ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العالم العربي 

والشرق الأوسط الكبير

محمد بوبوش*

منذ أن طرح الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن مشروع الشرق الأوسط الكبير، كان ولا يزال الشغل الشاغل لدول وشعوب المنطقة العربية والتي يبلغ تعدادها 280 مليون نسمة، بعدما تسرب ما وصف بنص المشروع، وتحوله إلى بند رئيسي في مناقشات المنتديات والمؤسسات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا ودول أخرى في العالم، إلى أن صدر في صورته النهائية عن قمة الدول الثماني التي انعقدت في سي آيلاند بولاية جورجيا الأمريكية  خلال الفترة من 8- 10 يونيو 2004 متضمنا إعلانا أساسيا وخطة عمل هدفها إصلاح الدول العربية في الشرق الأوسط والمغرب العربي بالديموقراطية وقيم العصر.

      أولا: الجذور التاريخية للشرق الأوسط الكبير:

ارتبط مفهوم الشرق الأوسط بالإستراتيجية الغربية التي تنظر إلى طبيعة الشرق الأوسط كساحة دائمة للمواجهة الإستراتيجية بين القوى المتنافسة منذ مطلع القرن 20    فقد استخدم هذا التعبير أول مرة عام 1902 بواسطة ضابط بحري أمريكي هو الكابتن "ألفريد ماهان" صاحب نظرية القوة البحرية في التاريخ، وذلك في مقال له  صدر في أيلول/ سبتمبر من ذلك العام  في لندن بعنوان" الخليج الفارسي والعلاقات الدولية"  ولم يذكر الكاتب البلاد التي يشملها هذا الإسم، وفي العام نفسه كتب "فالانتين شيرول" مراسل الشؤون الخارجية لجريدة التايمز سلسلة مقالات من تشرين الأول/ أكتوبر 1902 حتى نيسان /أبريل 1903 بعنوان" المسألة الشرق الأوسطية"، ثم جمع هذه المقالات في كتاب صدر عام 1903 . وكان موضوع المقالات هو الدفاع عن الهند، وتتالى استخدام التعبير في هذه الفترة فصدر كتاب "هاملتون" بعنوان " مشاكل الشرق الأوسط" في لندن عام 1909 .

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، استخدم تعبير الشرق الأوسط للدلالة على جزء من المنطقة الجغرافية التي يشملها الشرق الأدنى. وفي أول مارس 1921 أنشأ ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني  إدارة الشرق الأوسط، مهمتها الإشراف على شؤون فلسطين والعراق وشرق نهر الأردن، وجاءت الحرب العالمية الثانية لتؤكد هذا المفهوم فأنشىء مركز تموين الشرق الأوسط وقيادة الشرق الأوسط .

وفي الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية شاع استخدام هذا التعبير، وتحت هذا الإسم يدرس العديد من المواد في الجامعات، مع ذلك فلا تزال هناك اختلافات عديدة حول حديد المنطقة التي يشار إليها بهذا المصطلح.

 فالبعض يرى أنه يشمل المنطقة التي تمتد من غرب مصر إلى شرق إيران، والتي يسميها أحد الباحثين بغرب آسيا ويحددها "معهد الشرق الأوسط بواشنطن" بشكل  يجعلها تتطابق تماما مع خريطة العالم الإسلامي، أي من المغرب إلى أندونيسيا، ومن السودان إلى أوزبكستان.بينما يعرفها "المعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية" بأنه تشمل" إيران وتركيا وشبه الجزيرة العربية ومنطقة الهلال الخصيب ومصر والسودان وقبرص".أما "الجمعية الإسرائيلية للدراسات الشرقية" في مجلدها السنوي الذيس يصدر تحت اسم "سجل الشرق الأوسط بواسطة معهد" شيلواح" للأبحاث، بأنها تضم المنطقة الممتدة من تركيا شمالا إلى اثيوبيا والصومال والسودان جنوبا، ومن إيران شرقا إلى قبرص وليبيا غربا .

