النظام
السوري
و"التدخل
الأجنبي" في سوريا
جان
كورد
بعد أن فشلت كل
المحاولات الديبلوماسية
السورية لاظهار النظام السوري
بريئا مما توجه به إليه القاضي
الألماني ديتليف ميليس من
اتهامات، لم يبق أمام النظام
سوى التوسل للشعب السوري للقيام
بمسيرات ضخمة بهدف تسييس الملف
برمته وتخويف العالم وترسيخ
فكرة أن التقرير منحاز ومغرض...
وعلى الرغم من أن
ميليس المكلف من قبل مجلس الأمن
بموجب القرار (1559) يفترض في
تقريره براءة المتهمين حتى يقيم
الدليل، وهذا ما هو متوقع من كل
قاض يحترم نفسه ومهنته، فقد جاء
قرار مجلس الأمن الأخير (1636)
ليثبت بأن القضية ليست سياسية
كما يشيع النظام من خلال إعلامه
وأقلامه، وانما هي قضية إجرام
دولي بحق رئيس وزراء دولة لها
استقلالها وهي عضو دائم في
الأمم المتحدة، راح (22) إنسان
آخر ضحية ذلك في عملية إرهابية
غادرة ومنظمة بشكل دقيق.
هذه المسيرات
الضخمة في المدن السورية محاولة
يائسة من النظام لترويع مجلس
الأمن الدولي والدول الكبرى و"عصابة
ميليس الخارجة على القانون!"
والتي تسعى لاخضاع سوريا الثورة
للنفوذ الامبريالي – الصهيوني!!
والكل يعلم بأن جزءا صغيرا
للغاية من أبناء الشعب السوري
قرأ تقرير ميليس وذلك بعد أن مر
على مقص الرقابة السياسية في
الإعلام السوري بالتأكيد، فمن
أين لهؤلاء البشر، ومعظمهم طلاب
مدارس وعمال مصانع وفلاحون، أن
يتأكدوا من أن تقرير ميليس
قضائي أو سياسي؟ ورجال القانون
في العالم كله يجدون التقرير
نتيجة حتمية لتحقيقات دقيقة
وعمل شاق وطويل الأمد، ويحسدون
ميليس على هذا الإنجاز الكبير.
فمن قال لهذه الجماهير بأن
التقرير مسيس؟ ومن أوحى لها
بالخروج في مسيرات ضخمة كهذه؟
والذي يعرف الحقائق على أرض
الواقع السوري يعلم كيف تبدأ
هذه المسيرات وكيف تنتهي عادة..!!
ويبقى السؤال المحير :" من
اغتال الحريري ومرافقيه بهذه
الوحشية؟ ... وهل للسوريين أي
دليل أو شاهد على أن اسرائيل أو
أمريكا أو الزرقاوي أو بن لادن
أو المافيا وراء هذه العملية؟!.."
مهما يكن التأييد
الشعبي المزعوم للنظام قويا
فإنه لن يعرقل صدور اجراءات
وقرارات أشد وطأة على النظام
السوري فيما إذا لم يتعاون
تعاونا تاما مع لجنة التحقيق
الدولية... أي أن النظام السوري
سيفتح أدراجه وقصوره ومقرات
استخباراته ل "التدخل
الأجنبي" مثلما فعل نظام صدام
حسين من قبل بهدف تفادي صدور
قرار آخر بحقه، في حين أن إعلامه
يؤكد في كل مناسبة على
استقلالية القرار الوطني ورفض
الاملاءات الخارجية... ولكن
نهاية المسلسل الوطني هذا في
العراق معروفة، كما أن نهايته
في سوريا أيضا بدأت تلوح في
الأفق. فهل القرار السوري فعلا
مستقل وهل النظام قادر حقا على
منع "التدخل الأجنبي" هذا،
وهو الذي اتهم على طول الخط
المعارضة الديموقراطية السورية
بالتعاون مع الخارج والاستقواء
بالأجنبي؟.
وبقدر ما يزداد
اتفاق المجتمع الدولي على ضرورة
التوصل إلى الحقيقة في موضوع
"اغتيال الحريري" يزداد
النظام البعثي الحاكم في سوريا
عزلة واضطرابا وقلقا... فتارة
يتهم ميليس بتسييس تقريره وتارة
يتهم المجتمع الدولي بمحاولته
دق اسفين بينه وبين الشعب
السوري، وتارة يستنجد بالعالم
العربي وحكوماته وشعوبه
وبالنظام الإرهابي في ايران
لانقاذ سوريا من ورطة نظامها.
وحقيقة لم يمر
النظام السوري من قبل بمثل هذه
الأزمة الخانقة التي وضع نفسه
بنفسه فيها. وحيث أنه كان يضرب
بكل المقترحات القادمة من ناحية
الشعب السوري عرض الحائط، لذا
فلن ينقذه الشعب السوري من
ورطته هذه، إذ أنه مستعد للقيام
بكل ما تمليه عليه الدوائر
الأجنبية، بما فيه إفساح المجال
أمام "التدخل الأجنبي"
السافر، إلا أنه ليس مستعدا
للقيام بما يريده هذا الشعب،
وقبل كل شي: الحرية
والديموقراطية وفرص العمل...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|