ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العربي المهزوم ...

الأسد أنموذجا

جان كورد

منذ أن هوى برجا مركز التجارة العالمية في نيويورك في 11/9/2001 وحتى الآن... لم تلحق بالعرب هزيمة أكبر من هزيمة رؤسائهم وزعمائهم : صدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد... فالأول قابع في سجنه ، مع من كانوا يخيفون الشرق الأوسط برمته، ينتظرون محاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الإنسانية ، في العراق وخارجه، والثاني ملص من نهاية أليمة بعد أن فدى نفسه ونظامه بمليارات الدولارات وبتنازلات من مختلف الأنواع والأصناف وقبل بأن ليبيا لم تعد "جماهيرية العرب العظمى"، والثالث سيخطب بعد ساعات قلائل من كتابة هذا المقال، ويعلم الجميع سلفا عما سيتحدث وكيف سيبرر المواقف وإلى أين سينتهي به الخطاب... حتى أن فيلسوفه المنافح و"الطري اللسان" فوزي عماد شعيبي قد اعترف في مقالة له مؤخرا بأن السفينة السورية تمر في ممر بحري متلاطم الأمواج، وراح يذكرنا بهزيمة نابليون وهتلر في حربهما على روسيا بما يوحي أن الطريق الوعر الذي سلكه النظام السوري قد نال من قواه وأنهكه وقد يؤدي به إلى الهلاك....

الرئيس السوري الشاب الدكتور بشار الأسد يجسد الهزيمة العربية الكبرى، التي تكررت اليوم بعد "أمهات المعارك والهزائم" التي خاضها وخسر فيها البعث العراقي من قبل، والتي نراها من جديد بعد 38 عاما (أي في عمر الرئيس) من هزيمة حزيران الأليمة أمام الجيش الاسرائيلي في حرب خاطفة قضت آنذاك على أسطورة الزعيم الكبير جمال عبد الناصر وعظمة دفاعات الجولان وما إلى هنالك من أحلام عربية في استعادة الأندلس المفقود (اسبانيا الكاثوليكية حاليا) ورمي اليهود في البحر الأبيض أو الأحمر أو الميت... 

طبعا، لا يتحمل الرئيس السوري وزر أفعال وجرائم واغتيالات وفساد عهد أبيه الراحل، فهو لم يكن سوى شاب يافع آنذاك، ولكنه ليس بريئا مما عليه سوريا اليوم، وبخاصة فإنه استمر في كثير من النقاط الأساسية لسياسة العهد القديم، من خنق للحريات السياسية والديموقراطية، من انتهاك لحقوق الإنسان، من رفض للانفتاح الاقتصادي ، ومن إصرار على التمسك  ب "دولة المخابرات"... إضافة إلى ما يتوجه إليه المجتمع الدولي بأصابع الاتهام إلى أعلى المراتب السياسية والعسكرية والأمنية السورية، وفي ظل هذا الرئيس الشاب بالذات، في قضية إرهاب دولي خطير، راح ضحيته رئيس وزراء دولة مجاورة مع 22 شخصا آخرين. دولة لها حدود طويلة مع سورية وتبدو في الخريطة بالنسبة إلى سورية وكأنها طفل في حضن أمه...  

بعض فلاسفة وعقلاء أوروبا كتبوا عن "الخاسر المتطرف" في معرض حديثهم عن الحملة الإرهابية على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر2001، وهذا الخاسر المتطرف الذي يمكن أن يكون عربيا أو ألمانيا أو روسيا أو من أية ملة أخرى، يستعين بالدين والقومية والأممية والعالمية وبالقوى الغيبية ، ويعتمد على جهل الناس وهزائمهم الشخصية أو الجمعية وأحقادهم المتراكمة الطبقية أو العقيدية زمنا طويلا، ليدك قصور الذين يمثلون في نظره "المنتصرين أبدا" ويردد ما قاله شمشون الجبار :"علي وعلى أعدائي يارب!"...  ولقد عرفت أوروبا خاسرين متطرفين من أمثال أدولف هتلر وموسوليني، لم يكن هدفهم الانتصار وانما الهدم والتدمير على طرفي الجبهة، بحيث يأخذ معه في النهاية من ضده ومن معه على حد سواء.. وقد طالب هتلر قبيل انتحاره بضرورة أن يقاوم الألمان حتى آخر رجل ، كما قال صدام حسين يوما بأن العراق سيذهب معه إن ذهب... هذا الخاسر المتطرف يلقى آذانا صاغية من "الشعب الخاسر" فيتحول من مقاتل فردي إلى "زعيم شعبي" تصفق له مئات الألوف ومن ثم الملايين، وتلقى كل كلمة منه أرضا خصبة فتنتج آلاف الخاسرين المتطرفين... ومنهم من يعد نفسه للتضحية بالنفس من أجل هذا الزعيم، كما فعلت بنات الكورد اللواتي أحرقن أنفسهن عندما أعتقل زعيمهن "عبد الله أوجلان" ، وكما نرى الانتحاريين يموتون ذودا عن مقولات الظواهري وبن لادن في حين أنهما يختبئان في الكهوف هاربين من الملاحقات دون أي استعداد لأن يفعلا ما يفعله أتباعهما...  وفي هذه الحال يتحول الخاسر المتطرف إلى منجل يحصد أرواح البشر، وقبل كل شيء في صف شعبه وبني قومه، كما نرى اليوم في العراق، حيث الموت يحصد حياة الألوف من العراقيين ... أي أن هذه الماكينة الدموية ترتد إلى صدر مبتكرها، قبل أن تؤذي البعيد المنتصر...