وعند نشوء الكيان الصهيوني في فلسطين بدعم ابريطاني، صارت" شرق الأوسطية" إلى جانب مركزيتها الأوربية شديدية الإرتباط بعلاقة العرب بإسرائيل، ذلك أن إدراك القوتين الاستعماريتين الفرنسية والبريطانية في النصف الثاني من القرن 19 لخطورة ما عرف بـ"المسألة اليهودية" أي موضوع رفض تجمعات يهودية عديدة في أوربا الاندماج في الحداثة والعلمانية الغربية، جعلهما يفكران جديا في إقامة وطن للشعب اليهودي أو "للأمة اليهودية" حسب تعبير نابليون بونابارت في أواخر القرن 18 ، تحققان به أي- فرنسا وبريطانيا هدفين متقاطعين هما تجزئة المنطقة العربية من جهو، وحل "المشكلة اليهودية" من جهة أخرى.

ومن ثم وكما يقول المفكر المصري محمد سيد أحمد: إن (الشرق أوسطية)  في أبعادها التاريخية لا تقتصر على علاقة ثنائية بين العالم العربي/ الإسلامي من جانب، والعالم الغربي/ المسيحي / اليهودي (بصفته كلا لا يتجزأ) من الجانب الآخر، وإنما هي علاقة ثلاثية تشمل ثلاثة أضلاع في آن واحد: العالم العربي/ الإسلامي من جانب والعالم الغربين والعالم اليهودي الصهيوني، ونخطىء كثيرا لو ضممنا العالم اليهودي/ الصهيوني إلى العالم الغربي على وجه الاطلاق دون إدراك أن هناك أوجه تمايز وتباين في الرؤية والهدف والإستراتيجية بينهما،كثيرا ما يغفلها العرب وهم مخطؤون ويسيؤون إلى أنفسهم، ومما يجدر تسجيله أن لاسرائيل رؤيتها الخاصة في هذا الصدد .

إن الشرق الأوسطية تنسب إلى مركز خارج الشرق الأوسط هو أوربا تاريخيا وإلى الغرب وفيه الآن الولايات المتحدة الأمريكية، قطبه الأكبر، وهي لم تعبر أبدا عن نطاق جغرافي تاريخي محدد على وجه الدقة، بل تعرضت للانكماش والتوسع مع تغير المشاريع الغربية والأمريكية تجاه الوطن العربي والعالم الاسلامي.

ففي إطار سعي بريطانيا وفرنسا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية لحصار المشروع القومي العربي الناصري في عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين، ثم توسيع المفهوم لشمل دولا اسلامية غير عربية مثل إيران في عهد الشاه وتركيا بحيث يصبح الشرق الأوسط نطاقا استراتيجيا وأمنيا يقوم على سلسلة من الأحلاف، مثل حلف بغداد عام 1952 ، ثم مشروع النقطة الرابعة للرئيس الأمريكي الأسبق "ايزنهاور" لملء الفراغ الاستراتيجي بقيادة الولايات المتحد الأمريكية، ثم الحلف الاسلامي عام 1965 .

وهذه السلسلة أدخلت دولا عربية تحكمها أنظمة محاظة موالية للولايات المتحدة الأمريكية مثل الأردن والسعودية والعراق( في عهد نوري السعيد) ، وتخرج من نفس النطاق شرق الأوسطي دولا عربية رغم أنها تقع في قلب هذا النطاق مثل مصر وسورسيا منذ عام 1958 واليمن منذ عام 1962 .

معنى ذلك أن " الشرق الأوسط هو تعبير عن منطقة "ذات جغرافية متغيرة"  ويدل على ذلك أن المصطلح صار يعبر عن مدلول جغرافي آخر مغاير بعد هزيمة النظام الناصري وتراجع المد القومي العربي عام 1967 على يد إسرائيل والدعم الأمريكي لها، فبعد أن كان يقتصر على مصر وفلسطين والشام، صار بعد عدوان 1967 وانشغال لالحكومات العربية بمهمة إزالة آثار العدوان" في إطار قرار مجلس الأمن رقم 242 ن يشير فقط إلى الحيز الذي تشغله الدول التي دخلت حرب 1967 .

