد أن تعهّدتا سابقاً
بفرض العقوبات ، في حال إخلال
سورية ، بمبدأ التعاون التامّ
مع ميليس ولجنته..!
وسوف تقع سوريا في أحضان
أمريكا ، كما وقعت غيرها من
الدول سواء ، استجابت لمطالب
مجلس الأمن أم رفضَتها . وسوف
تخضع لطلبات أمريكا كلّها ،
وطلباتُ أمريكا كثيرة ، لن
تنتهي حتّى تَستنزف سوريةَ ،
إلى آخر قطرة من كرامتها
وسيادتها واستقلالها، وطناً
وشعباً ودولةً.. إلاّ أن يشاء
الله أمراً آخر. فهو المهيمن
المطلق ، على مصائر البلاد
والعباد ..و(إنّما أمرُه إذا
أرادَ شيئاً أنْ يقولَ لَه كنْ
فيكون).
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|