إن العرب قد فقدوا مكانهم الصداري في قيادة العالم منذ أكثر من أربعمائة عام، ولذلك فإن أمريكا أو اسرائيل لم يكونا موجودين ككيان سياسي قبل السقوط العربي من ذلك الموقع الصداري.. وهم – على حد قول فلاسفة كبار – لم يبتكروا أي ابتكار أو اختراع علمي ذي شأن منذ أكثر من ثلاثمائة عاما، وكل ما في أيديهم من أدوات منزلية ومعملية ودفاعية وترفيهية وطبية وفنية جاءتهم من بلاد الظلام، من الغرب الذي يعتبرونه سبب دائهم وعلتهم... وهذا مخالف للحقيقة والواقع، فإذا أخذنا من أيديهم هذه الاختراعات الغربية ، فماذا سيبقى للعرب سوى أشعار القباني وأغاني فريد الأطرش وفلافل أبو عبدو؟!... طبعا لاينكر أن هناك مئات الألوف من العلماء العرب وأجيالا من المهندسين والأطباء، ولكنهم في معظمهم هاربون من بلادهم وعاملون ضمن صفوف وخنادق الحضارة الغربية ، بعد أن سدت حكوماتهم الجاهلة في وجوههم سبل التقدم والانتاج بمختلف توجهاتهما...  

وإذا عدنا إلى رئيس سوريا الحالي فنراه أيضا خاسرا من أولئك الذين أوصلوا الأمة العربية، ومعها العالم الإسلامي برمته إلى هذا الدرك من التأخر والتخلف وعدم الانتاج، حيث الأمة العربية تشكل قلب هذا العالم كما نسمعه كل يوم...

وهذا الخاسر قد لايهمه الانتصار أو النجاح بقدر مايهمه الاستمرار في هودجة المفاهيم والشعارات والعنتريات الشرقية، بل ليس له أي خطة للانتصار، وانما الاستمرار في الرئاسة لأنه ولد ليرث هذه الرئاسة، في حين أن غيره ممن هم أكبر سنا وأطول عمرا في المنصب عاملون على أن يورثوا من يأتي بعدهم في السلسلة العائلية...  مشاريع للازدهار أو رفع وتيرة الانتاج أو خفظ معدل البطالة أو حث المواطنين على الاختراع والابتكار غير موجودة أصلا.. وكأنهم مدركون منذ البداية بأن وظيفتهم الأساسية تكمن في نقل الأمانة إلى من بعدهم ، لا أكثر ولا أقل...

غدا سيتحدث الرئيس إلى العالم، قبل الشعب السوري، ولاحاجة لأن نسمع كل شيء ، فما يغيب عنا من كلامه يمكننا املاءه بأنفسنا ، وسبك جمله بتعبيراتنا التي لن تختلف في هذه الحال عن تعبيرات موظفيه المختصين باعداد الخطب...

ولكن ماذا سيغير هذا الخطاب من حقيقة أن "الخاسر العربي" يسحق ما في رحم هذه الأمة من آمال ورغبة في الانتصار؟... ماذا غير خطاب الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر بعد هزيمة حزيران 1967 وكل خطب الرئيس محمد أنور السادات من واقع مصر حتى اليوم؟... ألم تذهب كل خطب وكراسات الثورة الخضراء الليبية أدراج الرياح ؟ وأين هي طلقات بندقية صدام حسين على شرفات العراق؟ هل تمكنت من أن تحقق نصرا عربيا واحدا حتى اليوم؟ ... بل أين هو خطاب العرش (عفوا العهد!) الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد عام 2000 يوم تسلم قيادة البلاد؟ 

كل ما نسمعه اليوم وسنسمعه غدا هو تجاوب وصدى لتقرير ميليس وتهديدات رامسفيلد ونصائح كوفي عنان ومعه عمرو موسى والرئيس حسني مبارك.... هذا الخطاب ليس للشعب السوري، لأن هذا الشعب لاوجود له حقيقة في جدول الاهتمامات اليوم، فالشعب عليه القيام بالمسيرات الشعبية تأييدا وتصفيقا وتنديدا بالتدخل الأجنبي الذي يتم تقبيله كل ساعة، وانما المهم هو: كيف يتفادى النظام عواقب عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (1636) ، وكيف سيتعامل السوريون جديا مع مطالب القاضي الألماني الذي يصر على اعادة جنرالات سوريا إلى لبنان ولكن بهذا الشكل الذي لايمكن تفسيره إلا في صورة "العربي المهزوم..." وليس كما كانوا يجولون ويصولون ويفرقعون في لبنان قبل اغتيال الشهيد رفيق الحريري.

الشعب السوري، ومن ضمنه المعارضة الوطنية والديموقراطية، لايزال حتى الآن يكافح من أجل فك نفسه من السلاسل التي تربطه بشمشون الذي لايجد سبيلا لحريته سوى عن طريق الرضى بمصيره في عبودية أبدية أو الانتحار ... وإن لم تحرر المعارضة نفسها من هذه السلاسل المرئية وغير المرئية فإنها ستقاتل جنبا إلى جنب مع النظام المكروه حتى آخر رجل كما فعل الألمان من قبل ودفعوا لاختيارهم ذاك ثمنا باهظا....

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