وبعد توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" وضعت الولايات المتحدة الأمريكية تصورا للشرق الأوسط في هذه الحقبة يحصره في الأطراف العربية التي قبلت التسوية السياسية للصراع العربي- الاسرائيلي بقيادة منفردة لواشنطن، ومعها كل من إسرائيل وإيران( في عهد الشاه) وتركيا.

        ثانيا: تطور مفهوم الشرق الأوسط بعد الحرب الباردة:

طرحت نهية الحرب الباردة مع زوال الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج الثانية ضد الغزو العراقي للكويت وانتصار الولايات المتحدة الأمريكية على المعسكر الاشتراكي دون حرب فرصا عديدة للسير قدما في تطبيق مشروعها المتجدد للشرق الأوسط ، فقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية شاملة لمنطقة آسيا  الوسطى والخليج العربي وبقية الدول العربية، تحت مفهوم منطقة مترامية الأطراف من المغرب غربا إلى هضبة التبت شرقا، وتضم تركيا وباكستان وإيران وأفغانستان، حتى أن بعض الاستراتيجيين الامريكيين ضم الهند إلى الشرق الأوسط الكبير الذي يحمل الصفة الحضارية، أي الاقليم الاسلامي الكبير، كما قال رئيس منتدى الفكر العربي الأمير الحسن بن طلال.

ويظهر أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت التعامل مع المنطقة بصفتها الحضارية من خلال رؤية نظرية صدام الحضارات لصمويل هنتغتون التي طرحها عام 1993  .

وحاولت واشنطن فرض تصورها شرق الأوسطي بقضايا متداخلة بين بعدها الداخلي وبعدها القليمي، مثل التسلح واللاجئين والمياه والتعاون الاقتصادين ومع السعي لتأسيس نماذج للتعاون الاقتصادي والأمني على أسس جيواستراتيجية، وجيو اقتصادية بهدف تقويض النظام الاقليمي العربي وعلى حساب قضايا ومصادر الصراع الجوهرية، وهي الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وعلى حساب الروابط العربية الاسلامية الثقافية/ الحضارية والتاريخية واللغوية.

وكان "شيمون بيريز" قد طرح مشروع الشرق أوسطية في " مجلة الأزمنة الحديثة" الفرنسية عام 1967 تحت عنوان "يوم قريب ويوم بعيد" ثم أعاد بلورة أفكاره في كتابه" الشرق الأوسط الجديد" عام 1993 ن يدعو فيه إلى اختراق العالم العربي من خلال النشاط الاقتصادي للمنطقة العربية، ويقوم على أربعة أسس جوهرية:

    * الاستقرار السياسي في مواجهة " الأصولية التي شق طريقها بسرعة وعمق في كل بلد عربي.

* التعاون الاقتصادي للتنمية والتطوير المشترك من خلال إنشاء منظمة تعاون إقليمية حرك على نحو عابر للقومية... وتكون هي الرد الوحيد للأصولية.

* غشاعة الديموقراطية إقليميا... لأن الأمم الديموقراطية لا تدخل في حرب ضد بعضها البعض.

• الهدف النهائي هو خلق أسرة إقليمية بين الأمم ذات سوق مشتركة وهيئات مركزية مختارة على غرار الجماعة الأوربية .

• وفي نفس الاطار لاقت المصال الامريكية والاسرائيلية في إعادة صياغة خريطة المنطقة عبر طرح صيغة ملائمة لادخال إسرائيل في " منطقة تنزع عنها مواصفات الجغرافيا التاريخية وسمات التاريخ الحضاري والثقافي، وتشدد عبلى الجغرافيا الاقتصادية المعاصرة في نظام السوق العالمية، لتخلق فيها نواة سوق شرق أوسطية توسع بالتدريج انطلاقا من إسرائيل كنواة ودورها كقوة جاذبة ومهيمنة اقتصاديا وتكنولوجيا وأمنيا ومدنيا" .

وفي أكتوبر 1994 احتضنت مدينة الدار البيضاء أول قمة اقتصادية مخصصة لقضايا التنمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي الي نظمها النادي الاقتصادي العالمي "دافوس" الموجود بسويسرا، ومجلس العلاقات الدولية الموجود مقره بنيويورك .

وقد انعقدت القمة برعاية راعيي السلم في الشرق الأوسط، والرئاسة الفعلية للملك الراحل الحسن الثاني، وهي تأتي ضمن مخطط التطبيع الذي دافعت عنه الولايا المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وتوخى في خطابه تجاوز الصعوبات السياسية التي تواجهها عملية التسوية بإجراءات اقتصادية عبر إشراك العرب والاسرائيليين في مشاريع مشتركة للتنمية .

وقد تمكنت غسرائيل من تحقيق نجاح جزئي بدعم تام من الادارة الأمريكية وتركيا في مجال التطبيع الاقتصادي وتوقيع معاهدة سلام مع الأردن عام 1994 ، وتوقيع اتفاقات أوسلو بين أعوام 1993  و1995 .مع الفلسطينيين، وبادرت دول الخليج وتونس والمغرب بفتح مكاتب تمثيل تجاري لإسرائيل لديها، كما أقدمت دول الخليج العربية تجاوبا مع الوعود والتهديدات الأمريكية على إلغاء المقاطعة الاقتصادية من الدرجتين الثانية والثالثة.

وهكذا يمكن ملاحظة أن شرق الأوسطية كمشروع أمريكي إسرائيلي صار يتوسع ليشمل مختلف الدول العربية، حيث تم إفهام هذه الدول أن التطبيع لابد  أن يتضمن حيزا أوسع، وهذا الطرح التوسعي لـ"شرق أوسطية" شدد عليه بوش الأب في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مدريد عندما قال:"أن هدفنا ليس إنهاء حالة الحرب في الشرق الأوسط ، وأن  تحل محلها حالة عدم الحرب، إن هذا لن يستمر، لكننا نريد السلام الحقيقي،إني أتحدث عن الأمن والعلاقات الاقتصادية والتجارية و التبادل الثقافي" .

لكن الشرق الأوسطية هذه تعرضت للوقف مرحليا مع مجيء " بنامين نتنياهو"في ماي 1996  بسبب سياسات حزب الليكود المتغطرسة والمغالية في القمع الوحشي للشعب الفلسطيني.

    ثالثا: مشروع الشرق الأوسط الكبير...الأبعاد والدلالات:

طرحت الولايات المتحدة الأمريكية نطرتها للعالم العربي والإسلامي، بعد أحداث 11 شتنبر 2001، والتي استهدفت رموز قوتها الاقتصادية والعسكرية، وعبرت عن ذلك بمشروع سمته "مشروع الشرق الأوسط الكبير، وجعلت له عنوانا كبيرا هو إصلاح وتلقيح الدول العربية في الشرق الأوسط والمغرب العربيي بالديموقراطية وقيم العصر.فإدارة الرئيس بوش تضع تصورا لسياسة أمريكا يعول على الاعتقاد بأن تغيير الأنظمة الشمولية بحكومات ديموقراطية في الشرق الأوسط يؤدي إلى تلاشي الإرهاب الأصولي وحل الصراعات الاقليمية، وعلى الرغم من تجذر الاعتقاد الأمريبكي بأهمية تعزيز الديموقراطية، فإن الدافع المباشر وراء هذا الاعتقاد الذي طرحته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق "ريغان" إبان ثمانينات القرن العشرين، يكمن في النظرية السائدة بأن "الديموقراطيات لاتقاتل  بعضها بعضا".

صارت هذه النظرية تستخدم لدعم كافة القرارات والتصريحات الصادرة عن إدارة بوش في شأن الشرق الأوسط منذ عام 2003  .

لقد أعلنت إدارة بوش عن تصميمها ضم الشرق الأوسط إلى دائرة الأصدقاء والحلفاء من النظم العربية الموالية التي تعودت على تجاهل الولايات المتحدة الأمريكية لمثل هذه القضايا وتقديم مصلحتها الاقتصادية معها.

غير أن النظم العربية عبرت عن استيائها من التصميم الأمريكي، وذكرت أن الديموقراطية لاتفرض من الخارج مع أن غالبية سياسات وقرارات هذه النظم إنما جاء وطبقت أساسا بناء على ضغوط وإغراءات خارجية امريكية على وجه الخصوص، يمكن تفسير ذلك من خلال قراءة جوهر مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي قدمته إدارة بوش إللى قمة مجموعة الثماني المنعقدة بولاية جورجيا الأمريكية بين 8-10 يونيو2004 .

 ومن المعلوم أن مشروع الشرق الأوسط الكبير جاء في سياق مبادرات أخرى، تم الاعلان عنها خصوصا من جانب كاتب الدولة الأسبق في الخارجية الأمريكية "كولن باول" الذي أعلن عن مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق الأوسطية من أجل التنمية والديموقراطية، وهي في زعم باول مبادرة أمريكية تهدف إلى المساعدة في تعزيز الديموقراطية ودور المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط، وكان باول قد طرح مبادرته تلك في إطار محاضرة ألقاها في مركز الالتراث بواشنطن في دجنبر 2002، ومن الجدير بالذكر أن باول حاول في جزء من المحاضرة الرد على انتقادات الراي العام العربي للولايات المتحدة الأمريكية بأنها تفضل دعم أنظمة ديكتاورية مؤيدة لأمريكا على تشجيع تطلعات ديموقراطية، وقدزعم في هذا السياق أن دول الشرق الأوسط قدمت  على مدى التاريخ مساهمات لاتقدر بثمن للعلوم والفنون لكن اليوم توجد شعوب كثيرة تفتقر إلى احرية السياسية والاقتصادية وفاعلية المرأة والعلم الحديث التي تحتاج إليها لكي تزدهر في القرن 21 .إن سكان المنطقة يواجهون خيارا أساسيا بين كسل وجمود ونهضة عربية تبنى مستقبلا زاهرا لجميع الشعوب .

لقد تأسست مبادرة باول على وثيقة دراسة علمية في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشريةن وما يقوله التقرير وتأخذ به المبادرة هو أن المنطقة العربية تعاني ركودا منبعه هو التركيبة السياسية  والاجتماعية السائدة والتي لم تنجح المجتمعات أو النظم السياسية في تخطيها، وأسفرت تلك التركيبة عن تردي التعليم ووضع المرأة غير الفاعل ونقص الحريات السياسيةن وأكدت المبادرة أن الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في المشاركة مع مجتمعات المنطقة في تجاوز هذا الركود من خلال هجوم متواز على علله وعناصره الجوهرية أي تنمية التعليم وتصحيح وضع المرأة والاصلاح  السياسي الذي يهدف على بناء المجتمع المفتوح، ويعني المصطلح الأخير وفقا اتحليلات الدكتور محمد السيد سعيد فتح  الباب  أمام شتى صور المشاركة السلمية وإقرار دولة القانون والتسامح مع المنشقين وإقرار حرية التعبير والاعتقاد وتسوية المنازعات بصورة سلمية داخلية كانت أوخارجية.

ومن خلال قراءة لمشروع الشرق الأوسط الكبير  يتبين أنه يقترح مبادرات للإصلاح ترتكز على عدة مستويات: المستوى الديموقراطي والمستوى التعليمي والمستوى الاقتصادي.

فعلى المستوى الديموقراطي يقترح المشروع إذكاء الانتخابات الحرة في البلدان الي تروم ذلك من خلال تقديم  مساعدات تقنية لها فيما يتعلق بتنظيم الانتخابات وخاصة إحدلث معاهد للتدريب على القيادة خاصة النساء وتقديم مساعدة قانونية للأفراد العاديين.كما  شجع المشروع على خلق وسائل إعلا مستقلة من خلال تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري وبرامج لتدريب الصحفيينالمستقلين لمساعدتهم على مكافحة الفساد وإخضاع الحكومات للمساءلة.

على المستوى التعليمي يؤكد المشروع على محاربة الأمية عبر عدة جهات إشاعة نشر الكتب العلمية المترجمة، وإصلاح البرامج والمناهج وتشجيع تدريس إدارة الأعمال، هذا بالإضافة إلى نشر وتعميم استعمال الأنترنيت وتفيرها للجميع.

على المستوى الاقتصادي، يدعو المشروع إلى تقوية القطاع المالي وخلق مناطق للتبادل الحر سواء بين دول المنطقة ومحيطها أو بين هذه الدول نفسها.

علاوة على هذه المبادرات الواردة في المشروع، فإن توجهات الولايات المتحدة إزاء المنطقة تتضمن مخططا يستهدف تحسين صورة الولايات المتحدة المتحدة، من خلال إحداث قنوات إذاعية تلفزية ويمكنها في نفس الوقت منافسة القنوات الأخرى التي تستأثر باهتمام المواطن العربي، والتي تعتبرها غير موضوعية كما هو الأمر بالنسبة لقناة الجزيرة .

غير أن المبادرة التي تبنتها الولايات المتحدة وقدمتها إلى قمة مجموعة الثماني المنعقدة بسي آيلاند بولاية جورجيا خلال الفترة الممتدة من 8 إلى 10 يونيو 2004 ، أخذت في اعتبارها الانتقادات الموجهة لمبادرة الشرق الأوسط السابق طرحها، فتضمنت إقرارا بأن الاصلاح ينبع من الداخل وتختلف من بلد إلى بلد. وجاء في الفقرة الأولى من مقدمة الصيغة الأخيرة على لسان الدول الثماني: " نعلن دعمنا للاصلاح الديموقراطي والاجتماعي والاقتصادي المنبثق من المنطقة". وتبعت ذلك إشارة واضحة إلى عدم فرض إصلاح من الخارج.إن الإصلاح الناجح يعتمد على بلاد المنطقة ويجب عدم فرضه من الخارج.كما تضنمت الصيغة الجديدة للمشروع إقرارا صريحا باختلاف ظروف دول المنطقة،وأن كل بلد في المنطقة يعتبر فريدا، وهذا يوجد تنوعا لابد من احترامه، وأن دعم الإصلاح هو مسعى طويل الأمد .

خاتمـة:

لقد جاءت مبادرة الشرق الأوسط الكبير ميتة، بعد أن فشلت إستراتيجية استعمال القوة، فقد لجأت إلى إستراتيجية غسل العقول والتحول الديمقراطي المفروض من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة، ولكن المشكلة الرئيسية أنه لا أحد في العالم العربي يصدق المبادرة الأمريكية.

فالولايات المتحدة عندما تفقد الثقة، فإن كل مبادرة للإصلاح ستكون فاشلة وتحتاج إلى إستراتيجية حقيقية ذات مصداقية تتبنى مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وليست مصالح إسرائيل و المتطرفين من اللوبي المسيحي الصهيوني المسيحي الذين يمثلهم الجناح الإيديولوجي المتطرف.إن الديمقراطية شيء يمكن تعلمه وتحقيقه ولكن لا تفرض من الخارج،خاصة إذا علمنا أن دعاة الديمقراطية الفورية التبشيرية هم عجيزة الإمبريالية.

*باحث في العلاقات الدولية- وحدة: المغرب في النظام الدولي- جامعة محمد الخامس- أكدال- الرباط.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